مشاهدة الأفلام الرومانسية تضر بالعلاقة الزوجية

إن
للزواج قدسية ومعاني سامية لا يختلف عليها بني البشر بجميع انتماءاتهم
الدينية والثقافية ، مما يجعل الحديث عن هذا الموضوع مجرد تذكِرَةٌ بسيطة
في بحور من الإنتاج الثقافي على مر التاريخ.

ومن الملاحظ أن في
الآونة الأخيرة زيادة الإقبال الشديد من النساء على المسلسلات والأفلام
الرومانسية قد تكون لمرور الرجال بفترة ثقافية عصيبة تتداخل فيها الضغوط
والممارسات الإقتصادية الطاحنة والسياسية ، فانشغل الرجل منذ سنوات عن
الرومانسية الحالمة وأغفل طبيعة المرأة التي يكون تأثرها -عادةً - أقل
بكثير عن الرجل بهذه النظريات النفسية . فالمرأة كائن رقيق الخِلْقَةِ
والخُلُقِ أسريُّ الهوية والطباع - بإختيارها أم رغماً عنها - فهذا نداء
الطبيعة الأنثوية وفطرتها التي لا يخالطها جفاء - إلا من صنع الرجل - فإن
لجوء المرأة لمثل هذه الأفلام والمسلسلات الحالمة ما هو إلا هروب من واقع
الرومانسية المفقودة أو فلنقل الرومانسية النائمة فالزوج قد يحاول مراراً
وتكراراً مجاراة هذا الفيضان العاطفي لكنه يصطدم بواقع المتطلبات
والمشكلات المتجددة فيلقي بتلك الدعوات الرومانسية إلى ما فوق (الدولاب)
ليحاول في مرات أخرى استدعاء وجلب تلك النفائس الغالية التي تمنح حياته
وحياة أسرته الإستمرار ، قد يكون هذا الحال مقبولاً في زمن غير هذا الزمن
الذي تعج به الشاشات بالأنماط الرومانسية الحالمة التي تكشف للمرأة - وفي
بعض الأحيان للرجل - قسوة الواقع ومساوئ هذا الرفيق ، فلماذا لا يكون بمثل
هذه الرقة وهذه الوسامة ولماذا لا أعيش معهم داخل شاشات العرض لأستمتع
بمغامرات تلك الفتاة وهذا الشاب ، وتنسى الفتاة أو الشاب أن هذا الفيلم لا
يتجاوز عرضه الساعتين وهذا المسلسل يختصر الحياة في نصف ساعة يومياً ، ألا
تسألين نفسك ماذا لو مر البطل والبطلة بضغوط هذه الحياة اليومية ألا يستمر
هذا المسلسل لمدة 24 ساعة ويعرض لنا مدى وقدرة البطل والبطلة على حل
المشكلات والضغوط الحقيقية ، هل هذه البطلة أو هذا البطل بمثل هذه
المثالية في الواقع المُرّ ، ألا تمر عليهم حياتهم الواقعية في معظم
الحالات بالتقلبات العاطفية ، وربما هذا الوسيم وتلك الجميلة ألقاها زوجها
الحقيقي من قلبه وتركها تحيا أوهام مسلسلاتها وأفلامها.

إذاً
فمشاهدة تلك الأفلام والمسلسلات اللاواقعية تعطي انطباعاً للأزواج أن
الحياة يجب أن تتشبه بمثل هذه الأفلام ويبتعدون عن الواقع ولذته الحقيقية
في تجاوز الصعاب معاً وتقبل انتكاسات الطرف الآخر في علاقته العاطفية ،
وأن الزوج عليه أن يجاري - بقدر الإمكان - رغبات الزوجة العاطفية التي
ستكلفه القليل من الوقت الذي يٌخرج - وبصدق - مكنونات نفسه تجاهها . أما
الزوجة فعليها ألا تطلب من زوجها أن يكون هو هذا البطل الهُلَامِيُّ بل
تُذَكِّرَهُ ببطولته الحقيقية ما قبل الزواج والأبناء ، وتتذكر هي أيضاً
رغباتها التي كانت عليها قبل الزواج حينما كانت تسعد ويسعد برؤية بعضهما
البعض ولتشكر الله على أنه جمعها بهذا الرفيق الذي إن عرفت عيوب الآخرين
الحقيقية لأختارت أن ترجع بها الأيام لتتزوجه من جديد فقط لتعيد أيام
الرومانسية الحالمة