صَدَقَ النَّعِيُّ وَرَدَّدَ الهَرَمَانِ | اللهُ أَكْبرُ كُلُّ حَيٍّ فَانِ
|
مَا يَعْظِمِ الإِنْسَانُ لا تَعْصِمْهُ مِنْ | هَذَا المَصِيرِ عَظَائِمُ الإِنْسَانِ
|
أَمُشَيِّدَ الدُّسْتُورِ حَسْبُ المَجْدِ مَا | أَدْرَكْتَ مِنْ جَاهٍ وَرِفْعَةٍ شَانِ
|
وَلأَنْتَ أَبْقَى مَنْ أَلَمَّ بِهِ الرَّدَى | إِنْ صَحَّ أَنَّ الذِّكْرَ عُمْرٌ ثَانِ
|
لَكِنَّ مِصْرَ وَقَدْ بَعُدَتْ مَرُوعَةٌ | تَزْدَادُ أَشْجَاناً عَلَى أَشْجَانِ
|
مَنْ مُبْلغُ النَّائِي أَلُوكَ حَزِينَةٍ | لِنَوَاهُ وَالأَخَوَانِ يَنْتَحِرَانِ
|
أَلغِيلُ تَطْرُقُهُ الذِّئَابُ عَشِيَّةً | وَبِلُهْنَةٍ يَتَشَاغَلُ اللَّيْثَانِ
|
أَتُلِمُّ رُوحُكَ بِالحِمَى إِلمَامَةً | فَيَرَى الهُدَى فِي نُورِهَا الخَصْمَانِ
|
سِنَةٌ عَلَى عَيْنَيْكَ رَانَتْ دُونَهُ | وَإِلَيْهِ لَفْتَةُ قَلْبِكَ اليَقْظَانِ
|
فَقَدَتْ بِثَرْوَتَ مِصْرُ ثَرْوَةَ حِكْمَةٍ | كَانَتْ ذَخِيرَةَ قُوَّةٍ وَصِيَانِ
|
مَأْمُولَةً فِي كَشْفِ كُلِّ مُلِمَّةٍ | أَلْقَتْ عَلَى صَدْرِ الحِمَى بِجِرَانِ
|
رَجُلٌ إِذَا وَازَنْتَ فِي مِيزَانه | مَنْ لا يُرَاجَحُ عَادَ بِالرَّجْحَانِ
|
طَلْقٌ مُحَيَّاهُ سَرِيٌّ طَبْعُهُ | عَذْبُ الشَّمَائِلِ نَاصِعُ التِّبْيَانِ
|
سَمْحُ السَّرِيرَةِ هَمُّهُ ألا يَرَى | مِنْ ثُلْمَةٍ فِي وَحْدَةِ الأَوْطَانِ
|
كِلَفٌ بِنَفْعِ بِلاده مُتَغَمِّدٌ | ذَنْبَ المُسِيءِ إِلَيْهِ بِالغُفْرَانِ
|
لَوْلا هَوَاهُ لِقَوْمه لَمْ تَتَّقِدْ | فِيهِ لَظَى حِقْدٍ وَلا شَنَآنِ
|
تَبْلُوهُ عَنْ كَثَبٍ فَتُلْفِي النُّبْلَ فِي | إِسْرَارِه وَالنُّبْلُ فِي الإِعْلانِ
|
وَتَرَى زَعِيماً تَتَّقِيهِ مَهَابَةً | وَتَرَى أَخاً مِنْ أَوْدَعِ الإِخْوَانِ
|
ثِقَةُ الثِّقَاتِ وَغَوْثُ كُلِّ مُهَذَّبٍ | أَوْدَى بِهِ رَيْبٌ مِنَ الحِدْثَانِ
|
مَنْ بَعْدَهُ يُشْكِي إِذَا العَافِي شَكَا | بُرَحَاءهُ وَيَفَكُّ قَيْدَ العَانِي
|
إِنْ أَكْبَرَتْ فِيهِ المُرُوءةُ خَطْبُهَا | فَالرُّزْءُ العَيْنِ فِي إِنْسَانِ
|
كَانَتْ بِحَاجَاتِ الكِرَامِ بَصِيرَةً | وَاليَوْمَ تُخْطِيءُ مَوْقِعَ الإِحْسَانِ
|
وَلِيَ الإِدَارَةَ وَالقَضَاءَ فَلَمْ يَكُنْ | بِمُفَرِّطٍ أَوْ مُفْرِطٍ فِي شَانِ
|
لَمْ يُرْضهِ التَّقْوِيضُ مُدَّةَ حُكْمِهِ | فَبَنَى وَخَيْرُ القَائِمِينَ أَلبَانِي
|
رَاضَ الصِّعَابَ العَاتِيَاتِ مُذَلِّلاً | عَقَبَاتِهَا بِالدَّأْبِ وَالإِحْسَانِ
|
أَعَرَفْتَ إِذْ دَعَتِ البِلادُ إِلَى الفِدَى | إِقْدَامَ ذَاكَ المُسْعِدِ المِعْوَانِ
|
أَيَّامَ يَبْذُلُ فِي الطَّلِيعَة نَفْسَهُ | لِنَجَاتِهَا مِنْ ذِلَّةٍ وَهَوَانِ
|
فِي الوَقْفَةِ الكُبْرَى لَهُ الأَثَرُ الَّذِي | يَبْقَى عَلَى مُتَعَاقِبِ الأَزْمَانِ
|
أَلسَّيْفُ يَلْمَعُ بِالوَعِيدِ حِيَالَهُ | فِي كُلِّ أُفْقٍ أَنْكَرَ اللَّمَعَانِ
|
مُتَبَسِّماً وَمِنَ النَّذِيرِ تَبَسُّمٌ | يَبْدُو قُبَيْلَ تَوَقُّدِ النِّيرَانِ
|
لَكِنَّ مَنْ يَرْعَى الحَقِيقَةَ رَعْيَهُ | يَأْبَى بَقَاءٌ فِي مَقَامِ تَفَانِ
|
أَمَلٌ تَعَرَّضَتِ المَنَايَا دُونَهُ | فَمَضَى وَمَا يَثْنِيهِ عَنْهُ ثَانِ
|
لَوْ أَنَّ مَوْتاً جَازَ قَبْلَ أَوَانِه | أَيَكُونُ غَيْرَ المَوْتِ بَعْدَ أَوَانِ
|
أَلحِلْمُ مَا تَجْلُو صَبَاحَةٌ وَجْههِ | وَالعَزْمُ مَا تَذْكُو بِهِ العَيْنَانِ
|
وَوَرَاءَ مَا تُبْدِي الجِبَاهُ سَرَائِرٌ | وَوَرَاءَ مَا تُخْفِي القُلُوبُ مَعَانِ
|
أَأَتَتْكَ أَنْبَاءُ المُنَابَذَةِ الَّتِي | رِيعَ الثِّقَاتُ لَهَا مِنِ اطْمِئْنَانِ
|
مَا زَالَ بِالَّلأُوَاءِ حَتَّى ذَادَهَا | وَقَضَى عَلَى التَّشْتِيتِ وَالخِذْلانِ
|
وَوَفَى لِمِصْرَ بِرَدِّةِ مِنْ حَقِّهَا | مَا كَادَ يَسْتَعْصِي عَلَى الإِمْكَانِ
|
لَمْ يَنْسَ قَطُّ الشَّعْبِ فِي سُلْطَانِهَا | فَأَقَرَّهُ مُسْتَكْمِلَ السُّلْطَانِ
|
وَأَضَافَ بِالدُّسْتُورِ أَرْوَعَ دُرَّةٍ | يُزْهَى بِهَا إِكْلِيلُهَا النُّورَانِي
|
أَشَهَدْتَهُ أَيَّامَ أُغْمِدَتِ الظُّبَى | وَتَلاقَتِ الآرَاءُ فِي المَيْدَانِ
|
فَرَأَيْتَ فِي تَغْرِيبِهِ عَنْ قَوْمِهِ | آيَاتِ ذَاكَ الحُبَّ وَالإِيمَانِ
|
يَجْلُو أَدِلَّتَهُمْ بِأَيِّ يَرَاعَةٍ | وَيقِيمُ حُجَّتَهُمْ بِأَيِّ لِسَانِ
|
فِي الحِلِّ وَالتَّرْحَالِ يَنْضَحُ عَنْهُمُ | بِوُضُوحِ بُرْهَانٍ وَسِحْرِ بَيَانِ
|
فَيُحَاوِرُ القَهَّارُ غَيْرَ مُمَاذِقٍ | وَيُدَاوِرُ الجَبَّارَ غَيْرَ جَبَانِ
|
مُتَحَوِّلٌ لَكِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ | مِنْ نَفْس فِي مِحْوَرِ الدَّوَرَانِ
|
وَانْ إِذَا نُهزُ النَّجَاحِ تَبَاطَأَتْ | فَإِذَا تَحَيَّنَهَا فَلَيْسَ بِوَانِ
|
وَمِنَ التَّقَدُّمِ فِي المَجَالِ تَأَخُّرٌ | وَمِنَ البِدَارِ تَلَكُّؤٌ وَتَوَانِ
|
وَيُكَاتِمُ النَّاسَ الَّذِي فِي صَدْرِه | وَمِنَ القُوَى مَا نِيطَ بِالكِتْمَانِ
|
فِي مَعْشَرٍ مُتَفَرِّقٍ أَهْوَاؤُهُمْ | كَتَفَرُّقِ الأَذْوَاقِ وَالأَلْوَانِ
|
أَشَهِيدَ أَنْبَلِ مَا يُكَابِدُ مُغْرَمٌ | بِبِلادِهِ مِنْ حُبِّهَا وَيُعَانِي
|
تَبْكِيكَ مِصْرُ اليَوْمَ مِثْلَ بُكَائِهَا | يَوْمَ الرَّحِيلِ وَقَدْ مَضَى حَوْلانِ
|
فَقَدَتْ بِفَقْدِكَ أَيَّ سَيْفٍ صَارِمٍ | عَزَّتْ بِهِ وَدَرِئيَةٍ فِي آنِ
|
عُنْوَنَ نَهْضَتِهَا وَخَيْرُ مُحَصَّلٍ | مِنْ مَجْدِهَا فِي ذَلِكَ العُنْوَانِ
|
هَيْهَاتَ يَسْلُبُهَا زَمَانٌ مَنْ لَهُ | فِيهَا مَآثِرُ مِلْءُ كُلِّ زَمَانِ
|
أَمَّا وَدِيعَتُكَ الَّتِي خَلَّفْتَهَا | فَالحَقُّ يَكْلَؤُهَا فَنَمْ بِأَمَانِ
|
وَعَلَى اصْطِفَاقِ المَوْجِ فِيمَا حَوْلَهَا | هِيَ مَعْقِلٌ مُتَمَكِّنُ الأَرْكَانِ
|
يَرْتَدُّ رَيْبُ الدَّهْرِ عَنْهَا حَاسِراً | وَتُصَانُ بِالأَرْوَاحِ وَالأَبْدَانِ
|
أَقْرَانُكَ الأَمْجَادُ فِي الشَّيبِ الأُولَى | يَرْعَوْنَهَا وَبَنُوكَ فِي الفِتْيَانِ |