بعيدا عن الجراحة يعتمد أطباء ألمان تقنية تفتيت الحصى في الجهاز البولي تعتمد على الامواج الصادمة
يعتقد برندر بست الطبيب الجراح للمسالك البولية في برلين والمعروف بكتاباته عن أمراض الحصى في الكلى ان وسائل الجراحة التقليدية لازالة الحصى في الكلى لم تعد هي الوسيلة الوحيدة من أجل إراحة المريض من الآلام بل هناك طرق كثيرة أخرى متطورة افضل بكثير.
ففي تقريره الذي نشر مؤخرا قال بست تعتبر الحصيات البولية من أبرز الامراض التي تصيب الجهاز البولي في كل العالم، وعرف هذا المرض قبل أكثر من سبعة آلاف سنة، وتلعب الوراثة دورا في تشكلها. كما يصاب الذكور اكثر من الاناث بها بنسبة 2 الى 6 ، وللموقع الجغرافي أهمية في تشكل الحصيات، حيث تكثر في المناطق الجبلية والمناطق الاستوائية، وفي بلاد حوض البحر المتوسط والهند وأواسط أوروبا. كما يلعب نوع الغذاء وكمية السوائل المتناولة دورا هاما في تشكل الحصيات البولية.
وأكثر أنواع الحصيات هي حماضات وفوسفات الكالسيوم وحصيات حمض البول، وأسباب تشكلها غير معروفة تماما، فهناك دراسات ونظريات عديدة تفسر تشكلها وهي تعتمد على ارتفاع تركيز البلورات الملحية المطروحة في البول الى حد الاشباع مع تغير تفاعل البول بين حامضي وقلوي. ويبدأ الترسب في الأنابيب الكلوية حيث تجتمع الذرات البلورية، اذا كانت الاسباب مهيئة، وتتشكل نواة صغيرة تزداد حجما في البول المشبع بالاملاح.
ولدى الاشخاص الذين تتشكل لديهم حصيات متكررة دلت الأبحاث على غياب العوامل المانعة للترسب والتي تكون موجودة لدى الاشخاص الطبيعيين، كما وان الركودة البولية تعطي النواة الصغيرة الوقت الكافي لتزداد حجما داخل الكلية.
والقولنج الكلوي هو العارض الأبرز لوجود حصاة كلوية او حالبية، ويظهر على شكل ألم حاد مفاجئ في الخاصرة وقد ينتشر الى الناحية المغبنية والى ناحية الأعضاء التناسلية وينجم الالم عن انسداد المجرى البولي بالحصى وعند تحركها في الكلية الى الحالب. لكن توجد حاليا في معظم المستشفات الالمانية طرق علاجية غير جراحية للتخلص من الحصى البولية منها ما قام به الطببيان الجراحان في ميونيخ كريستيان شاوسي واغيرت شميدت حيث استعملا جهاز دورنير Dounier System لتفتيت الحصى في الجهاز البولي العلوي وذلك بواسطة الامواج الصادمة من خارج الجسم الى جزئيات صغيرة تخرج عن طريق البول بعد ذلك.
وحسب قول الدكتور بست في هذه الطريقة يتم توليد الامواج الصادمة باطلاق شرارة مكثفة عالية التوتر تحت الماء ولمدة ميكروثانية واحدة، واطلاق هذه الشرارة العالية التوتر تحت الماء يؤدي الى تبخر انفجاري للماء المحيط بالقطب المولد للشرارة، وهذا بدوره يؤدي الى توليد أمواج صادمة في السائل المحيط بالجسم بسبب التوسع المفاجئ. وبما ان اطلاق الامواج الصادمة متركز في مركز مرآة عاكسة اهليجية الشكل ، فان الامواج الصادمة تنعكس وتتجمع في محرق العدسة العاكسة بطاقة عالية مكثفة.
ويتألف الجهاز من جهازي تصوير شعاعيين مجهزين بشاشات تلفزيونية ومن طاولة هيدروليكيه تتحرك بالاتجاهات الثلاثة يوضع عليها المريض ويثبت باربطة خاصة، ومن خزان او حوض مائي، يغمس فيه المريض المحمول على الطاولة، ومن الجهاز المولد للأمواج الصادمة والموضع اسفل حوض الماء. ويتم تحديد موضع الحصى في نقطة تقاطع محوري جهازي الاشعة مع محراق العدسة العاكسة. ولا تحتاج هذه الطريقة العلاجية الى تحضيرات خاصة، ويفضل إعطاء المريض مسهلا قبل ايام للتخفيف من غازات الامعاء، وحتى يصبح تحديد مكان الحصى على جهازي الاشعة أكثر وضوحا.
ويجرى تخدير المريض تخديرا عاما او نصفي والطريقة الاخيرة هي الاكثر استخداما.
ويوضع المريض على الطاولة الخاصة الهيدروليكية، ويربط باربطة خاصة حتى لا يتحرك اثناء إطلاق الامواج الصادمة ولكي لا يتغير مكان الحصى بعد تحديد موقعها، ثم تغمس الطاولة في حوض الماء.
بعد ذلك يتم تحديد موقع الحصى بحيث تقع في محراق المراة العاكسة، بعدها يبدأ الطبيب المشرف باطلاق الامواج الصادمة التي تدخل الى الجسم عبر الوسط المائي المحيط بالمريض، ثم عبر سوائل الجسم الى موقع الحصى في الكلية، حيث تتفتت وهي داخل جوف الكلية.
ويحتاج تفتيت الحصى ما بين ال500 الى 1500 طلقة موجة صادمة، وذلك حسب حجمها ونوعها وقد يحتاج المريض الى اكثر من جلسة وباوقات متفاوتة.
وتستغرق العملية بالكامل ما بين ال30 الى 40 دقيقة، وهي اقل بكثير من العملية الجراحية التقليدية.
ولقد اثبتت التجارب حتى الان ان الامواج الصادمة حين دخولها الى الجسم ومرورها بانسجته لا تؤدي الى اي اذى كما هو الحال مع اشعة الليزر، كما وان دراسة الوظيفة الكلوية قبل وبعد اجراء تفجير الحصيات بالامواج الصادمة اثبتت عدم تغيرها او تأثرها، ويمكن القول ان هذه الطريقة اثبتت سلامتها على جسم الانسان.
لكن اذا ما وجدت حصى في الكليتين فيفضل ان تجرى عملية التفتيت كل كلى على حدا وفي أوقات متفاوتة، اي على جلسات منفصلة. وبعد الانتهاء من عملية التفتيت عبر الامواج الصادمة تؤخذ صورة اشعاعية للبطن للتأكد من نجاح العملية وبانه تم تفتيت كل الحصيات الى جزئيات صغيرة، بعدها يبقى المريض تحت المراقبة في المستشفى لمدة يومين يعطي خلالها كميات من السوائل لا تقل عن ال3 ليترات يوميا. ويكون حجم الجزئيات ما بين ال1 و1,10 ملم ويحتاج المريض الى فترة اسبوع واحد لطرحها كلها عبر الحالب اثناء التبول، لكن قد يحدث الم يمكن تقليله عبر مسكن خفيف.
ولقد أجرى الجراح البرليني نفسه الكثير من عمليات تفتيت الحصى عبر الامواج الصادمة وسجلت نجاحات كبيرة، حيث كانت النسبة اكثر من 90 في المائة، وفي بعض الحالات بقيت بعض الاجزاء من الحصى ما احتاج الى تكرار العملية.
ويقول الدكتور بست في المستقبل لن تكون الجراحية المبضعية هي الوسيلة المتبعة من أجل التخلص من الحصى البولية، لان الطرق الحديثة سوف توفر على المريض الكثير من العناء والآلام والبقاء طويلا في المستشفى