هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حقائق تاريخية ضــائعة !!!

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:11 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر

المحجلين وساداتنا الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم أجمعين

وبعد

وددت أن أنشىء سلسلة من المواضيع والتى تٌعنى بذكر ما قد غفل عنه التاريخ او أهمله او شوه صورته او حسًنها

من شخصيات او شعوب أو مؤلفات أو طوائف وهكذا

- وذلك للاستفادة من ناحيه والتنويه على أنه قد تكون هناك كثير من المغالطات عنها فى عالمنا اليوم

وأنتم تعلمون جيدا ما آل اليه حالنا من ضعف وهوان قد يكون أحد أكبر أسبابه تلك المغالطات والاخطاء التاريخية عن

أشخاص بعينهم أو أماكن بعينها وكثير منا معذور او ليس له ذنب بالانغماس فى تيار الجهل بها .

بجانب ذلك .. ألا نٌتهم دائما بالافتراء أو نسمح لبعض الغرب ممن ينقبون أبدا وراء المسلمين ويحاولون اظهارهم

بأنهم خرجوا من التاريخ بجهلهم وبعدهم عن المعرفة الحقيقية لأمور قد تبدو للجميع غير مهمة .


هدانى الله واياكم الى سواء السبيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:12 pm

الشخصية الاولى


لورانس العرب Lawrence Of Arabia


اسمه الحقيقي توماس إدوارد لورانس ، شخصية أدبية وسياسية بريطانية.






ولد في 15 سبتمبر 1888 وتوفي في 19 ماي 1935 ، ولد في تريمادوك من قرى
ويلز ، وتخرج بجامعة أكسفورد. وسافر إلى سوريا وفلسطين بحجة دراسات أثرية
، وأقام مدة في جبيل بلبنان تعلم بها مبادئ اللغة العربية قبل سنة 1911.
وأرسلته حكومته في بعثة إلى صحراء سيناء فكتب دليلاً لها لاستعمال الجنود.
ونقل إلى مكتب المخابرات العسكرية في القاهرة.




هذا الرجل من الشخصيات التي أبرزها الاستعمار وأحاطها بهالة ضخمة من
البطولة : شخصية الضابط لورنس الذي وصف بأنه (ملك العرب غير المتوج)
والمغامر الذي كشفت المؤلفات والأبحاث عن هويته الاستعمارية وولائه
المزدوج لبريطانيا والصهيونية العالمية ، وكيف خدع العرب وعايشهم في
خيامهم (إبان الحرب العالمية الأولى) على هدف واضح هو إسقاط الدولة
العثمانية والإيقاع بين العرب والترك ودفع العرب إلى الاقتتال من أجل
استيلاء فرنسا وبريطانيا على أراضي فلسطين وسوريا ولبنان.






وقد كشف عن هذه الخدعة التي قام بها في كتابة (أعمدة الحكمة السبعة) وفضح
نفسه : حين قال لو قيض للحلفاء أن ينتصروا فإن وعود بريطانيا للعرب لن
تكون سوى حبر على ورق ، ولو كنت رجلاً شريفاً وناصحاً أميناً لصارحتهم
بذلك وسرحت جيوشهم وجنبتهم التضحية بأرواحهم في سبيل أناس لا يحفظون لهم
إلاً ولا ذمة ، وقوله : أما الشرف فقد فقدته يوم أكدت للعرب بأن بريطانيا
ستحافظ على وعودهم ، وقوله : لقد جازفت بخديعة العرب لاعتقادي أن مساعدتهم
ضرورية لانتصارنا القليل الثمن في الشرق ، ولاعتقادي أن كسبنا للعرب مع
الحنث بوعودنا أفضل من عدم الانتصار ، ومن ذلك قوله : إني أكثر ما أكون
فخراً أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك التي خضتها لأن جميع الأقطار
الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت إنجليزي واحد ، لقد جازفت بخديعة
العرب لأنني كنت أرى أن كسبنا للحرب مع الحنث بوعودنا أفضل من عدم
الانتصار.






وقد كشف كثير من الباحثين الأجانب والعرب حقيقة لورنس : ذلك الجاسوس
البريطاني الذي جاء (عام 1911) قبل الحرب العالمية الأولى على هيئة عضو في
بعثة أثرية تدرس القلاع الصليبية ، وفي جبيل تلقى دروساً في اللغة العربية
في مدرسة تبشيرية ، وقد ادعى لورنس أنه جاء ليكشف الطريق التي سلكها بنو
إسرائيل بعد خروجهم من مصر بينما كان يعمل في الواقع على رسم الخرائط
للمنطقة لاستعمالها في حالة الحرب ، فلما أعلنت الثورة العربية في الحجاز
رافق فيصل بن الحسين عامين ونصف ، في أثناء ذلك سار الجيش العربي من ميناء
جدة على البحر الأحمر حتى دخل دمشق منتصرا في 30 سبتمبر 1918.






ولقد خدع لورنس العرب وعمل على تحطيم قوى الجيش العثماني ونسف القطارات
المحملة بالذخائر ، فلما انتهت المعركة وأعلن لورد اللنبي في القدس (الآن
انتهت الحروب الصليبية) وأعلن غورو في دمشق قولته : ها نحن قد عدنا يا
صلاح الدين، عمد لورنس إلى أعظم سرقة حين سلب قبر صلاح الدين إكليلاً من
الذهب كان قد قدمه له الإمبراطور غليوم يوم زيارته لدمشق.






ولما نجحت خطط الاستعمار البريطاني ، اتجه بجهوده لإنجاح خطط الصهيونية وأقنع فيصل بالاجتماع بويزمان زعيم اليهود.






لقد كان من أكبر أهداف لورنس وبريطانيا استبدال خليفة المسلمين في نظر مسلمي العالم بشريف من نسل الرسول حاكم الحرمين وحامى الكعبة.






وكان لورنس يؤمن أن الثورة العربية هي تقطيع أوصال الدولة العثمانية
وإيقاع الخلاف بين العرب والترك وفتح الطريق أمام الصهيونية إلى فلسطين.






وقد أهدى لورنس كتابه (أعمدة الحكمة السبعة) إلى سارة أرنسوهن الجاسوسة
اليهودية التي ألقى الأتراك القبض عليها في الناصرة أثناء الحرب في فلسطين
فانتحرت حتى لا تبوح بسرها.






هذا لورنس الذي كانت الصحف تكتب عنه وتصوره على أنه منقذ العرب وملك العرب
غير المتوج والذي جعلوه صانع الثورة العربية وقائدها الفعلي.






وقد كشفت كتابات البريطانيين أنفسهم عن لورنس أنه لم يكن جاسوساً
لبريطانيا والصهيوينة فحسب ، ولكنه كان إلى ذلك إنساناً منحرفاً ، من
الوجهة النفسية الاجتماعية والخلقية وأن تاريخ حياته يحمل صورة من الشذوذ
الحسي غاية في الغرابة والعنف ، كذلك فقد كشفت كتابات المؤرخين خطاً ما
ذهب إليه البعض من أن لورنس هو ملك العرب غير المتوج أو أنه كان مخلصاً
للعرب ، وأن كتابه في الأعمدة السبعة كان مجموعة من الأكاذيب ، وهي صفحة
اتهام له بالتبعية للاستعمار والصهيونية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:13 pm

الكورد او الأكــراد





يوجد جهل مطبق أو مركب عن الكورد
وثقافتهم وتأريخهم قبل وبعد الإسلام وموطنهم عند كثير من المثقفين، ولا
أعرف سبب هذا الجهل، هل هو ذاتي، أي أنه لم يسع إلى التعرف على هذا الشعب
العريق، أم أنه محكوم بخلفية فكرية لا ترى في الكورد إلا مجموعة من أتراك
الجبال، أم أنه يعيش في بطون بعض الكتب التاريخية التي تصف الكورد بأنهم
من الجن.


على كل حال فالنتيجة واحدة وهي المعرفة الضحلة والقليلة عن الكورد، ودورهم
الحضاري في إثراء التراث الإسلامي، بعشرات من النوابغ في كل العلوم،
والقادة الأفذاذ الذين جاهدوا في سبيل الله، وحرروا المقدسات الإسلامية من
دنس المحتلين، وفي الآونة الأخيرة، خاصة بعد سقوط نظام الحكم في العراق
والانفلات الأمني الذي حصل في المنطقة وتبعه أعمال السلب والنهب من بعض
ضعاف النفوس طفح إلى السطح بعض الآراء المسمومة التي تصف الكورد بنعوت
غريبة وبعيدة كل البعد عن المعرفة التامة بهذا الشعب الكريم، والملتزم
بدينه و يعتز به، ولا أريد أن أخوض هنا في الرد على ما قيل فلكل وجهة في
كتاباته وأغراض يريد تحقيقها، ولكن الذي يجب أن نضعه أمام أعينينا معشر
الكتاب هو قول الشاعر:


فما من كاتب إلا وتبقى *** كتابته وإن فنيت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ***يسرك في القيامة أن تراه


وأحاول متوكلاً على الله على بيان تأريخ الكورد ودور علماء الكورد ووضعهم
في العالم المعاصر بشيء من الاختصار، من أجل التعرف على هذا الشعب الكبير
الذي يعيش منذ عقود طويلة في الشتات وتحت الظلم والجور من الحكومات في
الدول الإسلامية.

تأريخ الكورد قبل الإسلام:

عاش الكورد قبل الميلاد بآلاف السنين في الكوردستان أي الموطن الأصلي
للكورد وقد خلق الله هذا الشعب كبقية الشعوب وأوجب عليه وعليها أن تتعارف
أو تتدافع بالتي هي أحسن, وجعل الله في أفواه الكورد لغة كبقية اللغات في
أفواه الشعوب, وجعل الله لهذا الشعب وطنا هي من أحب البلاد إليه شأن كل
شعب يسكن أرضه ويحمي حدوده ويقيم عمرانه وحضارته.

إن كوردستان هي وطن الشعب الكردي منذ أقدم العصور من قبل ومن بعد التاريخ
ولازال جبلهم الجودي حيث استوت السفينة المهاجرة بالبشرية إلى مهدها
الثاني وقيل بعدا للقوم الظالمين, ويشهد التاريخ من الماضي إلى الحاضر كما
تشهد جغرافية الأرض لكوردستان من جبالها وسهولها وسواحلها ووديانها
وبحيراتها في الخرائط وعلى أرض الواقع حيث تقوم وتبقى كوردستان.

إن كوردستان هي البلاد التي يسكنها الكرد وهي مملوكة وممنوحة من الله رب
العالمين، وكانت للكورد حكومات قبل الميلاد منها حكومة ( لولو) الذي قامت
عام 3500 قبل الميلاد والتي استمرت 140 عاما تقريبا .

وحكومة ( كودى أو جودى ) التي تنسب إلى جبل جودي المذكور في القران الكريم
( واستوت على الجودى ) وهى إشارة إلى إرساء سفينة نوح عليه السلام على ذلك
الجبل .

وأيضا كان للكورد مملكة مشهورة بمملكة ( ميديا ) والتي قضى عليها الفرس
الأخمينيون عام 550 قبل الميلاد , وكان ذلك أشد ضربة قاصمة لهم في تأريخهم
القديم .

وحول تسمية الكورد والكوردستان قيل بأن الكورد عاشوا على ارض كوردستان و
جبالها العالية منذ العصور القديمة. يقول بعض المؤرخين بأن تسمية (الكورد)
تعود إلى اسم إحدى القبائل القديمة المعروفة ب Guti أو Goto و التي تعود
إلى القرن الثالث و الرابع قبل الميلاد.لكن عدد من المؤرخون يذكرون اسم
الكرد في كتاباتهم ب(الكاردوخ) أو (الكاردوخيين).

بعد القضاء على مملكة الكورد بيد الفرس الأخمينيين تفرق شمل الكورد ولم
يقم لهم اسم بعد هذا يجمعهم بل عاشوا في جماعات في مناطق وأقاليم منفصلة،
و كان حكام الفرس يستخدمونهم لمواجهة أعدائهم من الرومان و غيرهم حتى ظهور
الإسلام، الذي رأى فيه الكورد حلمهم من أجل التحرر من تحت قبضة الفرس
فرحبوا بالإسلام وسنأتي على ذكره.

تاريخ الكورد من دخولهم الإسلام إلى العصر الحاضر:

في المقال الأول أشرت إلى تأريخ الكورد قبل الإسلام مختصراً، وتعرفنا على
الحالة التي كانت يعيشها الكورد من التمزق والتشتت بين الإمبراطوريتين
الكبيرتين (الساسانية والرومانية)، وكانت أرض كوردستان مسرحا لكل الحروب
التي دارت بين هاتين الإمبراطوريتين العظمتين، واضطُهد الكورد وأجبروا على
طقوسهم وعاداتهم، ولكنهم لم يأخذوها جملة إذ أنهم حافظوا على أعرافهم
وعاداتهم، ولكن سلب منهم أغلى ما في الوجود وهو الحرية، فكانوا يتطلعون
إلى من ينقذهم من جور الفرس والروم، فما أن بزغت شمس الإسلام من الجزيرة
العربية ودخل الناس في دين الله أفواجا، وتجسدت عالمية هذا الدين الجديد
في الممثلين للقوميات عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فكان بلال الحبشي
وصهيب الرومي وسلمان الفارسي و(كابان أو جابان) الكوردي رضي الله عنهم كما
أشار إليه الفقيه ( ابن حجر العسقلاني ) رحمه الله في كتابه ( الإصابة في
تمييز الصحابة ), وروى كابان حديثاً واحداً عن النبي(صلى الله عليه وسلم)
والحديث في صحيح البخاري في كتاب النكاح، رواه عنه ابنه ميمون.

دخل الإسلام إلى كوردستان في زمن الخليفة العادل ( عمر بن الخطاب ) رضي
الله عنه وذلك سنة 16 هجرية ، وقد دخل الكورد في الإسلام دون مقاومة تذكر
رغم وجود الفلول الهاربة من جيش كسرى الذين احتموا بجبال كوردستان الشاهقة
والوعرة واستخدموا الكورد كدرع بشري ضد قادة الفتوحات فحدثت معركة شهرزور
بين فلول الجيش الساساني والمسلمين التي استشهد فيها عدد كبير من المسلمين
بسبب لدغة عقارب شهرزور الشهيرة، ولكن الكورد أسلموا وآمنوا بالإسلام مع
وصول أول قافلة من المجاهدين من إخوانهم العرب الذين حملوا إليهم راية
الحرية والعدالة والمساواة ، وخرجوا من ديارهم لنشر الإسلام وتعاليم
القرآن لإخراج إخوانهم البشر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور
الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، وبهذا
خرج الكورد من الحكم الفارسي الجائر ودخلوا في حكم الإسلام . وأصبحت أرض
كوردستان قطعةً من أرض الخلافة الإسلامية ، وأصبح الكرد جزءاً من الأمة
الإسلامية ، وكانوا في خدمة الدين وبدأوا بالجهاد وتقديم التضحيات في سبيل
هذا الدين . وشاركوا في أغلب الفتوحات الإسلامية في مراحلها المختلفة وفي
كافة العهود من عهد الخلفاء الراشدين مروراً بالأمويين والعباسين
والعثمانيين ، وكل ذلك من أجل إقامة شعائر الله وتثبيت حكم الله في الأرض
، وهي أصل وظيفة الإنسان في الأرض .

ولم يفكر الكورد يوماً ما أن يميزوا أنفسهم وأرضهم من الأمة الإسلامية
الكبرى ، وعلى العكس من ذلك كانوا دوماً من المدافعين عن الخلافة
الإسلامية حتى سقوط الخلافة سنة 1924 بيد الاستعمار الغربي ومخطط الصهيوني
العالمي، والذي سنأتي على ذكره وذكر الثورات المضادة من قبل الكورد لإرجاع
الخلافة الإسلامية.

لقد قدم الكورد مئات بل آلاف من المؤرخين و العلماء البارعين الأفذاذ و
الفقهاء الكبار، منهم المؤرخ و القاضي الكبير ابن خلكان صاحب وفيات
الأعيان (تعود نسبة اسمه إلى اسم قرية في كوردستان العراق باسم (خلكان) و
الفقيه الشهير ابن صلاح الشهرزوري صاحب (مقدمة ابن الصلاح) ، والعالم
الأصولي الكبير سيف الدين الآمدي و الحافظ المحدث العراقي و ابن الأثير و
الآلوسي و ابن الحاجب وكمال الدين الشهرزوري و العلامّة شيخ الإسلام ابن
تيمية و الزهاوي و الصواف وسعيد النورسي وشيخ سعيد البيران وناصر السبحاني
وغيرهم من العلماء و المؤرخين.

كما وأن الشعب الكردي قدمّ كثيراََ من القادة و المجاهدين للإسلام
والمسلمين من أبرزهم القائد المسلم البطل السلطان الناصر صلاح الدين
الأيوبي الذي فتحَ الشام وحرّرّ القدس الشريف من الصليبين، وكان قائد
الدعوة العباسية وفارسها في الشرق أبو مسلم الخراساني كردياً ولعب دوراً
بارزا في توطيد دعائم الخلافة الإسلامية، وإنهاء عهد بني أمية.

وكانت كوردستان ولاية إسلامية مستقلة في عهد الخلافة العباسية وساهم
أبناؤه في التصدي لأحداث جسام كانت قاصمة الظهر للخلافة الإسلامية، ولم
يمنعهم هذا من تشكيل حكومات وإمارات إسلامية في ظل الدولة العباسية
والعثمانية فكانت لهم حكومات مثل (الحكومات الأيوبية) المتتالية في الشام،
والحكومة الزندية والاردلانية في إيران والدوستكية في ديار بكر تركيا،
والبابانية في العراق، وحسنويه البرزكاني في شهرزور، بقي لهم هذه الخصوصية
في الإمارات إلى بعد الصراعات الدامية بين الدولة العثمانية والدولة
الصفوية التي كانت أرض كوردستان مسرحاً لأحداثهم، وانتهى صراعهم باتفاقية
(جالديران) بموجبه تم تقسيم كوردستان بين الدولتين العثمانية والصفوية،
وتأقلم الكورد مع المناخ السياسي الجديد مضطرا إلى الحرب العالمية الأولى
ومعاهدة سايكس بيكو وإلغاء الخلافة الإسلامية في 1924، إذ بدأ للعالم
الإسلامي ومن ضمنه الكورد مرحلة جديدة سميت بمرحلة إنشاء وتكوين الدويلات
على أساس القوميات فتم تكوين 23دولة للقوميات العربية، دون أن يكون للكورد
كيان يجمعهم ولكنهم تم تقسيمهم بين خمس دول كبار (تركيا وإيران والعراق
وسوريا وأرمينيا)، بهذا السرد السريع وصلنا إلى العصر الحاضر، ونحاول فيما
يلي توضيح جغرافية كوردستان وعدد نسمتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:15 pm

الشعوبية





هي محاولة أخرى، محاولة ترمي إلى إفساد
تاريخ العرب ولغتهم، وثقافتهم، وكانت المحاولة كبيرة انضم لها شعراء
وأدباء، والشعوبية ليست تنظيماً حزبياً تجري مفاتحة أعضائه ويقيم
المؤتمرات الحزبية ويتخذ المقررات، بل هي حركة قائمة أساساً على طعن أسس
وجذور الحضارة العربية، ومنهم من يفعل ذلك بصورة واضحة وغبية تفضح مرامي
صاحبها، مهما غلفها بأستار وبزخارف الكلام، وكتبوا شعراً في الانتقاص من
قيمة العرب ومنجزاتهم، ولغتهم، وأخيراً هبت القنبلة الفاسدة في الانتقاص
من دينهم ورموزهم، ومن علمائهم وأكابرهم.







قارع المثقفون العرب الشعوبية بالحجة، وبالثقافة المضادة للشعوبية،
فلم تصبح الثقافة العربية شوفينية، وقد انضم إلى الثقافة العربية الكثيرون
وصاروا كأبنائها دون تمييز ودون عقد .. ولم يصبح المسلمون شوفينيين أو
طائفيين .

ألم يطلق الإمام الشافعي مقولته الرائعة:



" قولنا صحيح يحتمل الخطأ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصح، ومن جاء بأفضل مما قلناه قبلناه"



وهذا كلام لا يقوله إلا واثق بنفسه.



منذ القرن الرابع الهجري بدأت عناصر عديدة تبرز إلى السطح بوصفها
ناتج تفاعل استمر قرونا في الأقطار التي دخلت الإسلام، الكائنة على الجناح
الشرقي للدولة العربية الإسلامية، أي في مناطق فارس وما وراء النهر وأواسط
آسيا .



وكانت فارس قد دخلت الإسلام إثر اصطدام سياسي / عسكري بين
الإمبراطورية الفارسية الساسانية وبين الدولة العربية الإسلامية الوليدة،
كانت الدولة العربية تهدف إلى تحرير الأقطار العربية من الاحتلال الأجنبي
له، ومنها العراق من قبضة الفرس، وتحقق ذلك فعلاً إلا أن الجيش الفارسي
استمر بمناكفة الدولة العربية الإسلامية ومناوشتها في معارك صغيرة وكبيرة
، ورغم أن الجيوش العربية الإسلامية لم تكن راغبة في دخول بلاد فارس إلا
أنها اضطرت لذلك من أجل إرغامهم على الكف لمناوشاتهم الدولة الإسلامية...



ثم تطور الموقف السياسي/ العسكري إلى حرب شاملة، انتهت بانهيار
الدولة الفارسية ونشوب نزاعات داخلية واغتيال الملك، وتقويض الحكم الملكي
، ونجم عن ذلك وضع سياسي فريد من نوعه، فبالنظر للسلوك الحميد للجيش
الإسلامي والدعاة، انتشر الإسلام في تلك الديار وغدت جزءاً من الدولة التي
كانت ترفع الشعارات الإسلامية كعقيدة للدولة.



وفي مجرى التطور التاريخي للأحداث، رفع العباسيون شعار إنصاف الموالي
في دعاياتهم السياسية، الأمر الذي حقق التفافا واسع النطاق حول حركتهم
المسلحة من الموالي في بلاد فارس بصفة خاصة، بل وصل أحد نشطاء الموالي
(أبو مسلم الخراساني) إلى مرتبة قيادية في الدعوة العباسية وجيشها الذي
قوض الخلافة الأموية ، وأسـس الخلافـة العباسـية عام 750 م.



وكانت المساعي والجهود التي بذلت طيلة المراحل السابقة قد بدأت تعطي
ثمارها، فبعد عقود من تأسيس الخلافة العباسية بدأت تلك الشجرة العملاقة
تمنح الثمار والظلال الوافرة في حركة نشيطة من البحث والتأليف والترجمة،
ساهم في ذلك عناصر عديدة، أبرزها:



1 . رسوخ نظام الدولة العربية الإسلامية في عصرها العباسي الجديد.



2 . نضج الفكر العربي/الإسلامي وبلوغه مرحلة العطاء.



3 . مواجهة المجتمع والثقافة العربية/ الإسلامية للعديد من المعضلات
والقضايا الفكرية الساخنة والمواجهات مع الأفكار المضادة الأمر الذي قاد
إلى تنشيط إضافي لقدرات الفكر والثقافة العربية.



4 . اختراع الورق وانتشار إنتاجه في البلاد العربية.



وإذ بلغت حركة الثقافة العربية الإسلامية مرحلة السمو والإبداع
والعطاء كانت عملية أخرى تدور تحت مظاهر وواجهات شتى في الأقطار الإسلامية
غير العربية، لاسيما في بلاد فارس بوصفها أكبر تلك الأقطار من جهة،
وأكثرها قدرة واستعداد على التفاعل الثقافي والحضاري، فقد هبت حركات تدعو
إلى بعث أمجاد الثقافة والحضارة الفارسية، وقد سلكت هذه الحركة أكثر من
مجرى لتصب في النهاية في طاحونة تثبيت استقلال الهوية القومية/ الثقافية
الفارسية.



والفرس كشعب عريق له نمط وأسلوب حياته وتفكيره، وذهنية أفراده، ولسنا
هنا بصدد تقييم ذلك المستوى والحكم عليه، ولكن وقد بدا أن الإسلام كدين
وعقيدة لم يكن ليلغي أنماط من السلوك والتفكير فطر عليه شعب وأقام ثقافة
وحضارة لعدة قرون خلت، والإسلام لم يكن يهدف إلى ذلك أساساً، وليس هناك
مصدر واحد يشير إلى أن الدولة فرضت ديانتها أو لغتها أو ثقافتها أو
تقاليدها على أي من الشعوب، وأساساً فإن الوعي أو العامل القومي لم يكن
بعد قد اكتسب الثقل السياسي والمعنوي أو العامل القومي لم يكن بعد قد
اكتسب الثقل السياسي والمعنوي الذي غدا يتمتع به كما في القرون اللاحقة ،
والفرس وإن دخلوا الإسلام إلا أنهم كانوا يفهمون الإسلام بعقل المجوسية
والزرادشتية والمزدكية، وهم ميالون إلى الباطنية وإحاطة الحقائق بالأسرار
والغموض، وتلك صفات تشترك فيها شعوب شرقية أخرى عدا الفرس، إلا أن العرب
ميالون للوضوح والبساطة.



وهكذا غدت تلك الأرجاء (بلاد فارس، بصفة خاصة)مرتعاً خصباً لكافة
التيارات التي تحاول إدخال بدع وتيارات غريبة إلى الإسلام، وقد هبت فيه
فعلاً العديد من الفرق الدينية والمذهبية والتكتلات السياسية وحركات
التمرد المسلحة.



وفي هذه الظروف، برزت حركة فكرية ثقافية جديدة في بلاد فارس تدعو إلى
لغة فارسية جديدة، بدلاً من اللغة الفارسية البهلوية التي كانت سارية في
العهود الساسانية ، ومضت قرون قبل أن تتطور هذه من لغة محكية إلى لغة
كتابة وذلك في أواخر القرن الرابع الهجري ، وخلال هذه القرون تعرضت نتيجة
اتصالها بالإسلام والحكم العربي إلى تأثير واسع من اللغة العربية، وأدخل
عليها الكثير من مفرداتها وأساليبها الأدبية.



وهدفت الثقافة الفارسية إلى بث أدب باللغة العربية، هدف لا يخلو من
مقاصد سياسية، إلى التقليل من شأن الثقافة العربية والحط من قيمة المفكرين
والفلاسفة العرب، والمبالغة والمغالاة، وطرح معطيات غير دقيقة ، وإثارة
نعرات وتواريخ خاطئة بقصد إثارة زوابع من الشكوك والالتباسات.



فالشعوبية والأدب الشعوبي كانت حركة ثقافية بالدرجة الأولى ذات أهداف
سياسية تسعى إلى تشويه التاريخ العربي والدس عليه، والتأكيد على نقاط
الضعف، وتجاوز الفواصل والإنجازات المهمة إبرازا للنقائص وتجاهل الجوانب
الثرية ، ولكن من المؤكد أن الكتاب والمفكرين الفرس لم يكونوا جميعاً ضمن
هذه العملية التي لم تلاق نجاحاً يستحق الذكر، بل إن المفكرين العرب في
ردهم على الشعوبية، وفي الردود المقابلة حققوا المزيد من الإبداع، وأغنت
هذه المداخلات الثقافة العربية، وأضافت إليها التجربة والقوة.



ملامح وسمات الفكر الإسلامي :



الفكر الإسلامي لم يكن نرجسياَ، بل تعامل وتفاعل وتأثر وأثر بحضارات
ومنجزات شعوب أخرى، ولم يكن فوضوياَ ، ولو كان كذلك لسقط في فخ التطرف،
فقد آلت إلى الفشل والإخفاق والتلاشي تيارات سياسية إسلامية وغير إسلامية
لمجرد أنها جنحت نحو التطرف، ولعل أبرز السمات الإيجابية هي أن الشريعة
الإسلامية لا تنطوي على نصوص تفصيلية، فعلى سبيل المثال، تنص الشريعة على
وجوب اتخاذ الإمارة (وجود الدولة والحكم)، لكن دون الدخول في تفاصيل، ولو
فعل ذلك لاستحال تنفيذها في كل مكان وزمان ، وكذلك حول مسألة الشورى، وهي
فقرة مهمة في الفكر السياسي الإسلامي ، ولكن ليس هناك نصوص محددة حول
إقامتها ، ولكن مع إشارات كافية لضرورة قيامها .



وفرق مهم آخر كبير ومهم بين المسيحية والإسلام. فالإسلام مثل للعرب
الخروج من نفق مظلم، من الجهل إلى المعرفة، من التخلف إلى آفاق واسعة
للتحضر والتطور ، ومن التبعية للقوى الكبرى ليصبحوا هم بأنفسهم القوة
الأعظم في العالم، ومن التجزئة إلى الوحدة وهو الشرط الأساسي والضروري
لمواصلة بناء الحضارة العربية وتطور الفكر السياسي العربي بصفة خاصة.



ساهمت المؤثرات الثقافية بكل فروعها الفلسفية ـ العلمية ـ الآداب ـ
الفنون، على مسيرة تطور الفكر السياسي في كلتا التجربتين، ولكن بدرجات
متفاوتة بطبيعة الحال ، فالثقافة عامل مهم في رفع مستوى الوعي الإنساني،
ولتفهم الظروف المحيطة به ولطبيعة الأنظمة والعلاقات .



ويهتم البحث بالإجابة على التساؤل التالي :



هل تأثرت التجربتان بمؤثرات ثقافية على تطور الفكر السياسي ؟ وبأي مقدار ؟ وهل هناك اختلاف بين التجربتين ؟ .



ولابد لنا بادئ ذي بدئ أن نقول: إن الفلسفة في كلتا التجربتين تختلفان وتتناقضان مع الدين في مسألتين هامتين:



الأولى: أن الفلسفة تدعي أن لا شيء خلق من لا شيء ، والدين يؤكد (الإسلام والمسيحية) أن الله خلق الكون من لا شيء.



الثانية: أن الفلسفة تقول أن ليس هناك شيء مطلق خارج المناقشة والبحث، والدين يؤكد أن الخالق هو خارج المناقشة.



ولكن هذه الملاحظات عوملت بمرونة وبشدة في أحيان أخرى.



والفرق يكمن في: أن اللاهوت المسيحي وجد بناءَ فلسفياَ سامقاَ لا
يمكن تجاهله، فقررت المؤسسة المسيحية التعامل معه، وانضم الفلاسفة
الأوربيون، ومنهم وثنيون، إلى الديانة الجديدة ، وهكذا أصبح للكنيسة
فلاسفتها الذين حاولوا تضيق الفجوة بين الفلسفة الأفلاطونية
الأرسطوطاليسية، وسائر المنجزات الفكرية والفلسفية الإغريقية والرومانية،
فنجحوا في ذلك حيناَ، وفشلوا حيناَ، وليس نادراَ ما اتهم فلاسفة أوربيون
بالهرطقة والإلحاد أو نشر أفكار وثنية ، وكان التصدي لهم يجري بأعنف
الأساليب، ولكن بصفة عامة لم يعلن اللاهوت أو الكنيسة موقفاَ معادياَ
رسمياَ من الفلسفة، بل أبدى ـ وإن ظاهرياَ ـ التقبل له والتعامل معه ولكن
بحذر شديد.



وعن ذلك يقول الأستاذ مصطفى عبد الرازق: " أن أصول الفقه موضوع حقيقي
للفلسفة، وأن العرب كغيرهم كونوا مناهجهم وآراءهم الفلسفية قبل اتصالهم
بالفلسفة اليونانية ، فالإسلام عندما توسع في البلدان المجاورة وجد كنيسة
منظمة تدافع عن المسيحية بمناهج منطقية مدروسة ومحللة بواسطة الديالكتيك
اليوناني، وكذلك أديان وثقافات، فكان على رجال الإسلام في معاركهم
الأيديولوجية أن يدحضوا الخطاب بالخطاب، وأن يستعملوا الديالكتيك والحوار،
وأن يدافعوا عن العقيدة الإسلامية ، وأن يبحثوا في مشاكل فلسفية كالعدل
والحرية والكون ، وقد تجلى ذلك في فكر المعتزلة، ولكن ذلك لم يحدث كما
قلنا قبل عام 800-750 م فما فوق.



وفي الواقع أن الفلاسفة العرب المسلمين تعاملوا مع الفلسفة بمواقف متفاوتة
، فمثلاَ أن الفارابي لم يكن يخفي إعجابه بالفلسفة الإغريقية، ولكن دون أن
يخرجه هذا عن إطار الشريعة، ولكن الغزالي تعامل مع الفلسفة بتحفظ ، ولم
ينكر أهميتها ودراستها والتعامل معها بقوله: "أعلم أن العقل (الفلسفة) لا
يهتدي إلا بالشرع، والشرع لم يتبين إلا بالعقل.



فالعقل كالأساس والشرع كالبناء، ولن يغني أساس ما لم يكن بناء ، ولن يثبت
بناء ما لم يكن له أساس ، والعقل كالبصر والشرع كالشعاع، ولن يغني البصر
ما لم يكن شعاع من الخارج ، ولن يغني الشعاع ما لم يكن بصر ، قال الله
تعالى: " قد جاءكم من الله نور وكتاب بين يهدي به الله من أتبع رضوانه سبل
السلام ليخرجهم من الظلمات إلى النور " ( 16-15 /المائدة فالشرع عقل من
الخارج ، والعقل شرع من الداخل ، وهما متعاضدان بل متحدان "".



في الإسلام، كان الأمر مختلفاَ بعض الشيء ، فالشريعة الإسلامية لم تجد
أمامها فلسفة عربية أو حتى فارسية أو هندية، ومنجزات الفلسفة الإغريقية لم
تترجم إلى العربية ، وتطرح بين أيدي المفكرين والفلاسفة العرب إلا بعد
مرور ما لا يقل عن 200-150 من الهجرة أي من العصر العباسي الوسيط فصاعداَ،
ولكن قبل ذلك ـ ولا بد من تأكيد ذلك ـ واجه المفكرون العرب المسلمون أنشطة
وفعاليات ثقافية كانت تقوم بها الكنائس والأديرة المنتشرة بحدود معينة في
العراق وسورية ومصر ، وكان بعض الرهبان ورجال الدين المسيحيين يخوضون
المناقشات مع المسلمين للدفاع عن معتقداتهم، وأن أصول علم الفقه الذي نما
ونشط بعد انتشار الإسلام، في الأمصار العربية وغير العربية نشأ ردا على
ذلك .



يقول الأستاذ مصطفى عبد الرازق: " أن أصول الفقه موضوع حقيقي للفلسفة، وأن
العرب كغيرهم كونوا مناهجهم وآراءهم الفلسفية قبل اتصالهم بالفلسفة
اليونانية ، فالإسلام عندما توسع في البلدان المجاورة وجد كنيسة منظمة
تدافع عن المسيحية بمناهج منطقية مدروسة ومحللة بواسطة الديالكتيك
اليوناني، وكذلك أديان وثقافات ، فكان على رجال الإسلام في معاركهم
الأيديولوجية أن يدحضوا الخطاب بالخطاب، وأن يستعملوا الديالكتيك والحوار
، وأن يدافعوا عن العقيدة الإسلامية ، وأن يبحثوا في مشاكل فلسفية كالعدل
والحرية والكون ، وقد تجلى ذلك في فكر المعتزلة، ولكن ذلك لم يحدث كما
قلنا قبل عام 800-750 م فما فوق.



ومن المفارقات الغريبة أن نجد نصاَ من النصوص المسيحية في القرن
الثاني عشر أو الثالث عشر تشير إلى ذلك، إذ يحاول القديس توماس بكلمات
متشابهة إلى حد مدهش ما ذهب إليه الغزالي ، إذ يحاول أن يثبت صحة اعتقاد
العقل و الإيمان (الدين والفلسفة) بقوله: " إن اللاهوت مكمل للنظام الذي
يكون العلم والعقل بدائه، ولا يقضي على اتصاله مطلقاَ، والإيمان متمم
للعقل ، وهما معاَ مصدرا العلم و المعرفة، ولا يمكن أن يصطدما أو يعملا
باتجاهين متضادين "".



اللاهوت المسيحي وجد صعوبة في التنصل من منجزات الإغريق والرومان قبل
حلول المسيحية ، ففي التعرض الصريح لها إلغاء لتراث مهم من حضارة الشعوب
الأوربية ، على عكس الشريعة الإسلامية التي كانت تتحرك بحرية نسبية،
فالحركات والأحزاب السياسية العربية الإسلامية، كانت في تكونها ومواقفها
من الدولة الأموية ثم العباسية، تشهد حركة فكرية نشيطة، وكانت هناك
مواجهات أيديولوجية عنيفة، تستخدم الفلسفة لتبحث في أصول السلطة السياسية
وقوامها الدين ، وفهم الدين بما لا يتعارض مع المآرب السياسية...



فقد أكدنا مراراَ أن الشريعة والشعارات الدينية كانت البوابة التي
عبرت من خلالها الشعارات السياسية، واستخدمتها الأطراف كافة، اليسار
واليمين على حد السواء.



فالمسلمون تعاملوا مع الفلسفة ولكن بحذر، حذر الوقوع في شرك الأسئلة
، فالفلسفة جذابة في قوة منطقها، والثقة التي تطرح نفسها فيه، والفارابي
(950-870) ، على سبيل المثال الذي لقب ( المعلم الثاني وكان أرسطو قد لقب
بالمعلم الأول )، أخذ من غيره ولكنه وضع فلسفة في الإطار الذي يتلاءم
وظروف البيئة التي عاش فيها ، فقد أخذ عن أرسطو وأفلاطون، ولكنه فعل ذلك
بصيغة إسلامية واضحة، وكان الفارابي يهدف إلى التأكيد، أن المعتقدات
الإسلامية لا تتناقض مع الفلسفة ، والفلسفة الإسلامية خاصة.



ويلاحظ هنا كم تتشابه هذه المساعي مع السكولاستيين، ولكن مع فارق
مهم، أن السكولاستية تيار قام بمباركة الكنيسة أنها أدركت أنها عاجزة عن
مواجهة الفلسفة، لأنها لا تمتلك شيئاَ تواجهه به. والسكولاستيون كانوا في
الغالب رجال دين، فيما وصفت مثل هذه التيارات عند المسلمين بالدهرية ، وهي
صفة سلبية عند المسلمين، وكان من يتهم بالدهرية يسعى جاهداَ نفي هذه الصفة
عن نفسه وفكره ، وفلاسفة مسلمون مثل الغزالي لا يهاجمون الفلسفة علناَ..!
، وقد نفى الدهرية عن نفسه فلاسفة كالفارابي أو محدثون مثل الأفغاني (
1897-1839 )، الذي كان ينفي الدهرية عن نفسه، فيما كان يسعى إلى ترويج
أفكار تحاول أن توفق بين الدين وعقلنه الحياة ، ولكن بحذر وتردد.



ونزعة التوفيق وهي نزعة عرف عنها ليس الفارابي فقط، بل وعدد كبير من
الفلاسفة والمفكرين العرب، فقد بدا من العسير حقاَ تجاوز أو تجاهل ما جاء
به الإسلام من نهضة علمية وفكرية، فالإسلام لم يكن قط معادياَ للعلم
والتقدم، ولكنه حذر من الدخول في ممرات ودروب تفضي إلى السؤال الأكبر:
ماذا بعد الموت..؟ من خلق الكون ؟ ومحاولة فلاسفة عرب ومسلمون التعامل مع
معطيات الحضارة الغربية كانت فاشلة لأنها و كما يقول الأستاذ التريكي
(الفلسفة الشريدة)، وبها يصف تجربة الأفغاني ومحمد عبدة بالذات " توفيقية
وتلفيقية، لأنها لم تستطع أن تتفاعل تفاعلا مجدياَ مع الحضارة الغربية
لإنتاج البديل الثقافي الخلاق " ..



ويرى الأستاذ التريكي أن الابتكار الفلسفي في الإسلام يكمن في علم الكلام
الذي أنتج مذاهب كبرى في تفسير الكون واكتشاف القوانين الوجودية وتوصلهم
إلى فهم الوجود للحركة والعلة، ولا بد أن نشير إلى الإبداع في الفلسفة
العربية ليظهر بكل جلاء في الخطاب الخارجي للفلسفة، ذلك الخطاب الذي أرتبط
بميادين أخرى، لهذا نراه في الفقه والكلام وفي الرياضيات وفي العلوم
الأخرى، وفي الجماليات وفي الفلسفة الاجتماعية السياسية ، وما جاء به
الطبري والبيروني وأبو حيان التوحيدي وابن مسكويه وابن خلدون وغيرهم.



وبالمقابل، فقد أحدثت الفلسفة تيارات، وربما أعاصير في المسيحية وإن
اختلفت شكلها ومضمونها عن تلك التي حدثت في الإسلام، ولكن بجوهر واحد.
قلنا : إن اللاهوت المسيحي منذ البداية قبل بالفلسفة لعجزه عن مقاومتها،
وقام بمجهودات رسمية على يد قساوسة لتجسير الهوة بين الفلسفة الغريقة /
الرومانية وبين اللاهوت ، ولكن ذلك لم يكن يعني نهاية الصراع .



نعم، كان ينظر إلى الفلسفة باحترام، ولكن بعضهم نظر إليه بوصفه من
أتباع الشيطان ، وجوهر الصراع والخلاف هو واحد في التجربتين، فعدا البحث
في الإلهيات والذات الإلهية، كان الصراع في أوروبا المسيحية يتمحور حول
مسألة السلطة وحدود السلطتين الزمنية (الدولة) والروحية (الكنيسة).



حقاَ كانت هناك هوة، والهوة كانت هاوية عميقة، أوضحه البابا انوسنت
الرابع Annozenz المتوفى1276 )، إذ قرر أن من حق البابا التدخل في السلطة
وحتى خلع الملك المستهتر، وأن البابا هو خليفة المسيح بقوله " أن السيد
المسيح نفسه جعل بطرس وخلفاء بطرس خلفاء له حينما أعطاهم مفاتيح ملكوت
السماوات، وقال لهم :" أطعموا أغنامي ".



وهكذا فأن البابا منح نفسه سلطة تسبغ عليه مركزاَ قيادياَ وتعطيه سلطة
مراقبة ومراجعة فعاليات الدول والحكومات المسيحية والإشراف عليها ، ثم
جاءت نظرية سانت أوغستين لتدعم هذه النظرية التي أصرت على التمسك بأن
النظام المسيحي يحتم أن تكون الدولة مسيحية ، ويقول أيجيديوس كولونا " :
إن السلطة الروحية التي يتولاها البابا هي سلطة فريدة تعلو على ما عداها ،
وللسلطة الروحية الحق في أن تقيم السلطة الزمنية وتشرف عليها ".



والصراع بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية أسفر عن نشوء نظرية السيفان،
جلاسنوس Gelasian، كما أن الصراعات داخل الكنيسة المسيحية أنتجت تيارات
ومذاهب لم تتمثل بالانشقاق الرئيسي بين الكنيسة الشرقية والغربية، أو
الكاثوليك والأرثودوكس فحسب، بل وأنتج حركات الإصلاح الديني، أشتهر منها
اللوثرية ـ كالفن، وكوسوي، وتلاشت حركات أخرى في مهدها بفضل القمع البابوي
وبمساندة السلطات، وتحولت أخرى إلى مذاهب دينية /سياسية /فلسفية لاهوتية،
مثل اليعاقبة والجزوبت والدومنيكان والفرنسيسكان وغيرهم ، كانت انعكاساَ
للقضايا التي أثارتها الفلسفة بين القرن الحادي عشر والقرن الثامن عشر،
حيث هبت الثورة البورجوازية الفرنسية التي أعلنت رسمياَ تصفية أملاك
الكنيسة الدنيوية وحسمت المعركة لصالح الفلسفة بصورة تامة أو شبه تامة،
فيما بقيت هذه المسألة في البلاد العربية والإسلامية (الفكر السياسي
والدولة) مسألة مثيرة للنقاش والجدال بهذه الدرجة أو تلك من السخونة.



وإذا كنا قد ركزنا على الفلسفة بهذا القدر من الأهمية، فذلك لأن دورها كان
كبيراَ حقا في تطور الصياغات الثقافية، وأثرت ليس على تطور الفكر السياسي
فحسب، بل وحتى على نشوء مدارس ومذاهب داخل الأديان نفسها، كما أنها أثرت
بصورة مباشرة على نضج ووعي الناس والاتجاهات الاقتصادية والعلمية والفنية
والأدبية.



وعندما نقرر أن الإسلام مثل ثورة على كافة الأصعدة، فنحن لا نمنحه قيمة
اعتباطية، فالحياة الثقافية العربية شهدت قفزة كبيرة إلى الأمام، وابتداء
ذلك باللغة نفسها التي هي عماد الثقافة على اختلاف فروعها، فمن الثابت أن
اللغة العربية كانت على لهجات متقاربة ومتباعدة عن بعضها ألفاظا وكتابة،
ونزول القرآن في نهاية القرن السابع الميلادي، حيث لم تكن اللغات الأوربية
قد تبلورت بعد، بل وستمضي قرون كثيرة، حتى تتبلور اللغات الأوربية بشكلها
الحالي الذي نعرفه اليوم، فيما مثل نزول القرآن بلغته الحالية (لهجة قريش)
جعلها اللهجة السائدة وإلى اللغة العربية الرسمية، لغة سياسة وإدارة وأدب،
بالطبع مع اعتبار أن لهجة قريش لم تكن بعيدة عن اللهجات العربية، بل لأنها
كانت أساساَ وسطاَ بين تلك اللهجات.(18)



وإذا كان الحياة الجديدة نهضة اجتماعية / اقتصادية في مختلف الأمصار
العربية، نهضة نوهنا عنها قي مباحث الكتاب، كان من شأنها الارتقاء بمستوى
الحياة مما يؤدي تلقائياَ إلى خلق موضوعات ثقافية جديدة أنطلق صوبها الأدب
والثقافة العربية. وإذا كان الشعر هو الميدان الرئيسي في الأدب العربي،
وكذلك أدب الحكايات والأساطير وسير الأبطال والحروب ، إلا أن الثقافة
العربية شهدت بصفة خاصة تطوراَ مهماَ في ميادين جديدة مثل أصناف الملابس
والأطعمة وعمارة الأبنية، حيث اختلطت الأذواق والأمزجة العربية والشرقية
والإسلامية، بأنماط رومانية وفارسية وهندية، وإن لم تكن هذه جديدة تماماَ
فقد كان العرب قد تعرفوا عليها في مراكزهم المتقدمة، العراق والشام ومصر
إلا أن التجربة الجديدة كان لها مداها الواسع ونتاجها الثري، فقد تعامل
الفكر العربي والثقافة العربية من موقع القوة وبفعل الاتصال الوثيق
والمصالح اليومية على كافة الأصعدة .



فقد كان على سبيل المثال، التوجه لبناء المساجد وبروز أنماط جديدة من
العمارة العربية، وإذا كان الإسلام قد تعامل مع الرسم بحساسية، إلا أن ذلك
أستعيض عنه بفن الزخرفة والموزائيك والفسيفساء، وتجلى خاصة في فن الخط
العربي وأنواعه، وقد جاء ذلك واضحاَ بصفة خاصة في المسجد الأموي في دمشق
وجامع قبة الصخرة في القدس والجامعة المستنصرية ببغداد وقصور الأندلس
وجوامع القاهرة والقيروان.



والقرآن بحد ذاته، قاد بحق لغته العالية أولاَ، والموضوعات التي
تناولها: المعاملات مثلاَ، إلى ازدهار الفقه القانوني ، وتقدم علوم النحو
والصرف وقصص الأنبياء الواردة فيه، إلى بروز نمط جديد في كتابة التاريخ ،
فظهرت أعمال ذات مستوى راق، مثل كتاب الطبري والمسعودى وابن كثير في
التاريخ، ثم موسوعات في اللغة مثل أعمال: ابن منظور والفراهيدي وغيرها،
وهي أعمال لم ينجز لها نظير في أوروبا إلا بعد ستة قرون تقريباَ. وكل ذلك
يشير في النهاية إلى رقي في الحياة السياسية والاجتماعية، ولولا ذلك الرقي
لما استطاع الإنسان أن يقدم هذه المنجزات، وهي بديهية ، فالمكبل لا يستطيع
العمل والإنتاج ولا يزدهر فكره. يقول د. طه حسين " الأدب فن راق، إذا
ارتقت السياسة ازدهر، وهو منحط جدب إذا انحطت الحياة السياسية وعقمت ".



وفي أوروبا كان الأمر يدور على نحو آخر، فالمسيحية عندما حلت في
أوروبا، وجدت ليس ذلك البناْء الفلسفي الشامخ، بل وفنوناَ مزدهرة كالمسح
والعمارة بحكم توفر الرخام ذو الألوان الرائعة في اليونان وإيطاليا توفر
التراب، وبواسطة الرخام أنجز بناء معابد وأبنية رائعة، وكان الإغريق قد
تلقوا أثناء امتزاج الحضارتين الهيلينية والشرقية بفرعيها، الرافديني
والمصري فقرات عديدة منها على سبيل المثال: الأعمدة والتيجان التي تعلوها،
فهي موجودة في الشرق قبل بناء المعابد اليونانية ، كما كان هنا الموسيقى
والرياضة .



ولكن أوروبا كانت على الرغم من ذلك تفتقر إلى مسألة رئيسية بتقديرنا،
وهو الشعور بالانتماء إلى أمه، ولم تكن هناك حدود في أوربا التي كانت
عبارة عن قبائل البعض منها تحوم ظلال من الشك حول جذورها، كما كانت أوربا
تفتقر إلى اللغة القومية. وبإقرار أوثق المصادر الأوربية فإن أهم أفضال
حركة الإصلاح الديني اللوثرية هي عندما أقدم مارتن لوثر ( وربما كان ذلك
كان عملاَ جريئاَ ) على ترجمة الإنجيل من اللاتينية إلى الألمانية، وأصبح
مرجعاَ مهماَ وبلغة ألمانية موحدة ذات نظام وقواعد واحدة، ولكن ذلك لم يتم
قبل القرن السادس عشر، ولعل في ذلك السبب في أن فكرة القومية تأخرت في
أوروبا حتى ذلك الوقت.



فألمانيا وفرنسا كانتا موحدتين حتى عام 1100 م. وكذلك إيطاليا مع
ألمانيا، وكان ذلك مترافقاَ مع عناصر وعوامل أخرى مهمة، على رأسها التبلور
الاجتماعي / الطبقي الذي أبرز البورجوازية الصناعية، وهذه جميعها من آثار
ونتائج ثلاث تيارات رئيسية في أوروبا:



أولاَ : حركة الإصلاح الديني الذي أبعد نفوذ الكنيسة وحرر العقل.



ثانياَ : حركة النهضة التي أطلقت إبداع الإنسان الفكري والعلمي والفني.



ثالثاَ : الثورة البورجوازية الفرنسية التي حررت يد الإنسان وأطلقت قواه للعمل بلا حدود.



وعلى درجة تطور هذه القوى الفكرية والثقافية، وتنامي المسألة
القومية، كان مؤشر الازدهار السياسي والاقتصادي يتصاعد، فقد كانت بريطانيا
أولاَ (في القرن السابع عشر ) ثم فرنسا (في القرن الثامن عشر سباقتين إلى
الثورة القومية، لذلك كانت درجة تقدم بريطانيا والفكر الاقتصادي بدرجة
خاصة والفلسفة عامة، هو ما أهلها لافتتاح عصر النهضة الصناعية أولاَ،
وبعدها فرنسا، وكان لتأخر هذه الثورة القومية في ألمانيا وإيطاليا (تأخرت
وحدتهما القومية) السبب في تأخرهما دخول حلبة الدول الصناعية، المتطورة في
بنائها السياسي والدستوري.



وعلى صعيد الفلسفة التي كان لها دورها الأساس في إنهاء احتكار
الكنيسة ، وفي تصديها للمحاولات العبثية لتجميل اللاهوت التي كانت تهدف
إلى تبرير وجود وهيمنة الأنظمة الإقطاعية المطلقة والمفاهيم الإقطاعية
والدينية، وتلك كانت مهمة مفكري عصر التنوير، وإبرازا لأهمية فكرة الوحدة
والدولة القومية.



وفي الفكر العربي الإسلامي كان مفهوم الأمة من المفاهيم التي طرحها
الإسلام في القرآن والحديث، وهنا في هذا النص " وجعلناكم شعوباَ وقبائل
لتعارفوا "( 48 – هود ) فهذا القرار للاختلاف بين مجتمع وآخر على مستوى
التكوين الديني والاجتماعي والذهني والمزاجي ومكونات اللغة والثقافة، وفي
أكثر من آية يشير القرآن إلى إمكانية تعايش المسلمين مع غيرهم من الديانات
الأخرى ، وقد مارسوا ذلك فعلياَ، وكذلك ذهب مفكرو الإسلام مثل: الجاحظ
الذي يرى في رؤية مبكرة أن، الثقافة واللغة والأخلاق المشتركة والبيئة
الجغرافية هي التي تعطي الأمة صفة الوجود، وكذلك ذهب المؤرخ المسعودي الذي
يشير إلى الموقف الحضاري المشترك، ووحدة الثقافة واللغة والقيم المشتركة.



وكان المفكر والفيلسوف ابن خلدون قد تحدث عن العصبية بتفصيل وإسهاب
كافيين على أنها الفكرة الجامعة لشعب أو أمة، وأن السلطة السياسية تشتد
وتقوى عندما يجمع شعبها رباط وعصبة قوية، ورغم أنه لا يذهب إلى درجة كافية
من الوضوح ليتحدث عن الدولة القومية بمفهومها القانوني الدستوري الحديث،
ولكننا نرى أن إشاراته هي رؤية سياسية / فكرية مبكرة وذات مغزى مهم.....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:17 pm

ثانى خلفاء بنى أميه يزيد بن معاويه



لم تتعرض شخصية من الشخصيات البارزة في تاريخ الامة الاسلامية لما تعرَّضت
له شخصية أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ـ رحمه الله تعالى ـ من طعن وتشويه
على يد أعداء الامة الحاقدين ، وفي مقدمتهم الشيعة الرافضة وأغلبهم من
زنادقة المجوس الذين تظاهروا بالاسلام وأبطنوا الكفر وانتحلوا حبّ عليّ
وبعض أبنائه، وسعَوا إلى هدم الاسلام من داخله بوسائل شتى ، كان منها
إثارة الفتن ، وترويج الاشاعات الكاذبة ، والطعن في الشخصيات الاسلامية
التي لعبت دورا بارزا في تاريخ الامة ، ليطعنوا من وراء ذلك بالاسلام ذاته
، ويشوهوا صورته ، ويوحوا بأنّ أمة الإسلام لم تنضبط بتعاليمه وأخلاقه في
جيل من الأجيال أو في عصر من العصور ، ليصلوا بعدها إلى القول بأنَّ
الاسلام كان مشروعا بشريا فاشلا للإصلاح أو أنه في أحسن الأحوال ، دين
مثاليٌّ غير قابل للتطبيق ، وعندها يقدِّمون رافضيتهم المجوسية التي تلبَس
لَبوس "الاسلام" وتتمسَّح بـ " آل البيت" باعتبارها البديل العملي عن
الإسلام المثالي ، إسلام الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح !!



وقد اختلق هؤلاء المجرمون سيلا من الروايات الساقطة والقصص السخيفة
والحكايات المنحطة التي نَسَبت كذبا وافتراءً إلى سلف الامة ما نسبت ، وقد
طالت حملة التشويه والإفتراء المجوسية هذه جميعَ الشخصيات البارزة في
تاريخ الامة ، وكان يزيد بن معاوية رحمه الله ، من أكبر ضحايا تلك الحَملة
المسعورة .



وتسرّب كثير من روايات الدسِّ والطعن في يزيد مع ما تسرَّب من روايات ٍ
ساقطة وقصص وحكايات إلى امهات كتب التاريخ والتفسير . ومن المعروف أنَّ
تاريخ بني أمية إنما كُتِب في عهد بني العباس ، وقد استغل الشعوبيون
والزنادقة المجوس خصومة بني العباس السياسية لبني أمية أيما استغلال ، إذ
وجدوا في عهدهم تربة مناسبة لترويج كذبهم وافتراءاتهم على بني أمية وعلى
يزيد منهم بصورة خاصة ، وذلك لأسباب لا تخفى على اللبيب الأريب ، وكانوا
إلى هذا يتحركون بحرية تامة دون أن يخافوا من بطش السلطة الحاكمة، ومن
العقاب !



ولعلَّ أشدَّ ما يأسف له المسلم الغيور على دينه أن يجد بعضَ المؤرخين من
أهل السنة قد أخذوا من هذه الروايات الباطلة وأدرجوها في كتبهم دون تمحيص
دقيق ولا تحقيق ، كما فعل ابن كثير في البداية و النهاية ، وابن الأثير في
الكامل ، وابن خلدون في العبر ، والذهبي في تاريخ الإسلام ، وغيرهم ...
ولا نريد هنا أن نخوض في الاسباب التي جعلتهم يروون هذا الطعن عن بعض غلاة
الشيعة الحاقدين من أمثال أبي مخنف والواقدي وابن الكلبي وغيرهم من
الفسّاق ، ويتساهلون في قبول تلك الروايات الخبيثة التي أحدثت فجوة كبيرة
بين الخلف والسلف ، وكان لها لاريب اثر خطير على بناء أجيال تخجَل من
تاريخها ، وترتاب في صلاحية دينها دين الاسلام ، وشكَّـل ذلك فيما بعد
ثغرة ًعظيمة نفذ منها إلى قلب الامة أعداءُ الاسلام !! فهل يتنبه أهل
العلم من غفلتهم ، ويصحون من سُباتهم ، ويعملون على تنقيح التراث وتطهيره
مما تسرَّب إليه من سموم الأعداء ؟!



ولست أنكر أنّ هناك بداية صحوة ، وأنَّ هناك محاولات في هذا الإتجاه...
ولكنها لا زالت محاولات فردية ، ولا زالت الجهود المبذولة دون المستوى
المطلوب ! ولعلّ هذه المشاركة التي تُسقِط روايات المبطلين من المنافقين ،
وتدحض حجج المغرِضين من أعداء الدين ، لعلّ هذه المشاركة تُنصِف أمير
المؤمنين يزيد ، وتردُّ إليه اعتباره في عيون المضَلَّلين ، وتساهم بقدر
ولو بسيط ، في عملية التنقيح والتطهير والتصحيح .



جوانب من سيرة يزيد قبل توليه الخلافة:



لم يكن يزيد بن معاوية – رحمه الله – بذلك الشاب المدلَّل ، العابث اللاهي
، كما تصوره لنا الروايات التاريخية الساقطة بل كان على خلاف ذلك تماما!

و لنقف قليلاً ، على بعض سيرته قبل أن يرشحه والده معاوية رضي الله عنه
لولاية العهد ، لنعلم ما هي الحال التي كان عليها قبل توليه الخلافة ، و
مدى صدق الروايات التي جاءت تذم يزيد وتصفه بأبشع الأوصاف .



أم يزيد بن معاوية هي ميسون بنت بحدل الكلبية ، كانت من الأعراب ، و كانت
من نسب حسيب ، و منها رزق معاوية بابنه يزيد . و كان رحمه الله وحيد أبيه
، فأحب معاوية رضي الله عنه أن يشب يزيد على حياة الشدة والفصاحة فألحقه
بأهل أمه ليتربى على فنون الفروسية ، و يتحلى بشمائل النخوة و الشهامة
والكرم و المروءة ، إذ كان البدو أشدَّ تعلقاً بهذه التقاليد .



كما أجبر معاوية رضي الله عنه ولدَه يزيد على الإقامة في البادية ، و ذلك
لكي يكتسب قدراً كبيراً من الفصاحة في اللغة ، كما هو حال العرب في ذلك
الوقت .



وعندما رجع يزيد من البادية ، نشأ و تربى تحت إشراف والده ، و نحن نعلم أن
معاوية رضي الله عنه كان من رواة الحديث فروى يزيد بعد ذلك عن والده هذه
الأحاديث و بعض أخبار أهل العلم . مثل حديث : " من يرد الله به خيراً يفقه
في الدين" ، و حديث آخر في الوضوء ، و روى عنه ابنه خالد وعبد الملك بن
مروان ، وقد عده أبوزرعة الدمشقي في الطبقة التي تلي الصحابة ، و هي
الطبقة العليا .



و قد اختار معاوية دَغْفَل بن حنظلة السدوسي الشيباني (ت65هـ) ، مؤدباً
لولده يزيد ، و كان دغفل علامة بأنساب العرب ، و خاصة نسب قريش ، و كذلك
عارفاً بآداب اللغة العربية .



هذه بعض الجوانب من سيرة يزيد رحمه الله ، وغفر له ، قبل توليه منصب
الخلافة ، و قبل أن يوليه والده ولاية العهد من بعده . يظهر منها جليّا
واضحا ً حرصُ سيدنا معاوية رضي الله عنه منذ البداية على إعداد ولده يزيد
، و تنشئته التنشئة الصحيحة ، ليشبَّ عليها عندما يكبر.



وبالإضافة إلى ما سبق أن أوردناه عن الجهود التي بذلها معاوية في تنشئة
وتأديب يزيد ، نجد روايات في مصادرنا التاريخية تساعدنا على دحض الروايات
الساقطة التي نَسَبت كذبا وافتراءً إلى يزيد ما نسبت ، زاعمة ً أن يزيد بن
معاوية كان شاباً لاهياً عابثاً ، مغرماً بالصيد و شرب الخمر ، و تربية
الفهود والقرود ، و الكلاب … الخ !!تلك الروايات التي اختلقها أعداء بني
أمية وخاصة منهم الرافضة المجوس الزنادقة ، وتسرّب كثير منها مع ما تسرَّب
من روايات ساقطة وقصص منحطة وحكايات تافهة إلى كتب التاريخ والتفسير ، مثل
:

[نسب قريش لمصعب الزبيري ؛ (ص127)] و [كتاب الإمامة والسياسة المنحول!
لابن قتيبة ؛ (1/163)] و [ تاريخ اليعقوبي ؛ (2/220)] و [ كتاب الفتوح
لابن أعثم الكوفي ؛ (5/17)]

و [ مروج الذهب للمسعودي ؛ (3/77)] .

ومن أراد أن يطلع على المزيد من تلك الافتراءات الخبيثة ، فليرجع إلى
كتاب: [ صورة يزيد بن معاوية في الروايات الأدبية ـ فريال بنت عبد الله ؛
(ص 86- 122 )] .



ـ شهادة محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية ـ

فيروي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل
يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت ،
فقال له يزيد ، و كان له مُكرماً : يا أبا القاسم ، إن كنتَ رأيتَ مني
خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه ، و أتيت الذي تُشير به علي ؟ فقال : والله لو
رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه ، وأخبرك بالحق لله فيه ، لِما
أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه ، وما رأيت منك
إلاّ خيراً . [أنساب الأشراف للبلاذري ؛ (5/17)] .



و يروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع - كان داعية لابن الزبير - مشى من
المدينة هو وأصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم
، فقال ابن مطيع : إنَّ يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب
، فقال محمد: ما رأيتُ منه ما تذكرون ، قد حضرته وأقمت عنده ، فرأيته
مواظباً على الصلاة ، متحرياً للخير ، يسأل عن الفقه ، ملازماً للسنة ،
قالوا: ذلك كان منه تصنعاً لك ، قال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يُظهر
لي الخشوع ؟! ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ؟ فلئن كان أطلعكم
على ذلك فإنكم لشركاؤه ، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم
تعلموا ، قالوا : إنه عندنا لحق وإن لم نكن رأيناه! فقال لهم : أبى الله
ذلك على أهل الشهادة ، و لست من أمركم في شيء .

[البداية و النهاية ؛ (8/233) ] و [ تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61-80هـ –
(ص274) ] . و قد حسّن الأخ محمد الشيباني إسناده ، انظر: [مواقف المعارضة
من خلافة يزيد بن معاوية (ص384)].



وقيمة شهادة ابن الحنفية هذه لا تكمن فقط في أنها شهادة عدل صدرت عن تابعي
جليل ، بل تنبع كذلك من كونها صدرت ممن قاتل معاوية َ مع أبيه أي مع علي
رضي الله عن الجميع ، فأحرى به أن يكون عدواً له كارهاً لملكه وولده . ولا
يتهمه بالتحيّز في هذا إلى يزيد ومحاباتِه إلا ّ جاهل ضالّ ، أو زنديق
لئيم حاقد .



فشهادة ابن الحنفية هي لاريب شهادة عدل قوية تكذّب ما افترَوهوا على يزيد
من تناول للمسكر ، ومباشرة للمنكرات ، وغير ذلك مما يقدح بمروءة الإنسان
مما رواه أبو مخنف وأمثاله من الرواة الكذابين الغالين ممن ينطبق عليهم
لفظ الفاسق ، فهذا وأمثاله من الفسّاق لا ُيقبَل لهم قول خاصة إذا كان فيه
طعن في أحد من المسلمين ، فما بالك إذا كان هذا المطعون فيه وفي دينه هو
خليفة المسلمين وإمامهم ؟!

وقد رأينا فيما مضى نماذج من هذا الطعن والإفتراء !



ـ شهادة ابن العباس في يزيد

وهناك قول مشابه لابن عباس رضي الله عنه ، يثبت فيه أن يزيد براء مما
افترى ولا يزال يفتري عليه المفترون ، وهو أنه لما قدم ابن عباس وافداً
على معاوية رضي الله عنه ، أمر معاوية ابنه يزيد أن يأتيه – أي أن يأتي
ابن عباس - ، فأتاه في منزله ، فرحب به ابن عباس وحدثه ، فلما خرج ، قال
ابن عباس : " إذا ذهب بنو حرب ذهب علماء الناس".

[البداية والنهاية ؛ (8/228-229) ] و [ تاريخ دمشق ؛ (65/403-404) ].



ـ شهادة الليث بن سعد في يزيد

ثم إنّ نسبة ما نُسِبَ من منكر إلى يزيد لا يحل إلا بشاهدين ، فمن شهد
بذلك ؟ وقد شهد العدل بعدالته ، روى يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ( توفي
147هـ ) قال ، قال الليث : " توفي أمير المؤمنين يزيد في تاريخ كذا " ،
فسماه الليثُ أمير المؤمنين بعد ذهاب ملك بني أمية وانقراض دولتهم ، ولولا
كونه عنده كذلك لما قال إلا : " توفي يزيد " .

[العواصم من القواصم (ص232-234) ].



ـ شاهد آخر قوي على عدالة يزيد

كما إنّ مجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ، من أمثال عبد الله
بن الزبير ، وعبد الله ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو أيوب الأنصاري ، على
مصاحبة جيش يزيد في سيره نحو القسطنطينية ، فيها خير دليل على أنَّ يزيد
كان يتميز بالاستقامة ، و تتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة ، ويتمتع
بالكفاءة والمقدرة لتأدية ما يوكل إليه من مهمات ؛ وإلا لما وافق أمثال
هؤلاء الأفاضل من الصحابة أن يتولى قيادتهم شخص مثل يزيد .



ـ منقَبة ليزيد بن معاوية :

أخرج البخاري عن خالد بن مَعْدان أن عُمَير بن الأسود العَـنَسي حدثه أنه
أتى عُبادة بن الصامت و هو نازل في ساحة حِمص وهو في بناء له ومعه أم
حَرام ، قال عُمير : فحدثتنا أم حَرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : " أول جيش من أمتي يغزُونَ البحرَ قد أَوجَبوا " ، فقالت أمُّ حرام
: قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله
عليه وسلم "أول جيش من أمتي يغزُون مدينة قَيْصرَ مغفورٌ لهم" ، فقلت :
أنا فيهم قال : لا .



وَقَدْ حَدَّثَ عن أمِّ حرام أَنَس رضي الله عنهما هَذَا الْحَدِيث
أَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ ، وَأَخْرَجَ الْحَسَنُ بْن سُفْيَان هَذَا
الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ يَحْيَى بْن
حَمْزَة بِسَنَدِ الْبُخَارِيّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ " قَالَ هِشَام
رَأَيْت قَبْرَهَا بِالسَّاحِلِ " .



و‏قَوْله : ( يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَر ) ‏‏ يَعْنِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة .

‏وَقَوْله : ( قَدْ أَوْجَبُوا) ‏أَيْ فَعَلُوا فِعْلًا وَجَبَتْ لَهُمْ بِهِ الْجَنَّة .



قَالَ الْمُهَلَّب : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة
لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ ، وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيد
لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَا مَدِينَةَ قَيْصَرَ .[البخاري مع الفتح ] .



فتحرك الجيش نحو القسطنطينية بقيادة بسر بن أرطأ رضي الله عنه عام خمسين
من الهجرة ، فاشتد الأمر على المسلمين فأرسل بسر يطلب المَدد من معاوية
فجهز معاوية جيشاً بقيادة ولده يزيد ، فكان في هذا الجيش كلٌ من أبو أيوب
الأنصاري ، وعبد الله بن عمر ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وجمعٌ غفير من
الصحابة ، رضي الله عنهم أجمعين .



وقد علّق على هذا الحديث ِ الشيخُ ابو اليسر عابدين رحمه الله ، مفتي
سوريا السابق ، عام 1954 في كتابه (أغاليط المؤرخين) فقال: اما يكفيه ( أي
يزيد ) فخرا ما ذكره في الجامع الصغير برمز البخاري عن ام حرام بنت ملحان
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اول جيش من امتي يركبون البحر فقد
اوجبوا وأول جيش يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. و كلا الوصفين ثبتا ليزبد بن
معاوية رضي الله عنه.

[ أغاليط المؤرخين ؛ ص 124]



على ضوء ما سبق بيانه من حال يزيد الحقيقية نستطيع أن نرد جميع الروايات
الساقطة والأقوال المريبة التي لم تثبت صحتها وإن وجدت في امهات كتب
التفسير والتاريخ ، فهذه فيها الغث وفيها السمين ، وكذلك نرد ما قاله
الذهبي في [ سير أعلام النبلاء ؛ (4/36)] عن يزيد بأنه " كان ناصبياً فظاً
غليظاً جلفاً متناول المسكر و يفعل المنكر" . فقد أخطأ الذهبي هنا لاريب
خطأ كبيرا، وعلى كلٍّ فهذا قول ، و كلٌ يؤخذ من كلامه و يرد إلا رسول الله
صلى الله عليه وسلم .



تولي يزيد منصب ولاية العهد بعد أبيه:



بدأ معاوية رضي الله عنه يفكر فيمن يكون الخليفة من بعده فقد كان يخشى أن
تعود الفتنة من بعده مرة أخرى إن مات ولم يستخلف . فلما استشار أهل الشام
في الأمر اقترحوا أن يكون الخليفة من بعده من بني أمية ، فرشح ابنه يزيد
وأرسل إلى الأمصار بذلك فجاءت الموافقة من مصر و باقي البلاد ، وحين أرسل
إلى المدينة يستشيرها وجد معارضة ً من الحسين وابن الزبير ، ومن ابن عمر
وابن عباس وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وكان اعتراضهم ابتداءً على تطبيق
الفكرة ذاتها ، لا على يزيد بعينه .

انظر : [ تاريخ الإسلام للذهبي – عهد الخلفاء الراشدين – (ص147-152)] و [
سير أعلام النبلاء ؛ (3/186)] و [ الطبري ؛ (5/303)] و [ تاريخ خليفة ؛
(ص213)] .



و تجدر الإشارة هنا إلى أن المؤرخين والمفكرين المسلمين قد وقفوا فيما بعد
حيال هذه الفكرة مواقف شتى ، فمنهم المعارض ، و منهم المؤيد ، و كانت حجة
الفريق المعارض تعتمد على ما ورد من روايات مفتراة ساقطة، نسبت إلى يزيد
رحمه الله ما نسبته من منكر وعبث وفجور ، واستند هؤلاء إلى تلك الروايات
ليقطعوا بعدم صلاحية يزيد للخلافة ، دون أن يقدّموا على ذلك أيَّ دليل أو
برهان ... وقد بيَّنا بطلان مانُسِب إلى يزيد من هذه الإفتراءات .

ويذهب ببعض المؤرخين الخيال أوالهوى في حكمهم على الأمر بعيدا ، فَيرَون
أن معاوية ـ رضي الله عنه ـ لم يبايع لولده يزيد بولاية العهد ، إلاّ
مدفوعاً بعاطفة الأبوة .

أنظر كتاب: [ موسوعة التاريخ الإسلامي لأحمد شلبي ؛ (2/46-47 ، 51 )] .



وقد ردّ العلماء على اعتراضات هؤلاء حول صلاحية يزيد لهذا الأمر وأبطلوا مزاعمهم وأوهامهم ، وفيما يلي نقدّم بعضا من تلك الردود .



ردود العلماء على من شكك في أهلية يزيد للخلافة:



ـ رد الأستاذ محب الدين الخطيب

ويعقِّب الأستاذ محب الدين الخطيب على من شكّك في أهلية يزيد للخلافة فيقول:

" إن كان مقياس الأهلية لذلك أن يبلغ ( أي يزيد ) مبلغ أبي بكر وعمر ـ رضي
الله عنهما وأرضاهما ـ في مجموع سجاياهما ، فهذا ما لم يبلغه في تاريخ
الإسلام أحد ٌ ، ولا حتى عمر بن عبد العزيز ، وإن طمعنا بالمستحيل
وقدَّرنا إمكان ظهور أبي بكر آخر وعمر آخر ، فلن تُتاح له بيئة كالبيئة
التي أتاحها الله لأبي بكر وعمر .. وإن كان مقياس الأهلية ، الاستقامة في
السيرة ، و القيام بحرمة الشريعة ، والعمل بأحكامها ، و العدل في الناس ،
و النظر في مصالحهم ، والجهاد في عدوهم ، وتوسيع الآفاق لدعوتهم ، والرفق
بأفرادهم و جماعاتهم ، فإن يزيد يوم تُمحَّص أخباره ، و يقف الناسُ على
حقيقة حالِه كما كان في حياته ، يتبين من ذلك أنه لم يكن دون كثيرين ممن
تغنى التاريخ بمحامدهم ، و أجزل الثناء عليهم .



[حاشية العواصم من القواصم لابن العربي ؛ (ص221) ].



وإننا لنجد أيضاً في كلمات معاوية نفسِه ما يدل على أن دافعه في العهد
بالخلافة إلى ولده إنما هو النفع للصالح العام و ليس الخاص ، فقد ورد على
لسانه قوله:

" اللهم إن كنت إنما عهدت ليزيد لِما رأيتُ من فضله ، فبلِّغه ما أمِلتُ
وأعنه ، وإن كنت إنما حملني حبّ الوالد لولده ، وأنه ليس لما صنعت به
أهلاً ، فاقبضه قبل أن يبلغ ذلك ".

[ تاريخ الإسلام للذهبي – عهد معاوية بن أبي سفيان – ؛ (ص169)] و [ خطط الشام لمحمد كرد علي ؛ (1/137)] .



و يتبين من خلال دراسة هذه الفكرة – أي فكرة تولية يزيد ولاية العهد من
بعد أبيه - ، أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما كان محقاً فيما ذهب
إليه ، إذ أنه باختياره لابنه يزيد لولاية العهد من بعده ، قد ضمن للأمة
الإسلامية وحدتها ، و حفظ لها استقرارها ، و جنَّبها حدوث أية صراعات على
مثل هذا المنصب .



ـ دفاع ابن العربي

و قد اعترف بمزايا خطوة معاوية هذه ابن العربي ، أنظر: [العواصم من القواصم ؛ (ص228-229 ) ].



ـ دفاع ابن خلدون

وكذلك اعترف بها ابن خلدون الذي كان أقوى حجة ً، إذا يقول:

" والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه ، إنما هو مراعاة
المصلحة في اجتماع الناس ، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه -
وهم حينئذ من بني أمية - " ، ثم يضيف قائلاً : " وإن كان لا يظن بمعاوية
غير هذا ، فعدالته و صحبته مانعة من سوى ذلك ، و حضور أكابر الصحابة لذلك
، وسكوتهم عنه ، دليل على انتفاء الريب منه ، فليسوا ممن تأخذهم في الحق
هوادة ، وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق، فإنهم - كلهم - أجلّ
من ذلك ، و عدالتهم مانعة منه ".

[المقدمة لابن خلدون ؛ (ص210-211) ].



و يقول ابن خلدون في موضع آخر: " عهد معاوية إلى يزيد ، خوفاً من افتراق
الكلمة بما كانت بنو أمية لم يرضوا تسليم الأمر إلى من سواهم ، فلو قد عهد
إلى غيره اختلفوا عليه ...".

[ المقدمة ؛ (ص206) ].



يتبين مما سبق من أقوال من سبق ذكرهم من أعلام الأمة أنّ معاوية رضي الله
عنه قد رأى في ابنه صلاحاً لولاية خلافة الإسلام بعده ، وهو لا ريب أعلم
الناس بخفاياه ، و لو لم يكن عنده مَرْضياً لما اختاره فمعاوية صحابي جليل
، ولا يُظنُّ به إلاّ خيرا ، كما قال العلاّمة ابن خلدون ، فالصحابة
كلُّهم عدول ، لا ريب عندنا في ذلك .. نعم هم جميعهم عدول وإن رغمت أنوف
زنادقة المجوس الرافضة ، وغيرهم من أعداء الإسلام.





ولا يسعني بعد هذا إلا ّ أن أشير إلى ما أورده ابن العربي في كتابه
العواصم من القواصم من رأي لأحد أفاضل الصحابة في هذا الموضوع ، إذ يقول :


" دخلنا على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استُخلِف يزيد
بن معاوية ، فقال: أتقولون إن يزيد ليس بخير أمة محمد ، لا أفقهَها فيها
فقهاً ، ولا أعظمَها فيها شرفاً ؟ قلنا : نعم ، قال : وأنا أقول ذلك ،
ولكن والله لئن تجتمع أمة محمد أحب إلىّ من أن تفترق ".

[العواصم من القواصم ؛ (ص231) ].



فبيعة يزيد إذن مع وجود من هو أفضل منه كانت تعني فيما تعنيه وحدة َ الصف
، واجتماعَ الكلمة ، والأمنَ والإستقرار ... الخ وهذا ما يقدِّمه لمنصب
الخلافة على غيره ممن هو خيرٌ وأعظمُ شرفا ً وأفقَه منه ، إذا لم تجتمع
الامة بل كانت ستتفرّق عليه. وهذا لا ريب يُظهر الحكمة البالغة في استخلاف
معاوية ليزيد مع وجود العبادلة الأربعة والحسين وعبد الرحمن بن أبي بكر
رضي الله عن الجميع ، كما يدلُّ على بعد نظر شديد ، وفراسة حادة ، وقبل
ذلك كلّه يدلُّ على فقه لسيدنا معاوية سياسيٍّ عظيم ، رضي الله عنه وأرضاه
.



على ضوء ماتقدّم بيانه ومااتضَّح مما كان خافيا على الكثيرين ندرك الآن
لماذا تمسك عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ببيعة يزيد تمسكا شديدا ، كما
سنرى فيما يلي ، وحَرِص على ألاّ يشذ ّ أحدٌ من أهله عن ذلك ، وخالف من
خرج على يزيد من أهل المدينة ، فقد بايعه يوم أن عُهِد إليه بالخلافة بيعة
ً صحيحة على كتاب الله وسنة رسوله .. بايعه بيعة ً لم يَصدر منه ما يوجب
شرعا ً نقضَها ، وهذا كذلك يدحض جميع الدعاوى الباطلة ويسقط جميع
الإفتراءات الكاذبة التي أراد بها أعداء الأمَّة أن يشوّهوا إثما وبهتانا
صورة خليفة من خلفاء المسلمين ، وتابعيّ ٍ وابن صحابيٍّ جليل ، إثارة ً
للفتنة وتفريقا ً للصف وتمزيقا ً لأمة المسلمين .

ولم يكن موقف ابن ِ عمر مِن يزيد موقفا تفرّدَ به ، بل شاركه فيه عدد غير
قليل من الصحابة ، وكذلك جميع أهل البيت الذين كانت تربطهم بيزيد علاقات
ودية طيبة كما سنرى فيما بعد .





فقد نقل الامام البخاري في كتابه الفتن أنَّ اهل المدينة لما أرادوا خلع
يزيد جمَع عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما حشمه وولده و قال لهم سمعتُ
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" يُنصَب لكل غادر لواء يوم القيامة .
وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيعة الله ورسوله واني لا اعلم أحدا منكم
خلعه ، ولا بايع في هذا الامر ، الا كانت الفيصل بيني وبينه .





وهل يُتصوَّر بعد هذا البيان أيضاً صِحة َ ما زعم الكذابون ، من أن معاوية
رضي الله عنه كان غير راض عن لهو يزيد وفسقه ، و شربه ، وأنه أكثر من نصحه
فلم ينتصح ، فقال – لما يئس من استجابته - : إذاً عليك بالليل ، استتر به
عن عيون الناس ، و إني منشدك أبياتاً ، فتأدب بها و احفظها ، فأنشده :



انصب نهاراً في طلاب العلا * واصبر على هجر الحبيب القريب

حتى إذا الليل أتى بالدجى * واكتحلت بالغمض عين الرقيب

فباشر الليل بما تشتهي * فإنما الليل نهار الأريب

كم فاسق تحسبه ناسكاً * قد باشر الليل بأمر عجيب

غطى عليه الليل أستاره فبات في أمن و عيش خصيب

و لذة لأحمق مكشوفة * يشفي بها كل عدو غريب



هكذا زعم الكذابون ، و لكن فضحهم الله ، فهذه الأبيات لم يقلها معاوية رضي
الله عنه ، حاشاه أن يفعل ذلك وهو صحابي جليل وسيد عظيم من سادة الأمة ،
والصحابة جميعهم عدول . بل إنّ مثل ذلك لا يُتَصوّر صدوره من أب ٍ أي ِّ
أب ٍ إن كان َ عاقلا ً راشدا محبّا لولده ، وله ناصحا أمين ، فكيف يمكن أن
يصدر مثل هذا عن صحابي كمعاوية جليل ؟!

أقول: لا يَتصوَّر صدورَ مثل ِ هذا عن معاوية بن أبي سفيان وفيه ما فيه من
دعوة الى اقتراف المنكرات واتباع الأهواء والشهوات ، إلاّ جاهل ضالٌّ ، أو
عدوٌّ حاقد ٌ ، أو فاسق زنديق !



نعم لقد فضح الله هؤلاء المفترين الكذابين ، قاتلهم الله ، وتبين أنّ تلك
الأبيات الساقطة لم تكن قيلت بعدُ ، ولا علاقة لها بمعاوية رضي الله عنه ،
ولا بيزيد ، ولا يعرفها أهل البصرة ، إلا ليحيى بن خالد البرمكي ، ذلك
الرافضي المجوسي الزنديق ، الذي عاش زمن هارون الرشيد ، أي بعد معاوية و
ابنه بنحو مائة عام . أنظر : [ تاريخ دمشق لابن عساكر ؛ ( 65/403) ].



علاقة يزيد بآل البيت رضي الله عنهم:



أما عن علاقة يزيد بآل البيت رضي الله عنهم فإنه لم يقع بين يزيد وبين أهل
بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعكر العلاقة و القرابة بينهما سوى
خروج الحسين و بعض أهله ومقتلهم على يد أهل العراق من الشيعة الارفاض
بكربلاء ، الذين خانوه وخذلوه وغدروا بابن عمه ، كما تذكر مصادر الشيعة
أنفسهم .



ومع هذا فقد بقيت العلاقة الحسنة بين يزيد وآل البيت و كانوا أولاد عمومته
ونراهم قد اجتنبوا الخروج عليه أيام الحرة ومكة ، بل كانت صلته بعلي بن
الحسين وعبد الله بن العباس ومحمد بن الحنفية أيام الحرة جيدة . أما عبد
الله بن جعفر فقد كانت صلته بمعاوية و يزيد من بعده غاية في المودة
والصداقة والولاء ، و كان يزيد لا يرد لابن جعفر طلباً ، وكانت عطاياه له
تتوارد فيقوم ابن جعفر بتوزيعها على أهل المدينة ، وكان عبد الله بن جعفر
يقول في يزيد: " أتلومونني على حسن الرأي في هذا" . انظر: [قيد الشريد في
أخبار يزيد ؛ (ص35) ].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:19 pm

كمال أتاتورك ( إتاترك )





يمتد عمر الدولة العثمانية عبر ستة
قرون ونصف من الزمان (699 /1340 هـ) ، وبالتالي : فهي تشغل جزءا كبيراً من
تاريخ الإسلام منذ أن بزغ فجر الدعوة المحمدية وعمّ نورها أركان الأرض ،
ولقد كان للأتراك الحظ الأوفر من رعاية المسلمين والحفاظ على مجتمعهم ،
ومن الطبيعي جدّاً أن تتعرض دولة كهذه للمؤامرات الخارجية والحروب الضارية
، خاصة إذا علمنا حجم الرقعة التي شملتها ، والمقدار الذي اقتطعته للإسلام
من أوروبا النصرانية ، فقد تسابق الملوك والرؤساء في أوروبا على حربها ،
وتولى الفاتيكان كبر هذه العمليات ، واتحدت أوروبا الممزقة على هدف واحد ،
هو : تصفية الوجود العثماني في أوروبا على أقل تقدير ، واستعادة بيزنطة
منها ، إذا لم تنجح محاولاتها في إنهاء حياتها بالكلية ، إلا أن حكمة الله
أبت أن يكتب لتلك المحاولات النجاح ، فعمدت أوروبا إلى أسلوب آخر هو أمضى
وأنجع على الرغم من كونه خفيّاً وغير ملموس ، إذ سرّبت إلى الجسد المسلم
خلايا فاسدة تظاهرت بالإسلام وأبطنت الكفر ، مستغلة بذلك سذاجة بعض
المسلمين وغفلتهم ، وتأويلات بعض المرجفين ، أو انهزامية بعض المؤمنين ،
فسعت في الأرض وعاثت فيها فساداً ، حتى نجح الثالوث اليهودي النصراني
الوثني في تحقيق الحلم الأوروبي الكبير ، وانمحت من الوجود دولة الخلافة
وسلطان المسلمين ، وغدت ديار الإسلام نهباً للأمم والشعوب الأوروبية
(المتحضرة) ، التي ارتقت بها إلى الخراب الاقتصادي والفساد الأخلاقي .

هل كانت هذه المؤامرة امتداداً لفتنة عبد الله بن سبأ ؟ .. الأسلوب والنتائج يشيران إلى تشابه كبير ، فهل تواصوا به ؟ ! .

كما يقول المنصرون في أدبياتهم : » إنه لا يهدم البيت إلا أحد أركانه « ،
لذا فقد فطن أعداء الإسلام إلى غرس فئة من اليهود في جسد الدولة العثمانية
يتظاهرون بالإسلام ، فيما يقومون وبالتنسيق مع أعدائها بدك عرشها ، وإزالة
سلطانها ، تلك الطائفة التي عرفت بيهود (الدونمة) ، وهذه اللفظة التركية
تعني الردة عن الإسلام [1] ،
وقد تركزت في منطقة (سلانيك) في الأراضي اليونانية حالياً ، حيث نسجت خيوط
اللعبة التي أدت بالدولة العثمانية إلى مصيرها المحتوم ، وهنا : لا بد من
الإشارة إلى أن الدولة هي التي تسببت في ذلك ابتداءً ؛ إذ إنها لم تسع
جاهدة إلى نشر الإسلام بين صفوف رعاياها ، واكتفت بترك الطوائف وشأنها ،
بل تهاونت معهم كثيراً ، الأمر الذي انعكس سلباً عليها وفتح ثغرة فيها نفذ
منها الأعداء ، فكانت الكارثة ، ولقد شكل اليهود الخطر الأكبر على الدولة
؛ بسبب مديونيتها لهم من جهة ، وطبيعة هذا الشعب الماكر وحقده على السلطان
عبد الحميد الثاني الذي رفض السماح لهم بالهجرة إلى فلسطين من جهة أخرى ،
فما برحوا يحيكون الدسائس ويستغلون الأحداث لإنهاء هيمنة دولة المسلمين
على (الأرض المقدسة) ، وقد برز من يهود الدونمة رجل ساهم بشكل كبير في
تغيير مجرى التاريخ المعاصر ، حيث ألغى كيان الخلافة التي استمرت لمدة
أربعة عشر قرناً في لمح البصر ! !
سؤال خطير وجوابه :

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف تمكن فرد من تحقيق ما عجزت عنه أوروبا
بقضها وقضيضها ، ولمدة سبعة قرون تقريباً ؟ .. هذه الدراسة تحاول تسليط
الأضواء على هذه الشخصية ودورها وميراثها ، وقد قسمتها إلى مقدمة عن
الأوضاع قبيل ظهور هذا الرجل ، ثم مولده ونشأته ، والتساؤلات حول أصله
ونسبه ، ثم تطرقت إلى تدرجه في السلك العسكري ، وبروزه على الساحة ، ثم
صناعة الإنجليز له وعلاقته بهم ، بعد ذلك تعرضت إلى أعماله إبان فترة حكمه
، وختمت البحث بالحديث عن الإرث الذي تركه ، ومدى استمرار الدولة في السير
على نهجه .

تمهيد عن الأوضاع في فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني :

اعتلى عرش السلطة في وقت حرج جدّاً شاب طموح وعبقري ، قد بزّ أهل زمانه ،
وفاق أقرانه من الحكام ، ذلكم هو السلطان عبد الحميد خان الثاني ، الذي
حكم البلاد منذ سنة 1293هـ (1876م) إلى سنة 1327هـ (1909م) ، أي : قرابة
ثلاثة وثلاثين عاماً ، وقد كانت الحياة الاقتصادية في عهده رخيصة ، وأوشك
مؤشر التضخم الاقتصادي على الهبوط إلى الصفر ، على الرغم من الحروب
الروسية المتتالية ، ومضايقة الإنجليز المستمرة في مجال التجارة الدولية ،
لكن فئة الضباط الذين عاشوا في أوروبا وجلهم من غير المسلمين لم تعجبهم
تلك السياسة
الحميدة في الوقت الذي مات فيه ألوف البشر بسبب المجاعة في أيرلندا والهند
الخاضعتين للحكم الإنجليزي ، ثم إن بريطانيا كانت تكره السلطان بسبب وقفه
لطموحاتها وتغلغلها في أراضي الدولة العثمانية من جهة ، وسلطانه الروحي
على رعاياها في المستعمرات وكذلك النصارى الواقعين تحت حكمه من جهةأخرى
[2] .

في تلك الحقبة : فُتحت المجالس النيابية في روسيا وإيران ، وقد سرت هذه
الظاهرة إلى الدولة العثمانية ، فتطلع الشعب الذي شعر بالملل من طول فترة
حكم السلطان إلى النظام البرلماني الشائع في أوروبا ، وقد استجاب السلطان
لتلك المطالب ، فشكل لجنة للنظر في الدساتير الغربية والاستفادة منها ،
لكن أوروبا المتربصة والمعارضين المفتونين بها أصروا على وضع دستور عام
يضمن استقلال
المناطق والشعوب ، مما يعني عمليّاً إلغاء سلطة الدولة على رعاياها ،
الأمر الذي فطن إليه السلطان ، وقد نصحه بذلك أيضاً المستشار النمساوي »
بسمارك « ، لذلك : شكلت المعارضة جمعية في فرنسا تدعى (الاتحاد والترقي) ،
القصد المزعوم منها : تطوير نظام الحكم [3] ، وقد طالب أعضاؤها بمنح جميع
الأقطار استقلالاً ذاتيّاً وتقسيم البلاد على أسس قومية [4] .

رضخ السلطان لمطالب المعارضة باستئناف أعمال مجلس المبعوثان (النواب) لكن
الاتحاديين وكما يبدو من قرارات مؤتمر باريس قد أصروا على تنفيذ خطتهم
بتقسيم البلاد ، بل وخلع السلطان بقوة السلاح ، فأغاروا على العاصمة في
سنة 1909م ، ولم يشأ السلطان مواجهتهم ، بل استسلم لقضاء الله وقدره على
الرغم من سيطرته على الجيش ! إلا أنه لم يشأ إراقة الدماء بسببه هو ! ،
فآثر مواجهة الموقف وحيداً بعد أن أخلى القصر من الحرس ، وتلك من حسناته
التي يتعالى عنها
الحاقدون والمرجفون [5] .

لقد استغل اليهود (جمعية الاتحاد والترقي) للعمل ضد السلطان عبد الحميد
المتربص بمخططاتهم .. والمتتبع لطبيعة القادة البارزين فيها : يتأكد أنها
ليست تركية أو إسلامية ، فأنور باشا : بولندي ، وجاويد باشا : من الدونمة
اليهود ، وقارصوه يهودي إسباني ، وأما طلعت باشا وأحمد رضا فهما من أصل
غجري تظاهرا بالإسلام [6] ، وكما يذكر أحد المؤرخين : فإن السلطان قد أمر
بجمع المعلومات عن الصهاينة من سفاراته وإرسال مخبرين متنكرين إلى
اجتماعاتهم ليوافوه بالتقارير عنها ، وكذلك إرسال قصاصات الصحف والمجلات
الأوروبية المتعلقة بنشاطهم [7] ، لذلك : لا نفاجأ عندما يصرح طلعت باشا
في مذاكرته بأن
الوفد الذي أخبر السلطان بعزله لم يكن فيه مسلم أو تركي واحد ! ، وإنما
كانوا : يهودي ، وأرمني ، ويوناني ، ويوغسلافي [8] ، وهذا ما دعى أحد
المؤرخين الأتراك إلى القول بأن الثورة سنة 1908م تقريباً من عمل مؤامرة
يهودية ماسونية ، وشاركه الرأي رفيق بك أحد شخصيات الجمعية البارزة [9] ،
ومما يؤكد هذه الحقيقة : أن جيش الجمعية الذي احتل (إستانبول) كان مكوناً
من أرباب السوابق وعصابات الروم والبلغار والأرناؤوط (الألبان) ويهود
الدونمة من (سلانيك) وغيرها [10] ، فيما يحاول مستشرق فرنسي موتور تلميع
صورة أولئك الأوباش ، فيزعم أنهم ينحدرون من صفوف البورجوازية الصغيرة
كالمحامين والصحفيين وصغار الضباط [11] ، وللمزيد من الأدلة على دور
اليهود في توجيه الجمعية والثورة لتحقيق أهدافهم : هذه شهادة من طلعت باشا
(العضو في الجمعية) يعترف فيها بأن (الاتحاد والترقي) كان أمل اليهود
المنشود ، بينما يتنبأ شخصيّاً بإقامة دولة يهودية في فلسطين [12] ، ويزيد
الصورة إيضاحاً كلام الدكتور رضا نور ، إذ يعترف بأن الآمر الناهي في
الاتحاد والترقي هم : جاويد ، وقارصوه ، وهما من يهود الدونمة ، وطلعت
باشا ، وهو ماسوني [13] .

مصطفى كمال .. مولده ونشأته :

كما يقال بأن الشائعة إذا راجت في زمانها كان لها أثر كبير من الصحة ،
ومصطفى كمال ، المولود في مدينة (سلانيك) باليونان حالياً سنة 1296 هـ
(1880 م) ، تحوم حول نسبه شكوك أثيرت في أيام طفولته حول هوية والده من
ناحية ، وحول أصله العرقي من ناحية أخرى ، فوالده مجهول الهوية ؛ إذ عندما
قدمت له صورة والده الرسمي أنكرها [14] ، بينما يُقال : إن والده هو علي
رضا ، الموظف الحكومي المتواضع ، وقد توفي ومصطفى ابن سبع سنين ، فتولت
أمه (زبيدة) رعايته ، فكان يدرس اللغة الفرنسية سرّاً في العطلات المدرسية
على يد رئيس دير فرنسي ، وكان يعتني به شخصيّاً بصفة خاصة [15] ، فيما
يدّعي بعض المطلعين بأن أباه قد مات بسبب عدم سيطرته على فسق زوجته
وفجورها ، وأن الأب الحقيقي لمصطفى هو إما صربي أو بلغاري أو روماني ، وقد
تبرأ علي رضا أفندي من مصطفى رسميّاً ، إلا أنّ السجلات أزيلت من المحكمة
[16] من جهة أخرى : فإن الأدلة الأنثروبولوجية لمصطفى كمال بشُقْرَته
وعينيه الزرقاوين ، وجمجمته : تؤكد أنه أكثر ما يكون بعداً عن الملامح
التركية [17] .

التحق مصطفى كمال بالجيش بعد إنهائه للثانوية العسكرية ، وهناك أضيف له
اسم » مصطفى « بسبب تشابهه مع أحد المدرسين ، وكان من المعجبين بنابليون
والثورة الفرنسية ، وكان له اهتمام بعلاقة الجنسين والحرية التامة لهما
[18] بعد تخرجه من الكلية الحربية بإستانبول خاطب زملاءه قائلاً : » إن
الباشاوات العثمانيين كلهم في غفلة وانخداع بفكرة العالم الإسلامي ،
وعلينا أن نجمع كل منابع
قوتنا في الأناضول التركي « [19] ، عُيِّن قائداً في الشام ، وكان يتردد
على مقهى للعمال الإيطاليين ليشاركهم في الرقص وشرب الخمر ، وهناك كوّن
(جمعية الوطن والحرية) في سنة 1906م ، كما أسس مع رفاقه فروعاً لها في
يافا والقدس وبيروت ، وكان قد التحق بالمحفل الماسوني (فداتا) [20] ، ثم
رجع إلى سلانيك سنة 1907 م ، حيث قضى أوقاته في الملاهي ، لكنه تمكن عن
طريق المحافل الماسونية هناك من الترويج لحركته التي سميت (تركيا الفتاة)
، والتي اندمجت لاحقاً مع الاتحاد والترقي [21] ، ولكن الاتحاديين لم
يرتاحوا له ، فنفوه إلى طرابلس الغرب في مهمة عسكرية ، ثم رجع إلى سلانيك
، وعين قائداً للواء الثامن والثلاثين ، وكان هو أول من يتخلى عن التحية
الإسلامية في الجيش [22] ، وقد أكد السلطان عبد الحميد توجس الاتحاديين من
مصطفى كمال ، إذا تجاوزوه وعينوا أنور باشا وزيراً
للدفاع ؛ لأن به سكوناً خطيراً جعل طلعت باشا يتجاهله ويؤيد أنور باشا
الذي كان يتفاداه [23] ، وفي حقه يقول أنور باشا : إنه » إذا ترقى إلى
رتبة باشا فإنه يرغب أن يكون سلطاناً ، وإذا أصبح سلطاناً فإنه يرغب أن
يكون إلهاً ! « [24] ، هذا الطموح الشخصي والغرور الذي لا حد له سينعكس
على كل قراراته وسياساته المستقبلية ، كما سيمر معنا .

بروزه على مسرح الأحداث وعلاقته بالإنجليز :

ملكت الثقافة الألمانية على زعماء الاتحاد والترقي الذين شكلوا الحكومة
التي أعقبت خلع السلطان عبد الحميد عقولهم وقلوبهم ، فاندفعوا خلف ألمانيا
في الحرب العالمية الأولى ظنّاً منهم أن ذلك سوف يحميهم من التوسع
البريطاني في أراضي الدولة العثمانية ، تلك الحرب التي كان ينتظرها
السلطان المخلوع (عبد الحميد) ؛ لكي تدمر أوروبا نفسها ، ويخرج هو سالماً
بعدم مشاركته فيها [25] ، وبعد أن
ورطوا البلاد في حرب خاسرة : رحل كبراء الجمعية (طلعت ، وأنور ، وجمال)
إلى ألمانيا ، وبذلك خلت الساحة أمام مصطفى كمال ، وبدأت أسهمه في الصعود
، لكننا لا بد أن نذكّر بأنه كان سبباً في هزيمة الدولة في حرب البلقان
سنة 1912م ؛ لانسحابه من المعركة حتى لا يحصل أنور باشا على شرف الانتصار
، ثم انتُدب لتخليص الحجاز من الإنجليز إبان اندلاع الحرب العالمية الأولى
، وكانت خطته العسكرية توصي بالتضحية بالحجاز مقابل المحافظة على القدس
[26] ، ثم ما لبث أن انسحب أمام الجيش الإنجليزي في سورية ، وبالاتفاق مع
القائد (اللنبي) ؛ فتسبب في هزيمة الأتراك ، لكنه لايكتفي بذلك ، بل ينعى
على الاتحاديين سياستهم الموافقة لألمانيا والتي دمّرت الدولة [27] ، ولا
نزيد على أن نقول : » إذا لم تستح فاصنع ما شئت « .

انتهت الحرب واحتل الحلفاء إستانبول ، ودخل الجنرال الفرنسي » دسبري«
المدينة ، ممتطياً جواداً أبيض أهداه له سكان المدينة من اليونانيين ؛
أسوة بما فعله السلطان محمد الفاتح قبل 466 عاماً [28] ، لكن السلطان محمد
وحيد الدين السادس لم يصبر على الضيم ونظراً لعجزه شخصيّاً عن إثارة
القلاقل في وجه الحلفاء : فإنه عدل إلى مصطفى كمال باشا الذي أمده
بالأموال اللازمة [29] ، كما
أطلق يده ، إذ عينه مفتشاً عامّاً لجيش الأناضول ، ليقوم بالثورة على قوات
الاحتلال ، فيتسنى بذلك للسلطان هامش للمناورة والمساومة السياسية مع
المحتلين ، وقد أمده بمئة وعشرين ألف ليرة ذهبية [30] ، ويبدو أن السلطان
قد تجاهل خيانات مصطفى كمال السابقة للدولة وتواطؤه مع الإنجليز ، بينما
اعتقدت بريطانيا أن المشاكل المثارة في الأناضول تجري بناءً على عرض سابق
تقدمت به إليه (أي : إلى مصطفى) سنة 1917م عندما كان قائداً في فلسطين ،
تطلب فيه الثورة على السلطنة والخلافة مقابل مساعدته في ذلك [31] ، وربما
كان هذا الرأي هو الأقرب إلى التصديق ؛ إذ لم تمانع إنجلترا في خروج مصطفى
كمال من إستانبول بحراً إلى مدينة سامسون ، وهو الذي دحر الحلفاء في جناق
قلعة [32] ، وقد استغرب ( ثريا إيدمير) مؤلف كتاب (الرجل الأوحد) ، عن
أتاتورك تصرف الإنجليز هذا ، وتزول الغرابة تماماً عندما نعلم بأن الجنرال
اللنبي رشح مصطفى كمال لقيادة
الجيش السادس المرابط بالقرب من الموصل ، حيث النفط والنفوذ الإنجليزي في
المنطقة الذي يتطلب شخصاً يستطيع الإنجليز التعامل معه [33] .

وبالفعل : أجج مصطفى كمال الشعب على الاحتلال العسكري للبلاد ، لدرجة اضطر
معها الإنجليز إلى الطلب إلى السلطان بتنحيته عن قيادة المنطقة ، وفي هذا
الصدد : يضيف شيخ الإسلام (مصطفى صبري) بأن السلطان قد ماطل في فصل مصطفى
كمال لمدة شهرين على الرغم من تذمر قوات الاحتلال ، واستمر في دعوته
للعودة إلى إستانبول ، لكنه أبى ، وقد ظل السلطان يحسن الظن به حتى قال
فيه : » ليخدم الوطن وليغتصب عرشي « ! [34] ، علماً بأن أنور باشا بعث
ببرقية إلى السلطان يحذره فيها من » أن إرسال مصطفى كمال إلى الأناضول
سيكون بداية لمصائبنا « [35] .. وبعد أن أُعفي من منصبه العسكري سارع إلى
عقد المؤتمرات (أرضروم سنة 1918م ، وسيواس سنة 1919م) لتعزيز سلطته في
المنطقة ، وقد خرج المجتمعون بتوصيات ، منها : المحافظة على أراضي الدولة
، واستقلال الشعب ، ومقاومة الاحتلال .. وتم تغيير اسم الجمعية إلى جمعية
(الدفاع عن حقوق شرق الأناضول والرومللي) ، أي : إسقاط باقي مناطق الدولة
، والمحافظة على المناطق التركية فقط [36] ، كما تم انتخاب مصطفى كمال
رئيساً
للجمعية .

وتستمر فصول المسرحية الهزلية ، فيهاجم مصطفى كمال وجيشه مستودعات الأسلحة
والذخائر التابعة للحلفاء ، وأرسلوا ما حصلوا عليه إلى الأناضول بوصفه
غنائم حرب [37] ، فكان رد الفعل الإنجليزي هو : إرسال قواتها لاحتلال
إستانبول ، والزّج بنوّاب مصطفى كمال بالبرلمان في السجن ، وحلّ البرلمان
، ونفي بعض أعضائه ، وفرض الرقابة على الصحف والبريد والبرق والوزارة ،
وتم تشكيل وزارة جديدة .. وكل ذلك بموافقة السلطان الذي لا يملك من أمره
شيئاً ، ثم أجليت
القوات الإنجليزية عن (إسكى شهر) و (قونية) دون الاشتباك مع قوات مصطفى
كمال المحاصرة ، فظهر للناس وجود معسكرين ، أحدهما يضم السلطان والمحتلين
الإنجليز ، بينما يتكون الآخر من المناضل ! مصطفى كمال ومؤيديه [38] ، أما
المناضل الوطني ! فقد أوعز إلى مفتي مدينة أنقرة بإصدار فتوى تندد بفتوى
مفتي إستانبول القاضية بمحاربة الكماليين ؛ بحجة أنها والسلطان والحكومة
محتلين من
قبل الإنجليز [39] ، وهذه هي حيلة المنافقين دائماً : الإذعان إلى الدين
متى ما احتاجوا إليه في دعم باطلهم ، كما أعلن عن تكوين برلمان في مدينة
أنقرة ومقر للحكومة لمكافحة الأجنبي ، وكان مما صرح به هو : » أن كل
التدابير التي ستتخذ لا يقصد منها غير الاحتفاظ بالخلافة والسلطة ، وتحرير
السلطان والبلاد من الرق الأجنبي « [40] ثم إن الإنجليز قاموا في تلك
الأثناء بنشر بنود معاهدة (سيفر) ،
التي تتنازل الدولة العثمانية بموجبها عن أراضٍ كثيرة ؛ ليوغروا صدور
العامة على السلطان ويرفعوا من أسهم مصطفى كمال ، كما قاموا بغض الطرف عن
تمويل وتسليح ذلك المناضل الوطني ! [41] ، لكن هذا الرجل المتقلب عدل من
رأيه حول السلطة والخلافة (وبصورة غير ديمقراطية تماماً ! ) ؛ إذ صرخ في
أعضاء المجلس الجديد في أنقرة منادياً بحتمية الفصل بينهما ، ولكن من
المحتمل أن
بعض الرؤوس كانت ستقطع إذا لم توافق على ذلك الرأي [42] ، ولقد اعترف فيما
بعد في كتاب الخطابة بأن الفصل بين السلطتين كان نقطة أساسية ولازمة وكانت
بمثابة الخطوة الأولى [43] ، ترى ما هي الخطوة الثانية إذن ؟ .

عقب التطورات الخطيرة ، دعت بريطانيا إلى عقد مؤتمر لندن لحل المشكلة
(المسألة) الشرقية وقد وجهت إلى كل من إستانبول وأنقرة دعوتين منفصلتين ،
وقد كانت الهيمنة لوفد أنقرة لحكمة يعلمها الحلفاء جيداً ، من ثمارها :
تنازل مصطفى كمال عن سورية للفرنسيين ، وعن باطوم للروس [44] ، وتمخض عن
هذه التنازلات : قيام الحلفاء بتحريض اليونان على غزو إستانبول ، ثم
التخلي عنها ، بينما توقف الهجوم اليوناني وبدأ في الانسحاب ، وكان مصطفى
كمال قد أمر بوقف
القتال قبل تراجع اليونانيين ، وقد ضخمت الدعاية الغربية الحادثة لتظهر
الغازي مصطفى كمنقذ للبلاد من عدوها التقليدي ، والتساؤل الذي نطرحه هو :
كيف يأمر قائد بوقف القتال أمام عدو لم يعلن عن استسلامه أو انسحابه بعد ؟
فإذا لم يكن هناك تنسيق مسبق بين القوات فهذا يعني وضع الجيش تحت رحمة
الأسلحة اليونانية ، أم إنها إحدى لعبات الإنجليز في صنع الأبطال القوميين
؟ ! . وبعد تلك اللعبة تظاهر الحلفاء بمقاومة الغازي في هجومه على
(تراقيا) ، لكن الإنجليز توسطوا لإنهاء القتال وانسحاب اليونان [45] ،
والأعجب من ذلك هو : قيام السفن الإنجليزية الراسية في البحر بنقل
الفاريين اليونانيين من سكان الأناضول وشارك معها سفن الحلفاء [46] ، ثم
إن إنجلترا ، وهي المنتصرة في الحرب العالمية ، الأولى تنازلت بمحض
إراداتها عن مدينة أزمير لتظهر مصطفى كمال أمام العالم الإسلامي بأنه
الغازي والمنتصر ، ثم تفرض شروطها عليه ، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام
مصطفى صبري [47] .

ثم إن الغازي ! مصطفى كمال هدد أعضاء المجلس الوطني الكبير بالقتل ، إذا
لم ينزلوا على رأيه بإلغاء السلطة العثمانية [48] ، هذا هو أسلوب معاملة
الرجل الذي راهنت عليه إنجلترا ، وتلكم هي طريقة تعامله مع البرلمان
الموقر ونوابه المحترمين ، الذين يتمتعون بحصانة يكفلها الدستور الذي
خلعوا السلطان عبد الحميد الثاني من أجله ! فكيف ستكون سياسته عندما يصبح
الآمر الناهي في البلاد والعباد ؟

بعد هذه السلسلة من الحروب الكرتونية المفتعلة : قرر الحلفاء عقد مؤتمر
لإنهاء وضع الدولة العثمانية ، وذلك لكسب الرأي العام التركي لصف الغازي
مصطفى كمال الذي صُنع على أعين الإنجليز ، فكان مؤتمر (لوزان) بسويسرا سنة
1340هـ (1924م) ، ويقال : إن اللورد (كرزون) رئيس وفد إنجلترا قد طرح
أربعة شروط للاعتراف باستقلال تركيا ، وهي : إلغاء الخلافة ، وطرد الخليفة
، ومصادرة أمواله ، وإعلان فصل الدين الإسلامي عن الدولة والحياة
(العلمانية) [49] .




بينما يؤكد شيخ الإسلام مصطفى صبري وبناءً على تصريح مستشار وزير خارجية
بريطانيا بأن مصطفى كمال قد اقترح على المؤتمر : إلغاء الخلافة ، وقطع
علاقة الدولة بالإسلام ، وتجميد وشل حركة جميع العناصر الإسلامية الباقية
، واستبدال الدستور القائم بآخر مدني .. وقد وكل إلى عصمت إينونو القيام
بتلك المهمة [50] ، وكان قد همس في أذن إينونو قبيل سفره بألا يعارض
الإنجليز ، حتى ولو طلبوا التنازل عن مدينة إستانبول وتراقيا ! [51] ، لكن
الإنجليز اكتفوا فيما يبدو بما قدمه الغازي من تنازلات ، اللهم إلا اشتراط
بقاء بطركية الروم في إستانبول بناءً على ضغوط مجلس الكنائس البريطانية
[52] .. وإذا كان هذا لا يكفي المسلمين جراحاً فإن الآلام تزداد عندما
يخرج علينا مؤرخ مسلم حاول الدفاع عن الدولة العثمانية في موسوعته ، فيزعم
بأن قرار مصطفى كمال بإلغاء السلطنة كان الهدف منه هو : حسم ازدواجية
الحكومة ، وإلغاء معاهدة سيفر الظالمة ، وسد الباب على الإنجليز ؛ لكيلا
يضربوا بعضها ببعض [53] .

ولكي يحقق الغازي ! آماله : اضطر إلى حل المجلس الوطني الكبير ، وتشكيل
مجلس مؤيد له يوافق على ما جاء في معاهدة لوزان ، والمضحك في الأمر : أن
40 ( فقط من النواب هم الذين حضروا الاجتماع الذي أعلن فيه عن قيام
الجمهورية التركية وإلغاء مؤسسة الخلافة بعد أربعة عشر قرناً من الزمان
[54] ، وقد أصدر المجلس القوانين : 429 ، 430 ، 431 التي تنص على إلغاء
الخلافة ، وطرد الخليفة وأسرته ، وإلغاء وزارة الأوقاف والشرعية والمدارس
الدينية [55] ، ويقول عن تلك النكبة الكبرى ذلك المؤرخ : إنها كانت
انتصاراً للقومية التركية ، واستطاع بذلك الغازي ! تحدي بريطانيا وحلفائها
، أما عن نقله للعاصمة إلى مدينة أنقرة : فيبرر ذلك بحجة تجريد المدينة
(إستانبول) من السلاح والتخلص من الماضي [56] ، فعلاً لقد نجح مصطفى كمال
في خداع قطاع كبير من الناس بنفاقه البغيض ، لدرجة أن السلطان عبد الحميد
الثاني على الرغم من ثاقب نظره صدّق انتصار مصطفى كمال على الحلفاء في
معركة جناق قلعة ، أو ربما رغبته في حماية البلد هي التي دفعته لتصديق تلك
المهزلة ، حتى دعا الله أن يتقبل منه عمله ذاك ! [57] ، ولم يقف الحد عند
ذلك ، إذ تسابق الشعراء في الثناء على انتصارات الغازي وتمجيدها ، كما حصل
مع أمير الشعراء أحمد شوقي ، إذا أنشد [58] :

الله أكبر كم في الفتح من عجب يا خالد الترك جدد خالد العرب
حذوت حذو صلاح الدين في زمن فيه القتال بلا شرع ولا أدب

ثم انصدم بعد ذلك كغيره من المسلمين بأعمال الغازي ! المناهضة لدين الله ،
وتأسف على ما فات . ويعلق المؤرخ إحسان حقّي على تلك الأحداث قائلاً : (
لقد عاصرت الثورة الكمالية وتأثرت بها ؛ لغربة المسلمين ووقوعهم تحت
الاحتلال ، وانخدعت بها كغيري ، بينما استغل هو مشاعر المسلمين وأموالهم ،
وكان يتظاهر بالإسلام ، إذ كان يأمر بقراءة صحيح البخاري قبل المعارك
بفترة) ! [59] بينما يأسف مستشرق ألماني حاقد على قصر همة مصطفى كمال الذي
آثر التخلي عن المنافع التي كانت دولته جديرة بجنيها لو رغب في إبقائها
مركزاً روحيّاً للإسلام [60] ، لكن مصطفى كمال كان صريحاً في موقفه من
الإسلام ، إذ خاطب المجلس الوطني أثناء مناقشة شروط معاهدة لوزان قائلاً :
( إن الآوان قد آن لتنظر تركيا إلى مصالحها ، وتتجاهل الهنود والعرب ،
وتنقذ نفسها من تَزَعّم الدول الإسلامية ) [61] ، وهنا تجدر الإشارة إلى
أن أحد النواب الإنجليز كان قد اعترض على استقلال تركيا ، فأجابه اللورد
كرزون قائلاً : » إن القضية هي أنّ تركيا قد قضي عليها ، ولن تقوم لها
قائمة ؛ لأننا قد قضينا على القوة المعنويةفيها ، وهي الخلافة الإسلامية «
[62] .

بعد أن حقق مصطفى كمال آمال أوروبا التي سعت إليها طوال سبعة قرون تقريباً : هل توقف عند ذلك ؟ أم تمادى في محاربته لله ولرسوله ؟ .




تابع وستعرف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:20 pm

أعماله وتركته



يروي أحد المقربين من مصطفى كمال ويدعى (مفيد كانصو) ، وقد كان
يدوّن تصريحات وخلجات الغازي ! ) : أنه في إحدى المرات في سنة 1919م تحدث
مصطفى عن أحلامه المستقبلية ، فتطرق إلى إلغاء الخلافة وإعلان الجمهورية ،
ثم فَرْض السفور ، وإلغاء الحروف واللغة العربية ، ومنع لبس الطربوش ، إلا
أن (مفيد) لم يتحمّل ذلك ، وتوقف عن الكتابة في دفتر مذكراته ، وبعد
الثورة سأله مصطفى كمال عن البند الذي وصل إليه وأنجزه حسبما انتهت إليه
تسجيلاته [1] .

وبناءً على شروط معاهدة لوزان السالفة الذكر ، فلا غرابة أن تكون أول
أعمال الغازي ! هو إقصاء الشريعة ومؤسساتها ، وتنحية القانون الإسلامي عن
الساحة ، وتبنى القانون المدني ، ونظام التعليم العلماني ، والتقويم
الجريجوري النصراني ، والحروف اللاتينية ؛ ليقطع الصلة بين المسلمين
الأتراك وتراثهم الثقافي ، وجعل العطلة الأسبوعية يوم الأحد ، كما منع
ارتداء الزي الإسلامي خارج المسجد ، وأغلق جامع (آيا صوفيا) ، وجامع
السلطان محمد الفاتح ، ومنع الصلاة فيهما بعد أن حولهما إلى متحفين للآثار
، وفرض تلاوة القرآن باللغة التركية ! ، وكذلك الأذان ، كما ألغى قوامة
الرجال على النساء ، وشجع العصبية القومية [2] ، ولم يكتف بذلك ، بل سمح
بزواج الإخوة من الرضاعة ، علماً بأنه محرم في الدستور المدني السويسري
الذي أخذ عنه !! ، وقد علّق أحد زبانية أتاتورك على ذلك بقوله : (لقد فقنا
حتى المسيحيين) [3] ، أما الكاتب الفرنسي (موريس برنو) في كتابه (آسيا
الإسلامية) فقد سخر من جهل الغازي وسذاجته ، إذ قال : (إن القانون المدني
السويسري الذي تبناه أتاتورك ناشئ عن مصدرين روماني ونصراني ، وإذا لزم
أهل كل زمان التجديد بسبب عدم ملائمة القوانين القديمة ، فإن على الشعوب
تغيير القوانين في كل عصر بصفة مستمرة) [4] .

من جهة أخرى : فقد أعلن الغازي على الملأ أنه عازم على قهر أولئك الفئة
المعممة الباحثين عن الديانة ، وتكفل هو بتلك المهمة دون سائر رفاقه [5] ،
كما أصدر أمراً بإلغاء تعدد الزوجات ، فيما فرض صلاة الذئب الأبيض (معبود
الطورانيين القدماء) على الجيش [6] ، ولقد كانت هذه التغيرات الجذرية في
المجتمع التركي من التأثير والتغريب بمكان ، لدرجة أن ملك بريطانيا » جورج
السادس « أصابه الذهول مما شاهده في زيارته لتركيا بسبب فقدان المجتمع
لمظهره وكتابته ولغته ودينه ؛ مما لم يحصل في مستعمراته هو [7] ، وهنا
نتذكر شهادة شيخ الإسلام (مصطفى صبري) في أتاتورك ، إذ يقول : ( إن الرجل
مَن لا تجد إنجلترا مثله ولو جدّت في طلبه ، من حيث إنه يهدم ماديات
الإسلام وأدبياته ولا سيما أدبياته في اليوم ، ما لا تهدم إنجلترا نفسها
في عام ، فلما ثبتت كفاءته وقدرته من هذه الجهات : استخلفته لنفسها
وانسحبت من بلادنا ) [8] .

أما سلوكه الشخصي : فهو مما يندى له الجبين ، لدرجة أنه فاق السلاطين
الذين زعم هو وزمرته فسقهم ومجونهم ، إذ تحول قصر (جانقايا) مقر إقامته في
أنقرة إلى بؤرة للرذيلة والفساد : تزواج ما بين الشاذين جنسيّاً ، واغتصاب
طالبات المدارس بعد اختطافهن ، والاستمتاع بزوجات المسؤولين والتجار مقابل
تلبية طلباتهم ، وتكديس القصر بالراقصات العاريات ، والتحرش بأقارب
السفراء ، فضلاً عن معاقرة الخمور يوميّاً ، بالإضافة إلى سرقة أموال
المسلمين وتبرعاتهم ، واغتصاب الأراضي الزراعية ، وبيع ممتلكاته على
الدولة بأضعاف ثمنها ، وسلسلة من الاغتيالات السياسية لمعارضيه ، بل وبيع
أذربيجان المسلمة إلى الروس [9] ، وقد حاول إشراك شاه إيران أثناء زيارته
لأنقرة في هذا الوسط العفن ، فقدم له إحدى البغايا لتلبية احتياجاته ! ،
فاعتذر الشاه [10] ، كما أنه أغرق ملك بريطانيا في الخمر حتى الثمالة .

وخرج ذات يوم من أحد الفنادق وهو مخمور كعادته ، وصادف وقت أذان الفجر ،
فتعجب من شهرة هذا الرجل (يعني النبي -صلى الله عليه وسلم-) ، إذ جعل اسمه
يتكرر في كل لحظة في العالم ! ، فما كان منه إلا أن أمر بإزالة مئذنة ذلك
المسجد [11] ، وطفق بعد ذلك في نصب تماثيل له في طول البلاد وعرضها ، على
الرغم من الأزمة الاقتصادية التي كانت تعاني منها البلاد ، كما استحدث
مذهباً جديداً في الإسلام يزعم فيه بأن الإسلام دين تركي ، وهو علاقة خاصة
وقلبية بين العبد وربه ، ومن أجل ذلك : فينبغي استخدام اللغة الأم للإنسان
، بمعنى آخر : شرّع أداء الدعاء باللغة التركية .

هذا الرجل لم يعرف الاستقرار الأسري في طفولته ، وقد لازمه هذا السلوك
طيلة حياته على الرغم من أنه تزوج بامرأة ثرية ومن أسرة عريقة ، إلا أنها
انفصلت عنه بعد مدة قصيرة بسبب فسقه وفجوره ، وبالذات مع خالدة أديب ، وهي
من أبرز الشخصيات النسائية في (الأدب) التركي ، وكان أبوها من يهود
الدونمة يعمل في قصر السلطان ، وهي التي رعت تمثيل أوبرا (رعاة كنعان) في
مدرسة كانت تشرف عليها في بيروت ، وكالت في تلك الحفلة المديح لليهود ،
كما عبّرت
عن أملها في قيام دولة لهم في فلسطين [12] ، وقد شكلت في سنة 1908م جمعية
(ترقية النساء) لمنح المرأة حرية الانتخاب والقوامة [13] ، بل قلّدها
الغازي ! وزارة المعارف في فترة حكمه [14] ، وبالإضافة إلى هذه المحظية :
فقد كان يتبنى الفتيات بعد أن يستمتع بهن ، ويبتعثهن إلى أوروبا لإتمام
دراستهن ، وقد غص قصره بهن ، إذ كانت الواحدة منهن لا تقضي معه أكثر من
أسبوعين فقط [15] ،
فكم يا ترى منهن تقلدن المناصب فيما بعد ؟ ، وما هي ثمار أعمالهن في المجتمع التركي ؟ .



!!



رفض مصطفى كمال منصب القائد العام
للجيش في أول حرب بعد قرار الاتحاديين ؛ خشية إلحاق الهزيمة به شخصيّاً ،
ثم ما لبث أن طالب المجلس بإضفاء لقب (غازي) عليه ومنحه مبلغ أربعة ملايين
ليرة مكافأة على انتصاره [24] ، ثم إن الجمعية الوطنية خلعت عليه لقب (
أتاتورك) (أي : أبو الأتراك) ، تكريماً له سنة 1934م بعد تصديق قانون
ألقاب الأسر [25] ، ووالله لا أدري ما هو موقف هؤلاء القوم بعد أن أصبح
معروفاً للناس بأن أتاتورك استدعى سفير بريطانيا لدى بلاده وهو على فراش
الموت راجياً منه تولي مقاليد البلاد عقب وفاته ، كما نشرت ذلك جريدة
(الصنداي تايمز) اللندنية ، ونقلتها الأهرام المصرية في عدد 15/2/ 1968م
[26] .

ولا نعجب عندما يروي لنا القنصل المصري في إستانبول (مصطفى السعدني) سنة
1952م أن أتاتورك كان يفكر جديّاً في إعلان النصرانية ديناً للبلاد لولا
تحذير أعوانه [27] ، ربما لم يعرف قدر الرجل من وسط هؤلاء جميعاً بل
وحقيقته سوى بابا الفاتيكان (جون بول الثاني) ، فعندما زار تركيا سنة
1979م صرّح قائلاً : ( إني أول بابا في التاريخ ينحني باحترام أمام مقبرة
أتاتورك ، فتركيا بلد له أهميته القصوى دينيّاً وتاريخيّاً) [28] ، أما
اليهودي (موئير كوهين) وهو تركي من الدونمة فقال عن أتاتورك : ( إنه ليس
أسطورة ، بل إنسان من لحم ودم ، بل إنه فوق الإنسان !) [29] ، والعبارة
الأخيرة أما أن تكون معبرة عن عقيدة الشعب المختار التي ينتمي إليها
أتاتورك ، أو السلوك الشخصي الذي سار عليه والذي وصل به إلى حد التأليه ،
بينما يطلع علينا مؤرخ مسلم يزعم بأن العلمانية التي فرضها أتاتورك لم تكن
تسعى إلى مقاومة الدين بالصورة التي يشيعها أعداؤه [30] ، فلا حول ولا قوة
إلا بالله .




الورثة وإنفاذ الوصية




يُؤْثَر عن (ميكافيللي) في روايته
الشهيرة (الأمير) قوله : (رجحان عقل الأمير (الحاكم) وكفايته يقاسان بصفات
المحيطين به ، فالأمانة والكفاية والخلق تدل على رجحان عقله ، وإلاّ عكس
ذلك كان الرأي في الأمير) [31] ، وباعتبار هذه المقياس ، فإن أتاتورك قد
أحاط نفسه بطائفة من الإمعات والنكرات الذين لم يجرؤوا على إخباره بحقيقة
مرضه وسبل الشفاء منه ، ف (عصمت إينونو) مبعوثه الخاص إلى مؤتمر لوزان
ونائبه لفترة طويلة ليس له دور قيادي في ظل وجود ولي نعمته ، لكنه كان
معجباً بسيده حتى الموت ، على طريقة (وزير فرعون) ، على أي حال : فقد
انتخبه المجلس الوطني الكبير لرئاسة الجمهورية ، وحكم لمدة ستة عشر عاماً
(1356 1370ه) ثم انتقل إلى صفوف المعارضة ، حتى هلك سنة 1393هـ في أنقرة
[32] ، والحق يقال : إنه ظل مخلصاً لمبادئ سيده المناهضة للإسلام ،
فاستمرت سياسة التضييق على دعاة الإسلام حتى عام 1369 هـ ، حيث حصل بعض
الانفراج برئاسة رئيس الوزراء (عدنان مندريس) فأعيد القرآن والأذان
بالعربية ، وأعيد فتح المدارس الدينية ، إلا أنّ الكماليين رفضوا إشراك
الدين في السياسة [33] ! ! ، وفي المقابل : نجد أن الولايات المتحدة توجه
الصفعات المتتالية للعلمانيين الأتراك ، إذ رفض الكونجرس إقراض تركيا خمسة
ملايين دولار لـ (عصمت إينونو) وحكومته من أجل تطوير الصناعة (لإبقائه
عالة على صدقات الغرب) ، فيما عارض (دين أتشتسون) وزير خارجية أمريكا دعم
تركيا عسكريّاً في سنة 1946م ؛ لشعوره بالقلق من احتمال انتصار تركيا
(العلمانية) على الاتحاد السوفييتي (إمبراطورية الشر) [34] ، وبالفعل :
فقد أفصحت أمريكا عن هدفها الحقيقي ، وهو الاحتفاظ بإدارة الشؤون
الاقتصادية ؛ بغية عرقلة وصول تركيا إلى التقدم الصناعي ، والتأكيد على
بقائها دولة زراعية [35] ، وبسبب التوجه العلماني والاعتناق الشديد
للمدنية الغربية ، وفي مقابل الانفتاح الاقتصادي والسياسي : تمكنت تركيا
من المشاركة في المجلس الأوروبي سنة 1949م ، وحلف الأطلسي سنة 1952م ، ثم
الانتساب إلى السوق الأوروبية سنة 1964م [36] .

ولا تزال القضية الأخيرة موضع أخذ و رد بين الأوروبيين ، ففي نظرهم :
تركيا لا تزال دولة إسلامية على الرغم من علمانيتها المعروفة ، وفي هذا
الجانب كتب رئيس تحرير صحيفة (التايمز) اللندنية معلقاً على انضمام تركيا
إلى المجلس الأوروبي : (إنه من المضحك قبول تركيا فيه ، حيث لم تكن هناك
خصائص الاتحاد والتي تتمثل في التقليد المشترك والدين واللغة) ، فكان رد
المندوب التركي للمجلس هو : (إن الدين يجب ألا يؤخذ بعين الاعتبار في
العلاقات الدولية ، ثم إن تركيا ليست دولة دينية ؛ لأنها تبنت العلمانية
منذ ربع قرن ، وكذلك : فإن اللغة التركية هي من سلالة اللغات الهنغارية
والفنلندية ، وعليه : فإن الأتراك يعتبرون أنفسهم جزءاً من المدنية
الغربية) [37] ، وقد مضى على إعلان الجمهورية أربعة وسبعون عاماً ، ولا
تزال أوروبا ترفض انضمامها إلى كيانها الاقتصادي ! .



الشعب يصحو





نتج عن التحول الضئيل عن السياسة
الكمالية عودة لمطالبة الشعب بالقوانين الإسلامية ، وبالفعل : تمكن أول
نائب إسلامي وهو (نجم الدين أربكان) من الوصول إلى منصب الرجل الثاني في
الحكومة بتحالفه مع حزب الشعب ذاته الذي أسسه أتاتورك ضمن حكومة ائتلافية
، وكان ذلك سنة 1977م ، إلا أن الكماليين وبالذات العسكريين منهم لم
يتحملوا هذه التحولات ، فقاموا بانقلاب سنة 1400هـ (1980م) ، وتم حل
البرلمان وإلغاء الأحزاب السياسية [38] ، وقد حاكم العسكريون (أربكان)
وأعضاء حزب (السلامة) بتهمة العمل على قيام دولة إسلامية ، وتطبيق الشريعة
، وافتتاح مدارس للقرآن ، وإعادة فتح جامع (آيا صوفيا) ، وتحويل العطلة
إلى يوم الجمعة ، وتغيير الحروف إلى العربية [39] ، ويظهر أن العسكر قد
أدركوا حجم الخطأ ! الذي ارتكبه الساسة سابقاً عندما قدموا بعض التنازلات
، فبادروا هم كالعادة إلى حل المسألة !

استمرت أمريكا وحلفاؤها يرفضون مجرد انضمام تركيا لمفاوضات حلف شمال
الأطلسي ؛ وذلك بسبب عدم انتمائها إلى الأسرة المسيحية الأوروبية ، وعقب
انضمامها سنة 1952م قامت أمريكا ببناء مئة قاعدة عسكرية في البلاد للتنصت
على الاتحاد السوفييتي دون علم المجلس الوطني التركي ، ومُنِع الأتراك من
دخول تلك القواعد بمن فيهم العسكر [40] ، وفي هذا دلالة على أن الشعور
بعدم الثقة لا يزال قائماً ، في الوقت الذي قامت فيه حكومة (عدنان مندريس)
وتحت إشراف خبراء أمريكيين بتشكيل لجنة تعليمية عليا للتخلص من كل ما تبقى
من الكتب
القديمة والعزيزة على الأتراك ، وفتح الباب أمام منظمة (فيالق السلام)
لتقوم بتغيير أفكار المجتمع بحرية مطلقة تماماً [41] ، فيما هدد الرئيس
(جونسون) حليفه (مندريس) بأن يتركه فريسة للروس إذا غزا جزيرة قبرص ، وقد
فرضت حكومة الرئيس (نيكسون) حظراً عسكريّاً على تركيا ، بعدما تجاهلت
التهديد السابق ، وغزت قبرص إبان تولي (أربكان) نيابة رئاسة مجلس الوزراء
عام 1977 م ، ولم يرفع الحظر إلا في زمن إدارة الرئيس (كارتر) الذي شعر
بخطر تغلغل حزب (الإنقاذ الوطني) بقيادة (أربكان) في الريف التركي
واستقطابه للشباب [42] .



الخاتمة



بعد هذه الرحلة الطويلة عبر الماضي مع هذه الشخصية المثيرة للجدل ،نحاول
استخلاص العبر والدروس مما مر معنا ؛ لأن هذه هي ثمرة العلم بالتاريخ ،
فالرجل المجهول الأصل والنسب الذي أراد التضحية بالحجاز حيث قبلة المسلمين
ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم- ، لكي يحافظ على القدس ! (وربما يفسر
لنا هذا صحة ما أشيع عن رغبته في إعلان النصرانية ديناً للبلاد) ، ثم
خياناته المتتالية للمسلمين في سورية وفلسطين والبلقان وأذربيجان ،
وانقلابه على السلطان ( وحيد) الذي أوفده للأناضول ، ثم تجاهل الإنجليز
لتسلحه وتمويله ، بل واصطناع الأحداث لجعله بطلاً قوميّاً تخضع له جماهير
الشعب مثلما حصل مع اليونان في إستانبول وتراقيا ، ومروراً بتعهده بإلغاء
الخلافة ونفي أسرة الخليفة ، ونبذ الإسلام ، وانتهاءً بإشاعة الفاحشة في
أوساط المسلمين الأتراك .. كل هذه الأعمال قام بها رجل يدّعي الإسلام ،
فلم يواجه من المتاعب معشار ما لاقته بريطانيا في محاولاتها مستميتة في
ثني رعاياها المسلمين عن الحماس لدينهم ، وإخوانهم في أرجاء المعمورة ،
فكيف تسنى له ذلك ؟! ، وهل الكفر بالله لفظاً ، أو عملاً ، أو كتابة ..
ينبغي أن يصدر من أناس أسماؤهم أوروبية غربية أو شرقية حتى تتحرك العواطف
؟ أم أن المسلمين طالما أن القانون صدر عن شخص يحمل اسماً إسلاميّاً ،
فهذا يكفيهم لقبوله وتنفيذه ، أو على الأقل : عدم مقاومته وفضح خطره وخطله
؟ .


عندما حكم الاتحاديون البلاد عينوا الكونت (أوستورلغ) الإيطالي مستشاراً
لوزارة العدل ، لأنه أفقه أهل المدينة [43] ! ، إذ لا يوجد في إستانبول
كلها عالم بأصول الفقه مثله ! ، بينما السلطان ( محمد وحيد الدين) السادس
يأمر قائد جيشه بالتراجع أمام جيش الكماليين عن فرط حسن ظنه بالغازي [44]
، في الوقت الذي سرت مقولة عند الإنجليز بأن (السلطان وحيد الدين أراد أن
يكيد الإنجليز بمصطفى كمال ، فكاد الإنجليز السلطان به) [45] ، ذلك الباشا
الذي يقول عنه السلطان عبد الحميد الثاني في المرة الوحيدة التي لمحه فيها
: (لم يكن يشبه العسكريين العاديين) [46] ، فهل قصد أصله العرقي أم شخصيته
الماكرة ؟ ، وبعد أن أدى واجبه : عرض عليه منصب الخلافة ، فجاء رده
الطبيعي : (إن الإنجليز سوف لا يرضون عن هذا) [47] .


وإن المرء ليتملكه العجب ؛ إذ كيف تنهزم دول الحلفاء المنتصرة في الحرب
العالمية الأولى أمام قائد عثماني سبق وأن انهزم أمام الإنجليز في فلسطين
حينما كانت إمكاناته أكثر وأكبر ، لأنه كان يحقق أهداف إنجلترا وفرنسا في
تقسيم البلاد العربية ، وحل المشكلة اليهودية على حساب العرب ، وكبت
الشعور الإسلامي في الهند ، وإلغاء السلطة الروحية للخلافة [48] ، لكن
عودة أصول أتاتورك إلى يهود دونمة يذهب تلك الحيرة ، فتلك الفئة استمالت
الضباط ، وخدعت الناس بالشعارات الطنانة ، وأقحمت الدولة في حرب خاسرة ،
وإن العلمانيين في العالم الإسلامي مع الأسف يفكرون بالطريقة نفسها ،
ويرومون تخريب البلاد كما فعل أتاتورك [49] ، فيما يعترف أحد أساطين
السياسة في زمانه وهو المستشار النمساوي (بسمارك) : ( بأن وجود السلطة
العثمانية والمحافظة عليها ، وإن كان فيهما كثير من المخالفة للمدنية
المسيحية ، فهما خير لأوروبا) [50] ، وعلى الرغم من النظرة الطبقية
والعصبية الدينية في هذه المقولة ، إلا أنها تحمل في طياتها معنًى كبيراً
لا يدركه

علمانيو زماننا في انتشار التطرف والإرهاب والأصولية كما يزعمون ، وهم

يشتركون مع أحد المنصرين الألمان الذي أعماه الحقد عن رؤية الحق والخير ،
فدعى إلى محاربة الإسلام في عقر داره ، وبالذات إستانبول حيث الخلافة [51]
.


يبدو أن مشكلة العلمانيين منذ عهد أتاتورك وإلى الآن هي في مصادر تلقيهم
للمعلومات ، وكما قرّر ذلك أحد المتخصصين في التاريخ العثماني بقوله : (إن
اهتمام أوروبا بالعثمانيين بدأ منذ القرن السادس عشر الميلادي ، وقد تم
تدريس تاريخهم بصورة عدائية ، فلما توجه أبناء المسلمين للدراسة هناك في
القرن الحالي ورثوا عن الأوروبيين عداء العثمانيين أيضاً) [52] ، وأضيف :
أنهم تلقوا منهم حتى معلوماتهم عن الإسلام وشرائعه ، فضلّوا وأضلّوا ، فلا
بد إذن من تصحيح مصدر التلقي عند هؤلاء ، وكذلك المسلمين جميعاً ؛ حتى لا
نظل نوقد الشموع ، ونضطر إلى التوقف عن الحركة لمدة دقيقتين ، ونصدر الصحف
باللون الأسود ، حداداً على ذكرى رجال الإنجليز من العلمانيين كما يفعل
الأتراك [53] ، وهو ما تفعله تركيا في ذكرى وفاة أتاتورك من كل عام حتى
الآن .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:24 pm

أفعاله فى سطور

1-القضاء على الخلافة العثمانية
وذلك من خلال إنقلابه على السلطان العثماني وحيد الدين محمد "محمد السادس"
والخليفة الصوري "عبدالمجيد الثاني".

2- اعلانه من انقره عن تاْسيس جمهورية تركيه قومية على النمط الاْوربي الحديث .

3-قام بإلغاء الشريعة الإسلامية من المؤسسة التشريعية .

4-شن حملة تصفية بعد تعرضه إلى محاولة اغتيال ضد كثير من رموز الدين والمحافظين الذين شاركوا في المحاولة .

5-جعل كلا من الحكومة والتربية " والتربية اهم شئ ركز عليه هذا الحقير لإنشاء جيل ممسوخ بعيد عن الدين " علمانيتين .

6-ساوى الرجل بالمراْه في الحقوق .

7-فصل الدين عن الدولة.

8-شرع قانون نزع حجاب المراْة المسلمة "وكان نزع الحجاب يتم بالإرهاب والإهانة في الطرقات".

9-الغى التعامل باللغة العربية , والغى العيدين" غيد الفطر وعيد الاْضحى "
, وجعل عطلة الاسبوع يوم الاحد "عطلة النصارى" , عطل الصلوات بمسجد اْيا
صوفيا . واْسكت المؤذنون , وتحول المسجد إلى متحف وبيت اْوثان , حتى
الاْيات التي كانت على جدرانه اْمر بطمسها , اْلغى الزواج الشرعي وجعله
مدنيا فقط, واْصدر قانونا يمنع تعدد الزوجات , واْستبدل التقويم الهجري
بالتقويم الميلادي .

والخلاصة أن أتاتورك عمل على إزالة كل أثر للإسلام بتركيا ، واستجلب للناس كل غربي وحسنه إليهم .
والعجيب أن يكون هذا الرجل مثالاً للوطنية ورمزاً لكل من يدعيها** ولكن هل
الوطنية تجعل في قلب المواطن كل هذا البغض للإسلام وأهله؟* لقد بحثت عن
سبب هذه الكراهية فكانت الإجابة في أمرين :- الأول: - حديث نشرته مجلة
الإسلام 17 جمادى الأول 1354 هـ (صفحة 43-44) أجرته معه مس جريس أليسون
قال لها فيه: "إنك تتحدثين عن الدين ألا فأعلمي أني رجل لا دين له ،
وكثيراً ما وددت أن أقذف بجميع الأديان إلى البحر .
الثاني: - ما جاء في دائرة المعارف الماسونية صفحة 162 بالحرف الواحد:-
"إن الانقلاب الذي قام به الأخ "مصطفى كمال أتاتورك" أفاد الأمة
الماسونية، فقد أبطل السلطنة، وألغى الخلافة الإسلامية ، وأبطل المحاكم
الشرعية ، وابعد دين الإسلام عن الحياة" . لقد أطاح أتاتورك بدولة الخلافة
، واقام على أنقاضها دولة علمانية على غرار دول الغرب طلباً للرقي والتقدم
-على حد زعم كل علماني- ولكن تقليد الغرب وترك التراث والأصالة لم ولن
يعود بالتطور والنماء على تركيا ولا غيرها ، وما زالت تركيا (العلمانية)
حتى يومنا هذا غير مرغوب فيها أوروبياً ، ففقدت الدولة مجدها القديم ولم
تستطع تحقيق مجد جديد .
ورغم أن أتاتورك قد مات عام 1938م ، إلا أنه ما زال يحكم تركيا حتى اليوم بما سن لها وشرع ، والله يعامله بما يستحقه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:26 pm

الخمينى

يقول الدكتور الشيعى موسى الموسوي فى كتاب الثورة البائسة

من هو الخميني
قبل كل شئ يجب أن نعرف شخصية الخميني وهو جواب لأسئلة كثير تطرح نفسها .

1- الخميني الذي يمجد نفسه يقدسها بحيث يجازي فخر الحجازي

كثيرة الذي قال أن الخميني أعظم من النبي موسى وإبراهيم نائبا

عن طهران ورئيسا لمؤسسة المستضعفين، أعظم مؤسسة مالية في

البلاد .

2-

- الخميني الذي جعل نفسه أعظم من النبي الكريم وأدخل اسمه في

أذان الصلاة .

3- الخميني الذي يرى نفسه حارسا إلهيا أرسله الله لإنقاذ البشرية

ونصب نفسه وخلفائه في الدستور الإيراني الجديد متصفا بهذه

الصفة، كما احتكر لشخصه كل الصلاحيات التي احتكرها

المستبدون الطغاة .

4- الخميني هذا الذي ترمز وتطبل له كل أجهزة إعلامه والصحف التي

استولى عليها من الصباح إلى المساء وتصفه بالصفات البطولية العظمى وتنسب
إليه الكرامات والمعاجز لماذا هذا الإعلام وهذه الصحف نست أو تناست تماما
أسرة خميني ونسبة وموطنه قبل أن يهاجر إلى إيران وهكذا الحالة الاجتماعية
التي كانت أسرته تعيس فيها أن الذي يعرفه الجميع هو أن جدّ الخميني أحمد
قدم من الهند إلى إيران، وذلك قبل مائة عام وسكن قرية خمين ووالد أباه
مصطفى الذي قتل في أبان الشباب في تلك القرية، وهذا كل ما يعرفه الشعب
الإيراني من نسب الرجل والقه أما من هم أسرته وأين كان موطنها في الهند قل
الهجرة إلى إيران فهذا شئ لا يعرف أحد شيئا عنها ولا هو أشار إليها لا من
القريب ولا البعيد ولا أجهزة الإعلام أشارت شيئا إلى هذا الموضوع الحيوي
من حياة أسرته خميني، وكما أشرنا قبل قليل بما أن هجرة جدّ خميني إلى
:غيران كانت قبل مائة عام، والمائة من السنين في حياة الأسرة يعتبر تاريخا
لثلاثة أجيال فقط، فإذاً لا يمكن أن نصدق أن صلة الخميني مقطوعة بأسرته في
الهند وقد نساهم، فإذاً ما هو السر لدفين تناسي أسرته وأقربائه وقطع الصلة
بهم، أليس هناك ما يعتبر غريبا وخطيرا في هذا الكتمان الشديد وهذا التعميم
غير طبيعي على نسب خميني ومؤسسي الجمهورية الإسلامية ومرشد الثورة
الإسلامية في إيران . أبرك الجواب للمعجبين بالرجل ومريديه وصحافته وزمرته
في أرجاء إيران وكل أملي أن لا يهمس بعضهم في أذن البعض الآخر قوله
تعالى((لا تسئلوا عن شيئا أن تبد لكم تسوءكم )) صدق الله العظيم.

وهنا أورد أن أعرج إلى موضوع خطير له علاقة مباشرة بالحالة الراهنة في
إيران المنكودة الحظ، وهذا أهم بكثير من معرفة نسب الخميني لأن هذا
الأخير، سواء كان من سلالة الإمام موسى بن جعفر كما يحمل توقيعه أو لا
يكون فالإنسان مسؤول أما الله بأعماله وبما يصدر منه من خير أو شر، ((
يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن
يعمل مثقال ذرة شر يره )) . فقد يكون الإنسان منحدرا من أرفع السلالات
ولكن عنصره سيئ لا يساوي خردلة، وقصة ابن نوح والتي جاءت في القرآن الكريم
تغنينا عن الإسهاب في هذا الموضوع: (( ونادى نوح ربه فقال إن أبني من أهلي
وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين، قال يا نوح أنه ليس من أهلك أنه عمل
غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين)) .
وتقول الآية الكريمة في مكان آخر "" فإذا نفح في الصور فلا أنساب بينهم
يومئذ ولا يتساءلون )) .صدق الله العظيم .

فالمهم إذاً تقيم الخميني بأعماله التي تحكى عن سريرته ودخائل نفسه.

إن ما يحدث الآن في إيران من كرب وبلاء ومحنة هو من أزمة نفسية داخلية أو
من تعقيدات في تركيب شخصية وبحكم اللقاءات الكثيرة معه والأحاديث المختلفة
التي كانت تدور بيننا وما لمست فيه من تناقضات صارخة بين القول والفعل أدت
إلى قطعية التي أشر إليها في مكان آخر من هذا الكتاب فقد كان تقييمي لرجل
حسب قناعتي الخاصة كما يلي:

الخميني شديد التعلق بنفسه وبكل ما يتعلق به من القريب وأو البعيد ولا
يأنف أن يفني العالم في سبيل أنانيته التي جعلت منه الرجل الذي لا يرى إلا
شخصية وما يتعلق بشخصه، وهذه الصفة من أخطر الصفات لدى الحاكم المستبد ولا
سيما إذا كان ذلك الحاكم يزعم بأنه له السلطة الإلهية في معاملة العباد .

وكل الصفات الأخرى التي تتناقض مع الزعامة الروحية وعلو الرتبة، تتبع من
الأنانية وحب النفس ولذلك إذا أرتاي الخميني شيئا لا يحيد عنه قيد النملة
ولو انقلبت ذي على ذه ، ومن هنا لا يتعامل معه إلا المطيعين والمتقادين،
ثم أن الرجل شديد الظن بلك شئ ومن الصعب عليه أن يسمع كلاما ويحمله على
الصحة أو الإخلاص، ومن هنا جاءت معاملته لكثير من المتعاونين معه سيئة بل
اقتدى كثيرا منهم لفظ سمعته ونقاء صورته، وإن من أهم الصفات السيئة التي
يحملها هو حقده الدفين على كل من أساء إليه ولو قبل نصف قر، فهو لا ينسى
الإساءة ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف، ولذلك نرى أنه أمر
بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم وهما عضوان من أعضاء مجلس
الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضوا آخر لأنهما تطاولا في الكلام
عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه، أما سائر أعضاء مجلس الأعيان
فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران، وأغرب من هذا أن أحد أقربائه
المتصلين به سألني يوما هل تذكر يوم كنا في بيتك مع الخميني وتغذينا على
مائدتك ؟

قلت: نعم أنه كان في عام 1955 وعندما كنت مقيما في طهران فأضاف محدثي
معلقا فإذا كان صحيحا ما سمعناه عن أيام إقامته في العراق ومن أنه كان
يطلب منك العون في بعض الحالات .

فكن على حذر منه فإنه سيقتلك إذا ظفر بك، لأن الخميني يحقد على شخصين
ويريد أن يزجهما من الوجود إذا استطاع، شخص أساء غليه وشخص أحسن إليه
لأنهما يذكر إنه بأيام ضعفه وهو لا يريد ان يذكر تلك الأيام حتى ولو كانت
له. وقد ثبت لي صحة كلام الرجل بعد أن قتل الخميني الجواهريان ودستمالجي
وكلاهما من أخلص المخلصين له، وكانا قد قدما له عشرات الملايين لنجاح
ثورته عندما كان في العراق وفي باريس، أما التهمة الموجهة إليهما فكانت
اتفه من التافه ، أنها مساعدة بني صدر الموقوف ضد الملالي والزمرة .

كما أن قتل الشباب المجاهدين الذين على أكنافهم وبنضالهم وصل إلى سدة
الحكم، وحربه مع العراق الذي أواه واسنده وقدم له العون طيلة 15عاما خير
دليل على سداد رأي الرجل وصوابه، ورحم الله المتنبي الذي قال: " إذا أنت
أكرمت الكريم ملكته … وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا "

أما حبه للحياة وشهوته إلى الحكم وهو في أرذل العمر، وما ارتكب في سبيله
من الأثام فإنه فريد في التاريخ، لقد قلت لبني صدر عندما التقيت به في
باريس، أن سبب عداء الخميني لك هو إنك أظهرت نفسك بالشخصية التي يحبها
الشعب أكثر من الخميني، وجهازك نشر إحصائية للرأي العام تؤكد أن شعبيتك 57
بالمائة وشعبية الخميني 47 بالمائة أن هذا التحدي كان انتحارا لك، ألم تكن
تعرف الخميني، أنه يفتي الدنيا في سبيل أنانيته النابغة من جنون العظمة،
وقلت له أيضا عندما قرأت في الصحف هذه الإحصائية تنبأت أن أيامك في
الرئاسة معدودة، وهكذا كانت . أيد السيد بني صدر هذا الرأي قائلا أن صهر
الخميني الشيخ الإشراقي كان ينصحني دوما أن لا أظهر بمظهر الزعيم الذي
يحبه الناس لأن الخميني لا يتحمل أن يرى غيره زعيما يتعلق به الشعب .



والخميني لا يهمه إراقة الدماء والعتل بالجملة والجماعات، فقد سمعت منه
وهو يحاور الإمام الحكيم في النجف ويقول له قتل أتاتورك تسعين عالما دينيا
في واقعة واحدة وزرت مقابر هؤلاء عندما كنت المنفى في تركيا، فماذا لا
نضحي نحن بالجملة على غرار أولئك ليبقى اسمنا في التاريخ مخلدا، فأجابه
الإمام الحكيم بابتسامة ساخرة، هل نقتل ليبقى اسمنا في التاريخ فقط ؟

وضحك الحاضرون وامتقع لون الخميني وقال من جديد وكأنه يريد أن يدفع عن
نفسه هذه السخرية لما لا لماذا لا تذكر الإمام الحسين عليه السلام الذي
قتل لأنه حارب الظلم …… فقال له الإمام الحكيم بنفس للهجة والابتسامة ،
لماذا لا نذكر الإمام الحسن عليه السلام الذي صالح معاوية حقنا للدماء
وجلس في البيت. وساد المجلس سكوت وصمت رهيب، خرج الخميني أثره من منزل
الإمام الحكيم ولم يودعه الحكيم التوديع اللائق .

والرجل لا يعرف الرحمة والعفو، فحتى الصخرة بكث ورقت بإعدام ثلاثة آلاف
شاب وشابة من المجاهدين وكلهم في ريعان الشباب وفي غضون ثلاثة أشهر فقط،
ولكن الرحمة والرقة لم تجد إلى قلبه سبيلا. فلم يصدر العفو حتى على واحد
من هذا الجمع الغفير الذي أعدمته محاكمة الثورية بالتهم السياسية .

والخميني لا يأبى من الكذب أمام الخاصة والعامة على السواء، وإذا كذب يصر
في الكذب ما استطاع إلى الإصرار سبيلا، فقد رأينا كيف أن كل أجهزته عندما
اعترفت بشراء الأسلحة من إسرائيل أنكر الخميني ذلك أكثر من مرة، حينما ثبت
ذلك أمام العالم بعد سقوط الطائرة الأرجنتينية وانكشفت حقيقة النظام
الحاكم في إيران واعترفت إسرائيل بذلك في آخر الأمر، كرر الخميني إنكاره
لشراء السلاح وبإصرار وعناد وكأنما هذا الشيخ العجوز يعيش في عالم آخر لا
يرى الشمس حتى في رائعة النهار.

والخميني دوانيقي في كرمه، ولا تزال الأزمات الخانقة المالية والفقر
المدفع الذي لمّ به عندما كان طالبا بسيطا في قم مسيطر على تفكيره
وعظمائه، وقد قال أحد المقربين منه أن الإمام إذا أراد أن يعطي أحدا ما
يكفيه لشروة نقير ارتجفت يداه حتى الكتف، فالحوزة العلمية الدينية في قم
بطلابها البالغ اثني عشر ألف طالب تعيش في حالة مالية مؤسفة بسبب جشع
الخميني في تكديس الأموال في البنوك وعدم صرفها عليهم وكلما حاولت زعماء
الحوزة الكبار أمثال الإمام السيد كاظم شريعتمادري وكلبايكاني والمرعشي أن
يحسنوا الوضع المالي للطلبة رفض الخميني ذلك ووقف ضد الإصلاح المالي
بإصرار وعناد، قائلا أن الله قد جعل العلم في الجوع. وطلب الدين في الحوزة
الدينية في قم تقاضى ما يعادل مائة دولار شهريا فقط حتى إذا كانت في عنقه
عائلة تتجاوز أفرادها العشرة أو العشرين، يجزي هذا الظلم القادح على كل
الحوزات الدينية في إيران وطلابها يأتون من أذى الفقر والجوع لأن الخميني
لا يريد الرفاهية لهم وهو يملك مئات الملايين التي كدسها في البنوك باسمه
وهذه الأموال أعطيت له كي يعطيها إلى الذين حرمهم منها، وهكذا أمام الأمة
يخفون أموال الأمة .

والخميني مغرم بمظاهر التكبر والجبروت وأذكر هنا ما حدث أمامي في مستشفى
الأمراض القلبية الذي كان الخميني راقد فيه . كانت هناك غرفة صغيرة ملاصقة
بالغرفة التي كان الخميني راقد فيها وهذه الغرفة كانت مخصصة لكبار زائريه
. كنت أنا والمهندس بازركان وصهره الإشراقي وابنه أحمد والشيخ أحمد
المولائي سادن الحضرة في مدينة قم في تلك الغرفة عندما دخل عليه صادق قطب
زاده وزير خارجية إيران آنذاك وكان قد رشح نفسه لرئاسة الجمهورية فقاطعة
الإشراقي قائلا ما هذا السؤال لابد أنه صوت لنفسه .

فقلت أنا ضاحكا: إذا كان لقطب زاده ضمير حي فلا يختار نفسه لمثل هذا المنصب .

وهنا ضح الحاضرون بصوت عال جدا . وبعد قليل جاء المرافق وقال للإشراقي (
أجب الإمام) وعندما عاد الإشراقي أخبرنا أن الإمام سأله عن أسباب الضجيج
الذي أقلق مضجعه وقد بلغني بعد ذلك أنه أمر بغلق تلك الغرقة واستقبال
الزائرين جميعا في الصالون العام .

واختم هذا الفصل بقصة هدم مقبرة رضا بهلوي، تلك المقبرة التي كلفت الشعب
200مليون دولار في وقته، وكانت من البنايات الأثرية في إيران . لقد أمر
الخميني بهدمها كي يثبت للشعب الإيراني أن تنبؤاته صادقة وأنه يلهم من
عالم الغيب، فقد سبق وأنه قال في عهد الشاه وفي إحدى خطبه ( أنه يأتي
اليوم الذي يهدم الشعب مقبرة بهلوي ) وعندما بلغني أن الشيخ الخلخالي جلاد
الثورة بدأ يهدم المقبرة اتصلت به هاتفيا…

وقلت له: كما يعلم الجميع فإن جثمان بهلوي خرج من إيران بصحبة ابنه الشاه
وهذه البناية هي ملك الشعب وليست ملكا لأسرة بهلوي وكنت قد اقترحت أن تكون
متحفا لجرائم بهلوي الأب والابن فلماذا تهدم بناءا شاهقا هو من أجل
المباني في هذه البلاد والشعب هو الذي دفع ثمن هذه البناية من عرقه وقوته،
وهل تريد أن ينظر العالم إليكم كما ينظر إلى جنكيز وتيمور ويصفكم بهدام
الحضارة .

وبعد يومين أعلن الشيخ الجلاد أن الشعب هدم مقبرة بهلوي ليعلم الناس أن تنبؤات الإمام الخميني صادقة دوما .

على مثل هذا الزيف والدجل والتلاعب بمعتقدات الناس وسذاجتهم بني الخميني
صرح إمامته . وحول هذا الصرح يزمر ويطيل قوم ذكرهم الله تعلى في كتابه
الكريم (( أولئك كالأنعام بل هم أضل سبيلا )) ووصفهم الإمام علي بقوله: "
همج رعاع يميلون مع كل ريح، أتباع كل ناعق لم يستضيؤوا بنور الله " .







كتاب الثورة البائسة للدكتور الشيعي موسى الموسوي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:28 pm

الأرمن وحقيقتهم ومشاكلهم التى لا تنتهى:shutup00:







القضية الأرمنية في مرحلة عهد السلطان عبد الحميد الثاني :




اشتعلت في السنوات
الأخيرة في العديد من البلدان الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية
قضية الأرمن والتطهير العرقي المزعوم الذي تعرض له الأرمن في الدولة
العثمانية في أثناء الحرب العالمية الأولى. وكانت المصالح السياسية
والانتخابات وقوة اللوبي الأرمني في تلك البلدان وراء هذا الأمر. وقد أبدى
الأرمن نشاطا كبيرا في هذا الصدد وتقول إحدى الإحصائيات أن مجموع الكتب
التي طبعها الأرمن في جميع اللغات العالمية ( ومنها اللغة العربية كذلك)
منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن يقرب من ثلاثين ألف كتاب، بينما لم
تقم الحكومات التركية السابقة إلا بنشاط محدود في شرح الوجه الحقيقي لهذه
القضية.



أما الحكومة التركية الحالية برئاسة رجب طيب أردوغان فقد قامت بتأليف لجنة
من المؤرخين قامت بمسح الوثائق العثمانية والوثائق الروسية والإنجليزية
والأمريكية والإيرانية والفرنسية والألمانية حول هذا الموضوع. ثم أصدرت
الحكومة نداء إلى الحكومة الأرمنية والحكومات الأوربية والأمريكية طالبة
منها نقل الموضوع من الساحة السياسية إلى الساحة التاريخية، واقترحت تشكيل
لجنة عالمية من المؤرخين تقوم بدراسة الوثائق في هذا الموضوع، وأبدت
استعدادها في عرض جميع الوثائق العثمانية لهذه اللجنة، لأنها متأكدة أن
مثل هذه التهمة غير صحيحة. ولكن الأرمن والجهات الأخرى أيضا بقيت صامتة
ولم ترد بشكل إيجابي على هذا المقترح المعقول، وهذا يبين أنها لو كانت
واثقة من صحة هذه التهمة لقبلت المقترح ولتم نشر ما تتوصل إليه اللجنة من
حقائق تاريخية.



هذا هو الجانب الإخباري والسياسي للموضوع .



ولكن ما الوجه الحقيقي للقضية الأرمنية ؟ وما الحقائق التاريخية حولها ؟



هذا ما سنحاول الإجابة عليه.



نبذة تاريخية :



عند تناولي للقضية الأرمنية في كتابي ( السلطان عبد الحميد الثاني : حياته
وأحداث عهده ) قلت: ( ... كان الأرمن قد سكنوا هذه المنطقة من شبه جزيرة
الأناضول قبل عدة عصور وقبل مجيء الأتراك، فكانوا لذلك على طريق الفاتحين
– كالاسكندر الكبير – وفي منطقة النزاع بين الإمبراطوريات الكبيرة آنذاك
وهي الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الفارسية، مما أدى إلى وقوعهم
تارة تحت سيطرة هذه وتارة نحت سيطرة تلك.ويعزى تشتتهم مع قلة عددهم إلى
هذا السبب. أي وقوعهم في منطقة الصدام بين الإمبراطوريتين ، مما دفع البعض
منهم على الابتعاد عن منطقة القتال والتوجه إلى مناطق أخرى.



وقد شكل الأرمن في تاريخهم بعض الإمارات والدول التي كانت في الغالب تحت
سلطة وسيطرة الدول الكبرى، وقلما تيسرت لهم سبل الاستقلال. كما أنهم عانوا
من اضطهاد الغالبين ومحاولتهم فتنتهم عن دينهم وعقيدتهم. وقد استوى في هذه
المحاولة الفرس المجوس والبيزنطيون النصارى. فقد حاول الفرس تحويلهم عن
المسيحية ، بينما حاول البيزنطيون تغيير مذهبهم وإدخالهم في المذهب
الارثدوكسي، ومحاربة لغتهم وثقافتهم.



بعد ظهور الإسلام وتوسع دولته ، وتغلب المسلمين على الفرس وعلى البيزنطيين
أصبح الأرمن تحت حكم العرب المسلمين تارة وتارة تحت حكم البيزنطيين. وفي
عهد معاوية أصبح الأرمن تابعين للحكم الأموي في عهد ملكهم " قسطنطين
الثاني" . ولكنهم كانوا يتمتعون بحكم ذاتي مع ضمان حرية عقيدتهم كدأب
المسلمين في احترام عقائد الآخرين على مدار التاريخ )



وعاش الأرمن في سلام أيضا في ظل الحكم العثماني قرونا عديدة ، وكانوا
يتمتعون بحرية العقيدة. ولما كانوا معفوون عن الخدمة العسكرية فقد انصرفوا
إلى التجارة والصيرفة والصياغة والزراعة. وخلال مئات الأعوام – أي حتى
أواخر القرن التاسع عشر – خلا تاريخهم من أي حركة عصيان مسلحة، حتى أن
الأتراك أطلقوا عليهم لقب " الأمة المخلصة ". وكانت أعلى الوظائف الحكومية
مفتوحة أمامهم فكان منهم الوزراء والأعيان والنواب والمدراء العامون
والمستشارون.وندرج أدناه بعض من تقلد منهم مناصب رفيعة في الدولة
العثمانية:



الوزراء:



1- آغوب كازازيان باشا وزيرا للمالية

2- غارابيت آرتن داود باشا وزيرا للبريد والبرق

3-آندون تنغر ياور باشا وزيرا للبريد والبرق

4- اوسكان ماردكيان وزيرا للبريد والبرق

5- بردوس حلاجيان وزيرا للشؤون الاجتماعية

6- المحامي كريكور سينابيان وزيرا للشؤون الاجتماعية

7- كريكور ىغاتون وزيرا للشؤون الاجتماعية

8-جبرائيل نورادونكيان وزيرا للشؤون الاجتماعية

9- جبرائيل نورادكونكيان وزيرا للخاجية

10- اوهانيس صاكيز باشا وزيرا للخزانة الخاصة

11- ميخائيل بورتقاليان باشا وزيرا للخزانة الخاصة.



الأعيان :



1-أوهانيس كيومجيان باشا 3- مانوك ازاريان

2- ابراهام اراميان باشا 4- جبرائيل نورادونكيان



النواب



أ - في المجلس النيابي لعام 1876م ( المشروطية الأولى)



1-اوهانيس الله ويردي : وكيل رئيس المجلس النيابي

2-صبوح ماقصوديان : نائب اسطنبول

3- روبن يازجيان : نائب أدرنة

4-ساهاك باورميان: نائب بورصة

5- هامازاسب بالاريان: نائب ارضروم

6- مانوك قارجيان : نائب حلب

7-ميخائيل آلتن طوب: نائب انقرة

8- آغوب شاهنيان : نائب سيواس

9- تانيل قارجيان : نائب ارضروم



ب‌- في المجلس النيابي لعام 1908م ( المشروطية الثانية)



1- كريكور زوهراب نائب اسطنبول

2- بدروس حلاجيان نائب اسطنبول

3-آغوب بابكيان نائب تكرداغ

4- آغوب بوياجيان نائب تكرداغ

5- آرتين بوشكيزيان نائب حلب

6- الدكتور نزارات داغاواريان نائب سيواس

7- اسطيفان اسبارتاليان نائب ازمير

8- هاميرسوم بوياجيان نائب كوزان

9- كغام درغارابديان نائب موش

10- كراكين باسترماجيان نائب ارضروم

11- واهان بابازيان نائب وان



ولا ندرج هنا أسماء النواب في المجلس النيابي لعام 1914م تجنبا للإطالة.



وفي احصائية أجريت عام 1912 م تبين أن عدد التجار المسجلين في الغرفة
التجارية والصناعية في اسطنبول يبلغ ثلاثين ألف تاجر 25% منهم من الأرمن،
و45% من الروم ، و15% فقط من الأتراك والباقي من قوميات أخرى.




إذن لماذا ومتى ظهرت هناك قضية اسمها القضية الأرمنية ؟




نستطيع تقسيم القضية الأرمنية إلى مرحلتين تاريخيتين
:


أ )-

مرحلة عهد السلطان عبد الحميد الثاني :


وهي المرحلة التي ظهرت فيها هذه القضية للمرة الأولى على المسرح الدولي.


ب)-


مرحلة عهد الاتحاد والترقي:


ويتركز النقاش حولها حاليا، وهي تصادف السنوات الأخيرة للدولة العثمانية قبل انهيارها في الحرب العالمية الأولى.





أ ) – القضية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني :


قلنا: إن الأرمن عاشوا في سلام مع
الأتراك طوال مئات السنوات دون أن يقوموا بأي حركة مسلحة. فما الذي تغير
في العهود الأخيرة للدولة العثمانية - ومنها عهد السلطان عبد الحميد
الثاني – لكي تظهر مثل هذه القضية ؟



بعد سير الدولة العثمانية نحو الضعف والتدهور ظهرت أطماع الدول الكبرى مثل
روسيا وانكلترة وفرنسا لالتهام أجزاء من هذه الدولة المترامية الأطراف من
ناحية والضعيفة في الوقت نفسه من الناحية الأخرى مما كان يغريها بالتهام
أجاء منها. ونجحت فعلا في هذا . ولكن هذه الدول في أثناء سباقها هذا كانت
تجد نفسها وجها لوجه بعضها مع البعض الآخر. وهذا هو جوهر ما سمي في
التاريخ ب( المسألة الشرقية).



كانت من أهم وسائل تدخل هذه الدول الكبرى في المسائل الداخلية للدولة
العثمانية - بغية تمزيقها والتهام أجزاء منها - هي إثارة الأقليات الدينية
والعنصرية في الدولة العثمانية التي كانت تضم مختلف الأديان والمذاهب
والقوميات والعناصر. وقد اختارت روسيا إثارة الأرمن القاطنين قرب الحدود
الروسية العثمانية، فبدأت بتحريضهم وإمدادهم بالمال والسلاح والقيام
بتدريبهم في أراضيها وتشكيل الجمعيات الإرهابية المسلحة من أمثال ( خنجاق)
ومعناه : صوت الناقوس . و ( طشناق ) ومعناه : العلم.



والشيء الملفت للنظر أن قادة هذه الجمعيات الإرهابية المسلحة كانوا من
أرمن روسيا فقط وتحت إمرة المخابرات الروسية. وكانت روسيا تحرض الأرمن على
طلب تشكيل دولة أرمنية في الولايات الستة في شرقي الأناضول، مع أن الأرمن
لم يكونوا يشكلون أكثرية في أي ولاية من هذه الولايات لسببين :



الأول قلة عددهم،إذ كان عدد الأرمن – حسب الإحصائيات العثمانية والأجنبية
كذلك – يتراوح بين مليون ومائتي ألف إلى مليون ونصف مليون فقط في جميع
أراضي الدولة العثمانية.



الثاني أنهم كانوا مبعثرين في ولايات ستة أي في مساحة كبيرة – للأسباب
التاريخية التي ذكرناها سابقا- مما أدى إلى عدم تشكيلهم أكثرية في أي
ولاية عثمانية.



لذا كان هذا المطلب الأرمني مطلبا خياليا من جهة، ومطلبا يستحيل على
الدولة العثمانية قبوله.لأن هذه الولايات الستة كانت في قلب الدولة
العثمانية، ولم تكن ولاية من الولايات العثمانية البعيدة عن مركز الدولة
العثمانية ( أي ولاية في البلقان مثلا). وكان قبول الدولة العثمانية إقامة
مثل هذه الدولة في مركزها وفي قلبها وفي ولايات يشكل المسلمون فيها
الأكثرية أصلا...كان مثل هذا القبول بمثابة عملية انتحارية للدولة
العثمانية.لذا وقف السلطان عبد الحميد الثاني بكل صلابة أمام مطالب الدول
الكبرى في هذا الخصوص ولم يعبأ حتى بتهديد انكلترة وقيامها بإرسال أسطولها
إلى ( جنق قلعة ) كورقة ضغط وتهديد. ولم يتوان عن عقاب الأرمن المتورطين
في هذه الحركات الإرهابية واتخاذ كافة التدابير الضرورية لحماية الدولة من
ألاعيب ومؤامرات الدول الكبرى. ولم يكن من المنتظر طبعا من السلطان القيام
بالخضوع لمطالب جمعيات إرهابية تحركها مخابرات الدول الكبرى، وقبول
استقطاع مساحة كبيرة من قلب الدولة العثمانية وتقديمها لها.لذا فقد أطلق
الأرمن لقب ( السلطان الأحمر ) على السلطان عبد الحميد الثاني.



واتبعت الجمعيات الأرمنية الإرهابية – الموجودة في إمرة المخابرات الروسية
ثم البريطانية– وسائل الإرهاب والقتل تجاه الأرمن الذين لم يكونوا يرغبون
في التعاون معها أو التبرع بالمال لها،فقتلت عددا كبيرا من الأرمن في
ازمير واسطنبول وفي الولايات الستة.بل رتب الأرمن محاولة لاغتيال السلطان
عبد الحميد الثاني عام 1905 م ففجروا عربة محملة بالديناميت أمام الجامع
الذي كان يصلي فيه السلطان صلاة الجمعة ووقتوا التفجير قرب خروج السلطان
من الجامع. ولكن السلطان نجا من هذه المحاولة التي خلفت وراءها 26 قتيلا
وعشرات الجرحى.وقد ألقي القبض على الجاني، ولكن السلطان عفا عنه.



قلنا أن بريطانيا تبنت المسألة الأرمنية بعد أن نفضت روسيا يدها عنها،
وذلك كورقة تهديد للدولة العثمانية ، ولكي تشكل من الدولة الأرمنية المزمع
إقامتها حاجزا يحول بين روسيا وبين الوصول إلى الخليج العربي. ولا نستطيع
هنا الإطالة في هذا الموضوع ولكننا نشير إلى أن هذا الأمر كان واضحا
ومفهوما في مسرح السياسة الدولية آنذاك حتى أن الزعيم المصري المعروف
مصطفى كامل ذكر في كتابه (المسألة الشرقية ) ما يأتي :



( ... فالذين ماتوا من الأرمن في الحوادث الأرمنية إنما ماتوا فريسة الدسائس الإنكليزية).



كما أشار هرتزل في مذكراته إلى مساعدة بريطانيا للحركات الأرمنية.







ب )- القضية الأرمنية في عهد الاتحاد والترقي:



عندما أعلنت الحرب العالمية الأولى
ودخلت الدولة العثمانية في أتونها بقرار أهوج من قبل جمعية الاتحاد
والترقي القابضة على الحكم فيها اخترقت الجيوش الروسية الحدود الشرقية
للدولة العثمانية لتفوقها على القوات العثمانية في العدد والعدد بنسبة
ثلاثة أضعاف في الأقل.وقامت بمذابح وحشية في القرى الحدودية والمناطق التي
استولت عليها،فهاجر مئات الآلاف من الأهالي من مدنهم وقراهم ومات منهم خلق
كثير في ذلك الشتاء القاسي من البرد والجوع والمرض.

في أثناء هذه المآسي الإنسانية المروعة قام الأرمن القاطنون في تلك
المناطق الحدودية بالتعاون مع جيش الاحتلال الروسي ضد أهالي القرى الذين
عاشوا معهم عصورا عديدة ولم يروا منهم سوى المحبة... تعاونوا مع جيش
الاحتلال الروسي لأنهم وجدوا الحرب ودخول الجيوش الروسية أراضي الدولة
العثمانية فرصة ثمينة يجب ألا يضيعوها ... فرصة إقامة الدولة الأرمنية على
تلك الأراضي بمساعدة الجيش الروسي المحتل. وقام الجيش الروسي بتجنيدهم في
صفوفها وتشكيل ميليشيات مسلحة من الأرمن تعاونهم في الحرب وتكون لهم
طابورا خامسا.

بدأ الأهالي المسلمون يتسلحون أيضا للدفاع عن أنفسهم، ويقابلون هجوم
الأرمن بهجوم مثله.وبعد أن بدأ الأرمن بقتل الأطفال الأسرى من المسلمين
بدأ المسلمون يقتلون أيضا أطفال الأرمن الأسرى. وفي إحدى المرات تجمع آلاف
من أسرى الأطفال الأرمن في المنطقة التي كان العالم الإسلامي المشهور (
سعيد النورسي) موجودا فيها. وعندما سمع بنية قتل هؤلاء الأطفال منعهم
مذكرا إياهم بأن الشرع الإسلامي لا يسمح بهذا مطلقا ثم أمر بإطلاق سراحهم
وسمح لهم بالذهاب إلى المعسكر الروسي حيث التحقوا بأهاليهم خلف الخطوط
الروسية.وقد كان لهذا التصرف أثرا كبيرا في نفوس زعماء الأرمن الذين عندما
استولوا على بعض القرى المسلمة تركوا عادة ذبح الأطفال.

وهناك كتاب وثائقي فرنسي بعنوان ( المظالم الروسية الأرمنية

Documents Su les Ruses -Atrocutes Armeno )– فليرجع إليها من أراد التفصيل.

أي أن الأرمن وقفوا بجانب الجيوش المحتلة وخانوا بلدهم وأصبحوا لعبة في يد
الدول الكبرى ، ولم يكتفوا بهذا بل أوقعوا مذابح وحشية بين الأهالي
المسلمين لتهجيرهم عن قراهم وأماكنهم ليتسنى لهم تشكيل دولتهم فيها.وهناك
الآلاف من الوثائق التاريخية العثمانية حول هذه المذابح وتم اكتشاف المئات
من القبور الجماعية في تلك المناطق كان آخرها المقبرة الجماعية التي
اكتشفت عام 1980م وكانت تضم عظام ( 280 ) ضحية من ضحايا إحدى هذه المذابح.
ويقول المؤرخ التركي البرفسور ( أنور كونوكجو ) : ( يندر وجود قرية في
شرقي الأناضول لم تتعرض لمذبحة أرمنية ).

كان من الطبيعي تولد عداوة كبيرة بين أهالي تلك المنطقة ضد هؤلاء القتلة
من الأرمن.ولم يبقوا مكتوفي الأيدي ومتفرجين فقط على هذه المذابح ،بل
تسلحوا وبدأوا يهجمون على القرى الأرمنية ويقتلونهم.

لم تستطع الحكومة العثمانية آنذاك من حل هذه المشكلة إلا بالقيام بتهجير
الأرمن من تلك المناطق الحدودية لتقطع الصلة بين الأرمن وبين الجيوش
الروسية.فقامت بعملية تهجير واسعة وكبيرة إلى سوريا ولبنان والموصل.كان
عدد المهجرين كبيرا ( 600) ألف تقريبا.ونظرا لضخامة هذا العدد وعدم توفر
الإمكانيات والوسائل الكافية لدى الدولة العثمانية لتنفيذ هذه العملية
الكبيرة في ظل فقر الدولة وأهوال الحرب العالمية الأولى،لذا تم هذا
التهجير بطرق بدائية جدا.فمات من هؤلاء أعداد كبيرة من البرد والجوع
والمرض . ولا يستطيع أحد أن ينكر أن عملية التهجير هذه كانت مأساة إنسانية
كبيرة.كما تعرضت قوافل المهجرين إلى غارات من قبل الأهالي الغاضبين الذين
فقدوا أحبائهم في المذابح العديدة التي ظهرت وانتشرت نتيجة ظروف الحرب.

لم تكن الهجرة الأرمنية وحدها مأساة إنسانية، بل إن الحكومة العثمانية
أصدرت أمرا إلى الأهالي القاطنين قرب الحدود الروسية النزوح والهجرة من
أماكنهم بعد أن اخترقت الجيوش الروسية الحدود الشرقية للدولة العثمانية.في
هذه الهجرة أيضا وقعت مآسي كبيرة يشيب من هولها الأبدان. ونحن نقرأ من
مذكرات العلامة ( سعيد النورسي ) وصفا لعملية تهجير الأهالي المسلمين حيث
يقول :

( ... كانت الثلوج قد تراكمت بارتفاع ثلاثة وأربعة أمتار، وبدأ الأهالي
بالاستعداد لترك المدينة والهجرة منها بأمر الحكومة، والعوائل التي كانت
تملك ستة أو سبعة من الأطفال كانوا لا يستطيعون سوى أخذ طفل أو طفلين فقط،
ويضطرون إلى ترك الأطفال الباقين على الطرق الرئيسة وتحت أقواس الجسور مع
قليل من الطعام ... وبين دموع الأطفال وصراخهم وبكاء الأمهات يتم مشهد
فراق يفتت أقسى القلوب ...)

إذن فهكذا تم تهجير المسلمين كذلك...أي أن الجميع اكتووا بنار الحرب
وقاسوا من قلة إمكانيات الدولة في توفير وسائل التهجير، ولم يكن الأمر
مقتصرا على الأرمن.

وكما تبين أعلاه فلم تكن القضية قضية تطهير عرقي للأرمن، ولم تكن هناك أي
نية في إيقاع المذابح بهم.لقد قاسى الأرمن ما قاسوه نتيجة تعاونهم مع جيوش
الاحتلال وكونهم آلة في ألاعيب السياسة العالمية، من جهة، ثم من قلة
إمكانية الدولة في ظروف الحرب العالمية وهي تقاتل في سبع جبهات. وأكبر
دليل على ما نقول أن أحدا لم يلمس الأرمن الموجودين في اسطنبول أو في
إزمير أو في المدن الأخرى بأي أذى. ولو كان الأمر أمر تطهير عرقي لما
سلموا من يد الدولة.

يقول الأرمن بأن عدد هؤلاء الضحايا يتراوح بين مليون إلى مليون ونصف. ولا
شك أن هذا العدد مبالغ فيه كثيرا.لأن عدد الأرمن الموجودين في جميع أراضي
الدولة العثمانية كان بالكاد يبلغ المليون ونصف المليون.أما عدد المهجرين
فكان يبلغ 600 الفا تقريبا ، ولم يمت جميع المهجرين،بل سلم أكثر من نصفهم
حيث وصلوا إلى سوريا ولبنان والموصل وذهب قسم منهم إلى إيران وقفقاسيا.أي
أن عدد الضحايا يقل عن 300 الف .بينما يقول بعض المؤرخين الأتراك بأن عدد
الضحايا من المسلمين في المذابح الأرمنية يقارب المليون. وقد يكون في هذا
الرقم أيضا بعض المبالغة.






أدلة تاريخية


عندما دخل
الإنجليز إلى اسطنبول محتلين في 13 تشرين الثاني من عام 1919م،أثاروا
القضية الأرمنية فقاموا بالقبض على 140 شخصا من السياسيين والمفكرين
الأتراك بتهمة مسئوليتهم في القضية الأرمنية ونفوهم إلى جزيرة مالطة
تمهيدا لمحاكمتهم باعتبارهم من مجرمي الحرب. ولكن كان من الضروري العثور
على الوثائق والأدلة في هذا الصدد.قأرسل الأميرال الإنجليزي ( ويب) برقية
إلى حكومته قال فيها :

( يجب إعدام جميع الأتراك كي تشمل العقوبة جميع من ظلموا الأرمن ، ويجب أن
تكون العقوبة عقوبة للأمة عن طريق تمزيق الإمبراطورية التركية، وعقوبة
للأشخاص عن طريق محاكمة كبار المسئولين كي يكونوا عبرة لمن اعتبر).

ولكن حكومة اسطنبول برئاسة توفيق. باشا بادرت بطلب من الحكومة البريطانية
وهو أن تجري المحاكمة أمام محكمة دولية يكون حكامها من الدول المحايدة مثل
اسبانيا وسويسرة.

قلقت بريطانيا من هذا الطلب فقامت - وهي الدولة العظمى آنذاك والدولة
المنتصرة – بإجراء ضغوط سياسية على هذه الدول المحايدةالتي اضطرت في
النهاية الامتناع عن ترشيح حكام منها لهذه المحكمة المقترحة. ثم قامت
بريطانيا بخطوة ثانية وهي إضافة الحكم الآتي إلى المادة رقم 230 من معاهدة
سيفر : ( تتعهد الحكومة العثمانية بتسليم المسئولين عن المجزرة إلى
الحلفاء. وإن إختيار الحكام من صلاحيات الحلفاء ، والحكومة العثمانية
ملزمة بالاعتراف بهذه المحكمة ) ...

كان هذا هو منطق القوة التي تملي شروطها على المغلوب.

شكلت محكمة عسكرية بريطانية في باطوم لمحاكمة هؤلاء المتهمين. ولكنها لم
تستطع إصدار أي حكم لعدم وجود أي دليل أو وثيقة تدينهم،أو تشير إلى وقوع
عملية التطهير العرقي ضد الأرمن. وبينما كانت الحكومة البريطانية تبذل كل
ما في وسعها للعثور على دليل قامت البطريركية الأرمنية في اسطنبول بتقديم
ملف لهذه المحكمة حول ( مائة من المجرمين الأتراك ).

ولكن بعد التدقيق تبين أن هذا الملف لا يحتوي على دليل واحد ضد الأتراك.
ثم قام البريطانيون بقلب الأرشيف العثماني الموجود في اسطنبول وتدقيقه
للعثور على الأدلة المطلوبة فلم يصلوا إلى شيء.ثم راجعوا دور الوثائق
البريطانية فواجههم الفشل مرة أخرى.وخطر على بال الحاكم العام البريطاني
الاستفادة من الوثائق الأمريكية فكتب إلى اللورد كرزون في لندن قائلا ) لا
شك أن بحوزة الحكومة الأمريكية أعدادا وافرة من الوثائق حول المجزرة).

أرسل الطلب إلى الحكومة الأمريكية، وبعد بحث وتمحيص جاء الجواب من السفارة
البريطانية في واشنطن مخيبا لآمالهم: ( لم يعثر على أي أدلة ضد الأتراك في
دوائر الوثائق الأمريكية).

بعد هذا الفشل أرسل المدعي العام الأول البريطاني الخطاب الآتي في 29/9/
1921م : ( ليس لدينا أي حظ في إمكانية الحكم على المنفيين في مالطة).

في هذه الأثناء كانت حرب الاستقلال التي دخلت فيها تركيا بقيادة حكومة
أنقرة تسجل الانتصار تلو الانتصار،فأرسلت هذه الحكومة طلبا إلى الحكومة
البريطانية لاطلاق سراح المنفيين إلى مالطة مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى
البريطانيين عندها. وتم التوقيع فعلا على اتفاقية بهذا الخصوص، حيث تم
إطلاق سراح هؤلاء.

الوثائق الروسية:

جاء في دائرة المعارف الكبيرة للاتحاد السوفيتي ( طبعة 1926م ) ما يأتي
حول هذه القضية : ( إذا نظرنا للمشكلة الأرمنية من المنظور الخارجي رأينا
أنها ليست سوى محاولة القوى الكبرى إضعاف تركيا وذلك بمعاونة ومساعدة
القوى الانفصالية فيها لكي تتيسر لها سبل استغلالها وامتصاص خيراتها. هذه
القوى الكبرى كانت عبارة عن الدول الأوروبية الكبرى وروسيا القيصرية. ولم
تكن الحوادث التي جرت عبارة عن وقوع مذبحة، بل مجرد وقوع قتال بين الطرفين
.







رأي المؤرخين المعاصرين







والآن ما رأي المؤرخين المعاصرين حول هذه القضية ؟

هل كانت هناك حركة تطهير عرقي ضد الأرمن ؟

في شهر مايس من عام 1985م نشر ( اتحاد الجمعيات التركية–الأمريكية
Assembly of Turkish American Associations ) بيانا في جريدتي ( نيويورك
تايمز) و ( واشنطن بوست ) موقعا عليه من قبل 69 مؤرخا ومختصا في التاريخ
العثماني وشؤون الشرق الأوسط نفوا فيه وقوع أي عملية تطهير عرقي للأرمن من
قبل الأتراك خلال أعوام 1915 – 1923م وكان من ضمن الموقعين على البيان :
البروفيسور برنار لويس، البرفيسور هيث لوري، البروفيسور جوستن ماك آرثي،
البروفيسورآلان فيشر، البروفيسور رودريك داوفسين، دانكوودت روستو، تيبور
هالاسيكون، ستانفورد شو،فرانك تاجو، بيير أوبرلنك.... وغيرهم من أشهر
العلماء والمؤرخين .

ولكن الأرمن قاموا بعد هذا الإعلان بحملة تهديد وإرهاب ضد هؤلاء العلماء
وهددوهم بالقتل وقدموا بعضهم للمحاكم ( مثل برنارد لويس). ونجحت هذه
الحملة في إرهاب معظم هؤلاء فلم يعودوا يتطرقون إلى هذا الموضوع. وإن بقي
بعضهم لا يخشى من سرد آرائه مثل البروفيسور جوستن ماك آرثي والبروفيسور
برنارد لويس . والمؤرخ البريطاني أندرو مانكو.

وحسب بعض الإحصائيات قام الأرمن خلال ثمانين عاما بكتابة ما يقارب ( 26 )
ألف كتاب بجميع اللغات العالمية حول ما أطلقوا عليه اسم ( التطهير العرقي
الذي تعرض له الأرمن من قبل الأتراك ).أي قاموا بعملية غسيل دماغ ناجحة
جدا في أوروبا وفي أمريكا.

ومع أن المكان الطبيعي لمناقشة مثل هذه الأمور هو محكمة لاهاي الدولية،
حيث يمكن هناك تقديم القضية مع أدلتها التاريخية - إن كانت موجودة – فإن
الأرمن يتهربون دائما من هذا ويتجنبونه، لأنهم يعلمون أنهم لا يملكون أي
وثيقة تاريخية في هذا الصدد، لذا نراهم يفضلون القيام باللعب السياسية
والضغط السياسي في المجالس البرلمانية من قبل اللوبيات الأرمنية القوية في
الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا، مع أن المجالس النيابية
والبرلمانات ليست أماكن تحسم فيها القضايا التاريخية وتقدم فيها الوثائق
والأدلة.وليس النواب أشخاص مؤهلين لمناقشة التاريخ وإصدار الأحكام حول
الحوادث التاريخية، فهم ليسوا بأهل اختصاص في هذا الموضوع.وقد تبين هذا
المر بكل وضوح في النقاش التلفيزيوني الحي الذي جرى يوم 25/1/2001 في قناة
( شو Show) التركية بين مؤرخين ومفكرين أتراك وبين أربعة من الفرنسيين
الذين ساندوا قرار الاعتراف بوقوع تطهير عرقي للأرمن واستمر النقاش ما
يقارب خمس ساعات وقد تبين أن هؤلاء النواب يجهلون التاريخ تماما وأن
معلوماتهم معلومات صحفية وسطحية . وعندما طلب المذيع أن يبرز أي واحد منهم
وثيقة تاريخية حول وقوع هذا التطهير العرقي عجزوا عنه وبرروا العجز بأنهم
ليسوا مؤرخين.


المصدر :بعض المسلمين فى منطقنا ممن تحدثت معهم
,, وبعض الاجداد من قرى حولنا ممن عاصر آباءهم تلك الفترة و صحيفة كتابات
الالكترونية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:32 pm

ابن تومرت

تمهيد





مني
العالم الإسلامي منذ عصر صدر الإسلام حتى عصرنا الحاضر بظهور العديد من
الدعوات والدول التي لبست ثوب الإسلام ، واتخذته شعاراً ظاهراً لتحقيق
مطامح ومطامع خفية تهدف إلى النيل من الإسلام وحرب المسلمين بشعار الإسلام
واسمه ، وما دعوات الرافضة ، والقرامطة ، والعبيديين ، والموحدين إلا
ضرباً لتلك الدعوات والدول على مدار التاريخ الإسلامي .




وإذا كانت الدعوات والدول الثلاث الأولى قد كتب عنها كثير من
المؤرخين والكتاب المحدثين ، فأبانوا حقائقها ، وكشفوا للناس زيفها
وبطلانها ؛ فإن دعوة الموحدين -التي أسسها ابن تومرت- كان نصيبها من
الدراسات قليل [1] ، ولهذا خفي على كثير من المسلمين حقيقتها ، لاسيما وقد
سماها مؤسسها بدعوة الموحدين ،



فظنوا بها خيراً ، ونسبوها إلى الصلاح والاستقامة [2] ، علماً بأنها
كانت خلاف ذلك كما يوحي بهذا تراثها الفكري وتاريخ مؤسسها وداعيها الأول
محمد بن تومرت وهذا ما دفعني إلى دراسة هذه الدعوة والتعرف على أسسها
العقدية لبيان حقيقتها وكشف زيفها ، معتمداً في ذلك بعد الله -سبحانه
وتعالى- على أقوال ابن تومرت وأفعاله ، وما دونه لنا المؤرخون المعاصرون
لتلك الدعوة ، حيث إن مؤلفات ابن تومرت وتلاميذه من أمثال البيدق ، وابن
القطان ، وابن صاحب الصلاة موجودة بين أيدينا ، إضافة إلى أن الفترة التي
ظهرت فيها دعوة الموحدين حظيت بوجود العديد من المؤرخين الذين عاصروا تلك
الدعوة أو عاشوا قريباً منها ، فكتبوا عنها ،وهم شهود عيان لما كتبوا من
أمثال المراكشي وابن خلدون ، وابن أبي زرع ، وغيرهم .











وسأنهج في
دراستي لدعوة الموحدين أن أقوم أولاً بتتبع نشأة تلك الدعوة وبيان المراحل
والأطوار التي مرت بها ، وموقف الناس منها ، ثم أخلص بعد ذلك إلى بيان أهم
الأسس العقدية التي قامت عليها ، ومدى قربها أو بعدها من الأسس الإسلامية
الصحيحة .














الاتجاه الفكري للدول الإسلامية التي قامت في شمال بلاد المغرب :















لعل من
المناسب بادئ ذي بدء أن نبين الاتجاه الفكري للدول الإسلامية التي ظهرت في
بلاد المغرب الإسلامي -الشمال الأفريقي- منذ القرن الثاني وحتى القرن
الخامس لنعرف مكان دولة الموحدين بينها ، والأرضية التي ظهرت فيها تلك
الدعوة وأصبح لها كيان سياسي يحميها ، ذلك أنه بعد أن ضعفت قبضة الخلافة
الإسلامية بالمشرق على الشمال الأفريقي ظهر هناك العديد من الدول
الإسلامية التي أعلن



بعضها استقلالها عنها ، بينما بقي البعض منها موالياً لها ولاًء
صورياً ، وقد تباينت اتجاهات ومشارب تلك الدول حيث انقسمت إلى أربعة
اتجاهات رئيسة هي :






1- الاتجاه السني ويمثله دولتا الأغالبة والمرابطين ، والدولة الزيرية الصنهاجية في آخر عمرها .



2- الاتجاه الخارجي ويمثله دولتا الرستميين والمدراريين [3] .



3- الاتجاه الرافضي ، ويمثله دولة العبيديين .



4- الاتجاه الاعتزالي ويمثله دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى .








وبالإضافة
إلى هذه الاتجاهات الرئيسة فقد كان هناك اتجاه خامس هو اتجاه دولة
الموحدين والذي كان يجمع بين هذه الاتجاهات وغيرها من الاتجاهات الفكرية
الأخرى ، إذ أن محمد بن تومرت مؤسس هذه الدولة استقى من جميع هذه المشارب
بل زاد عليها ما يرى أنه يخدم ميوله وأهدافه ، ولهذا جاءت الأسس الفكرية
لهذه الدولة خليطاً مضطرباً كما سنرى .












الأسس الفكرية لدعوة ابن تومرت
:






لما كانت
الأسس الفكرية -العقدية- لكل دولة أو جماعة أو فرد هي الموجه الحقيقي
لحركاتها وسكناتها فإن دراسة تلك الأسس مطلب ملح قبل دراسة تاريخ الدولة
أو الجماعة أو الأفراد .


ودولة الموحدين أول من وضع أسسها الفكرية هو محمد بن عبد الله ابن
تومرت الصنهاجي ، ولد في الثلث الأخير من القرن الخامس الهجري ببلاد
المغرب الأقصى ، وقد اختلف المؤرخون في تحديد سنة مولده [4] .


ادعى ابن تومرت النسب القرشي ، وأنه من سلالة الرسول -صلى الله عليه
وسلم- وقد أقر بعض المؤرخين هذا الادعاء [5] ، لكن طائفة أخرى من المؤرخين
أنكرت هذا الادعاء وقالت إن ابن تومرت دعيّ فيه فهو من هرغة إحدى قبائل
المصامدة البربرية حيث عرف بمحمد بن تومرت الهرغي [6] كما قال بهذا الرأي
من الكتاب المحدثين محمد عبد الله عنان -رحمه الله- ، إذ يرى أن هذا
الادعاء ما هو إلا نحلة باطلة وثوب مستعار قصد من ورائها ابن تومرت أن
يدعم بها صفة المهدي التي انتحلها أيضاً شعاراً لإمامته ورياسته [7] .

ولا يشك المتتبع لتاريخ ابن تومرت في كذبه بهذا الادعاء وأنه إنما
قال به ليتخذه جسراً يصل عن طريقه لأغراضه وطموحاته ، ويتأكد هذا إذا
علمنا أن معظم المؤرخين الذين أثبتوا له هذا النسب إنما هم من تلاميذه ،
أو من مؤرخي الدولة الموحدية الذين سجلوا تاريخها بوحي من سلاطينها
وأمرائها ، وبتأثير من نزعتهم العقدية الباطلة .







حفظ ابن تومرت القرآن الكريم
ودرس بعض العلوم الإسلامية في بلاد المغرب في صباه ، ثم ارتحل سنة 501 هـ
إلى الأندلس ، ثم إلى بلاد المشرق حيث تنقل بين عواصمه الثلاث (بغداد) و
(مكة) و (القاهرة) [8] ، وقد أفاد من هذه الرحلة علماً غزيراً لاسيما في
العلوم العقلية واللسانية [9] ، حيث أعانه على ذلك ذكاؤه المفرط ومثابرته
وهمته العالية [10] .








بداية ظهور ابن تومرت :







كان
وضع معظم بلدان العالم الإسلامي في مطلع القرن السادس الهجرى مضطرباً
فالخلافة العباسية بالمشرق قد دب فيها الضعف ، كما أن دولة العبيديين بمصر
قد كرهها الناس بسبب غلو حكامها وأعمالهم العدائية ضد الإسلام والمسلمين
أما بلاد المغرب والأندلس فتخضع لحكم دولة المرابطين ، وكانت قبضتها قوية
واتجاهها اتجاه سني حيث كان يتولى أمرها آنذاك السلطان علي بن يوسف بن
تاشفين (500 - 537 ه) وكان سلفياً ورعاً مجاهداً وهذا ما جعل الطريق صعباً
أمام ابن تومرت الذي بدأ ظهوره في بلاد المرابطين ، ولهذا جاءت سهامه
مسلطة ضد هذه الدولة وسلطانها ، فبعد أن وصل إلى المغرب سنة 505هـ بدأ
يدعو الناس إليه [11] ، ولما كانت دعوته تقوم على أسس عقدية يشوبها كثير
من الغبش والانحراف فإنه لم يجرؤ في بادئ الأمر على إظهارها للناس صراحة ،
ولهذا انتحل صفه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث يذكر البيذق [12]
-أحد تلاميذ ابن تومرت- أنه نهج هذا الأسلوب في بادئ الأمر ، وأنه كان إذا
خشي بطشاً خلط في كلامه حتى ينسب إلى الجنون [13] ، وهذا منهج كثير من
الفرق الباطنية حيث يلجأون إلى العبارات الموهية حتى لا تنكشف عقائدهم .



ظل ابن تومرت مدة عشر سنوات (505 - 515 ه) ينتقل بين أقاليم ومدن المغرب
الأقصى لعرض دعوته على الناس ونشر أفكاره بينهم فكثر أنصاره ومؤيدوه وذاع
صيته بينهم وتعارف الناس به [14] ، فأضحى خطره يهدد كيان دولة المرابطين ،
حينئذ استدعاه السلطان علي بن يوسف وسأله : ما هذا الذي بلغنا عنك ؟
فأجابه ابن تومرت في قوة بأنه يطلب الآخرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
، وأن هذه مسؤولية الحاكم قبل غيره ، ويذكر بعض المؤرخين أن السلطان علي
بن يوسف حين سمع ذلك أطرق برأسه إلى الأرض ملياً ثم أمر الفقهاء بمناظرته
واختباره [15] ، فلما ناظروه تبين لهم حقيقة ما يحمله ابن تومرت من آراء
ومعتقدات تخالف طريقة أهل السنة والجماعة ، فأوصوا السلطان بسجنه سداً
للذريعة ودرءاً للفتنة ، لكن أحد المرابطين شفع فيه فأمر السلطان بإخراجه
من مراكش ولم يسجنه [16] .


أدرك ابن تومرت بعد ذلك المخاطر التي تهدده من قبل المرابطين ،
لاسيما أن دعوته قد وصلت إلى مرحلة الظهور والجهر بالأهداف ، فقرر
الانتقال الى بلاد السوس مسقط رأسه حيث نزل على قومه وقبيلته مصمودة
سنة515 هـ وذلك لضمان الحماية اللازمة لدعوته [17] .


وفي بلاد السوس أسس ابن تومرت مسجداً يجتمع به مع تلاميذه وزعماء
قبيلته حيث التف حوله الكثير من المؤيدين والأنصار فاختار منهم نخبة لتكون
قاعدة لدعوته حيث شرع بتدريسهم على شكل حلقات ودروس منظمة ومن خلال تلك
الدروس بث أفكاره بين تلاميذه ، وأخذ يعدهم إعداداً خاصاً ، فألف لهم
كتاباً سماه كتاب التوحيد بلسانهم البربري قسمه إلى سبعة أحزاب عدد أيام
الأسبوع ، وأمرهم بقراءة حزب واحد منه في كل يوم بعد صلاة الصبح [18] ،
ويحتوي هذا الكتاب على معظم أفكار ابن تومرت والأسس العقدية لدعوته ،
ولهذا يذكر ابن أبي زرع أن ابن تومرت قال لتلاميذه : من لا يحفظ هذا
(التوحيد) فليس بمؤمن وإنما هو كافر لا تجوز إمامته ولا تؤكل ذبيحته فصار
هذا التوحيد عند المصامدة كالقرآن العزيز " [19] .

وهكذا كفّر ابن تومرت من لا يتعلم مبادئ دعوته ويعمل بها ولاشك أن
هذا الشطط والمغالاة جعلت الكثير من اتباعه ينصرفون عن الأسس الإسلامية
الصحيحة إلى ما يقول به ويدعو إليه فغالوا في تعظيمه لدرجة العبودية
-والعياذ بالله- .


لما شعر ابن تومرت بقبول دعوته في أوساط الهرغيين رأي توسيع إطارها
المكاني فاختار جماعة من أصحابه أرسلهم إلى القبائل القريبة من بلاد السوس
لاستمالة تلك القبائل للدعوة الموحدية [20] ، وبعد أن اطمأن إلى قوة دعوته
وإلى تمكنه من قلوب أصحابه أخذ يشوقهم إلى (المهدي المنتظر) " ... فلما
قرر في نفوسهم فضيلة المهدي ونسبه ونعته ، ادعى ذلك لنفسه وقال أنا محمد
بن عبد الله ... ورفع نسبه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وصرح بدعوى
العصمة لنفسه وأنه المهدي وبسط يده فبايعوه .. ثم صنف لهم تصانيف في العلم
منها كتاب سماه (أعز ما يطلب) .. " [21] .



كانت هذه هي خطوات ابن تومرت في تمهيد الطريق وجهوده في تأسيس قواعد
البناء قبل أن يدعو إلى مبايعته بالإمامة ويعلن قيام الدولة الموحدية ،
وقد أعان ابن تومرت على اجتذاب المؤيدين في بلاد السوس ما كان يتمتع به
أهلها من سذاجة وجهالة وادعاءه النسب القرشي فضلاً عما يتمتع به ابن تومرت
من ذكاء وعلم وقدرة على التأثير والتنظيم [22] .






مبايعة ابن تومرت بالإمامة :







لما
اطمئن ابن تومرت إلى قاعدته وحسن ولائهم له دعا الناس إلى مبايعته حيث
يذكر ابن القطان أنه قام خطيباً فيهم ومما جاء في خطبته : " ... الحمد لله
الفعال لما يريد ، القاضي بما يشاء ، لا مرد لأمره ولا معقب لحكمه ، وصلى
الله على سيدنا محمد المبشر بالمهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما
ملئت جوراً ، يبعثه الله إذا نسخ الحق بالباطل ، وأزيل العدل بالجور ،
مكانه بالمغرب الأقصى واسمه اسم النبي ، ونسبه نسب النبي .. " [23] . وبعد
هذه الخطبة قام الناس فبايعوه بالإمامة وكان ذلك في الخامس عشر من شهر
رمضان سنة 515ه [24] .


وهكذا نرى كيف أن ابن تومرت لم يجرؤ على إعلان ذلك الشطط في دعوته
إلا بعد أن وثق من ولاء عامة الناس له، وفي هذا يقول ابن خلدون: » ولما
كملت بيعته لقبوه بالمهدي وكان لقبه قبلها الإمام « [25] .


وقد جاءت مبايعة ابن تومرت إماماً للموحدين قرب مراكش دون تصد
ومقاومة من قبل المرابطين أصحاب السلطة الشرعية هناك ، بل ودون إحساسهم
بالخطر الداهم قرب عاصمتهم شاهداً على ضعف دولة المرابطين وقتذاك ، وعلى
النجاح الكبير الذي حققه ابن تومرت لدعوته الناشئة .

أمضى ابن تومرت السنوات الثلاث التالية لسنة مبايعته في جهد متواصل
وعمل دؤوب لدعوته حيث خاطب القبائل القريبة منه يدعوهم إلى الدخول في
طاعته ، ونبذ طاعة المرابطين ، فاستجاب له بعض القبائل [26] ، ولكي يوفر
مزيداً من الأمن لدولته ودعوته غادر جبل ايجليز في بلاد السوس سنة 518 هـ
إلى قرية تينملل ببلاد هرغة [27] ، وقد جاء اختياره لها بسبب حصانتها
لوقوعها على ربوة عالية في سفح جبل درن ، ولا يمكن الوصول إليها الا من
طريق واحد لا يتسع لغير فارس واحد ، ويصف ابن القطان منعة تينملل بقوله :
" يسد خللها أقل عصبة من الناس " [28] .


ويبدو أيضاً أن ابن تومرت أراد من ذهابه إلى تينملل الابتعاد عن
زعماء قبيلته ليتوقى مغبة تدخلهم في شئون دولته الناشئة لا سيما وهو في
مرحلة وضع الأسس الأولى لها .


أصبحت تينملل عاصمة لدولة الموحدين الناشئة حيث قسّم ابن تومرت
أراضيها وديارها على أصحابه الموحدين ليسكنوا فيها ، كما بنى مسجداً
وداراً له بينهم [29] ، وفي تينملل وضعت أسس دولة الموحدين ومنها انطلقت
جيوشهم ، كما وزع ابن تومرت مسئوليات الدولة ووظائفها على أصحابه الموحدين
حسب ولائهم لطاعته [30] ، ويذكر المراكشي أن ابن تومرت بعد أن كثر لديه
المؤيدون والأنصار سماهم بالمؤمنين وقال لهم : " ما على وجه الأرض من يؤمن
إيمانكم ، وأنتم العصابة المعنيون بقوله -عليه الصلاة والسلام- : " لا
تزال
[*] طائفة بالمغرب ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر
الله " وأنتم الذين يفتح الله بكم فارس والروم ، ويقتل الدجال ، ومنكم
الأمير الذي يصلي بعيسى بن مريم ، ولا يزال الأمر فيكم إلى قيامة الساعة
... فزادت فتنة القوم به وأظهروا له شدة الطاعة " [31] ! ! .


هكذا تجرأ ابن تومرت على الله ورسوله فحرف الأحاديث الصحيحة وأقحم
دلالتها ليضل الناس فيلتفوا حوله ، وقد خفيت هذه الأباطيل على قومه في
بادئ الأمر فأقبلوا على دعوته وتفانوا في خدمتها لاعتقادهم بأنه هو المهدي
، حتى قال قائلهم حينا وقف على قبر ابن تومرت بعد مماته :










سلام على قبر الإمام المجدد ** ومحيي علوم الدين بعد مماتها

أتتنا به البشرى بأن يملأ الدنا ** سلالة خير العالمين محمد

ومظهر أسرار الكتاب المسدد ** بقسط وعدل في الأنام مخلد [32]














هكذا
أصبحت بلاد السوس بالمغرب الأقصى تغلي حماساً وولاءً لدعوة ابن تومرت لكنه
توفي قبل أن يُحكم البناء ويُوسع إطار دعوته ، فقد وافاه الأجل في شهر
رمضان 524 هـ وكانت مدة حكمه حوالي تسع سنوات [33] ، وقد ترك حرباً مشتعلة
بين أتباعه والمرابطين وكل من خالف دعوة الموحدين في أرض المغرب الأقصى ،
كما خلف أتباعاً مؤمنين بدعوته محاربين لأجلها .

خلف ابن تومرت تلميذه عبد المؤمن بن علي الكومي [34] (524-558 هـ) ،
ويعتبر عبد المؤمن المؤسس الفعلي لدولة الموحدين الكبرى - بالمغرب
والأندلس – [35] وقد حاول عبدالمؤمن العمل على نشر الدعوة الموحدية لكن
انشغاله بالأمور السياسية والعسكرية جعل حماسه للدعوة الموحدية أقل من
سلفه .


ومع مضي الزمن أخذ حماس زعماء دولة الموحدين يقل إزاء الدعوة ، بل إن
بعض زعماء الموحدين تجرءوا فأعلنوا براءتهم مما تحمله من غلو وانحراف حيث
يذكر المراكشي أن أبا يوسف يعقوب المنصور (580--595هـ) ثالث أمراء
الموحدين بعد ابن تومرت قال لأبي العباس أحمد بن إبراهيم بن مطرف المري -
أحد المقربين إليه - يا أبا العباس اشهد لي بين يدي الله عز وجل أني لا
أقول بالعصمة- يعني عصمة ابن تومرت -كما يذكر أبو العباس أيضاً أنه قال له
يوماً وقد استأذنه في فعل شيء يفتقر إلى وجود الإمام : يا أبا العباس أين
الإمام ؟ أين الإمام ؟ [36] .


ولم يكتف المنصور بهذا ، بل إنه حاول إرجاع الناس إلى الكتاب والسنة
ونبذ تعاليم ابن تومرت التي توغلت في قلوب بعض الناس بالمغرب والأندلس -
آنذاك - حيث يذكر المراكشي أن السلطان يعقوب المنصور بعد انتصاره في معركة
الأراك [37] سنة 591هـ ذهب لمدينة جيان الأندلسية فخرج أهلها لتلقيه
وتهنئته بالنصر ، فلما اقتربوا منه قدموا أحدهم ويدعى أبا بكر بن هانئ
لتكليمه ، يقول أبو بكر : ( ... فسألني عن أحوال البلد وأحوال قضاته
وولاته وعماله على ما جرت عادته - فلما فرغت من جوابه سألني كيف حالي في
نفسي فشكرت له ودعوت بطول بقائه ثم قال لي : ما قرأت من العلم ؛ قلت :
قرأت تواليف الإمام - أعني ابن تومرت - فنظر إلي نظ'رة المُغضَب ، وقال :
ما هكذا يقول الطالب إنما حكمك أن تقول: قرأت كتاب الله ، وقرأت شيئاً من
السنة ، ثم بعد هذا قل ما شئت … ) [38] .



ويضيف المراكشي أيضاً حين حديثه عن عقيدة العامة في ابن تومرت أن
يعقوب المنصور استخف بعقول من بالغوا في تعظيم ابن تومرت وتقديسه والعمل
بما قال به أو دعا إليه . ( لأنه لا يرى شيئاً من هذا كله ، وكان لا يرى
رأيهم في ابن تومرت ... ) [39] .


وهكذا نرى أن دعوة ابن تومرت ، وإن كانت قد تغلغلت في قلوب العامة
والسذج من الناس ، في بعض بلاد المغرب الأقصى والأندلس ، فإن ما تحمله من
باطل وزيف قد بدا لمن كان عنده شيء من العلم ، مما دفع العقلاء من
الموحدين وهم حماتها إلى العمل على إزالتها ، والسعى لبيان وجه الخطأ فيها
، فالمنصور ثالث أمراء الموحدين بعد ابن تومرت عمل على بيان باطلها وسعى
لتقويضها ولم يمضِ على انتشارها بين الناس سوى نصف قرن ، وهي مدة قصيرة في
عمر الدعوات ، لكن ما تحمله هذه الدعوة من غلو وشطط جعلت أقرب الناس منها
يسعون لتقويضها - كما بينا في السطور السابقة - .





وهنا قد يرد تساؤل وهو : لماذا لم يعلن المنصور الموحدي للناس صراحة بطلان ما دعا إليه ابن تومرت ويعمل جاداً للقضاء على دعوته ؟
.













وللإجابة على هذا التساؤل يقال : إن الكثير من الناس ببلاد المغرب الأقصى
لاسيما العامة وشيوخ الموحدين وزعماء القبائل قد تعلقوا بدعوة ابن تومرت
واقتنعوا بصحة ما قال به ودعا إليه ، فلو واجههم المنصور بالنقد الصريح أو
العمل الجاد للقضاء على دعوة ابن تومرت لنشأ عن ذلك رد فعل خطير من قبل
أولئك القوم ، وهذا بلا شك جعله يكتفي ببيان موقفه منها دون اتخاذ أي
خطوات عملية ضدها .


وبالرغم من قلة ما قام به المنصور من عمل ضد دعوة ابن تومرت ، إلا أن
عمله هذا كانت له نتائج طيبة حيث إنه بهذا العمل كسر ذلك السياج الذي
أحيطت به دعوة ابن تومرت مما دعا كثيرًا من الموحدين لا سيما المنصفين
منهم إلى التمعن في حقيقة دعوة ابن تومرت ودراستها بموضوعية وإنصاف ،
فبانت لهم حقيقتها وما تحمله من زيف وباطل ، فأخذوا يتحللون منها شيئاً
فشيئاً حتى إذا تولى أبو العلاء إدريس الملقب بالمأمون [40] (624-629 ه)
أعلن صراحة خروجه على تعاليم ابن تومرت ، وبين ما تحمله دعوته من زيف
وضلال ، وقال وهو على المنبر في مدينة مراكش يخطب الناس : ( … أيها الناس
لا تدعوه بالمهدي المعصوم - يعني ابن تومرت - وادعوه بالغوي المذموم فإنه
لا معصوم إلا الأنبياء ولا مهدي إلا عيسى [41] ، وأنا قد نبذنا أمره
النحيس ... ) [42] ، كما يذكر ابن أبي زرع أنه بعد أن نزل من على المنبر (
كتب إلى جميع بلاده بتغيير سير المهدي وما كان ابتدعه للموحدين وجرى عليه
عملهم وسير ملوكهم ، وأمر بإسقاط المهدي من الخطبة وإزالته من الدنانير
والدراهم ... وقال : كل ما فعله المهدي وتابعه عليه أسلافنا فهو بدعة ولا
سبيل لإبقاء البدع ... ) [43] ، كما أرسل المأمون كتاباً إلى المدن
المغربية والأندلسية بين لهم فيه الخطوات التي اتخذها ضد دعوة ابن تومرت ،
وقد جاء في ذلك : ( ... ولتعلموا أنا نبذنا الباطل وأظهرنا الحق ، وأن لا
مهدي إلا عيسى ابن مريم ... وقد أزلنا لفظ العصمة عمن لا تثبت له عصمة ...
) [44] .


هكذا تجرأ المأمون تاسع أمراء الموحدين فبين للناس صراحة بطلان ما
دعا إليه ابن تومرت ، وأمرهم بنبذه والعودة إلى المنهج الإسلامي الأصيل ،
ولم يذكر المؤرخون أن هذا العمل لقي أي معارضة من الموحدين مما يدلنا على
أنهم كانوا في ذلك الوقت قد بدءوا يتحللون منها لما بدا لهم بطلانها .











بعض المزالق التي وقعت بها دعوة ابن تومرت :







كان هذا عرضاً
تاريخياً لدعوة ابن تومرت منذ أن كانت فكرة وحتى ظهرت إلى حيز الوجود ،
وأصبح لها كيان سياسي يحميها ، ويدعو الناس إليها ، وقد بدا لنا من خلال
هذا العرض أن دعوة ابن تومرت بالرغم من انتشارها في بادئ الأمر ، وتمكن
أصحابها من القضاء على خصومهم المرابطين ، فإن أسسها العقدية التي قامت
عليها لم تكن أسساً سليمة ؛ بل كانت منحرفة عن الأسس الإسلامية الصحيحة ،
وباستقراء تاريخ هذه الدعوة وما خلفه لنا ابن تومرت من تراث فكري ندرك
المزالق التي وقع فيها الموحدون ، ومن أهمها :


1- ادعى محمد بن تومرت داعية الموحدين الأول العصمة لنفسه إذ قال عن
نفسه بأنه هو المهدي المعصوم [45] ، كما سماه تلاميذه بهذا الاسم فأطلقوا
عليه لقب المعصوم حتى أصبح هذا اللقب من أشهر ألقاب ابن تومرت لدرجة أنهم
كانوا يطلقونه عليه دون ذكر لاسمه بسبب اشتهاره به !


والعصمة عند أهل السنة والجماعة لم تثبت إلا للأنبياء والرسل عليهم
الصلاة والسلام فيما يبلغون عن الله ولم يقولوا بها لسواهم حتى لكبار
الصحابة الذين خصهم الله بالفضل : أبي بكر وعمر وغير هما [46] .


هكذا غالى ابن تومرت في القول بالعصمة لنفسه فنهج بذلك نهج الرافضة
الاثنى عشرية [47] الذين قالوا بالعصمة لأئمتهم ، مما أوقعهم في انحراف
عقدي خطير لأن : ( ... من جعل بعد الرسول معصوماً يجب الإيمان بكل ما
يقوله فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها ... ) [48] ولم يكتف ابن
تومرت بهذا الادعاء بل إنه كان يأمر بقتل كل من يشك [49] في عصمته [50] ،
ولكي يؤصل هذا الادعاء في نفوس أتباعه ألف لهم كتابه أعز ما يطلب [51] .


2- ادعى ابن تومرت أنه هو المهدي الذي وعد الرسول -صلى الله عليه
وسلم- بخروجه في آخر الزمان حيث قال في خطبته حيث مبايعته إماماً للموحدين
سنة515هـ : ( الحمد لله الفعال لما يريد ، القاضي بما يشاء ، لا راد لأمره
، ولا معقب لحكمه ، وصلى الله على سيدنا محمد المبشر بالهدى الذي يملأ
الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً ، يبعثه الله إذا نسخ الحق بالباطل ،
وأزيل العدل بالجور ، مكانه بالمغرب الأقصى ، واسمه اسم النبي ، ونسبه نسب
النبي..) [52] . ويلاحظ هنا كيف تجرأ ابن تومرت فكذب على الله ورسوله حيث
عين مكان ظهور المهدي بالمغرب الأقصى ، مع أن الأحاديث الصحيحة الواردة في
المهدي لم تشر إلى ذلك ، وقد تلقى الموحدون هذ الادعاء بالقبول حيث يذكر
ابن خلدون [53] أنه بعد هذه البيعة أصبحوا يلقبونه بالمهدي ، وكان لقبه
قبلها الإمام ! ! .


وهكذا يبدو لنا أن الكذب على الله ورسوله ، ووضع الأحاديث ونسبتها
إلى الرسول من الأسس العقدية التي قامت عليها دعوة ابن تومرت ، وهم بهذا
يحذون حذو الرافضة الذين ملئوا كتبهم بالأحاديث والأخبار المكذوبة على
الرسول -صلى الله عليه وسلم - .


3- أنه ألف لتلاميذه كتاباً سماه كتاب التوحيد بلسانهم
البربري قسمه إلى سبعة أحزاب عدد أيام الأسبوع ، وأمرهم بقراءة حزب واحد
في كل يوم بعد صلاة الصبح [54] ، وقد حوى هذا الكتاب الكثير من الأغاليط
والشطحات في الأمور العقدية ، وحتى يضمن تأصيل ما في هذا الكتاب في نفوس
أتباعه فإنه ألزمهم بحفظه حيث يذكر ابن أبي زرع الفاسي أن ابن تومرت قال
لأصحابه الموحدين : (... من لا يحفظ هذا التوحيد فليس بمؤمن وإنما هو كافر
لا تجوز إمامته ولا تؤكل ذبيحته فصار هذا التوحيد عند المصامدة كالقرآن
العزيز ... ) [55] .


بهذا جعل ابن تومرت نفسه شرعًا لأتباعه حيث ألزمهم بحفظ ما جاء به
وضمنه كتبه ، وإذا كان الإسلام لم يلزم المسلم أن يحفظ من القرآن الكريم
وهو المنزل من عند الله سبحانه إلا قدر ما يقرأه في صلاته فإن ابن تومرت
داعية الموحدين الأول قد جعل مؤلفه أهم من القرآن حينما طالب الموحدين
بحفظه!.


4- إن ابن تومرت أخذ من كل مذهب وفرقة إسلامية ما يلائم اتجاهاته
ويخدم أهدافه ، ولهذا جاء تراث الموحدين الفكري خليطاً مضطرباً متأثراً
بكثير من النزعات الفكرية الضالة ، فهو في مسألة الإمامة يقول برأي
الرافضة حيث ضمن كتابه ( أعز ما يطلب ) هذا الرأي ، فقال حين حديثه عنها :
( لا يصح قيام الحق في الدنيا إلا بوجوب الإمامة في كل زمان إلى أن تقوم
الساعة ، ما من زمان إلا وفيه إمام لله قائم بالحق ... ) [56] ، كما وافق
الرافضة في القول بعصمة الإمام - كما أسلفنا- .


كذلك تأثر ابن تومرت بمذهب المعتزلة [57] في نفي الصفات عن الله
تعالى ، ولهذا سمى أصحابه بالموحدين ، لأنهم في رأيه هم الذين يوحدون [58]
الله حقًّا لنفيهم الصفات عن الله سبحانه وتعالى [59] .

كما نهج ابن تومرت نهج الأشاعرة [60] في تأويل بعض صفات الله سبحانه وتعالى [61] .



5-كفر ابن تومرت من لم يؤمن بما يقول ويعتنق ما يدعو إليه ، واستباح
دمه حتى ولو كان من أتباعه [62] ، كما قال بكفر دولة المرابطين ووجوب
جهادها ، ولتأصيل هذا المبدأ في نفوس أصحابه فقد صرح في كل مناسبة ، كما
ضمنه كتبه التي ألفها لهم ورسائله التي كان يبعثها إلى الموحدين حيثما
كانوا .


ومما جاء في إحدى رسائله إلى أصحابه : ( واعلموا وفقكم الله أن
جهادكم - يعني المرابطين - فرض على الأعيان على كل من فيه طاقة للقتال ،
واجتهدوا في جهاد الكفرة الملثمين ... ) [63] .



كان هذا هو رأي ابن تومرت في دولة المرابطين ، تلك الدولة السنية
التي أقامت كيانها على مذهب أهل السنة والجماعة والدعوة إلى الله على هدى
من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فقد طعن في عقيدتهم ، ووصفهم بأنهم
مجسمون وكفار ، لا تجوز طاعتهم ، ولا الولاء لهم ، بل يجب جهادهم ، ولهذا
قاتل الموحدون المرابطين قتال المسلمين للكفار حسب اعتقادهم ، وما ذلك إلا
بسبب غلو ابن تومرت وتجرئه على الطعن في أعدائه دون ورع أو تقوى ! ! .



وبعد هذا العرض السريع لنشأة دعوة ابن تومرت ، والتعرف على بعض الأسس
العقدية التي قامت عليها- ندرك بجلاء مدى ما فيها من غلو وشطط ، وما شابها
من ضلال وانحراف ، وأنها كانت بعيدة كل البعد عن المنهج الإسلامي الصحيح ،
ولا شك أن هذا الغلو والانحراف الواضح فيها هو الذي جعل أتباع ابن تومرت
غير متحمسين لها بعد موته ، بل بعضهم حاربها وتبرأ منها - كما رأينا -
فكان هذا الموقف سبباً لأن تدفن معظم أفكار وأقوال ابن تومرت معه ، ولا
يقدر لها الذيوع والانتشار كغيرها من الدعوات الضالة التي ظهرت بالعالم
الإسلامي على مر العصور .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:33 pm

القــــرامطة





التعــريـــف:




القرامطة حركة
باطنية هدامة، اعتمدت التنظيم السري العسكري، ظاهرها التشيع لآل البيت
والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإِلحاد
والشيوعية والإِباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإِسلامية. سميت
بهذا الاسم نسبة إلى حمدان قرمط بن الأشعث الذي نشرها في سواد الكوفة سنة
278هـ

.






التأسيــس وأبــرز الشخصيــات:




يتضح لنا تطور الحركة من خلال دراسة شخصياتها الذين تركوا أثراً بارزاً على سيرها وتشكلها عبر مسيرة طويلة من الزمن:
- تبدأ الحركة بعبد الله بن ميمون القداح الذي نشر المبادئ الإِسماعيلية في جنوب فارس سنة 260هـ.
- ومن ثم كان له داعية في العراق اسمه الفرج بن عثمان القاشاني المعروف بذكرويه الذي أخذ يبث الدعوة سراً.
- وفي سنة 278هـ نهض حمدان قرمط بن الأشعث يبث الدعوة جهراً قرب الكوفة ثم
بنى داراً سماها دار الهجرة وقد جعل الصلاة خمسين صلاة في اليوم.
- هرب ذكرويه واختفى عشرين عاماً وبعث أولاده متفرقين في البلاد يدعون للحركة.
- استخلف ذكرويه أحمد بن القاسم الذي بطش بقوافل التجار والحجاج وهُزِم في حمص وسيق ذكرويه إلى بغداد وتوفى سنة 294 هـ.
- التفَّ القرامطة في البحرين حول الحسن بن بهرام ويعرف بأبي سعيد الجنابي الذي سار سنة 283هـ إلى البصرة فهزم.
- قام بالأمر بعده ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام ويعرف بأبي طاهر الذي
استولى على كثير من بلاد الجزيرة العربية ودام ملكه فيها 30 سنة، ويعتبر
مؤسس دولة القرامطة الحقيقي ومنظم دستورها السياسي والاجتماعي، بلغ من
سطوته أن دفعت له حكومة بغداد الأتاوة ومن أعماله الرهيبة أنه:
- فتك بالحجاج حين رجوعهم من مكة ونهبوهم وتركوهم ضاحين إلى أن هلكوا في القفر.
- ملك الكوفة ستة أيام استحلها أيام المقتدر (295 - 320هـ).
- هاجم مكة عام 319 هـ، وفتك بالحجاج، وهدم زمزم، وملأ المسجد بالقتلى،
ونزع الكسوة، وقلع باب البيت العتيق، واقتلع الحجر الأسود، وسرقه إلى
الأحساء، وبقى الحجر هناك عشرين سنة إلى عام 339 هـ.
- توفى سليمان فآلت الأمور لأخيه الحسن الأعصم الذي قوي أمره واستولى على
دمشق سنة 360هـ وتوجه إلى مصر ودارت معارك له مع الخلافة الفاطمية، لكن
الأعصم تراجع عن فكر القرامطة وانهزم القرامطة إلى الأحساء.
- خلع القرامطة الحسن لدعوته لبني العباس، وأسند الأمر إلى رجلين هما جعفر
وإسحاق اللذان توسعا ثم دب الخلاف بينهما وقاتلهم الأصفر التغلبي الذي ملك
البحرين والأحساء وأنهى شوكتهم ودولتهم.




الأفــكار والمعتقــدات:




- لقد أسسوا دولة شيوعية تقوم على شيوع الثروات وعدم احترام الملكية الشخصية.
- يجعلون الناس شركاء في النساء بحجة استئصال أسباب المباغضة فلا يجوز لأحد أن يحجب امرأته من إخوانه.
- إلغاء أحكام الإِسلام الأساسية كالصوم والصلاة وسائر الفرائض الأخرى.
- استخدام العنف ذريعة لتحقيق الأهداف.
- يعتقدون بإبطال القول بالمعاد والعقاب وأن الجنة هي النعيم في الدنيا
والعذاب هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد.
- ينشرون معتقداتهم وأفكارهم بين العمال والفلاحين والبدو الجفاة وضعاف
النفوس وبين الذين يميلون إلى عاجل اللذات وأصبح مجتمع القرامطة بذلك
مجتمع ملاحدة وسفاكين يستحلون النفوس والأموال والأعراض.
- يقولون بالعصمة وأنه لا بد في كل زمان من إمام معصوم يؤول الظاهر ويساوي النبي في العصمة، ومن تأويلاتهم:
- الجنابة: مبادرة المستجب بإفشاء السر إليه قبل أن ينال رتبة الاستحقاق.
- الصيام: الإِمساك عن كشف السر.
- البعث: الاهتداء إلى مذهبهم.
- النبي: عبارة عن شخص فاضت عليه من الإِله الأول بقوة التالي قوة قدسية صافية.
- القرآن: هو تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه ومركب من جهته وسمي كلام الله مجازاً.
- يفرضون الضرائب على أتباعهم إلى حد يكاد يستغرق الدخل الفردي لكل منهم.
- يقولون بوجود إلهين قديمين أحدهما علة لوجود الثاني، وأن السابق خلق
العالم بواسطة التالي لا بنفسه، الأول تام والثاني ناقص، والأول لا يوصف
بوجود ولا عدم ولا موصوف ولا غير موصوف.
- يدخلون على الناس من جهة ظلم الأمة لعلي بن أبي طالب وقتلهم الحسين.
- يقولون بالرجعة وأن علياً يعلم الغيب فإذا تمكنوا من الشخص أطلعوه على حقيقتهم في إسقاط التكاليف الشرعية وهدم الدين.
- يعتقدون بأن الأئمة والأديان والأخلاق ليست ضلالاً.
- يدعون إلى مذهبهم اليهودَ والصائبةَ والنصارى والمجوسية والفلاسفة
وأصحاب المجون والملاحدة والدهرين ويدخلون على كل شخص من الباب الذي
يناسبه.






الجــذور الفــكرية والعقائــدية:
-






فلسفتهم مادية تسربت إليها تعاليم الملاحدة والمتآمرين من أئمة الفرس.
- تأثروا بمبادئ الخوارج الكلامية والسياسية ومذاهب الدهرية.
- يتعلقون بمذاهب الملحدين من مثل مزدك وزرادشت.
- أساس معتقدهم ترك العبادات ونسف مفهوم المحظورات وإقامة مجتمع يقوم على الإِباحة والشيوع في النساء والمال.
- فكرتهم الجوهرية هي حشد جمهور كبير من الأنصار ودفعهم إلى العمل لغاية يجهلونها.










الانتشــار ومواقــع النفــوذ:







دامت هذه الحركة قرابة قرن من
الزمان، وقد بدأت من جنوبي فارس وانتقلت إلى سواد الكوفة وامتدت إلى
الأحساء والبحرين والبصرة واليمامة. وسيطرت على رقعة واسعة من جنوبي
الجزيرة العربية واليمن والصحراء الوسطى وعمان وخراسان وقد دخلوا مكة
واستباحوها واحتلوا دمشق ووصلوا إلى حمص والسلمية، وقد مضت جيوشهم إلى مصر
وعسكرت في عين شمس قرب القاهرة ثم انحسر سلطانهم وزالت دولتهم وسقط آخر
معاقلهم في الأحساء والبحرين. هذا ومما يلاحظ الآن أن هناك كتابات مشبوهة
تحاول أن تقدم حركة القرامطة وغيرها من حركات الردة والتخريب في العالم
الإِسلامي على أنها حركات إصلاحية وأن قادتها رجال أحرار ينشدون العدالة
والحرية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:35 pm

الدروز



السهم الدرزي في ظهر العرب






بعمائمهم التي تشبه عمائم الأزهريين
يبدو شيوخ الطائفة الدرزية كما لو كانوا من علماء المسلمين ، ولربما تحدث
وجهاؤهم بلسان مسلم ، أو حاكوا المسلمين في بعض مفرداتهم : ( لا فضل لدرزي
على سني إلا بالنضال ! ! أخذاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « لا فضل
لعربي على أعجمي إلا بالتقوى » ) مثلما قال سميح القاسم الشاعر الفلسطيني
الدرزي .
بيد أن المخابر لا تبديها المظاهر ، وإنما تكشفها العقائد والأصول والمواقف .

والحق أن هذه الطائفة بعيدة النجعة عن طريق الإسلام والمسلمين ؛ فالدين غير الدين ، والولاءات متعارضة ، والمواقف السياسية متباينة .
وإذ يعتري بعض المسلمين العجب وهم يظنون أن الدروز هم إحدى فرق المسلمين ،
وأنهم وإن اختلفوا عن السنة إلا أنهم لا يخرجون عن دائرة الإسلام
والمسلمين ، وهم يشاهدون درزياً ( صالح طريف ) وزيراً بلا وزارة في حكومة
شارون ، ويعجبون كذلك وهم يرون العديد من شباب الطائفة ورجالها يخدمون في
الجيش الإسرائيلي ويصوبون رصاصهم في قلوب ( إخوانهم من العرب الفلسطينيين
) .

إلا أن هذا العجب سرعان ما يتبدد حينما يستبين لهؤلاء حقيقة القوم ، وحين
نجلِّي عن الدروز حجاب الإسلام عبر هذه السطور فنستطيع وقتها أن نراهم عن
كثب على حقيقتهم التي ربما تخفى على العديد من المسلمين .
تعريف الدروز ونشأتهم : هم فرقة باطنية تقترب عقيدتها من عقيدة
الإسماعيلية تخفي عقيدتها عن الناس ، وقد نشأت إبان حكم الطاغية الحاكم
بأمر الله الفاطمي ( 408 هـ ) على يد محمد ابن إسماعيل الدرزي ( بنشتكين )
الذي تسرَّع في إعلان ألوهية الحاكم بأمر الله مما أثار المسلمين ضده في
مصر ، فاضطر للفرار إلى الشام ؛ وهناك دعا إلى مذهبه فاستجاب له بعض الناس
فأسس الفرقة الدرزية التي ارتبط اسمها باسمه ، على الرغم من أن الدروز
يلعنونه لتسرعه ويلقبونه بالغطريس الذي تغطرس في الكلام دون علم أو يقين ،
ويفضلون اسم الموحدين على الدروز ؛ غير أنهم لا ينكرونه ، والدروز عرب
خُلَّص من قبيلتي لخم و تنوخ وليسوا أكراداً كما يظن بعض من الناس .





عقيدتهم :










- يعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله ، ويعتقدون بغيبته ورجوعه .
- ينكرون جميع أحكام الإسلام من صلاة وحج وصيام وتحريم للميتة والخمر .
- يزعمون أن شريعة محمد بن إسماعيل نسخت شريعة محمد بن عبد الله .
- يؤمنون بالتقية .
- لا يؤمنون بجنة ولا بنار ؛ وإنما يؤمنون بتناسخ الأرواح .
- يبغضون جميع أهل الديانات الأخرى لا سيما المسلمون ، ويستبيحون دماءهم وأموالهم .
- لا يؤمنون بالأنبياء سوى أنبيائهم المزعومين .
- لا يتلقى الدرزي عقيدته إلا إذا بلغ الأربعين .








طبقات الدروز :





الناس في الطائفة الدرزية طبقتان :






أ - الروحانيون
: وهم أهل العلم من الطائفة العالمون بأسرارهم ، وينقسمون إلى : ( شيوخ
عقل ) : وهم كبار علمائهم ، و ( أجاويد ) : وهم بمثابة طلاب العلم عند أهل
السنة .

ب - الجثمانيون : وهم عامة الطائفة المعنيون بأمور الدنيا من أمراء وعامة .









الخريطة الدرزية في العالم :







يبلغ عدد أبناء الطائفة الدرزية في
العالم نحو 250 ألف درزي ؛ منهم 120 ألف في فلسطين ، و 90 ألف في لبنان ،
و 17 ألف في الجولان السورية ( جميع سكان الجولان المحتلة ) ، والباقي في
أنحاء سوريا و أستراليا و البرازيل .

وللدروز في فلسطين ولبنان وسوريا شأن وتميز واضح .








ففي فلسطين
: لا يخفى على ذي عينين وجود تأثير يهودي عميق في نشأة معظم الفرق التي
مرقت من الإسلام ، وليس سراً أن الحاكم بأمر الله أبا علي المنصور بن
العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي إله الدروز كانت له ميول يهودية
، والفرقة الإسماعيلية التي انبثقت عنها الدرزية إنما ولدت أفكارها من رحم
يهودية ، وليس غريباً أن يحن الفرع إلى الأصل ، وأن يحدث نوع في توافق
الأفكار وتلاقي المصالح بين اليهود والدروز ، وعليه فإن من أولويات الكيان
الصهيوني فور إنشائه في العام 1948م كان انتقاء الدروز من بين العرب
وتمييزهم عنهم واحتواؤهم أو على الأقل تحييدهم .

وفي المقابل رأى دروز فلسطين دولة اليهود فرصة للعب على التناقضات بين
المسلمين واليهود خروجاً بأعلى مكسب يمكن أن تحققه أقلية لا تزيد عن 250
ألف بين عرب يزيد تعدادهم عن 250 مليون ( 1% ) .

بدأت الاتصالات مبكراً بين نشطاء الحركة الصهيونية والدروز ، منذ عام
1930م وخلال هذا وقَّع معظم زعماء الدروز على البيان الذي يعلن أن موقف
الطائفة الدرزية من ( النزاع اليهودي الفلسطيني ) هو موقف محايد ، وفي عام
1948م أنشأ الكيان الصهيوني وحدة الأقليات في الجيش الإسرائيلي ، وحاول
تهميش دور المتحفظين من كبار العائلات الدرزية ، إلا أن هؤلاء سرعان ما
لحقوا بركب المتعاونين مع اليهود ، وسمحوا للدروز بالانخراط في جميع
مؤسسات الدولة الوليدة في مقابل الاعتراف في الوقت المناسب بالطائفة
الدرزية طائفة مستقلة لها محاكمها الخاصة وتنظيمها الديني المستقل .
ومن أكبر العائلات الدرزية التي احتوتها الحركة الصهيونية عائلة طريف التي
ينتمي إليها أول وزير عربي في حكومة إسرائيلية ( صالح طريف وزير عمالي بلا
وزارة في حكومة شارون ) .

وإلى جانب اهتمام ( إسرائيل ) المبكر باحتواء الدروز سياسياً عبر تميزهم
عن بقية العرب واستيعاب ساستهم ضمن منظومة « إسرائيل » الحزبية ؛ انصرف جل
اهتمام اليهود إلى تحقيق أقصى استفادة عسكرية من وجود الدروز على أرضهم
المزعومة وتوافر النية لدى الأخيرين بالتعاون اللامحدود مع الكيان
الصهيوني .

ويعتبر الرئيس « الإسرائيلي » الأسبق إسحاق تسقي أبرز المسؤولين الذين
اهتموا بقضية الدروز ؛ حيث أكد في خطاب شهير له أمام الكنيست أن تجنيد
الدروز يعتبر أمراً حيوياً حتى يتحولوا لسكين حاد ينغرز دائماً في ظهر
العرب ، مما دفع « إسرائيل » إلى إنشاء وحدة خاصة بالجيش هي وحدة الأقليات
؛ وتكلف تلك الوحدة بالقيام بالعمليات العسكرية داخل الدول العربية
وخارجها .

ويبلغ عدد الدروز حالياً في الجيش قرابة 19000 مجند موزعين على نقاط
التماس مع العرب ( جنوب لبنان - الضفة - غزة ) كدروع بشرية لليهود ،
وموزعين كذلك على الوحدات الخاصة مثل وحدات المستعربين ( الدوفدفان )
والتي تعنى باغتيال واختطاف ناشطي جماعات المقاومة الفلسطينية ، والتي كان
لها دور مخز كبير في اقتحام باحة المسجد الأقصى أواخر شهر يوليو الماضي (
أكثر من 400 مستعرب شاركوا في الهجوم التتري على الأقصى ) ، بجانب انخراط
عدد كبير منهم في أجهزة الاستخبارات « الإسرائيلية » المختلفة نظراً
لصعوبة تمييزهم عن بقية العرب من حيث الشكل واللغة ( مثل الجاسوس المسجون
في مصر عزام عزام ) .

وما يزال وضع العسكريين الدروز في تصاعد ، وتتزايد حاجة الجيش (
الإسرائيلي ) واطمئنانه لهم مع الأيام ، ويتأكد ذلك كلما أبلى هؤلاء
آثاماً في حرب اليهود ضد الفلسطينيين .

وفي الانتفاضة الحالية تم مكافأة الدروز بترقية أحد ضباطهم وهو يوسف مشلب
لرتبة جنرال خلال يونيو الماضي ، وهي أعلى رتبة يصل إليها ضابط درزي .

اقتصادياً : اندمج الدروز في الاقتصاد « الإسرائيلي » حسب نموذج يختلف عن
نموذج بقية العرب أو اليهود ؛ فما يقرب من 50% من قوة العمل بين الرجال
الدروز مندمجون في قطاعات لا يَقبل اليهود العمل فيها ، ولا يُقبل العرب
المسلمون بها ، 40% يشتغلون في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المختلفة ،
10% يعملون في مصانع البتروكيماويات والموانئ وغيرها من الأماكن الحيوية (
ربما في الأعمال الوضيعة فيها فحسب ) .



و
في لبنان
: كما في فلسطين تتحكم عائلات محدودة ذات الثراء والصيت والمنعة في إدارة
الشأن الدرزي اللبناني مثل عائلة جنبلاط ( ينتمي إليها زعيم الحزب التقدمي
الاشتراكي اللبناني الحالي والسابق وليد وكمال جنبلاط ) ، وعائلة أرسلان (
ينتمي إليها دماً فقط المجدد المسلم السني الأمير شكيب أرسلان سفير
الإسلام في العالم ) ، وعائلة الأطرش ( ينتمي إليها المغني فريد الأطرش
وأخته الجاسوسة أسمهان التي لقيت حتفها في حادث استخباري غامض ) .

العائلة الثالثة ذات تأثير محدود الآن بين الدروز .
العائلة الثانية تميل إلى مسايرة الدولة والمحافظة على المكتسبات الدرزية .

أما العائلة الأولى فلها اليد الطولى في توجيه السياسة الدرزية ، ولقد قام
زعيماها بإدارة دفة السفينة الدرزية باقتدار مما جعلهما قمينين بأن تسلط
الأضواء عليهما : أراد كمال جنبلاط أن يجد للدروز ولزعامته المدى العربي
ومكانة لبنانية تفوق حصة حجمهم العددي ، ومن أجل أن يصبح لامعاً قرر أن
يكون معارضاً ، فأنشأ في أواخر الأربعينيات الحزب التقدمي الاشتراكي ،
وتبنى منذئذ قضايا الفقراء كعادة الاشتراكيين واستفاد بذلك من القاعدة
الفقيرة غير الدرزية في مد شعبيته وصقل زعامته ، حتى إذا كانت الحرب
اللبنانية كان جنبلاط قد أصبح رقماً من أرقام المعادلة اللبنانية الصعبة ،
وانضم إليه العديد من القوى الفلسطينية والشيعية واليسارية إلى أن قُتل
عام 1976م ، وقد تولى بعده ابنه وليد زعامة الحزب والطائفة ، وفي الحرب
استطاع أن يدحر الموارنة ( المسيحيين ) عن مناطق الدروز بالتعاون مع قوات
أمل الشيعية وبدعم سوري واضح .

وحين وضعت الحرب أوزارها شط الدرزي الأول في مطلب في اتفاق الطائف برئاسة
رابعة للدروز ( يتكون نظام الحكم اللبناني من ثلاث رئاسات : رئاسة الدولة
للمسيحيين ، ورئاسة الحكومة للسنة ، ورئاسة البرلمان للشيعة ) ورفضه
السوريون والسعوديون ، وعليه فقد بدأ جنبلاط في التحول من موالاة سوريا
إلى الحياد معها أثناء الرئاسة القوية لحافظ الأسد ، ثم التحول إلى مجاهرة
سوريا بضرورة كف يدها عن التدخل في لبنان عندما شعر بضعف الرئيس السوري
الشاب بشار الأسد ، مع تقربه في الوقت نفسه إلى القوى المسيحية المطالبة
برحيل السوريين ( البطريرك صفير ، ورئيس الحكومة السابقة العماد ميشيل عون
) ؛ مما حدا بوزير الدفاع السوري العماد مصطفى طلاس إلى لمزه من قناة
قائلاً : نحن صنعناهما ( صفير وجنبلاط ) وها هما ينقلبان علينا .

ويستمر الحرباء السياسية في تقلباته ليحقق فوزاً ( تحالفياً ) بارزاً في
الانتخابات الدرزية الأخيرة ، ويخطو خطوة واسعة في طريق الدولة الدرزية
التي يطمح إليها الدروز بالشوف في لبنان استناداً إلى مشروع غربي تمنيهم
به فرنسا بمساعدة « إسرائيلية » .








أما في سوريا
: فلعل أبرز تأثير للدروز هو في مواطنيها المقيمين في الجولان السوري
المحتل الذين يمثلون نحو 17 ألف درزي سوري هم جميع قاطني الجولان ، ويعد
ولاء الدروز المذبذب بين « إسرائيل » وسوريا أكبر معضلة لسوريا في
مفاوضاتها المترنحة مع الكيان الصهيوني ، وما من شك في أن الدروز سيخذلون
السوريين حينما يطلب منهم موقف انحيازي حاسم ، وقد بدت أعراض ذلك الخذلان
في فبراير قبل الماضي حينما طلبت حوالي 300 أسرة درزية تعيش في هضبة
الجولان ، من الحكومة « الإسرائيلية » ضمانات بأنها ستستمر في العيش تحت
الحكم « الإسرائيلي » إذا تمت إعادة هذه المرتفعات السورية ، وقد قالت
الإذاعة « الإسرائيلية » وقتها إن هؤلاء الدروز الذين حصلوا على الجنسية
الإسرائيلية قد طالبوا نائب وزير الدفاع « الإسرائيلي » مساعدتهم في
تكاليف الرحيل وتقديم تعويضات لهم عن أي ممتلكات سيتخلون عنها ، مشيرة إلى
نية العشرات منهم إقامة دعاوى قضائية ضد الحكومة « الإسرائيلية » مفضلين
البقاء في كنف « إسرائيل » على العودة لسوريا ! !




ماذا يجري الآن في الشام ؟







تشهد منطقة الشام اليوم مرحلة مخاض
جديدة تتبدل فيها الولاءات وتتغير فيها التحالفات ، والطائفة الدرزية فيها
بأقطابها البارزة : زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط ،
والنائب في الكنيست ( الإسرائيلي ) عزمي بشارة ، يقومون بأدوارهم
المتباينة التي تصب جميعها في المصلحة الدرزية العليا التي تقوم على إجادة
اللعب على كل الحبال ، والاتكاء دوماً على الطرف الرابح ، ولربما ظهر
للمشاهد تعارض واضح بين مواقف هؤلاء ، إلا أن المتأمل سيلحظ حتماً إدارة
ذكية للأحداث بما يفيد الطائفة بشكل جيد .

فوليد جنبلاط قد فطن جيداً للتغيرات الأمنية في منطقة الشام : فتولي شارون
وصعود السفاحين لسدة الحكم في إسرائيل ، وتولي بشار الأسد الذي رغم كفاءته
النسبية لا يملك حنكة والده في حكم سوريا ولبنان معاً ، وتنامي نفوذ
العسكريين السوريين واللبنانيين في لبنان ، وفقدان الرئيس اللبناني إميل
لحود الموالي لسوريا لنفوذه بين النصارى الموارنة ، وصعود نجم البطريرك
صفير الموالي لفرنسا في بكركي ، والرغبة القوية لدى واشنطن و باريس لتقليم
أظفار الشيعة الإمامية المتمثلة بحركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري
، وحزب الله بزعامة حسن نصر الله الموالية لسوريا و إيران ، وتجدد ضغط
تيار القائد السابق للجيش اللبناني ميشيل عون الموالي قلباً وقالباً
لفرنسا ( دولة الاحتلال السابقة للبنان ) و باتجاه المطالبة برحيل القوات
السورية من لبنان ( وقد تم له ما أراد ) ؛ حيث كان يصف عون وتياره وجودها
بـ ( الاحتلال السوري للبنان ) .



كل هذه العوامل التي فطن إليها جنبلاط دفعته إلى الآتي :



1 - طرح نفسه
زعيماً درزياً في الشام كله عبر إطلاق دعوته لرفض الدروز للتجنيد في صفوف
جيش الكيان الصهيوني ( 8% من الشباب الدرزي في فلسطين المحتلة يخدمون في
الجيش الصهيوني ) ، وتبنيه لمؤتمر التواصل القومي بعمان الذي عقد قبل شهور
للدعوة لرفض الانخراط في الجيش ( الإسرائيلي ) ، والذي استقبل فيه جنبلاط
لدى انعقاد المؤتمر استقبال الأبطال ، وكان جنبلاط قد اجتمع سراً بممثلي
دروز ( إسرائيل ) في عمان قبل المؤتمر برعاية المفكر الدرزي البارز النائب
بالكنيست ( الإسرائيلي ) عزمي بشارة ( الذي واجه تحقيقاً « إسرائيلياً »
تبعاً لذلك لإطاحته من الكنيست ) من أجل توحيد الصف .

2 - اقترابه من رئيس الحكومة السني الشهيد رفيق الحريري ، ومحاولته تشكيل
جبهة ثلاثية معه ومع الموارنة ( 68 عضواً البرلمان اللبناني ) ، بعد أن
أذاب الجليد مع الموارنة بعد زيارة البطريرك صفير للجبل ، وشكل معهم
ثنائية على أنقاض ثنائية ( المارون الشيعة الإمامية ) التي لا يرضى عنها
الأمريكيون والفرنسيون والإسرائيليون ، ولا سيما بعد أن نجح حزب الله في
بسط سلطته وشعبيته في الجنوب اللبناني ، ورفض هؤلاء لنشوء دولة شيعية
ترعاها إيران في الجنوب .

3 - هدم كافة جسور التقارب مع دمشق ، قد أظهر ولاءً منقطع النظير نحو (
إسرائيل ) ؛ مما حدا بسلطتها إلى محاولة تلميعه ليتبوأ زعامة مجلس عالمي
للدروز تزمع ( إسرائيل ) إنشاءه وتوجيه دعم مالي كبير له ؛ ليضطلع بدوره
الجدي لتوحيد الدروز في العالم تحت إمرة الدروز ( الإسرائيليين ) الموالين
للكيان الصهيوني .




الطلاق الدرزي :









يطيب لبعض الكتاب تجسيم مواقف
الدروز من قضايا الأمة المصيرية على أنها مواقف تنم عن خيانة للأمتين
العربية والإسلامية ، وإذا كنا نوافق هؤلاء على أن مواقف الدروز هي خيانة
علنية للعرب والعروبة باعتبارهم من القبائل العربية الأصيلة ، إلا أننا لا
نشاطرهم الرأي فيما يخص الإسلام ؛ فالدروز لا يعدون طابوراً « إسلامياً »
خامساً ؛ لأنهم بكل وضوح ليسوا بمسلمين وقد طلقوا انتماءهم للإسلام طلاقاً
درزياً ( لا رجعة فيه ) منذ مرقوا من الدين حين أنشؤوا دينهم عام 407 هـ ،
وليس في القول جرأة ، بل هذا الكلام قد قال نظيره شيخ الإسلام ابن تيمية
حين سئل عن الدروز فأجاب : « هؤلاء الدروز كفار باتفاق المسلمين لا يحل
أكل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم بل ولا يقرون بالجزية ؛ فإنهم مرتدُّون عن
الإسلام ليسوا مسلمين ولا يهود ولا نصارى وإن أظهروا الشهادتين وهم من
القرامطة الباطنية الذين هم أكفر من اليهود والنصارى ومشركي العرب » [1] ،
وقال أيضاً عن الدروز : « كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون ؛ بل من شك
في كفرهم فهو كافر مثلهم ؛ فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم » [2] .

وعطفاً على ما قال شيخ الإسلام ، فإن هؤلاء حقاً باطنيون يظهرون ما لا
يبطنون ، ومن تتخلف عنه هذه المسلَّمة يهوله التناقض الرهيب في مواقف
الدروز ؛ فكما تقدم رأينا حرباء لبنان كم يتقلب بأطياف السياسة اللبنانية
، وكيف يتأرجح الجولانيون بين اليهود والعرب ، وكيف يحاول دروز فلسطين
تارة ارتداء مسوح المقهورين على خدمة « إسرائيل » ، وتارة يتبخترون بلباس
الجندية الإسرائيلية .

وأخيراً نسوق ذلك الموقف الطريف من صالح طريف الوزير الشاروني : حين أجرى
التلفزيون الفلسطيني في يناير الماضي مقابلة مع ذلك الدرزي عضو اللجنة
المركزية في حزب العمل قبل توزيره وأثناء الانتخابات قال : إن زيارة شارون
للحرم القدسي الشريف كانت تدنيساً للحرم ، وأنه يأسف ؛ لأن الدروز يخدمون
في الجيش « الإسرائيلي » ويحاربون إخوتهم ، وأنه إذا لم تضع «إسرائيل »
حداً للنزاع بإقامة دولة فلسطينية ، فلن يكون أمام الطائفة العربية
الدرزية بد سوى إعادة ترتيب أوراقها ، وتبني موقف شجاع مهما كلف الثمن .

وعندما تم اختياره وزيراً في التشكيلة الشارونية ونشرت صحيفة يديعوت
أحرونوت « الإسرائيلية » مقتطفات من الحوار السابق متهمة إياه بالنفاق
سارع طريف على الفور بالاتصال بالإذاعة « الإسرائيلية » طالباً بصفته
وزيراً إجراء حوار معه ، وفي الحوار قال إنه أدلى بأقواله للتلفزيون
الفلسطيني ليقنع الفلسطينيين بالتصويت لمصلحة باراك ، وأضاف : لقد حصل لي
ما يحصل لآخرين يتفوهون بتصريحات خلال معركة انتخابية ثم يندمون عليها ،
ولو سئلت اليوم السؤال نفسه لما قلت إن شارون دنس الأقصى بزيارته .

وعندما سأله المذيع عما إذا كان يتخبط بين تعاطفه مع الفلسطينيين وتضامنه
مع « الإسرائيليين » قال : « يبدو أنك نسيت أنني كنت جزءاً من معركة
الدفاع عن دولة « إسرائيل » مدة ثماني سنوات ضابطاً في الجيش ، ولم أخجل
ذات مرة من القول إنني خدمت في الجيش « الإسرائيلي » ، وإنني على استعداد
لإرسال أبنائي إلى الجيش للدفاع عن الدولة ، حتى إذا تعرضت حياتهم للخطر ؛
فأقاربي جميعاً يخدمون في الجيش » ! لا عجب يا طريف ! فقد أحسنت حين
جسَّدت لنا الطبيعة الدرزية التي أُشربت عقيدة التقية ، واتخذت الباطنية
ديناً .





أسهم متواليه فى ظهور العرب والمسلمين ,,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:38 pm

المدعو عزمى بشاره

تلميع عضو كنيست اليهود عزمي بشارة لماذا؟









إن كثيراً من المصائب والكوارث
والمخازي التي لحقت بأمتنا كانت على أيدي زعامات وقادة ومُفكرين مُزيفين
مُزورين تافهين من صناعة أعداء الأمة وأجهزة المخابرات العالمية والمحلية
، تم تلميعهم ليخترقوها بهم ؛ حتى يستطيعوا القيام بالدور المرسوم لهم
بتدمير الأمة باقتدار ونجاح ، وبالفعل تم غرس كثير من هؤلاء في أعلى هرم
السلطة والمسؤولية ، وفي مراكز القرار في عالمنا الإسلامي ، فقادوا الأمة
إلى المذبح وإلى الهلاك وهي ترقص وتغني وتطبل خلفهم وتهتف بحياتهم ، ومن
هؤلاء من ينطق الآن باسم الشعب الفلسطيني ، ويتغطى بغطاء إسلامي ، ويخوض
صراعاً على سلطة الخازوق المُسمى ب(السُلطة الوطنية الفلسطينية) ويتنافس
معها على الاعتراف ب(الكيان اليهودي) ويعلن أن وجود ما يُسمى ب(إسرائيل)
أمر واقع يجب أن نتعامل معه ، وأن زوال ما يُسمى ب(إسرائيل) لا يعنينا،
إنما الذي يعنينا هو إقامة (دولة فلسطينية) إلى جانب ما يُسمى ب(دولة
إسرائيل) وأن المشكلة ليست بوجود(إسرائيل) وإنما بعدم وجود (دولة
فلسطينية) حتى يكون هو زعيمها، فإلى متى سيبقى عدونا يستهزئ بنا ويستغفلنا
ويستخف بعقولنا ، ويجعلنا نصدق أن السراب ماء ، ويصنع لنا قيادات ،
ويحملها فوق أعناقنا .





ففي ضمن هذا السياق ومنذ عام 1996 تقريباً ونحن نشهد تسويق ظاهرة سياسية
اسمها (عزمي بشارة)، وهذه الظاهرة تتعلق ب(عضو كنيست اليهود) أي أحد
مؤسسات الكيان اليهودي الغاصب ل(فلسطين) أي بمفردة من مفردات النظام
السياسي البشع لهذا (الكيان الغاصب) المجرم الذي قام على أنقاض شعبنا
الفلسطيني، وفوق أرضنا المُباركة (فلسطين) بعد أن غرسته الصليبية العالمية
المُتمثلة ب(بريطانيا) يوم ذاك ..




فهي صاحبة هذا المشروع اليهودي السرطاني الخبيث الذي نشر الموت والهلاك
والعذاب بين أبناء شعبنا ، وشردهم في بلاد المعمورة ، وهذا المشروع هو
نواة المشروع اليهودي الكبير الذي يمتد من( النيل في مصر إلى الفرات في
العراق) ولا يُمكن أن يُصبح أي شخص(عضو في كنيست اليهود) إلا بعد أن يُقسم
ب(الولاء للمشروع اليهودي ولحدوده) والعمل على تحقيق أهدافه ، والحفاظ
عليه والالتزام بقوانينه ، وهكذا صار(عزمي بشارة) عضوا في (كنيست هذا
المشروع) (1) أي جزءا من السلطة التشريعية لهذا المشروع بعد أن أقسم
اليمين على ذلك ، فالذي يكون جزءاً من مؤسسات هذا الكيان المجرم فإنه يكون
شريكا بكل جرائمه مهما تغطى بثياب براقة قد تخدع البسطاء من الناس .




فمن خبث اليهود أنهم يسمحون لعدد محدود من أبناء الشعب الفلسطيني الذين
بقوا صامدين على الجزء الذي سرقوه عام 1948بأن يصبحوا أعضاء في (كنيستهم)
ليكونوا مكياجا بشعا في الوجه البشع لهذا الكيان المجرم لتغليفه
بالديمقراطية ، إنها حقا ديمقراطية اللصوص المغتصبين ، وأصبح هذا الكيان
يستخدمهم كجسر للتطبيع مع العالم العربي (2) .




فمن مهازل التاريخ وعصر الانحطاط والهزيمة والانكسار الذي وصلت إليه أمتنا
أن عضواً في المشروع اليهودي تحت أية صفة كانت يدخل علينا من باب(كنيست
اليهود) التي يعف الواحد منا من ذكرها على لسانه ، ويُسوق علينا بصفته
(مفكراً فلسطينياً عربياً جهبذ) وليُصبح محل حظوة واحترام وترحيب في مُعظم
العواصم والدول العربية في كل حين ، ويُركز عليه الإعلام ، ويُطلق عليه
الألقاب ، وهو متقن للدور الذي أوكل إليه .




ف(عضو كنيست اليهود) المستقيل (عزمي بشارة) يقوم بطرح أطروحات سياسية
خطيرة يعمل على تسويقها بين أبناء شعبنا الصامد على الأرض التي اغتصبت عام
1948، وهذه الطروحات تستهدف تثبيت (الكيان اليهودي) الغاصب فوق أرضنا،
وليُصبح مهضوماً من شعبنا وأمتنا، وذلك بجعل هذا الكيان جزءا من المنطقة
المحيطة به والتي يتناقض معها (عقائدياً وتاريخياً وثقافياً وجغرافياً)،
أي بتطبيعه، أي يُصبح من نفس طبيعة المنطقة بدلا من لفظه ، فيكون مصيره
كمصير دولة الصليبيين التي استمرت قرنين من الزمان (مائتي عام) ثم لفظتها
المنطقة ، فهذه الأطروحات السياسية الخطيرة والتي أصبح من يُسوقون (عزمي
بشارة) يعتبرونها مواقف بطولية :























أولاً: (عزمي بشارة) هذا يحمل عقيدة مُناقضة
ومُعادية لعقيدة الأمة الإسلامية القائمة على الغيب، فهو قد خرج من رحم
(الحزب الشيوعي الإسرائيلي) المُسمى (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
_حداش_) وبقدرة قادر تحول إلى مُفكر ومُناضل قومي، فهو بالأساس يتستر
بالماركسية ليُخفي الروح الصليبية التي يحملها ككثير من الماركسيين الذين
تبينت حقيقتهم بتحالفهم الحالي مع (أمريكا) في احتلالها للعراق ، فكيف
يتحالف النقيضان (الإمبرياليون مع الاشتراكيين) إنه العداء للإسلام،
والدليل على هذه الروح الصليبية أنه يستهزئ بعقيدة الإسلام القائمة على
(الغيب) فعندما يُريد أن يُهاجم من يدافع عن الإسلام فإنه يُعيره بأنه
(غيبي) أي أنه مسلم، أي أنه موحد لله رب العالمين، ففي إحدى مداخلاته
التلفونية على (قناة الجزيرة) في برنامج (الاتجاه المعاكس) قام بالرد على
الضيف بغضب وكان يومها الكاتب (ياسر الزعاترة) بأن وصفه (بالغيبي) أي أنه
مسلم "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألُونكم خبالاً
ودُوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيّنّا
لكُم الآيات إن كُنتم تعقلون" 118 آل عمران.




وفي مرات كثيرة سمعته يستهزئ بعقيدتنا (عقيدة الغيب) التي نفديها بأرواحنا .




ألا يدري هذا المُفكر المُلحد المُصطنع المُزيف (عضو كنيست اليهود) عزمي
بشارة بأن (عقيدة الغيب) هي التي صنعت أمتنا ، وصنعت لنا تاريخا مفعما
بالعزة ، وبها ارتقينا ذرى المجد، وبها استلمنا زمام التاريخ ، وأقمنا
أعظم حضارة في تاريخ البشرية، حيث قدنا الإنسانية بالعدل والرحمة، وأن
(عقيدة الغيب) هي التي تهزم (أمريكا) الآن وحلفاءها وعملاءها وأعوانها في
(العراق وأفغانستان) ومن ضمنهم ( الحزب الشيوعي الذي خرجت أنت من رحمه) في
معركة ميزان القوى فيها مُختل بالكامل لصالح العدو المادي الكافر ، وألا
تدري يا هذا أن الملاحدة الماديين في دُنيا الإسلام والذين يستهزئون
ب(عقيدة الغيب) قد صنعوا لنا الخزي والعار والانكسار وهزائم أغرب من
الخيال، وأضاعوا (فلسطين) ويُريدون (الكيان اليهودي) أن يكون كيانا للشعب
الفلسطيني ، فهل يستوي صاحب الحق مع السارق والمغتصب للحق يا أيها المفكر
العظيم !! .




فإن كنت لا تدري هذه الحقيقة عن (عقيدتنا الغيبية) يا حضرة المفكر القومي
فهو الجهل بعينه، فكيف سموك ب(المفكر القومي الكبير)، وإن كنت تدري فهي
(الحرب الصليبية) على عقيدة المسلمين "الم* ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى
للمتقين* الذين يُؤمنون بالغيب ويُقيمون الصلاة ومما رزقناهم يُنفقون*
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يُوقنون*أولئك
على هدى من ربهم وأولئك هم المُفلحون"1:5 البقرة.




فالله سبحانه وتعالى ـ أيها المُفكر المُصطنع ـ غيب، والملائكة غيب ،
والجنة غيب، والنار غيب، هذه هي عقيدتنا الغيبية التي تستهزئ بها .




ومن ضمن حربه على عقيدة أمتنا فإنه يدعو إلى إعادة إنتاج أمتنا على أسُس
جديدة تتناقض مع (عقيدة الغيب) وتتوافق مع عقلانيته، فيقول : أنا أقبل أن
أتعاون مع (المسلمين التنويريين والإسلام التنويري) أي أنه يُريد إسلاما
يُبيح كل المُحرمات ، ليس له علاقة بالإسلام الذي أنزل على محمد صلى الله
عليه وسلم، لذلك تجده الآن خائفا جداً من انتصار( الغيبيين المُجاهدين في
العراق) مثله كمثل كثير من الصليبين الذين يتخفون ويتسترون بالماركسية
والأحزاب القومية لمحاربة (عقيدة الغيب)، فلقد صرح في إحدى الندوات في
(محطة الجزيرة) بأن هزيمة (أمريكا) في (العراق) ومجيء هؤلاء ليحكموا
(العراق) بأفكارهم التي يحملونها ستكون كارثة ، وهو يقصد (عقيدة الغيب)
عقيدة المسلمين ، طبعا ستكون كارثة على رأس أعداء الأمة .






















ثانيا: إنه أول من دعا إلى (الأسرلة) أي أن
يُصبح أبناء الشعب الفلسطيني أصحاب الجزء الذي اغتصبه اليهود من فلسطين
عام 1948 والذين بقوا صامدين ومنغرسين في أرضهم ، وكخنجر في قلب (الكيان
اليهودي) وشوكة في حلقه ( إسرائيليين) لهم كامل حقوق المواطنة في هذا
الكيان، وذلك بالمطالبة بأن يكون (الكيان اليهودي) دولة لكل مواطنيها، أي
أن يُصبح (الكيان اليهودي) كيانا للشعب الفلسطيني، وهذا المطلب يترتب عليه
تلقائيا بأن يخدم الفلسطينيين في الأجهزة الأمنية اليهودية ، بما فيها
(الموساد والشين بيت) والجيش اليهودي للدفاع عن كيانهم ودولتهم ، ومحاربة
أبناء أمتهم وأبناء شعبهم في (الضفة الغربية وقطاع غزة) وهدم البيوت على
رءوسهم والمشاركة في ارتكاب المجازر التي يرتكبها الكيان اليهودي ضد أبناء
الشعب الفلسطيني في كل يوم منذ ستين عاما، وبذلك تنتهي مُطالبة الشعب
الفلسطيني بتحرير(فلسطين) وبرفض هذا الجسم الغريب ، وتتوقف عملية لفظ هذا
الكيان المحكوم عليه بالزوال ، وبذلك تصبح (فلسطين) مُلكا للمغتصبين
المستجلبين من جميع أنحاء العالم من شذاذ الآفاق ، يعيش فيها الفلسطينيون
كمواطنين في دولتهم ، لهم حقوق المواطنة كأي أقلية في أية دولة من دول
العالم ..




وهذا الطرح ما هو إلا فخ قاتل يريد صاحبه أن يُوقع الشعب الفلسطيني فيه،
وهو نفس الطرح الذي كان يُنادي به (اليسار الفرنسي) في أواخر أيام
الاستعمار الفرنسي للجزائر بأن تصبح دولة الاستعمار هي لكُل مواطنيها، أي
أن يُصبح الجزائريون فرنسيين، أي أن ينسلخوا من عروبتهم وإسلامهم ،
وبإقرار من الشعب الجزائري وبإرادته، وبذلك يُصبح احتلال (فرنسا) للجزائر
شرعيا وقانونيا، وكان هذا الطرح أكبر مؤامرة على الجزائر وشعبها العربي
المسلم، فلو تم هذا الأمر ما خرجت (فرنسا) من ( الجزائر) بعد مائة وثلاثين
عاما ، ولأصبحت (الجزائر) فرنسية وضاعت إلى الأبد .










ثالثا : دعوته الأخيرة تبني إقامة (حكم ذاتي
ثقافي للفلسطينيين) تحت سقف الكيان اليهودي في الجزء الذي سُرق من
(فلسطين) عام 1948، وهذا الطرح هو أحد توصيات (مؤتمر هرتسيليا) اليهودي
الأخير، وهذا طرح خطير جداً يستهدف محاصرة الخطر الديمغرافي الفلسطيني
المُتفاقم والمتمدد ، والذي يتزايد عاما بعد عام ، وهذا الطرح هو من
أطروحات (الموساد اليهودي) بحصر العرب في الجزء الذي سُرق من (فلسطين) عام
1948 في إطار كانتوني ، يُبعد الخطر الديمغرافي عن (الكيان اليهودي) والذي
يُسميه اليهود ب(القنبلة السُكانية الموقوتة)، ومن المعروف أن (مؤتمر
هرتسيليا) والذي يُعقد سنوياً في مدينة (هرتسيليا) قرب تل أبيب يضم جميع
الإستراتيجيين اليهود السابقين والحاليين ومن جميع الأحزاب ، والذين في
الحكومة وفي المعارضة ، حيث يضعون فيه السياسات الإستراتيجية المستقبلية
للكيان اليهودي ، وهذا الطرح أيضا طرحه (اليسار الفرنسي) بعد فشل الطرح
الأول ، واشتداد قوة (الثورة الجزائرية) وكانت النتيجة زوال الاستعمار
الفرنسي للجزائر ، وتبني (عزمي بشارة)لأحد توصيات (مؤتمر هرتسيليا)
اليهودي يدلنا على من يُوحي له بهذه الأطروحات الخطيرة .







رابعا : موقف (عزمي بشارة) من مؤتمر(الهلوكوست)
الذي دعا إليه الرئيس الإيراني (أحمد نجاد) في العام الماضي تحت عنوان
(الهلوكوست كذبة كبرى اخترعها اليهود) حيث إنه قد هاجم المؤتمر بعنف ،
وبردة فعل غاضبة لا تتوافق مع هدوئه المُصطنع المُدرب عليه، وصرح حينها
قائلاً : إن التشكيك في الهلوكوست ضد مصلحة الشعب الفلسطيني ، ويُضعف
موقفه في مُطالبته بحقه ، وهو ضد مصلحة العرب والمسلمين ويُسيء لهم "
فلماذا يغضب ويثور المفكر القومي (عضو كنيست اليهود) عندما يتم التشكيك
ب(الهولوكوست) الذي اخترعه اليهود لدر عطف العالم عليهم على حساب الشعب
الفلسطيني الذي ارتكب اليهود بحقه هولوكوست لا زال مستمرا منذ مائة عام؟؟
.







خامسا : إنه من أشد المؤمنين ببقاء (الكيان
اليهودي) واستمراره ، وإنه وُجد ليبقى على أرضنا المُباركة، ففي أكثر من
لقاء استفز من الذين يقولون بزوال هذا الكيان ، وكان يخرج عن هدوئه ووقاره
المُصطنع (لزوم المُفكر) كما يقول المصريون، ويقول بأن (دولة إسرائيل)
وُجدت لتبقى، وأن كل من يدعو إلى زوالها أو يحلم بزوالها إنما هو مهووس
ويهذي ويُخرف ، وهذه خزعبلات وكلام غيبيين مجانين وكلام فارغ، ومن منطلق
إيمانه بهذا الكيان قام مرة بترشيح نفسه لمنصب رئاسة وزراء هذا الكيان .



إني أتحدى أن يوجد تصريح في يوم من الأيام ل(عزمي بشارة) أو قول يدعو
فيه إلى إزالة هذا الكيان المجرم ، أو أنه يُوافق على تصريح كهذا ، فهو
يعتبر أي تهجم على اليهود كلاما عنصريا ، أما الاستهزاء ب(عقيدة الإسلام
الغيبية ) فهو تقدمية وجزء من النضال الوطني .




هذه هي المواقف و الأطروحات السياسية التي على أساسها أصبح (عضو كنيست
اليهود) المستقيل بطلا ومفكرا قوميا عند بقايا الأحزاب المندثرة ، والتي
تعادي الإسلام وتعتبره(رجعية) ولا هدف لها إلا محاربة الإسلام، وعند من
يقولون : إنهم إسلاميون ولكنهم لا يفقهون الإسلام ، أو عند السُذج من
الناس.




فلماذا هذه الضجة الإعلامية الآن وحملات التضامن مع (عضو كنيست اليهود)
عزمي بشارة الآن من قبل كثير من الجهات والأحزاب والمنظمات في العالم
العربي؟؟..




هل بسبب أنه استدعي للتحقيق معه من قبل ما يُسمى ب( الشرطة الإسرائيلية)
بتهمة زيارة سوريا؟ فهل كان الكيان اليهودي (غايب فيله) كما يقولون وقد
زارها مرات ومرات .




فلقد صرح (عبد الحليم خدام) نائب الرئيس السوري (حافظ الأسد) قبل عامين
لبعض وسائل الإعلام بأن (عزمي بشارة) مفروز من (الموساد الإسرائيلي) ليكون
قناة الاتصال مع النظام السوري ، والدليل على ذلك أن كل من كان يُريد أن
يزور(سوريا) من أبناء الشعب الفلسطيني من الجزء الذي سرقه ( اليهود) في
عام 1948 كان يحصل على تصريح من (عزمي بشارة) بمعرفة ورضا سُلطات (الكيان
اليهودي) .




ولماذا استقال (عزمي بشارة) الآن ولم يستقل من قبل احتجاجاً على كثير من
المجازر والجرائم التي ارتكبها (الكيان اليهودي) ضد الشعب الفلسطيني
واللبناني خلال الإحدى عشر عاماً الماضية ، فترة عضويته في ( كنيست
اليهود)؟؟ ولماذا لم يستقل احتجاجاً على (مجزرة مخيم جنين)؟؟ ولماذا اختار
الاستقالة أن تكون بواسطة سفارة (الكيان اليهودي) المنبوذة في القاهرة ؟؟،
ولماذا سُمح له بالمغادرة قبل عشرة أيام من استقالته ، وبعد التحقيق معه
إذا كانت تهمته تشكل خطورة على أمن (الكيان اليهودي) إلى هذا الحد ؟؟ ..




وعلى من ينطلي تبريره بأنه غادر(فلسطين) لأنه إذا بقي هناك فإن التحقيق
معه سيستمر سنوات طويلة مما يمنعه من المغادرة ففضل الخروج على أن يُمنع
من المغادرة!! وأنه خرج بسبب اشتداد الحملة عليه في صُحف (الكيان
اليهودي)، يا عجب العُجاب أإلى هذا الحد يكون حس المناضلين مُرهف وحساس من
نقد العدو لهم ؛ فيهربون من وجهه لأنه لا يحتمل هذا الهجوم ، فأي تبرير
سخيف هذا؟؟ إنه استخفاف بنا وبعقولنا !! إن هذه الأسئلة يجب أن يُجيب
عليها (عزمي بشارة).




إن كل الإجراءات والتصريحات التي اتخذها اليهود بعد مغادرة (عزمي بشارة)
من تفتيش لمكاتبه وشققه المتعددة ، واتهامه بأنه كان يُزود (حزب الله )
بالمعلومات الأمنية والعسكرية إنما هي تهدف إلى التغطية على مسرحية الخروج
، فكان لا بُد من تغطيتها بقصف إعلامي كثيف من أجل التغطية على الهدف
الحقيقي من ورائها ، ولذر الرماد في العيون .




فيبدو أن هناك مهمة أخطر ل(عضو كنيست اليهود) عزمي بشارة يتطلب التغطية
عليها بأن يترك (الكنيست) حتى تنجح هذه المهمة ، وخصوصا بعد نجاح تسويقه
في المرحلة الأولى التي هي تمهيد للمرحلة الثانية، وخصوصاً أن المنطقة
مقبلة على انقلاب تاريخي ستتغير فيه كثير من الثوابت والمعادلات السياسية
، وهذا متوقف على هزيمة (أمريكا في العراق) التي أصبحت حقيقة واقعة.




وفي مقابل عملية تلميع وتسويق (عزمي بشارة) باستمرار ، وإظهاره بمظهر
المُفكر المناضل ، وكأبرز شخصية فلسطينية في الجُزء الذي سرقه اليهود من (
فلسطين)عام 1948 ليستطيع القيام بالدور المرسوم له في الخارج والداخل، نجد
صورة معاكسة تماما تتعلق بالقائد الحقيقي لأبناء ذلك الجُزء الغالي من
فلسطينننا الحبيبة والدور الذي يقوم به ، والحالة التي يُمثلها ، والذي
يُعبر عن ضمير أبناء شعبه وأمته، أمة الغيب، وهو الشيخ المُجاهد البطل
الصنديد الغيبي ( رائد صلاح) الذي حرم دخول (الكنيست) حتى إنه انتخب رئيسا
لبلدية ( أم الفحم- أم النور-) بالإجماع إلا أنه استقال لأنه رفض أن يرفع
علم الكيان اليهودي فوق مبنى البلدية ..




وهذا الشيخ الغيبي المُجاهد البطل دائم التحدي لليهود ، يحمل روحه على كفه
، وهو يُدافع عن (المسجد الأقصى)، ويفضح المخططات اليهودية التي تستهدف
أولى القبلتين وثالث المسجدين ومسرى (محمد صلى الله عليه وسلم ) ويعقد
المهرجانات التي يحضرها عشرات الألوف من أبناء شعبنا الذين يؤمنون بالغيب
تحت عنوان (الأقصى في خطر) والتي لا يحضرها (عزمي بشارة) لأن (المسجد
الأقصى) يخص الغيبيين، فالشيخ (رائد صلاح) الغيبي وقائد الغيبيين اعتقل
أكثر من مرة ، وقضى في السجن سنوات بتهمة التحريض ضد (الكيان اليهودي
المادي العقلاني) ..




وهو يومياً يُسير أربعين حافلة مجانا من أبناء الجُزء الذي سُرق من فلسطين
عام 1948 ليؤدوا الصلاة في (المسجد الأقصى) من الفجر حتى العشاء ، ويطلب
منهم أن يتسوقوا كل حاجياتهم وطعامهم من (القدس) لدعم أهلها ، وتعزيز
صمودهم بإنعاش الحركة الاقتصادية فيها ، وهو الذي قام بتعمير (المسجد
المرواني) تطوعاً هو ومن معه من المُتطوعين ، حتى إنك تجد (الأقصى) يسكُن
في خلايا عقله وفي قسمات وجهه المضيء بنور ربه ، وهو أول من يُغيث أبناء
شعبه في الضفة الغربية وقطاع غزة في كل مرة كان يفرض فيها الحصار عليهم من
قبل اليهود أصحاب (الكنيست) ، فيُرسل لهم قوافل المعونات، لذلك خشي اليهود
من هذا المد الغيبي الذي يقوده هذا المُجاهد الحقيقي الشيخ (رائد صلاح)
فأرادوا أن يبرزوا أمامه شخصية علمانية وحزب علماني لسحب البساط من تحت
أرجله ، ومن تحت الحالة التي يمثلها ، وهي من ضمن أساليب اليهود في محاربة
الحالة الإسلامية التي يمثلها الشيخ الغيبي (رائد صلاح) حفظه الله ورعاه.




لذلك فإن الشيخ (رائد صلاح) نتيجة لمواقفه التي تعبر عن تحدي حقيقي للكيان
اليهودي ممنوع من دخول الدول والعواصم العربية ، حتى إنه مُنع من أداء
فريضة الحج ، وذلك تضامنا مع موقف الكيان اليهودي من هذا المجاهد البطل،
فدوره في الدفاع عن (المسجد الأقصى) يُمثل لُب الصراع العقائدي مع اليهود
وأساسه ، فهو رأس الرمح في هذه المعركة ، لذلك يتم تجاهله من كثير من
وسائل الإعلام العربية ، ويُمنع التضامن معه في الدول العربية خوفا من
استفزاز اليهود ، فكثيرا ما يُمنع من دخول (القدس) ويوضع في الإقامة
الجبرية.




فلماذا هذه المُبالغة بالتضامن مع (عضو كنيست اليهود) المستقيل عزمي بشارة
من قبل السُكارى والمساطيل ودعاة الثقافة والملاحدة والسُذج والمُغفلين في
عالمنا العربي، فيعقدون الندوات والمهرجانات التضامنية ، ويُبشرونا بميلاد
(قائد ومفكر وفيلسوف ومثقف عظيم) وما إلى هنالك من ألقاب حتى يكاد يظن
الواحد منا بأن (عزمي بشارة) قد حرر فلسطين والقدس، وأنه المهدي المنتظر،
وأنه الزعيم الذي قاد جهاد الشعب الفلسطيني خلال مائة عام، وإليه يعود
الفضل بكل تضحيات الشعب الفلسطيني خلال المائة عام الماضية، ألا يعلم
هؤلاء جميعا أن عزمي بشارة قد خرج من رحم ( كنيست اليهود الدنس).




فأنا لا ألوم العلمانيين والملاحدة في دُنيا الإسلام والذين يعتبرون
الإسلام (رجعية) والذين هم جزء من الحرب الصليبية ، ولا ألوم السُكارى
والمساطيل في عالمنا العربي الذين يُسوقون (عضو كنيست اليهود) عزمي بشارة
مفكراً قومياً وزعيماً ومناضلاً ، وفي مقدمتهم ( شفيق الحوت) صاحب التصريح
المشهور والخطير في المؤتمر التأسيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي عُقد
على جبل الزيتون في القدس عام 1964 والذي قال فيه : " لقد سقطت الرجعية
على جبل الزيتون" وكان يقصد بذلك (الإسلام) وذلك عندما رفض أن يُوضع في
ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية في البند المتعلق بتعريف القضية
الفلسطينية بأن (القضية الفلسطينية قضية فلسطينية عربية إسلامية) فاعترض
بشدة قائلاً : "قضية فلسطين قضية فلسطينية عربية فقط وليست إسلامية" ، فهل
هناك خدمة للكيان اليهودي أكبر وأعظم من هذه الخدمة التي تهدف تفريغ
القضية الفلسطينية من بُعدها العقائدي الإسلامي لصالح البُعد اليهودي
المُزيف، و(شفيق الحوت) هذا هو الصديق الحميم لبطل مجازر صبرا وشاتيلا
المجرم السفاح المجحوم (إيلي حبيقة) وهناك الكثير من أمثال (شفيق الحوت)،
وأنا لا ألوم السُذج الذين قد تنطلي عليهم بعض ألاعيب العدو، وإنما ألوم
بعض قادة المنظمات الفلسطينية التي تسمي نفسها بالإسلامية مثل حركتي (حماس
والجهاد) (4) اللتين اشتركتا بالتضامن مع هذا الذي يستهزئ ب(عقيدة
المسلمين الغيبية) وعضو كنيست اليهود الذي أقسم بالولاء للكيان اليهودي ،
ويعتبر كل من يدعو إلى إزالة هذا الكيان السرطاني إنما يدعو إلى خزعبلات
غيبية ، أي إلى (القرآن الكريم) الذي يُبشرنا بزوال هذا الكيان مهما طال
الزمان : " وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً
"7 : الإسراء.




فيبدو أن هؤلاء لا يفهمون الإسلام ، ولا يفقهون المعركة ، ولا يعرفون
حقيقتها ، فهم يخلطون الطين بالعجين، وإما هم سُذج تنطلي عليهم أساليب
العدو بصناعة الزعامات وتلميعها ، وأنهم لا يعتبرون (الكتاب والسنة)
مرجعيتهم ، فكل ما يتناقض مع (كتاب الله وسنة نبيه) أو يتطاول عليهما
صراحة أو بالغمز واللمز نضرب به بأرجلنا بعرض الحائط كائناً من كان ، وهو
مصنف في خانة عدونا (5) .....




فالنصر لا يُمكن أن يجيء إلا (بعقيدة الولاء والبراء عقيدة الغيب) التي
فتحنا بها العالمين، فنحن عبر تاريخنا لم ننتصر لا بكثرة عدد ولا عدة ،
وإنما بهذه العقيدة الغيبية التي هي أعز علينا من أنفسنا ، وهي مُقدمة على
الولاء للوطن والعشيرة ، فهي قبل كل شيء ، فبها صنعنا (بدر واليرموك
والقادسية وعين جالوت وأجنادين وحطين، وبها فتحنا بيت المقدس أول مرة ،
وبها فتحنا القسطنطينية والأندلس، وبها ستعود بغداد عزيزة بعز الإسلام ،
وبها سندخل المسجد الأقصى كما دخلناه أول مرة ، وبها سنحرر فلسطين من
النهر إلى البحر ونتبر علو اليهود وكيانهم تتبيرا.




فهذا وعد الله لنا نحن الغيبيين ولو كره الكافرون والملاحدة في دنيا
الإسلام، وسنبقى الأوفياء لعقيدتنا الغيبية ، نبذل دماءنا دفاعا عنها،
وسنبقى نقول الحق ونصدع بالحق بأمر ربنا ، لا نخاف في الله لومة لائم،
وسنبقى الأمناء على فلسطيننا الحبيبة من النهر إلى البحر مهما طال
المشوار، والسلام على شعبها المرابط الصامد البطل، وليعلم الجميع أننا
نرصد دبيب النمل على صعيد قضيتنا المقدسة ، ولن يضرنا من خالفنا حتى يأتي
نصر الله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منى الراوى
مشرف منتدي السياحة والآثار مشرف منتدي السياحة والآثار
منى الراوى


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/10/2010
المساهمات : 4915
عدد النقاط : 10549
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h210
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 15 فبراير 2011, 7:40 pm

الأمويون في ميزان التاريخ الصحيح

ينتسب الأمويون إلى أمية بن عبد
شمس بن عبد مناف، وفي عبد مناف يلتقي بنو أمية مع بني هاشم، وكان بنو عبد
مناف يتمتعون بمركز الزعامة في مكة، لا يناهضهم فيه أحد من بطون قريش..
وجميع قريش تعرف ذلك وتسلم لهم الرياسة عليها(1).




وكانوا وحدة واحدة في اقتسام السلطة في مكة مع بني عمهم عبد الدار بن قصي،
الذي فضله والده على سائر أبنائه، رغم شرفهم عليه، وجعل له الحجابة
واللواء والسقاية والرفادة..



وكان زعيمهم في هذه المحاولة هو عبد شمس، أبو أمية، إذ كان أسن بني
عبد مناف، وتفرقت قريش على ذلك بين فريقين، عبد مناف وعبد الدار..



ثم تداعوا إلى الصلح على أن يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفادة،
وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار، فولي الرفادة والسقاية
هاشم بن عبد مناف، وذلك أن عبد شمس كان رجلاً سفاراً، قلما يقيم بمكة،
وكان مقلاً ذا ولد، وكان هاشم موسراً (2).. وهكذا كانت السلطة في مكة
عبارة عن مراكز نفوذ تقررها الأهمية الاقتصادية، دون أن يكون لأسرة ما أو
زعيم ما السيادة الكاملة على غرار ما كان لقصي زعيم قريش الأول (3) .



وكذلك اشترك بنو عبد مناف معاً في جهودهم لتنظيم التجارة بين مكة وما
حولها (4)، وصاروا يداً واحدة تتحرك في تفاهم وتآلف، فلما ماتوا رثاهم
الشعراء معاً، دون تفريق بينهم تماماً كما كانوا يمتدحونهم معاً (5)..



وهكذا تقتضي طبيعة الحياة العربية في الجاهلية أن يتناصر أبناء الأب الواحد، وأن تجتمع كلمتهم ما وجدوا إلى ذلك سبيلا (6).



وأما الروايات التي تزعم وجود عداء مستحكم بين بني هاشم وبني عبد شمس
وأميه قبل الإسلام، فهي واهية الأسانيد، لا تثبت، فهي تروي أن هاشماً وعبد
شمس ولدا ملتصقين ففصل بينهما بالسيف، فكان بين أبنائهما الدماء لأجل ذلك
(7) ، فهذه رواية لقيطة ليس لها راوي، تفوح منها رائحة الأسطورة والخيال،
ويكذبها ما رواه ابن اسحاق من أن عبد شمس كان أسن بني عبد مناف (8)
والروايات التي تروي أن منافرات حدثت بين هاشم وأمية بن عبد شمس، وبين عبد
المطلب بن هاشم وحرب بن أمية (9)، وكلتا الروايتين ترويان عن هشام الكلبي
وهو راوية شيعي كذاب يرويهما كلتهما عن رجال مجهولين لا يعرف أسماءهم (10).



وهذه الروايات رغم سندها المعتل , ومتنها المصطنع كانت صدى لكل ما شيع من
صراع بين بني أمية وبني هاشم , هذا الصراع الذي حاول الرواة أن يجعلوا له
سنداً تاريخياً ثابتاً، رغم أن العلاقة بين القبيلتين كانت طيبة , يقول
ابن خلدون : كان لبني عبد مناف في قريش جمل من العدة والشرف لا يناهضهم
فيها أحد من سائر بطون قريش: وكان فخذاهم بنو أمية وبنو هاشم هما جميعاً
ينتمون لعبد مناف، وينتسبون إليه، وقريش تعرف ذلك وتسأل لهم الرياسة عليهم
(11) ..



يقول معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وقد سئل: أيكم كان أشرف أنتم أم
بنو هاشم؟ فأجاب: كنا أكثر أشرافاً وكانوا هم أشرف، وكان فيهم عبد المطلب
, ولم يكن فينا مثله، فلما صرنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، ولم يكن فيهم
واحد كواحدنا، فلم يكن إلا كقرار العين حتى قالوا: منا نبي، فجاء نبي لم
يسمع الأولون والآخرون بمثله، محمد صلى الله عليه وسلم، فمن يدرك هذه
الفضيلة وهذا الشرف (12)؟ .



وهذا الكلام يفهم منه وجود نوع من التنافس بين الجانبين قبل الإسلام، في
ضوء ما نعرف من طبيعة الحياة العربية في مكة قبل الإسلام، ولكنه تنافس
يحدث بين الإخوة أحياناً، وبين أبناء الأب الواحد، غير أنه لم يتطور ليصبح
تربصاً وعداء كما يزعم المتزيدون (13).



ولدينا من شواهد التاريخ ما يدل على قوة العلاقة بين بني هاشم وبني
أمية، فقد كان عبد المطلب بن هاشم ـ زعيم الهاشميين في عصره ـ صديقاً لحرب
بن أمية ـ زعيم الأمويين ـ كما كان العباس بن عبد المطلب بن هاشم صديقاً
حميماً لأبي سفيان بن حرب بن أمية.



والغريب أن المقريزي الذي ألف كتاباً خاصاً عن علاقات الهاشميين
والأمويين وجعل محوره النزاع والتخاصم ، يعترف بالصداقة الوطيدة التي كانت
بين العباس وأبي سفيان (14)، فإذا كانت الصداقة الوطيدة قائمة، ووطيدة بين
زعماء البيتين ـ الأموي والهاشمي ـ وهما أبناء أب واحد، وهو عبد مناف بن
قصي، فإن الحدس بتأصيل النزاع بينهما بعد الإسلام والرجوع به إلى ما قبل
الإسلام لا سند له من تاريخ (15) .



وكل ما جاء في كتاب " النزاع والتخاصم " من أن العداوة مستحكمة بين بني أمية وهاشم وأنها قديمة لا يثبت أمام البحث العلمي النزيه.



والذين ينظرون إلى تاريخ بني أمية من خلال موقف أبي سفيان من الإسلام في
مكة , ومن خلال ما دار بين علي ومعاوية رضي الله عنهما من حروب يبنون على
ذلك ـ كما فعل العقاد ـ أوهاماً من صراع تاريخي قبل الإسلام وبعده , بين
بني هاشم وبني أمية وتلك أوهام ليس لها من التاريخ إلا رواية ملفقة أو
أحداثاً عارضة لا تمثل قط صراعاً بين هذين الفرعين الكريمين من بني عبد
مناف , وهما ذروة الشرف في قريش(16)، والذي يظهره البحث العلمي النزيه ـ
وبعد ترك الروايات والأساطير الساقطة ـ هو أن العلاقة بين البطنين كانت
طبيعية مثلها مثل العلاقة بين باقي بطون قريش...



لقد كان تعامل الأمويين مع الدعوة الناشئة هو نفس تعامل بقية بطون قريش
للدعوة الجديدة من أمثال بني مخزوم وبني هاشم وغيرهم , ولنأخذ على ذلك
مثالاً وهو كيفية تعامل بني هاشم رهط النبي صلى الله عليه وسلم وأقرب بطون
قريش إليه مع الدعوة، لقد كان منطق العصبية السائد في الجاهلية يقتضي أن
يتلقف بنو هاشم الدعوة الجديدة التي تحقق لهم العزة والشرف بالإيمان
والنصرة , وأن يقفوا خلف النبي الهاشمي بالتأييد والبذل، وقد وقفوا إلى
جواره فعلاً في بعض المواقف ولعل أشهرها حصار الكافرين لهم في شعب بني
هاشم، ولكنهم في النظرة الشاملة انقسموا عليه بين مؤيد ومعارض , ومؤمن
وكافر، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من قبائل مكة..



والمثال المشهور لكفار بني هاشم هو أبو لهب عم النبي صلى الله عليه
وسلم الذي كان أول من جهر بعداوة الإسلام لما جهر الرسول صلى الله عليه
وسلم بدعوته، ولم يكتف بالمعارضة الصريحة بل عضدها بالعمل والكيد، فقد
مارس صور شتى تعذيب الرسول صلى الله عليه وسلم وصد الناس (17) عنه، وكانت
معه زوجته أم جميل بنت حرب الأموية، وابنيه عتبة وعتيبة اللذين طلقا بنتي
النبي رقية وأم كلثوم ليشغلا محمداً (18) ببنتيه، وكان ابنه عتبة يشارك في
إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى دعا عليه فنهشه أسد في بعض
أسفاره(19)..



بل إن أبا لهب لم يدخل مع قومه شعب بني هاشم لما حاصرتهم قريش (20)
فيه، ولما لم يستطع الخروج مع قريش لقتال الرسول صلى الله عليه وسلم يوم
بدر استأجر بدلاً منه العاص بن هشام بن المغيرة بأربعة آلاف درهم (21)..



وقد كان أبو لهب في كفره وعناده مثالاً مشهوراً , ولكنه لم يكن
الهاشمي الوحيد الذي كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم وجهد في إيذائه وحربه،
فقد كان في أسرى المشركين يوم بدر من بني هاشم العباس بن عبد المطلب ,
وعقيل بن أبي طالب , ونوفل بن الحارث، وحليفهم عتبة بن عمرو بن جحدم، وقد
قبل الرسول صلى الله عليه وسلم فداءهم فيمن افتدى من أسرى قريش (22)، وكان
أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ممن شهد قتال يوم بدر مع المشركين ونجا
من القتل والأسر (23) , وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم , وأخوه من
الرضاعة ـ أرضعتهما حليمة السعدية أياماً ـ وكان يألف رسول الله صلى الله
عليه وسلم, وكان له ترباً , فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عاداه
عداوة لم يعادها أحد قط، ولم يدخل الشعب مع بني هاشم وهجا رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأصحابه، وكان من المجاهرين بالظلم له صلى الله عليه وسلم
ولكل من آمن به قبل الهجرة (24).



إن أعظم النصرة والتأييد لقيهما النبي صلى الله عليه وسلم من عمه أبي طالب
الذي تحمل في سبيل ذلك ضغوطاً هائلة من قريش , ولكنه ظل حتى اللحظات
الأخيرة من حياته وفياً لدين آبائه، فمات على ملة الأشياخ من قومه (25)،
وظل العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم الآخر في مكة،
واشترك مكرهاً ضده في غزوة بدر وأسر بها، ولكنه لم يهاجر إلى المدينة ,
ويعلن إسلامه إلا والرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه لفتح مكة (26)..



وقد أسلم في مكة نفر من بني هاشم , وبذلوا في سبيل الدعوة الكثير مثل على
بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب وغيرهم , ولكنهم
كانوا يشاركون غيرهم من غير بني هاشم في ذلك , كأبي بكر وعمر وعثمان، ولم
يكن بذلهم لأنهم هاشميون بل لأنهم مسلمون، ويظل إيمانهم دليلاً على صدق
القول باختلاف استجابة الأفراد للدعوة الإسلامية بغض النظر عن انتماءاتهم
القبلية (27).



وبالنسبة لبني أمية وموقفهم من الإسلام فإن مؤرخينا لا يتحدثون عنهم
كبطن مستقل من بطون قريش , وإنما يتحدثون عنهم مع غيرهم من بني عبد شمس
والد أمية، فيعدونهم وحدة واحدة (28) ، وقد كانوا أبناء أب واحد , وتربطهم
علاقات التصاهر والترابط الاجتماعي , ولذلك فإنهم عند حديثهم عن عداء بني
أمية للرسول صلى الله عليه وسلم يذكرون اسمي عتيبة وشيبة ابني ربيعة بن
عبد شمس، ورغم أنهما ليسا من بني أمية..



ويذكرون معهما أيضاً أبا سفيان بن حرب , وعقبة بن أبي معيط، فأما عقبة بن
أبي معيط هذا فقد كان من مردة قريش، فقد تفل في وجه رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ورمى عليه صلى الله عليه وسلم سلا جزور وهو يصلي، وخنقه بثوب
في عنقه حتى دفعه أبو بكر الصديق (29)..



وقد نال جزاءه لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله بعد أسره يوم بدر،
والغريب أنه كان يذكره بما بينهما من رحم (30) ، ومثل هذه النماذج الطائشة
لم ينفرد بها بنو أمية أو عبد شمس في مكة آنذاك (31) .



وأما معارضة عتبة وشيبة ابني ربيعة فمعلومة ومشهورة , ومع هذا لما هاجر
الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف , وصده عنها أهلها , وتبعه الصبيان
والغلمان يرمونه ويصيحون به لجأ إلى حائط ابني ربيعة عتبة وشيبة، فلما
رأياه على هذا الحال تحركت له رحمهما، فدعوا غلاماً نصرانياً يقال له
عداس، فقالا له: خذ قطعاً من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب إلى ذلك
الرجل , فقل له يأكل منه (32).



وإذا جارينا نهج المؤرخين في الحديث عن بني أمية وبني عبد شمس معاً، فإننا
نرى منهم جماعة كانوا من السابقين إلى الإسلام، فمنذ المرحلة السرية
للدعوة وقبل الجهر بها كان قد أسلم كل من عثمان بن عفان بن أبي العاص بن
أمية، وكان إسلامه على يد أبي بكر الصديق في أيام الإسلام الأولى (33)،
وكذلك كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وقد أسلم في هذه المرحلة
السرية التي دامت حوالي ثلاث سنين (34) ـ أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن
عبد شمس (35) ، كما أسلم في مرحلة مبكرة حليفان لبني أمية وهما عبد الله
بن جحش بن رئاب , وأخوه أبو أحمد بن جحش , وهما ابنا عمة النبي صلى الله
عليه وسلم فأمهما أميمة بنت عبد المطلب (36).



وفي الهجرة الأولى إلى الحبشة شارك نفر من مسلمي بني أمية مثل عثمان بن
عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو حذيفة بن
عتبة بن ربيعة، وزوجته سهلة بنت سهيل بن عمرو (37)، كما كان لبني أمية
مشاركة في الهجرة الثانية , ومعهم بعض حلفائهم ، وقد ساهمت نساء بني أمية
وعبد شمس في صنع مسيرة الإسلام , وفي إعطاء الأسوة , وضرب المثل في نبل
التضحية , وعزيز العطاء، فقد أسلمت رملة بنت شيبة بن ربيعة زوجة عثمان بن
عفان , وهاجرت معه إلى المدينة , وثبتت معه على دينه , رغم مقتل أبيها
وعمها (38).



وهاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط إلى المدينة في الهدنة التي كانت بين النبي والمشركين في الحديبية



على أن الصورة الأزهى والنموذج الأرقى في ذلك المجال هو إسلام أم المؤمنين
أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، فقد أسلمت مبكراً (39)، وهاجرت مع زوجها إلى
الحبشة.



لم يكن إذن بين بني هاشم وبني أمية من المباغضة والعداوة والمنافرة التي
اخترعها وابتكرها أعداء الإسلام والمسلمين ونسجوا الأساطير والقصص حولها،
وإنما الحقيقة التاريخية تقول، بأن علاقتهم كانت علاقة أبناء العمومة
والإخوان والخلان، فهم من أقرب الناس فيما بينهم، يتبادلون الحب والتقدير،
والاحترام، ويتقاسمون الهموم والآلام والأحزان..



فبنو أمية وبنو هاشم كلهم أبناء أب واحد، وأحفاد جد واحد، وأغصان شجرة
واحدة قبل الإسلام وبعد الإسلام , وكلهم استقوا من عين واحدة , ومنبع صاف
واحد، وأخذوا الثمار من دين الله الحنيف الذي جاء به رسول الله الصادق
الأمين، المعلم، المربي، خاتم الأنبياء والمرسلين، ولقد كان بين أبي سفيان
وبين العباس صداقة يضرب بها الأمثال (40) ، كما كانت بينهم المصاهرات قبل
الإسلام وبعده , وكان على رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي زوج
بناته الثلاثة من الأربعة من بني أمية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Celina
حقائق تاريخية ضــائعة !!! 15751613
Celina


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 21/12/2009
المساهمات : 12379
عدد النقاط : 18808
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary32
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Collec10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Sports10
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h510
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1510
أوسمة المسابقات : حقائق تاريخية ضــائعة !!! AVvoI

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 07 يونيو 2011, 3:09 pm

حقائق تاريخية ضــائعة !!! 128771747516
حقائق تاريخية ضــائعة !!! 12877185635

حقائق تاريخية ضــائعة !!! 17674693961676087736 WoOoOoOoOoOoOoOoOoW حقائق تاريخية ضــائعة !!! 17674693961676087736

حقائق تاريخية ضــائعة !!! 2069623659521183881 موضوع غاية في الروعة حقائق تاريخية ضــائعة !!! 2069623659521183881

حقائق تاريخية ضــائعة !!! 9832359461481087568 دائما متميز حقائق تاريخية ضــائعة !!! 9832359461481087568

حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1409816098455541136 لا تحرمنا من جديدك حقائق تاريخية ضــائعة !!! 1409816098455541136


CeLiNa

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Nsaayat344e8440baحقائق تاريخية ضــائعة !!! Nsaayat4467fc699e

حقائق تاريخية ضــائعة !!! 12877185635
حقائق تاريخية ضــائعة !!! Nsaayat40dfb5f0b0
حقائق تاريخية ضــائعة !!! 12877912783
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دموع حائرة
حقائق تاريخية ضــائعة !!! Copy_o10
دموع حائرة


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 04/03/2011
المساهمات : 14462
عدد النقاط : 24857
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary24
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Profes10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Unknow11
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 3h510
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Ss610
أوسمة المسابقات : حقائق تاريخية ضــائعة !!! WnNnl

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Y4Oan

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالثلاثاء 18 أكتوبر 2011, 7:53 pm

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Is_049
مجهود رائع
وجهد مميز
بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى
في انتظار كل ما هو جديد
تحياتي
لميس





حقائق تاريخية ضــائعة !!! 949
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
pяïηcëss
مشرف المنتدي الأدبيمشرف المنتدي الأدبي
pяïηcëss


انثى
ســآعـتي :
التسجيل : 11/05/2012
المساهمات : 3571
عدد النقاط : 5456
المزاج : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Qatary28
المهنة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Studen10
الهوايه : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Sports10
الدولة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! Female31
الأوسمة : حقائق تاريخية ضــائعة !!! E0449b11
التميز : حقائق تاريخية ضــائعة !!! 7710
أوسمة المسابقات : حقائق تاريخية ضــائعة !!! H2uxn

حقائق تاريخية ضــائعة !!! Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقائق تاريخية ضــائعة !!!   حقائق تاريخية ضــائعة !!! I_icon_minitimeالجمعة 28 سبتمبر 2012, 8:10 pm

حقائق تاريخية ضــائعة !!! 836911538حقائق تاريخية ضــائعة !!! 836911538

يُسع ـدني أإلـرٍد على مـوٍأإضيعكًـم
وٍأإألتلـذذ بِمـآ قرٍأإتْ وٍشآهـدتْ
تـقبلـوٍآ خ ـآلص وَدْي وَتَقـدْيِـرِي
لآآقـلأم ـكُم أإلجمـيله
مـوٍدتـي~


حقائق تاريخية ضــائعة !!! 172150298
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حقائق تاريخية ضــائعة !!!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتـــدي السيـــاحة و الآثـــار :: التاريخ والآثار-
انتقل الى: