قالت.. في البشاشة وحسن الخلق.. وخفة النفس.. فزوجي يذكر أن زوجك صاحب نكتة مليحة وابتسامة لا تفارق محياه. وإنه يشيع جو المرح والسرور في المكتب!!بل إنه يزيل الكآبة والسأم بمرحه ولطفه عن جميع الزملاء..
سكتت.. وأجالت الطرف.. وحار العقل.. ربما أخطأت!! زوجي ليس كذلك. ولا يحمل من تلك الصفات إلا ضدها..
وقالت في نفسها: ربما تسمعين بعد لحظات صوته وغلظته وسوء خلقه.. ولكننا صابرون!! محتسبون!!
قالت الزائرة بعد سكوت: سأروي لك ما حصل لهم في المكتب اليوم.. وروت لها.. ما جرى بتفصيل دقيق..
وعندما أتمت الحديث بضحكة قوية.. وأردفت: ألم أقل لك إن زوجك صاحب طرفة ونكتة؟! وخفيف الظل.. مرحى لك كل يوم تسمعين مثل هذه الطرف والدعابات!!
تبسمت صاحبة المنزل وهي تخفي حزنًا يلازمها منذ أن تزوجت.. وقالت لنفسها.. هذا للزملاء والأصحاب.. أما الزوجة والأبناء فلا!! ما رأينا ابتسامة ولا دعابة.. ولا كلمة طيبة منذ سنوات!!
بعض الأزواج -هداهم الله- تجده هاشًا باشًا في مجتمع الرجال.. يتميز برحابة صدر وحسن أدب.. وله قوة عجيبة في التحمل والصبر على الأذى.. بل وفي العفو عن الهفوات والزلات.. يجتمع له رجاحة عقل مع حسن أدب تلازمهما بشاشة ولطف..
ولكنه في منزله بين زوجته وأبنائه يتحول إلى أسد يزمجر.. يكشر عن أنيابه وينقلب إلى كتلة من الغضب والحمق.. يتحول ذلك اللطف إلى صراخ وتلك البشاشة إلى عبوس وذاك الحلم إلى طيش..
لا يتحمل حديث زوجته.. ولا يصبر على حركة ابنه.. وإن أخطأت صرخ في وجهها وإن أصابت بحث عن لوم لها.. وإن تحرك ابنه ضربه وإن قام طرده!!وفي النهاية.. يفرح الجميع عندما يغادر المنزل.. فيسوده الهدوء.. وتسكن النفوس.. وترتاح القلوب. من أولى بحسن الخلق؟!
قال إبراهيم الحربي: ما شكوت إلى أمي ولا إلى أختي ولا إلى امرأتي ولا إلى بناتي: حمى قط وجدتها.
الرجل هو الذي يدخل غمه على نفسه، ويغم عياله، وكان بي شقيقة خمسًا وأربعين سنة، ما أخبرت بها أحدًا قط، ولي عشرون سنة أبصر بفرد عين ما أخبرت بها أحدًا قط، وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتني بهما أمي أو أختي أكلت، وإلا بقيت جائعًا عطشانًا إلى الليلة الثانية وأفنيت ثلاثين سنة من عمري برغيف في اليوم والليلة، وإن جاءتني به امرأتي أو إحدى بناتي أكلته، وإلا بقيت جائعًا عطشانًا إلى الليلة الأخرى