حزب النور والدعوة السلفية يهنئان الأمة الإسلامية بالعيد المبارك.. والإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة يهنئون الشعب المصري الكريم بالعيد، وهكذا أصبح زيتنا في دقيقنا يا سادة يا كرام واختلط الحابل بالنابل!!
من المعروف علميا ان اختلاط الزيت بالدقيق ينتج عنه "عجينة" يستحيل فصل
مكوناتها؛ ورغم ان الأمر يبدو بسيط وعادي جدا يا أخي، كما قال لي صديق،
والذي تعجب من تعجبي لهذه التهنئة المشتركة بين الحزب والدعوة وبين الحزب
والجماعة، بل راح يتهمنى بالتصيد وأنني أحمل لهم مواقف سابقة التجهيز.
وإلحقيقة
التي لا أخشي البوح بها، أنني بالفعل أحمل موقف رافض فى المطلق للجمع
وللخلط بين عمل "رجال" الدين وعمل رجال السياسية، ولاحظ أرجوك: أنني قلت
رجال الدين وليس الدين، فقناعتي الشخصية بأنه يستحيل مع دين عظيم جامع مثل
الإسلام ان نفصله عن حياتنا وما يدور فيها، سياسية وغيره، ولكن هذا يتعلق
بالدين وليس برجال الدين !! .
وقبل ان يبدأ البعض بالهجوم مبكرا على كلامي- كما أتوقع-، دعونا نجد
مساحة اتفاق، قد تصل بنا لأرض مشتركة، فلا اعتقد ان أحد يختلف معى ان
مقتضيات العمل الديني، تستلزم العلم التام والصراحة والوضوح وأمانة النقل
والاتساق التام بين الغاية والوسيلة، والبعد عن التحالفات. والتوازنات
والحسابات ولعبة خذ وهات.
أما
مقتضيات العمل السياسي - حتى في نسختها الطاهرة الشريفة- تستوجب التخطيط
والدهاء والذكاء والدخول فى تحالفات حتى لو لم تكن متسقة مع القناعات
الأساسية، لهذا يكون منطقيا ان تبرر الغاية الوسيلة، ووفقا لهذا رأينا
التيارات الدينية ترشح المرأة، رغم عدم اقتناع أغلبهم بجدارتها للمشاركة،
ووصفوا ذلك بأنه أمر اضطروا عليه.. وهذا منطقي في لعبة السياسية، ولكن إذا
كنت جماعة دينية دعوية فهذا غير مقبول، وينتقص كثيرا من مصداقيتك الدينية،
والسياسية أيضا !!
لا أعرف نسبة من يشعرون بخطورة خلط الأنشطة
الدينية والدعوية بالسياسية، في مجتمع أكثر من نصفه يعاني إما من أمية
قراءة، أو أمية سياسية، ولكني اعتقد أن هذا يضر بالسياسية والدين، ويمثل
التفاف واستغلال لرصيد من الاحترام والمحبة لرجال الدين فى غير موضعه،
فإذا كنت بالأمس شيخي الجليل الذي تفقهت على يديه فى أمور ديني، فبالتأكيد
انت تحرجنى بشدة عندما تدعى بأنك أيضا تفهم في أمور السياسية والحكم، لبس
كناصح أمين محايد.. بل طرف مشارك مستفيد !!
ملحوظة: هذا الكلام
ينسحب على كافة الأطراف والقوى السياسية التي تخلط بين النشاط الديني
والنشاط السياسي الحزبي، وإنما أخذت جماعة الاخوان المسلمون والدعوة
السفية كمثال، لما نتوقعه منهم من التزام والبعد عن الخلط، وأعرف أيضا أنه
من الظلم ان نساوى بين الجماعة ولها تاريخ سياسي طويل، والدعوة السلفية
صاحب الخبرة الناشئة.. وربنا يستر !!