موضوع: لأنه وعد فأوفى الثلاثاء 12 مايو 2009, 4:46 pm
أغلب الظن أنها مصادفة، أن تتحدث صحف الأحد «26/4» عما حققه الرئيس أوباما من وعود وما لم يحققه خلال المائة يوم الأولى لولايته، فى حين ينشر فى القاهرة فى اليوم ذاته إعلان احتل صفحة كاملة وجه الشكر للرئيس مبارك «لأنه وعد فأوفى». صحيح أنه لا وجه للمقارنة بين الاثنين من الناحية الزمنية، لأن أوباما لم يمكث فى مكتبه أكثر من مائة يوم. أما الرئيس مبارك فقد أمضى فى منصبه أكثر من عشرة آلاف يوم. احتفلت بها صحيفة «الدستور» على طريقتها قبل عدة أسابيع. مع ذلك فلا بأس من المقارنة بين مضمون الإعلانين الأمريكى والمصرى. إذ طبقا لما ذكره موقع مقياس أوباما، الذى أقامته صحيفة «سانت بيترسبورج» فإن أوباما أطلق خلال حملته الانتخابية 500 وعد، وخلال المائة يوم الأولى حقق منها 27 وعدا ولم يف بستة. من الوعود التى حققها الرئيس الأمريكى أنه أصدر قرارا بالانسحاب من العراق، وأرسل لواءين إلى أفغانستان. ووجه خطاب مصالحة مع العالم الإسلامى، ورفع القيود عن زيارة كوبا، وأنشأ صندوقا لمنع مصادرات المنازل بكلفة 75 مليون دولار. كما قام بتعيين جمهوريين فى إدارته، وصولا إلى إهداء كلبه لابنتيه ماليا وساشا.
من الوعود التى لم يف بها أوباما أنه لم يعترف بإبادة الأرمن خلال زيارته لتركيا. كما أنه لم يستصدر قانونا لتخفيض الضريبة بقيمة ثلاثة آلاف دولار على الشركات التى تستحدث الوظائف ولم يمنع أعضاء مجموعات الضغط من العمل لحساب الإدارة فى مجال عملهم خلال السنتين الأخيرتين... إلخ.
الإعلان الذى نشرته صحيفة الأهرام واحتل صفحة كاملة فى ذلك اليوم «قيمتها أكثر من 200 ألف جنيه» تصدره عنوان يقول: سيادة الرئيس شكرا، وعدت وأوفيت، وإلى جانب العنوان ظهرت ثلاث صور. واحدة كبيرة نسبيا للرئيس مبارك، والثانية أصغر لرئيس الوزراء، والثالثة أصغر لوزير الإسكان، (كل واحد ومقامه). ثم وضعت فى قلب الصفحة صورة ملونة كبيرة على ثمانية أعمدة لمجموعة من البنايات، وتحتها صورة أخرى بنفس الحجم لحجرة استقبال واسعة، تناثرت فيها مجموعة من المقاعد والأرائك المريحة، بين الصورتين ظهر مربع كتبت فيه الكلمات التالية: نظرا للإقبال الشديد ونفاد جميع وحدات المرحلة الأولى، تعلن مجموعة «كذا» للاستثمار عن فتح باب الحجز للمرحلة الثانية «2200 وحدة سكنية»، وذلك بأسبقية الحجز بدءا من يوم كذا. لا يحتاج المرء أن يبذل جهدا لكى يدرك أمرين، أولهما أن مخاطبة الرئيس فى العنوان أريد بها الترويج لمشروع إسكان أقامته إحدى شركات الاستثمار التى عرضت فى الإعلان كيف أن مشروعها ييسر الأقساط على المشترين ويوفر مختلف أسباب الراحة والمتعة للساعين إليها. الأمر الثانى أنه ليس فى الإعلان ما يوحى بأن له علاقة بوعود الرئيس مبارك، إلا أن يكون الوعد المقصود ــ الذى لم يعلن ــ أن يزداد رجال الأعمال ثراء وأن يوفروا للقادرين أسباب الرفاهية التى ينشدونها، من بحيرات صناعية وحمامات سباحة إلى الملاعب والمطاعم والمقاهى... إلخ.
لن أختلف مع من يقول إن المقارنة ظالمة بين ما أعلن فى أمريكا والإعلان الذى نشر فى مصر، باعتبار أن الجرد الذى تم هناك أجرته مؤسسة محترمة تأخذ الأمور على محمل الجد، فى حين أن الإعلان المنشور فى الأهرام استخدم اسم الرئيس وامتدح وفاءه بما وعد، لكى يروج لمشروع استثمارى خاص به. هذا كلان صحيح لا ريب، لكنى أردت بالمقابلة أن ألفت الانتباه إلى الجد هناك والهزل هنا، وإلى أنهم هناك يحاسبون رئيسهم على ما فعل خلال مائة يوم، بينما ليست لدينا جهة تستطيع أن تحاسب الرئيس على عشرة آلاف يوم. فى الوقت ذاته فلدى شك كبير فى أن الحزب الوطنى إذا أراد تقييم ما حققه الرئيس خلال العشرة آلاف يوم، فإنه سيقول أكثر مما قاله الإعلان الذى نشره المستثمر المتذاكى، الذى يبدو أنه يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف