أو تحدثه نفسه بأنك ذاهب إلى العمل ولو فعلت ذلك ستنام في العمل أجل هذا
العمل ليوم الجمعة وعندما يأتي يوم الجمعه تحدثه أنك متعب وهذا هو
اليوم الوحيد الذي ترتاح فيه هذا يا اخواني هو حديث النفس لكي تكسل
الإنسان وتجمده لكن اعلم علم اليقين أنك لو أقبلت على الله بيقين فإن
الله يبارك في كل شيء لك فأقل جرعة من النوم تكفيك سيدنا الإمام عمر
بن الخطاب عندما تولى الحكم قال : إن نمت نهارا ضيعت رعيتي وإن نمت
ليلا ضيعت نفسي فسألوه ماذا ستفعل؟ قال: جعلت النهار لرعيتي والليل
لربي متى كان ينام إذن؟ كان ينام بعد شروق الشمس لأنه عندما كان يجد
بعض أصحابه يحيون الثلث الأخير من الليل وينامون بعد الفجر قال لهم:والله للذي
تنامون عنه أفضل من الذي تقومون فيه وكان رضي الله عنه بعد أن تشرق الشمس
بثلث ساعة يصلي سنة الإشراق ثم يضع رأسه بين ركبتيه ويخفق خفقات
فيقوم وكأنه نام طوال الليل بل أحيانا كان يمسك الدرة ويضرب نفسه ويقول
يا نفس طالما نمت لأن المسافر يا إخواني دائما مستعجل حتى أن المسافر أحيانا
عند عودته يمكث يومين أو ثلاثة لا ينام ويقول عندما أرجع سأنام ونحن كذلك
فكلنا مسافرون إلى الله عزَّ وجلَّ وسننام نومة طويلة إذن على الإنسان ألا يسلم
لحديث النفس لأنه عندما يمشي مع الله فإن الله عزَّ وجلَّ يجعل له مددا في نومه
فلو كان قاعدا وغفا غفوة يقوم وكأنه نام يوما وليلة لأن الله عزَّ وجلَّ بارك له
في هذا النوم وورد أن كثير من الأئمة كانوا يصلون الصبح بوضوء العشاء مثل
الإمام أبو حنيفة ألم يكن يعمل؟ بل كان له عملان فقد كان تاجرا لينفق على عياله وينفق
على تلاميذه - لأن العالم في ذلك الوقت هو الذي كان ينفق على تلاميذه ولا يأخذ منهم
- وكان معلما يعلم الفقه والدين ابتغاء وجه الله متى كان ينام إذن الإمام أبو حنيفة؟ كان ينام
بعض ساعة بعد صلاة الظهر فقد قال صلى الله عليه و سلم
(اسْتَعِينُوا بِقَائِلَةِ النَّهَارِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ)[3]وكأنه نائم طوال الليل لكننا الآن ننام طوال الليل ونصلي الصبح وننام وانتابنا الكسل والوخم لماذا
؟ لأننا استسلمنا للنفس ولا بد من جهاد النفس ويقول في ذلك أحد الصالحين :
و ما النوم إلا الموت قهر لطيفتي حرام عليها النوم ليست من الترب
فالروح لا تنام وإذا انتبهت الروح تأخذ الجسم معها وأقل النوم يكفيها
فإذا أشفقنا على الجسم وتركناه يستسلم للنوم والكسل هنا يكون الجسم هو المتحكم والنفس
وبذلك لا تصحوا الروح إلا يوم ينادي المنادي
[وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ]ولا يصح ذلك إذاً يجب على الإنسان أن يعلي عزيمته لأن علو الهمة من الإيمان
علو عزائمكم هيا و اعشقوا لتشاهدوا عدن الجنان وحورهاوكان الصحابة ومن بعدهم الصالحين كانت تحدث لهم أحوال غريبة في هذا
الباب لأنها أحوال عالية لا يعلمها إلا واهبها عزَّوجلَّ
فإن الروح هنا علت وسمت والروح إذا علت وسمت تريح الجسم من المنام
والمنام المقصد منه إراحة الأعضاء وتعويض الأعضاء وعمل صيانة شاملة
لها وذلك كله يقوم به الله عزَّ وجلَّ ويأمر به الأعضاء وأنت في هذه اللحظات
لأن أمر الله عزَّ وجلَّ بين الكاف والنون
[إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ]فمن يهتم بالنوم ويبحث عنه سينام لكن
الصالحين غير ذلك كان الرجل منهم يسهر طوال ليله بين يدي مولاه فإذا أصبح
الصباح وضع زيتا على شعره ووضع كحلا في عينه وغسل وجهه حتى يظن من
يراه أنه اغتسل وخرج بعد نوم طويل ولا يريد أن يعرف الناس أنه كان سهران
وإذا ربك وفق وأعان فأعلم علم اليقين أن هذا الكيان سيطويه الله عزَّ وجلَّ ويمنحه
القوة والعون من الرحمن ومادامت القوة والعون من الرحمن فإن فضل الله
عزَّ وجلَّ لا يحصيه زمان ولا يحده مكان فاستمد العون من الله وهذه يا اخواني
هي أحوال الصالحين في هذا الباب – وهذا هو المنهج الذي يمشون عليه لكي
يعينهم الله ويقويهم الله جل في علاه ولذلك نسمع عنهم أنهم يبارك الله لهم فى
الزمان والمكان ويبارك لهم في الطعام ويبارك لهم في المنام ويبارك لهم في القراءة
ويبارك لهم في الكتابة لماذا؟ لأنهم عزموا عزما اكيدا على طاعة الحميد المجيد
عزَّ وجلَّ لعلنا نحافظ على هذا المنهج ونديم عليه لكي يحبنا الله جل في علاه
يتبــــــــــــــــــــــع إن شـــــــــــــــــــــــاء الله