التهابات اللثة ...تبدء من تزاحم الأسنان وتنتهي بأمراض في القلب والدماغ إن من الضروري معرفته هو أن علاج تقويم الأسنان ليس للتجميل فقط وإنما لتجنب مشاكل كثيرة لها تأثير كبير على صحة الفم والأسنان مثل:تسوس الأسنان,التهابات اللثة والأنسجة المحيطة بالأسنان,تآكل طبقات السن واضطرابات المفصل الفكي الصدغي .
إن التزاحم الشديد للأسنان والذي ينتج عن عدم التناسق ما بين حجم الأسنان وحجم الفك يؤدي إلى تجمع فضلات الطعام والتي يصعب على الإنسان تنظيفها بشكل كامل مما يدفع بالبكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في الفم بالتجمع على هذه الفضلات وتشكيل ما يسمى باللويحة الجرثومية أو طبقة البلاك حيث تعمل البكتيريا على إفراز سمومها باتجاه أنسجة اللثة وما حول الأسنان محدثة التهابات حادة فيها تنتقل فيما بعد إلى العظم المحيط بالأسنان مما يؤدي إلى تآكله بشكل تدريجي وفقدان الأسنان الواحد تلو الآخر في نهاية المطاف.
إن ما تؤكده الدراسات الطبية الحديثة هو أن سلامة الفم تعد أحد أساسيات صحة الجسم ككل فالفم مثل ما هو ممر للغذاء فهو مصدر للكثير من الأمراض التي تصيب أجهزة الجسم الأخرى مثل القلب والشرايين مرورا بالدماغ وحصول مرض الزهايمر وانتهاء بالتأثير على المرأة الحامل وحصول الولادات المبكرة ونقص في وزن المواليد .
فتأثير التهابات اللثة على هذه الأجهزة يتمثل إما في انتقال البكتيريا من اللثة عن طريق الأوعية الدموية إلى أماكن أخرى بعيدة عن الفم محدثة مشاكل صحية خطيرة في هذه الأجهزة أو بسبب إفراز الجسم لمواد معينة أثناء عملية الالتهاب من اجل القضاء على البكتيريا المهاجمة وما تفرزه من سموم وللحفاظ على الأنسجة الموجودة في هذه المنطقة.
إن العلاقة الكبيرة التي أصبحت تربط هذه الأيام بين التهابات اللثة وأمراض القلب والشرايين وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم جعلت أطباء القلب يتحدثون عن إن الطريق إلي عياداتهم يجب أن تمر عبر عيادة الأسنان إما قبل القدوم إليها أو بعد الخروج منها ,كما أنهم اخذوا بالتساؤل فيما إذا كان هناك ثمة خطاً ساخناً بين طبيب القلب و طبيب الأسنان بدأ عمال الصيانة في المستشفيات يثبتونه كي يُستخدم عند معاينة طبيب القلب كل مريض من مرضاه لترتيب موعد زيارته لطبيب الأسنان ضمن أهم خطوات العلاج لمرضى الشرايين أو الصمامات؟ أم أن الاستخدام سيكون حتى من طبيب الأسنان حينما سيلاحظ أيا من مشاكلها لدى مريضه، إذْ بدوره سوف يحوله مباشرة لزيارة طبيب القلب كجزء من العناية السليمة بمريضه لاكتشاف أمراض خافية في الشرايين و الحد منها قبل أن تظهر أعراضها المرضية؟
و إن عجب أحد من هذه التساؤلات فنهايتها ليست هنا,، بل الذي يبدو أن طبيب الأسنان سيصبح جزءا حتى من الأطباء الذين يقدمون العناية بصحة الحامل ومتابعتها طوال فترة الحمل,، و ذلك ليس حين شكواها من الأسنان أو اللثة فحسب بل ضمن الترتيبات الروتينية الطبيعية لمتابعة الحوامل!
اللثة والقلب
لقد صرحت رابطة القلب الأميركية بأن الناس الذين لديهم التهابات ميكروبية مزمنة ، والتهابات اللثة أحد أهمها، هم عرضة بشكل كبير أن تظهر لديهم في مراحل تالية من حياتهم أمراض تصلب الشرايين و أمراض شرايين القلب تحديداً.
لذا فان النصيحة الهامة هي جعل العناية باللثة و الأسنان و انتظام المتابعة الطبية لهما ضمن استراتيجيات المتابعة لمرضى شرايين القلب أو من يتطلع من السليمين إلي الوقاية منها و من جلطات الدماغ,، تماماً كما هو الأمر مع النصيحة بممارسة الرياضة البدنية اليومية و تناول وجبات الغذاء الصحية و الانتظام في أخذ الأدوية الموصوفة و السبب هو أن الإصابة بالعديد من أنواع البكتيريا و ظهور حالات التهابات الفم المزمنة في اللثة و غيرها نتيجة لذلك,، هو أمر يعمل على اضطراب مكافحة الجسم للالتهابات التي تسهم في تضيق الشرايين نتيجة لترسبات الكولسترول في جدرانها حيث أن الالتهابات المزمنة في اللثة تضع عبئاً على جهاز مناعة الجسم بشكل متواصل طوال الوقت مما يشتت جهود محاربة الجسم للأمراض و تفاعله الطبيعي معها,، ليس هذا فحسب، بل أن التفاعل المتواصل للجسم مع وجود حالة من الالتهاب البكتيري المزمن ينتج عنه إنتاج الجسم لمواد عديدة تُسهم في نشوء تضيق في الشرايين التاجية في القلب أصلاً.
أمراض اللثة و الكولسترول
إن التغيرات التي تطال نسبة الكولسترول في الدم لدى المرضى المصابين بالتهابات اللثة المزمنة، ربما تفسر العلاقة التي تتضح كل يوم بين كل من أمراض الشرايين و أمراض اللثة المزمنة.
إن هناك ارتفاعاً بنسبة مهمة في معدل النوع قليل الكثافة من الكولسترول الخفيف لدى من هم مُصابون بالتهابات مزمنة في اللثة.
لذا يجب التركيز على جدوى إجراء تحليل نسبة هذا النوع لدى مرضى التهابات اللثة المزمنة في التشخيص المبكر لوجود أمراض شرايين القلب,، وأيضا على تأثير علاج كل من التهابات اللثة علي نسبة هذا النوع من الكولسترول و تأثير وسائل العلاج لخفض نسبة هذا النوع من الكولسترول الخفيف على حالة التهابات اللثة.
وفيما يتعلق بأمراض صمامات القلب أو من تمت لهم زراعة صمامات حيوانية أو معدنية, أو من يعانون من عيوب خَلْقية في بنية القلب, وهنا تكمن العلاقة في أصل بسيط مضمونه أن وجود أي اضطراب لجريان الدم داخل و فيما بين حجرات القلب، يُعطي فرصة لارتطام الدم بشكل غير طبيعي لا تتحمله ربما أنسجة بطانة القلب حين تعرضها لتلك القوة من اندفاع الدم,، و إذا ما كان هناك احتمال أن يكون في الدم حينها كمية من البكتيريا فالظروف ستكون مهيأة لتغلغل هذه البكتيريا من خلال المناطق التي يعبر فيها الدم بقوة مما يُعطي مكاناً تنمو فيه البكتيريا، و بالتالي حصول حالة الالتهاب الميكروبي لبطانة القلب. و هي من الحالات التي تحمل نسبة عالية من خطورة الوفاة أو تعطيل الكثير من عمل القلب.
و هؤلاء المرضى هم من يجب إعطائهم المضادات الحيوية كإجراء وقائي قبيل و بعد بعض العمليات الجراحية لمناطق من الجسم قد يكون أثنائها فرصة لدخول البكتيريا إلى الدم كالعمليات في الفم و الأسنان تحديداً مثل قلع الأضراس أو التنظيف العميق للأسنان.
التهابات اللثة وتأثيرها على النساء الحوامل
هناك الكثير من النساء اللواتي يحصل لديهن التهابات في اللثة أثناء فترة الحمل و تزداد بالتالي بينهن معدلات الولادة المبكرة و ولادة أطفال قليلي الوزن,، و أن معالجة الأمر لدى الأطباء المختصين يقلل من هذه المخاطر المتعلقة بالحمل و الولادة لذا فان المتابعة المثالية و المنطقية للمرأة الحامل يجب أن تشمل مراجعة طبيب الأسنان قبل الحمل، كي يبدأن حملهن بلثة خالية من الالتهابات. و خلال فترة الحمل عليهن أن يبذلن قصارى الجهد للمحافظة على مستوى كافي من نظافة الفم و صحته’ فإذا تم تشخيص وجود التهابات في أي مرحلة من مراحل الحمل فيجب مراجعة طبيب الأسنان ومناقشة كيفية المعالجة من اجل تجنب احتمالات الولادة المبكرة أو ولادة أطفال ناقصي الوزن.
كما أن بعض الدراسات أثبتت أن بعضاً من ميكروبات اللثة قادرة على العبور من خلال المشيمة وصولاً إلى الجنين و إحداث التهابات فيه.
تأثير التهابات اللثة على الدماغ
أظهرت الدراسات التي أجريت على الأشخاص المصابين بالتهابات اللثة أن لديهم وظيفة فكرية أسوأ من نظرائهم ذوي اللثة الأفضل. حيث أظهرت الدراسة أن الالتهاب العام المنتشر في الجسم نتيجة لالتهابات اللثة قد أثر سلباً على الدماغ.
وإن كبار السن لديهم احتمال أكبر للنسيان ومشاكل الكلام إذا كانت لثتهم سيئة الحال وأن حالة الدماغ تتراجع مع نزيف اللثة وتخلخل الأسنان وفقدانها حيث تبين انه كلما زادت حدة التهابات اللثة زادت نسبة الإصابة بمرض الزهايمر واحتمالات حصول الجلطة الدماغية ’ ومع وجود العديد من التفسيرات فإن الأرجح هو حدوث التهاب عام يؤثر على كل الجسم وأحد أعراضه هي فقدان الوظيفة الفكرية كما أن ضعف الأسنان يؤدي إلى سوء تغذية يؤثر على وظائف الدماغ .