| قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم | |
|
+9Celina عيون القلب دموع حائرة الأميرة سلمي★ زيزى بقايا جروح **هزيم الرعد** Ģ.£.m.Ў MOURAD 13 مشترك |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 12:58 pm | |
| قصة المرأة التي سمع الله كلامها
موقع القصة فى القرآن الكريم
سورة المجادلة
بسم الله الرحمن الرحيم
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا
إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)
الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْتُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3)فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًاذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (5)يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعة ، وعلامات الخوف والارتباك تعلو وجهها.
كيف لا ، وأسرتها مهددة بالانهيار والتفكك ، وبيتها مهدد بالضياع والتشرد ، كل ذلك جراء كلمة
غضب قالها لها زوجها ، كادت أن تقضي على أسرة بأكملها ، وتُنهي حياة زوجين عاشا معًا زمنًا مديدًا.
فجاءت إلى رسول صلى الله عليه وسلم علَّها تجد حلاً لمشكلتها ، فوجدت بيته مفتوحًا ،
ليس بينه وبين الناس حجاب ولا بواب.
تلك المرأة هي لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنت ثعلبة رضي الله عنها التى سمع الله جدالها مع رسوله من فوق سبع سماوات.
والتي قالت عنها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
(الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنا في ناحية البيت ، تشكو زوجها)فأنزل الله سبحانه في القرآن الكريم سورة كاملة بحقها ، سماها سورة المجادلة ، افتتحها سبحانه بقوله (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
وتذكر كتب التفاسير بخصوص سبب نزول هذه الآية الكريمة ،
أن لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت رضي الله عنهما ، كان بينها وبين زوجها
ما يكون بين الرجل وزوجته من خلاف.
وقد كان زوجها رجلاً سريع الغضب ، فلما كان بينهما ما كان حلف أن لا يقربها ،
وقال لها: (أنت علي كظهر أمي)
وكانت هذه العادة من عادات الجاهلية التي حرمها الإسلام ، لكن بقيت رواسبها
عند البعض... ومازالت
ثم إن أوسًا بعد ما كان منه ما كان ، أراد أن يقرب زوجته فامتنعت منه ، ورفضت أن تستجيب له ،
حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبره بما كان.
لكن أوسًا تحرج منعه الحياء أن يذكر لرسول الله ما جرى منه.
فذهبت لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنفسها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبرته بالذي حدث.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أراك إلا قد حرمت عليه)
فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زوجها لم يرد بقوله ذلك طلاقًا ولا فراقًا.
فأجابها رسول الله ثانية : (ما أراك إلا قد حرمت عليه)
فلما سمعت جواب رسول الله التجأت إلى الله قائلة : اللهم إليك أشكو حالي وفقري.
ثم أخذت تحاور رسول الله لتقنعه أنها تحب زوجها ، ولا تريد فراقه ، وأنه يبادلها نفس المشاعر.
فما كان من رسول الله إلا أن أجابها ثالثة : (ما أراك إلا قد حرمت عليه)
ومع هذا ، فإنها لم تيأس من رحمة الله ، ومن ثم أخذت من جديد تحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم،
عن طريق التركيز على الجانب العاطفي والإنساني، لعلها تقنعه بإيجاد مخرج للمأزق الذي
هي فيه، فتقول له : فإني وحيدة ، ليس لي أهل سواه... إن لي صبية صغارًا ، إن ضممتهم إليه
ضاعوا ، وإن ضممتهم إلي جاعوا.
فلا يجد لها رسول الله جوابًا إلا أن يقول لها : (ما أراك إلا قد حرمت عليه)
فلما لم تجد لها جوابًا عند رسول الله ، التجأت إلى الله قائلة : اللهم أنزل على لسان
نبيك ما يقضي لي في أمري ، فلم تكد تنتهي من دعائها.
حتى أنزل الله على نبيه قوله سبحانه :
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أنزل الله عليه قرآنًا ، بين فيه حكم هذه الواقعة ،
دعا زوجها أوسًا ، وسأله أن يحرر عبدًا كفارة عن فعله.
فأخبر أوس رسول صلى الله عليه وسلم أنه لا طاقة له بذلك.
فسأله رسول الله إن كان يستطيع أن يصوم شهرين.
فأجابه أنه لا يستطيع ؛ لأنه رجل قد تقدم به العمر ، والصيام يضعفه.
حينئذ طلب منه رسول صلى الله عليه وسلم أن يتصدق على ستين مسكينًا.
فأخبره أنه لا يملك من المال ما يتصدق به.
فلما رأى عليه الصلاة والسلام من حاله ما رأى ، تصدق عنه ، وطلب منه أن يعود إلى زوجته.
صلى الله وبارك وسلم على رسولنا وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عن خـولـةنسبــها هي لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنت مالك بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف ، صحابية جليلة من الأنصار ،وكانت زوجة الصحابي المجاهد أوس بن الصامت ، وهو أخو الصحابي الجليل عبادة بن الصامت. لا إله إلا الله محمد رسول اللهة وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهماخاطبت لا إله إلا الله محمد رسول اللهة في ذات يوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان خارجاً من المسجدوكان معه الجارود العبدي.فسلم عليها عمر فردت عليه، وقالت: (هيا يا عمر ، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوقعكاظ ترعى الضأن بعصاك ، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ، ثم لم تذهب الأيام حتى سميتأمير المؤمنين ، فاتق الله في الرعية ، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ، ومن خاف الموت خشي الفوت ، ومن أيقن بالحساب خاف من العذاب)فقال الجارود: (قد أكثرت على أمير المؤمنين أيتها المرأة)فقال عمر: (دعها ، أما تعرفها؟ هذه لا إله إلا الله محمد رسول اللهة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات ،فعمر أحق والله أن يسمع لها)رضى الله عنهم جميعا وأرضاهم ما يستخلص من حياة لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنت ثعلبة تعد لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنت ثعلبة من عظيمات العرب والمسلمين ، فهي امرأة مؤمنة تقية ، وزوجة وفية تحافظ
على بيتها من الانهيار ، وأم صالحة تفكر في مستقبل أبنائها.
ومن قصتها يمكننا استخلاص عدة أفكار ، منها
أولا
إبطال الله تعالى لظاهرة كانت شائعة أيام الجاهلية ألا وهي "المظاهرة" ، وهي تعني تحريم الزوج
زوجته على نفسه ، وأنزل الله تعالى حكم ذلك القسم ألا وهو لا يوجب التحريم المؤبد ، بل التحريم
المؤقت حتى تؤدى الكفارة ، وجعل الله الكفارة بعتق رقبة ، أو صوم شهرين متتابعين
إن لم يقدر على عتق رقبة ، أو إطعام ستين مسكينا إن لم يستطع الصيام.
ثانيا
مكانة المرأة التي تحاول الحفاظ على زوجها وبيتها في الإسلام ، كما فعلت لا إله إلا الله محمد رسول اللهة عندما
أصرت على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطلب من الله الحكم العادل لتعود إلى زوجها ،
وأيضاً في ذلك بيان إلى عظمة الصحابيات وأنهن قدوة صالحة لجميع النساء.
ثالثا
بلاغة لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنت ثعلبة وفصاحة لسانها ، وتبين ذلك من خلال موقفها مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جادلته بعد أن ظنت أنها ستفترق عن زوجها
وشريك حياتها ، وتبيينها سلبيات هذا التفريق على الأولاد والبيت ، وفي موقف آخر
أيضاً مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عندما اعترضت على سياسته وطلبت منه
أن يتق الله تعالى في الرعية ، في عبارة قوية لم يستطع عمر حيالها إلا أن يسمع لها.
رابعا
في هذه القصة تأكيد على وجوب الاعتماد على الله عز وجل في أخذ الأحكام ،
واعتبار القرآن الكريم هو مصدر التشريع الإسلامي الأساسي وتتبعه بعد ذلك السنة النبوية الشريفة.
خامسا
بيان لطف الله بعباده وتخفيف الكفارات لهم عند عدم الاستطاعة.
سادسا
بيان عدل الرسول الكريم ، حيث إنه طلب سماع القضية من الطرفين ، وليس من طرف واحد ،
وذلك للوصول إلى أفضل الأحكام وأدقها.
سابعا
يجوز دفع الكفارة عمن لا يستطيع دفعها ، أو لا يقدر على أدائها.
فلله در نساء العقيدة الصحيحة أمثال لا إله إلا الله محمد رسول اللهة , فهي تقف بين رسول الله صلى الله عليه وسلم
مجادلة (محاورة) مستفتية , أما الاستغاثة والشكوى فلا تكون إلا لله تعالى ,
وهذا هو صريح الإيمان والتوحيد الذي تعلمه الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بَين يَدَيْ السُّورَة
سورة المجادلة مدنية ، وقد تناولت أحكاماً تشريعية كثيرة كأحكام الظهار ، والكفارة التي
تجب على المظاهر ، وحكم التناجي ، وآداب المجالس ، وتقديم الصدقة عند مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وعدم مودة أعداء الله ، إِلى غير ذلك ، كما تحدثت عن المنافقين وعن اليهود.
ابتدأت السورة الكريمة ببيان قصة المجادلة "لا إله إلا الله محمد رسول اللهة بنت ثعلبة" التي ظاهر منها
زوجها - على عادة أهل الجاهلية في تحريم الزوجة بالظهار - وقد جاءت تلك المرأة
رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو ظلم زوجها لها وقالت يا رسول الله: "أكل مالي،
وأفنى شبابي، ونثرت له بطني حتى إِذا كبرتْ سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني"
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها: ما أُراك إِلا قد حرمت عليه، فكانت تجادله وتقول:
يا رسول الله، ما طلقني ولكنه ظاهر مني، فيرد عليها قوله السابق، ثم قالت: اللهم إني
أشكو إِليك، فاستجاب الله دعاءها، وفرَّج كربتها وشكواها
ثم تناولت حكم كفارة الظهار
{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ
وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ..} الآيات.
وعلى ضوء سبب نزول هذه الآية وما تلاها من آيات ، يمكننا الوقوف على بعض القضايا المهمة ،
والمتعلقة بشأن الأسرة والمجتمع
أولها
مكانة المرأة في الإسلام ، وأن لها من الحقوق وعليها من الواجبات كالتي للرجل ،
إلا ما فضل الله به بعضهم على بعض.
قال تعالى
سورة البقرة
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ (228)
وليس الأمر كما يقول البعض : إن الإسلام قد ظلم المرأة ، وحرمها الكثير من حقوقها ، فها هي
المرأة تتوجه بشكواها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضية أسرية ، ويسمع الله شكواها من
فوق سبع سموات ، ويُنـزِّل قرآنًا في أمرها ، مبينًا المخرج من أزمتها ، مما يؤكد منحها كامل الحق
في طلب العدل في أمرها، وأمر أسرتها وأبنائها.
ثانيها
أن في هذه القصة درسًا عمليًا لنساء الأمة الإسلامية ورجالها ، يبين واجب المرأةفي الدفاع عن مصالحها ومصالح أسرتها ، وأن ذلك حق مشروع لها ،لا ينبغي التفريط به بحال من الأحوال. وثالثها معرفة ما يسمى في شريعة الإسلام بأحكام الظهار ، وهو أن يحرم الرجل على نفسه جماع زوجته ، بأن يشبهها بأحد محارمه ، كأمه وأخته ؛ فيقول لزوجته مثلاً : أنت عليَّ كظهر أمي ، أو أنت علي كظهر أختي ، فتحرم الزوجة على زوجها ، ولا يجوز لهما أن يتعاشرا معاشرة الأزواج ،إلا بعد أن يكفِّر الزوج عن يمينه ، بحسب ما عرفت من مجريات هذه القصة
عدل سابقا من قبل MOURAD في الأربعاء 08 فبراير 2012, 5:40 pm عدل 3 مرات | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 1:12 pm | |
| حادثة الإفك المبين
في سورة النور - وهي سورة مدنية - كثير من الآيات التي شُرعت حماية للمجتمع وصيانة
له من كل ما يقوض أركانه ، ويزعزع بنيانه ؛ فنقرأ فيها
ما يتعلق بجريمة الزنا، وجريمة القذف ، وأحكام الملاعنة بين الزوجين ، وغير ذلك من الأحكام
التي تضمنتها هذه السورة ، والتي تشكل الحصن الحصين للحفاظ على سلامة المجتمع ،
وتحميه من التفسخ والتآكل والزوال.
وباختصار فإن هذه السورة الكريمة عالجت ناحية من أخطر النواحي الاجتماعية هي
((مسألة الأسرة)) وما يحفها من مخاطر ، وما يعترض طريقها من عقبات ومشاكل قد تودي بها
إلى الانهيار ثم الدمار ، عما فيها من آداب سامية ، وحكم عالية ، وتوجيهات رشيدة ، إلى أسس
الحياة الفاضلة الكريمة ، ولهذا كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أهل الكوفة يقول لهم :
علّموا نساءكم سورة النور.
وفي أثناء هذه السورة وردت قصة الإفك ، تلك القصة التي أقضَّت مضاجع المجتمع الإسلامي وقت حدوثها.
وقد أخبرنا سبحانه عن هذا الحدث الأليم فى سورة النور.
قال تعالى
إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ
مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)
والإفك : هو الكذب والبهتان والافتراء.
وهذه الآية وبعض آيات بعدها ، كلها نزلت في شأن ((عائشة بنت أبى بكر))
أم المؤمنين رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت الصديق أبو بكر ،
حين رماها أهل الإفك والبهتان من المنافقين بما قالوه من الكذب البحت والفرية ،
فغار الله عز وجل لها ولنبيه صلوات الله وسلامه عليه ، فأنزل الله تعالى براءتها من فوق سبع
سمارات ، صيانة لعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحاصل هذا الخبر الذي نزلت بسببه هذه الآية وما تبعها من آيات ؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة بني المصطلق ، ونزل في مكان
قريب من المدينة ، أمر الناس أن يتجهزوا للرحيل.
فلما علمت عائشة رضي الله عنها بذلك خرجت وابتعدت عن الجيش لقضاء بعض شأنها ،
فلما انتهت من قضاء حاجتها عادت إلى مكانها ، ثم تبين لها أنها قد أضاعت عقدًا
كان في صدرها ، فرجعت تلتمسه فأخرها البحث عنه ، وكان الوقت ليلاً.
وأقبل الرهط الذين كانوا يشدون الناقة ، فحملوا الهودج الذى تجلس به السيدة عائشة ،
ورفعوه على الناقة التى تركبها ، وكانوا يحسبون أنها فيه ، وكانت النساء فى الغزوة
لا يأكلن كثيرا ولا يأكلن إلا لقيمات قليلة فلا يزداد وزنهن ، فلم يستنكر القوم خفة الهودج
حين رحلوه ورفعوه ورحلوا.
فلما وجدت العقد رجعت إلى حيث كانت فلم تجد أحدًا ، فاضطجعت في مكانها رجاء أن يفتقدوها
فيرجعوا إليها ، فنامت.
وكان ((صفوان بن المعطِّل)) قد أوكل إليه النبي صلى الله عليه وسلم حراسة مؤخِّرة الجيش ،
فلما علم بابتعاد الجيش ، وأمن عليه من غدر العدو ، ركب راحلته ليلتحق بالجيش ،
فلما بلغ الموضع الذي كان به الجيش أبصر سواد إنسان ، فإذا هي عائشة ،
وكان قد رآها قبل الحجاب ، فاسترجع (قال: إنا لله وإن إليه راجعون) ،
زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فاستيقظت عائشة رضي الله عنها على صوت استرجاعه ، ونزل عن ناقته وأدناها منها ،
فركبتها عائشة وأخذ يقودها حتى لحق بالجيش وما كلمها كلمة واحدة ، ولم تسمع منه إلا استرجاعه.
وكان ((عبد الله بن أبي بن سلول)) رأس المنافقين في الجيش ، فقال: زوج نبيكم تبيت مع رجل ،
ويأتي بها في الصباح يقودها والله ما نجت منه ولا نجا منها.
ووجد الخبيث عدو الله ابن أبي متنفساً ، فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه ،
فجعل يستحكي الإفك ، ويستوشيه ، ويشيعه ، ويذيعه ، ويجمعه ويفرقه ، وكان أصحابه
يتقربون به إليه ، فصدق قوله ((حسان بن ثابت)) ، و ((مِسطَح بن أُثاثة)) ،
و ((حمنة بنت جحش)) أخت زينب بنت جحش أم المؤمنين.
فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث ، وأشاع الخبر طائفة من المنافقين
أصحاب عبد الله بن أبي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لايتكلم ،
ثم استشار أصحابه ـ لما استلبث الوحي طويلاً ـ في فراقها ، فأشار عليه
علي بن أبى طالب رضي الله عنه أن يفارقها ، ويأخذ غيرها ، تلويحاً لاتصريحاً ،
وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها، وألا يلتفت إلى كلام الأعداء.
فقام على المنبر يستعذر من عبد الله ابن أبي ، فأظهر أسيد بن حضير سيد الأوس
رغبته في قتله فأخذت سعد بن عبادة ـ سيد الخزرج ، وهي قبيلة ابن أبي ـ الحمية القبلية ،
فجري بينهما كلام تثاور له الحيان ، فخفضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سكتوا وسكت.
أما عائشة فلما رجعت مرضت شهراً - وهي لاتعلم عن حديث الإفك شيئاً -
سوي أنها كانت لا تعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللطف الذي كانت تعرفه حين تشتكي.
فلما نَقِهَتْ (شفيت) خرجت مع أم مِسْطَح
(امرأة من الأنصار وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها ابنة صخر
بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب
وهو الذى صدق بالإفك) إلى البَرَاز ليلاً.
فعثرت أم مسطح في مِرْطِها ، فدعت على ابنها وقالت : تعس مسطح.
فاستنكرت ذلك عائشة منها وقالت لها : بئسما قلتى .. تسبين رجلا شهد بدرا ؟
فقالت : ألم تسمعي ما قال؟
فقالت عائشة : وماذا قال؟
فأخبرتها أم مسطح خبر أهل الإفك.
فزادت عائشة مرضا على مرضها وهالها الأمر ، فرجعت عائشة واستأذنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لتذهب إلى أبويها وتستيقن الخبر.
ثم أتتهما بعد الإذن حتى عرفت جلية الأمر ، فجعلت تبكي ، فبكت ليلتين ويوماً ،
لم تكن تكتحل بنوم ، ولا يرقأ لها دمع ، حتى ظنت أن البكاء فالق كبدها.
وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فتشهد وقال أما بعد يا عائشة ،
فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت
بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ، ثم تاب إلى الله تاب الله عليه)
وحينئذ قَلَص دمعها ، وقالت لكل من أبويها أن يجيبا ، فلم يدريا ما يقولان.
فقالت:(والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم ، وصدقتم به ،
فلئن قلت لكم إني بريئة ـ والله يعلم أني بريئة ـ لا تصدقونني بذلك ،
ولئن اعترفت لكم بأمر ـ والله يعلم أني منه بريئة ـ لتُصَدِّقنِّي ، والله ما أجد لي
ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف ، قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)
ثم تحولت واضطجعت ، ونزل الوحي ساعته ، فَسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك.
فكانت أول كلمة تكلم بها: (يا عائشة أما الله فقد برأك)
فقالت لها أمها: قومي إليه.
فقالت عائشة ـ إدلالاً ببراءة ساحتها ، وثقة بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ :
والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله.
وجُلِد من أهل الإفك حسان بن ثابت ، و مِسْطَح بن أثاثة ، وحَمْنَة بنت جحش ،
جلدوا ثمانين ثمانين ، ولم يُحَدّ الخبيث عبد الله بن أبي مع أنه رأس أهل الإفك ،
والذي تولي كبره ؛ إما لأن الحدود تخفيف لأهلها ، وقد وعده الله بالعذاب العظيم في الآخرة ،
وإما للمصلحة التي ترك لأجلها قتله.
وقال أبو بكر (وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره) : لا أنفق عليه الله عز وجل.
فنزلت الأية 22 من سورة النور
وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ
فِي سَبِيلِ اللَّه وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُو أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)
فقال أبو بكر : والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ،
وقال : لا أنزعها منه أبدا.
قال ابن إسحاق: أما عبد الله بن أبي فجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه
هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه - خاصة ابنه حتى أنه طلب من الرسول قتله
بنفسه – وسنذكر قصتهما فى جزء لاحق بإذن الله.
فهذه قصة الإفك باختصار ، وقد ذُكرت في كتب الصحاح بشكل مفصل ، وكانت هذه
الحادثة السبب الذي نزل لأجله قوله تعالى
(إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ
مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
وما تلاها من آيات.
ليعلمنا الله بغضبه ولعنته لكل من يتهم زوجة شريفة فى عرضها بدون وجه
حق او دليل وشهداء على قوله.
سورة النور
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(4)
إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5)
سورة النور إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ
دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)
كذلك نزل قوله تعالى
سورة الحجرات
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)
ولذلك يجب أن نتقيد بأوامر الله لنا فى التأكد من أى خبر نسمعه قبل الإسراع بتصديقه
ونشره .. فقد نظلم بريئا أو نتهم شريفا فى عرضه ويلحق بنا غضب الله ولعنته
وقد روى البخاري في "صحيحه" أن أم رومان - وهي أم عائشة رضي الله عنها -
سئلت عما قيل فيها - أي في عائشة - ما قيل ، قالت: بينما أنا مع عائشة جالستان
إذ دخلت علينا امرأة من الأنصار ، وهي تقول: فعل الله بفلان وفعل.
قالت: فقلت: لِمَ؟
قالت: إنه نما (من النميمة) ذكر الحديث.
فقالت عائشة : أي حديث؟
فأخبرتها.
قالت عائشة: فسمعه أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: نعم.
فخرت عائشة مغشيًا عليها ، فما أفاقت إلا وعليها حمى.
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لهذه !
قلت: حمى أخذتها من أجل حديث تحدث به.
فقعدت فقالت: والله لئن حلفت لا تصدقونني ، ولئن اعتذرت لا تعذرونني ،
فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه ، فالله المستعان على ما تصفون ، فانصرف
النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ما أنزل ، فأخبرها فقالت بحمد الله لا بحمد أحد.
وقد أجمع المسلمون على أن المراد بالآية ما وقع من حديث الإفك في حق عائشة أم المؤمنين ،
وإنما وصفه الله بأنه إفك ، لأن المعروف من حالها رضي الله عنها خلاف ذلك.
فالذين جاؤوا بالإفك ليسوا واحدًا ولا اثنين بل جماعة ، فكان المقدم في هذه اللعنة
عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين ، فإنه هو الذي لفَّق الخبر ، ونشره بين الناس ،
حتى دخل ذلك في أذهان بعض المسلمين فتكلموا به.
ولم يكن عبد الله بن أبي بن سلول وحده هو الذي أطلق ذلك الإفك ، إنما هو الذي تولى معظمه ،
وهو يمثل عصبة اليهود أو المنافقين ، الذين عجزوا عن
حرب الإسلام جهرة فتواروا وراء ستار الإسلام ، ليكيدوا للإسلام خفية ،
وكان حديث الإفك إحدى مكائدهم القاتلة ، ثم خدع فيها بعض المسلمين ،
فخاض منهم من خاض في حديث الإفك.
إن أمر هذه الفتنة لم يكن أمر عائشة رضي الله عنها فحسب ، ولم يكن قاصرًا
على شخصها فقط ، بل تجاوزها إلى الأمة بأكملها متمثلة بشخص
الرسول صلى الله عليه وسلم ، كذلك لم يكن حديث الإفك رمية لـ عائشة وحدها ،
إنما كان رمية للعقيدة في شخص نبيها وبانيها ، من أجل ذلك أنزل الله القرآن
ليفصل في القضية المبتدعة ، ويرد المكيدة المدبرة ، ويتولى المعركة الدائرة
ضد الإسلام ورسول الإسلام ، وبالتالي ليكشف عن الحكمة وراء ذلك كله التي لا يعلمها إلا الله :
(لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)
لقد كانت معركة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخاضتها الأمة المسلمة يومذاك ،
وخاضها الإسلام ، وخرج الجميع منها مؤيدًا بنصر الله ؛ إذ هذه سُنَّة الله في نصرة الحق وأهله. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (يوسف:21)
أيات الحادثة كاملة من القرآن الكريم سورة النور
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُم لْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ
مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)
لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)
وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)
وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19)
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ
بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا
وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)
وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)
يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَٰئِكَ
مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)
صدق الله العظيمحكم قذف المحصنات قذف المحصنات من كبائر الذنوب
لقد حرّم الله تعالى على المسلم الاستطالة في عرض أخيه المسلم (وسواء في هذا الحكم الرجال والنساء)
قال تعالى – سورة الأحزاب
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا مُبِينًا (58)
و المعنيّون بالوعيد في هذه الآية هم الذين يستطيلون في أعراض المسلمين ظلماً و عدواناً
(أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه و لم يفعلوه "فقد احتملوا بهتاناً
و إثماً مبيناً" وهذا هو البَهت الكبير أن يحكيَ أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات
ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقص لهم)
وقال جلّ وعلا – سورة النور
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)
سورة النور
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)
قال ابن جرير (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَة فِي شَأْن عَائِشَة , وَ الْحُكْم بِهَا عَامّ فِي كُلّ مَنْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي
وَ صَفَهُ اللَّه بِهَا فِيهَا ، وَ إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى تَأْوِيلاته بِالصَّوَابِ ; لأَنَّ اللَّه
عَمَّ بِقَوْلِهِ : "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات الْغَافِلات الْمُؤْمِنَات" كُلّ مُحْصَنَة غَافِلَة
مُؤْمِنَة رَمَاهَا رَامٍ بِالْفَاحِشَةِ , مِنْ غَيْر أَنْ يَخُصّ بِذَلِكَ بَعْضًا دُون بَعْض , فَكُلّ رَامٍ
مُحْصَنَة بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الآيَة فَمَلْعُون فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة
وَلَهُ عَذَاب عَظِيم , إِلا أَنْ يَتُوب مِنْ ذَنْبه ذَلِكَ قَبْل وَفَاته , فَإِنَّ اللَّه دَلَّ بِاسْتِثْنَائِهِ
بِقَوْلِهِ : " إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْد ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا "عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حُكْم رَامِي كُلّ مُحْصَنَة
بِأَيِّ صِفَة كَانَتْ الْمُحْصَنَة الْمُؤْمِنَة الْمَرْمِيَّة , وَعَلَى أَنَّ قَوْله : "لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَة
وَ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم" مَعْنَاهُ : لَهُمْ ذَلِكَ إِنْ هَلَكُوا وَلَمْ يَتُوبُوا)
وروى أبو داود في سننه وأحمد في مسنده بإسنادٍ صحيحٍ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ
(إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ)
والمنهي عنه في هذا الحديث هو إطالة اللسان في عرض المسلم ؛ باحتقاره والترفع عليه ,
والوقيعة فيه بنحو قذفٍ أو سبٍ , وإنما يكون هذا أشد تحريماً من المراباة في الأموال لأن
العرض أعز على النفس من المال.
ولمّا كان القذف من أشنع الذنوب ، وأبلغها في الإضرار بالمقذوف والإساءة إليه ،
كان التحذير منه في القرآن الكريم شديداً ، و مقروناً بما يردع الواقع فيه من العقوبة.
قال تعالى – سورة النور
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً
وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)
قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية
(يقول تعالى ذكره : والذين يشتمون العفائف من حرائر المسلمين , فيرمونهن بالزنا ,
ثم لم يأتوا على ما رموهن به من ذلك بأربعة شهداء عدول يشهدون عليهن أنهم
رأوهن يفعلن ذلك , فاجلدوا الذين رموهن بذلك ثمانين جلدة , ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ,
وأولئك هم الذين خالفوا أمر الله وخرجوا من طاعته ففسقوا عنها)
وقال الحافظ ابن كثيرٍ رحمه الله
(هذه الآية الكريمة فيها بيان حكم جلد القاذف للمحصنة ؛ و هي : الحرة البالغة العفيفة فإذا كان المقذوف رجلا فكذلك يجلد قاذفه أيضا ، وليس فيه نزاع بين العلماء ... وأوجب الله على القاذف إذا لم يُُقم البينة على صحة ما قال ثلاثة أحكام :أحدها : أن يجلد ثمانين جلدة .الثاني : أنه ترد شهادته أبداً .الثالث : أن يكون فاسقاً ليس بعدل لا عند الله و لا عند الناس)والقذف الذي يوجب الحد هو الرمي بالزنا أو اللواط أو ما يقتضيهما كالتشكيك في الأنساب والطعن في الأمّهات تصريحاً على الراجح (وهو مذهب أبي حنيفة و الشافعي) ، لا تعريضاً ولا تلميحاً (خلافاً لمذهب الإمام مالك ومن وافقه) ، إلاّ إن أقرّ المعرّض بأن مراده هو القذف الصريح.
| |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 1:28 pm | |
| | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 1:44 pm | |
| العاص بن وائل .. الذي كفر بآيات الله فتوعده بالعذاب سبب نزول قوله تعالى (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا)سورة مريمأَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا(79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)
في سورة مريم نقف على صورة من صور العناد والإنكار التي يتشبث بها أصحابالكفر والضلال، وهي صورة تتكرر عبر العصور والأزمان، واختلاف البقاع والأيام،وهي تدل على نموذج استشرى فيه الغي والضلال، واستمرأ الكفر والعصيان،بحيث لم يعد يعرف غير طريق الضلال طريقًا، ولا يريد أن يسلك سواه سبيلاً. وقد أخبرنا القرآن الكريم صورة هذا النموذج (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أفرأيت يا محمد - صلى الله عليه وسلم -
الذي كفر بآياتنا ، أي: حُجَجَنا وما أنزلناه من الهدى والبينات ، فلم يصدِّق بها، بل أعرض عنها ،
وأنكر وعيدنا يوم القيامة ؛ وقال وهو بالله كافر ، وبرسوله جاحد: لأوتين في الآخرة مالاً وولدًا.
وقد رويت في سبب نزول هذه الآية عدة روايات ؛ من ذلك ما رواه الإمامان البخاري
و مسلم في صحيحهما عن خبَّاب بن الأرت رضي الله عنه قال
كنت قينًا (أي عبدًا) في الجاهلية ، وكان لي على "العاص بن وائل" دَيْنٌ ، فأتيته أتقاضاه.
قال العاص : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد.
فقلت : والله لا أكفر حتى يميتك الله ، ثم تُبْعَث.
قال العاص : وإني لميت ثم مبعوث ؟
قلت : نعم.
قال : فذرنى (دعني) حتى أموت وأُبعث ، فسأوتى مالاً وولدًا ، فأقضيك.
فأنزل الله تعالى :
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا)
إلى قوله تعالى : (وَيَأْتِينَا فَرْدًا)
(مريم: 77-80)
وفي رواية أخرى للحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون
العاص بن وائل السهمي بدَيْنٍ ، فأتوه يتقاضونه.
فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة فضة وذهبًا وحريرًا، ومن كل الثمرات ؟
قالوا: بلى.
قال: فإن موعدكم الآخرة ، فوالله لأوتين مالاً وولدًا ، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به.فضرب الله مَثَله في القرآن ، فقال(أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولدًا) إلى قوله سبحانه: (ويأتينا فردًا)
مع الأيات قوله سبحانه ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا ) أسلوب فيه تعجب واستنكار من موقف هذا الكافر؛أي: أرأيت - يا محمد - أمر هذا الكافر بآيات الله ، والجاحد بنعمه وآلائه ، ما هو المصير الذي سينتظره ، وما هي العاقبة التي ستناله جراء موقفه هذا.إن الآيات الكريمة تستعرض نموذجًا من تهكم الكفار ، واستخفافهم بالبعث ، والقرآنيعجب من أمرهم ، ويستنكر ادعاءهم ، وتبجحهم بمقولتهم تلك ، إذ على الرغم من كلالآيات الكونية والسمعية المبثوثة في كل مكان من العالم يظل هذا الكافر يتمادى فيغيِّه غاية التمادي ، ويسترسل في كفره ويتطاول على خالقه ، ولا يأبه بعواقب ذلك.ثم تأتي الآيات اللاحقة لترد على صاحب هذا الموقف المستعلي ، وتنـزله من علياء عرشه ؛يقول تعالى: ( أطَّلع الغيب ) ، يقول عز ذكره: أَعَلِم قائل هذا القول علم الغيب؟فعلم أن له في الآخرة مالاً وولدًا ، باطلاعه على الغيب( أم اتخذ عند الرحمن عهدًا ) أم آمن بالله وعمل بما أمره به ، وانتهى عما نهاه عنه ، فكان له بذلك عند الله عهد ووعد أن يؤتيه ما يقول من المال والولد ؟( كلا سنكتب ما يقول ) من طلبه ذلك ، وحكمه لنفسه بما يتمناه ، وكفره بالله العظيم.( ونمد له من العذاب مدًا ) أي: في الدار الآخرة على قوله ذلك، وكفره بالله في الدنيا.(ونرثه ما يقول ) أي: من مال وولد نسلبه منه ، عكس ما قال إنه يؤتى في الدار الآخرةمالاً وولدًا ، زيادة على الذي له في الدنيا ، بل في الآخرة يسلب منه الذي كان له في الدنيا.ولهذا قال تعالى: ( ويأتينا فردًا ) أي: خالي الوفاض من المال والولد ، وما جمع من الدنيا،وما عمل فيها ؛ لا يتبعه مال ولا ولد ، ولا قريب ولا بعيد ، ولا قليل ولا كثير.
فعجبًا لأمر الإنسان ، هذا الإنسان الذي أكرمه الله أي تكريم ، وفضَّله على خلقهأجمعين أي تفضيل ، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة أي إسباغ ،وبثَّ حوله من كل آياته، ثم هو بعد هذا كله ، يريد أن يتكبر ويتجبر على خالقهورازقه ، مع أنه لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.والله أعلى وأعلم سبب نزول قوله تعالى (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)
سورة يس
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ
لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي
أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)
قال ابن عباس : الإنسان هو عبد الله بن أبي بن سلول.
وقال سعيد بن جبير : هو العاص بن وائل السهمي.
وقال الحسن : هو أبي بن خلف الجمحي.
يقول عز وجل (أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ) وهو اليسير من الماء ، نطف إذا قطر.
(فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) أي مجادل في الخصومة مبين للحجة يريد بذلك أنه
صار بعد أن لم يكن شيئاً مذكوراً خصيماً مبيناً .
وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ، ففته بين يديه ،
ثم قال : يا محمد أترى أن الله يحيي هذا بعد ما رم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ويبعثك الله ويدخلك النار ، فنزلت هذه الآية :
( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ )
( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ) أي ونسي خلقنا إياه كيف خلقناه ، أنا أنشأناه
من نطفة ميتة فركبنا فيه الحياة ، فلم يفكر في خلقه فيعلم أن من خلقه من
نطفة حتى صار بشراً سوياً ناطقاً متصرفاً لا يعجز أن يعيد الأموات أحياء ،
والعظام الرميم بشراً كهيئتهم التي كانوا بها قبل الفناء.
وقيل : إن هذا الكافر قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن سحقتها وإذريتها في الريح أيعيدها الله
فنزلت : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أي من غير شيء فهو قادر على إعادتها في النشأة الثانية
(وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) وهو بجميع خلقه ذو علم كيف يميت، وكيف يحيي،
ويكف يبدىء، وكيف يعيد، لا يخفى عليه شيء من أمر خلقه.
والله أعلى وأعلم
سبب نزول قوله تعالى(إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)سورة الكوثرإِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)شانئك أي مبغضك وكارهك ، وهو العاص بن وائل.وكانت العرب تسمي من كان له بنون وبنات ثم مات البنون وبقي البنات : أبتر.فيقال: إن العاص وقف مع النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه ، فقال له جمع من صناديد قريش: مع من كنت واقفاً ؟ فقال: مع ذلك الأبتر.وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان من خديجة،فانزل الله جل شأنه: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) أي المقطوع ذكره من خير الدنيا والآخرة.
وقيل: كان أهل الجاهلية إذا مات ابن الرجل قالوا: بتر فلان ، فلما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال:بتر محمد ، فأنزل الله جل ثناؤه: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) يعني بذلك أبا جهل.
وقيل: هو عقبة بن ابي معيط ، وقيل: أن قريشاً كانوا يقولون لمن مات ذكور ولده:قد بتر فلان ، فلما مات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه القاسم بمكة ، وإبراهيمبالمدينة، قالوا بتر محمد فليس له من يقوم بأمره من بعده ، فنزلت هذه الآية.
وقيل: إنه جواب لقريش حين قالوا لكعب بن الأشرف لما قدم مكة: نحن أصحابالسقاية والسدانة والحجابة واللواء ، وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خيرأهذا الصنيبر الأبيتر من قومه؟ قال كعب: بل أنتم خير، فنزلت في كعب:(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت)[النساء:51]
وقيل: نزلت في قريش ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) ، قيل: إن الله عز وجل لما أوحى إلى رسوله ، ودعا قريشاً إلى الإيمان، قالوا: انبتر منا محمد ، أي خالفنا وانقطع عنا ، فأخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أنهم هم المبتورون. والله أعلى وأعلم
سبب نزول قوله تعالى (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ)
سورة الماعون
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)
يَدُعُّ : أي يُدفع ، كما قال تعالى:
(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا)
[الطور:13]
قال ابن عباس ومقاتل والكلبي : نزلت في العاص بن وائل السهمي.
وقال السدى : فى الوليد بن المغيرة.وقيل فى أبى جهل.وقال ابن جريج : كان أبو سفيان بن حرب ينحر كل أسبوع جزورين ، فأتاه يتيم فسأله شيئًا فقرعه بعصا.فأنزل الله قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ)والله أعلى وأعلم
من الأحاديث الأخرى عن العاص بن وائل
صحيح البخارى
عن عبدالله بن عمر بن الخطاب قال
لما أسلم عمر ، اجتمع الناس عند داره ، وقالوا : صبأ عمر ، وأنا غلام فوق ظهر بيتي ،
فجاء رجل عليه قباء من ديباج ، فقال : قد صبأ عمر ، فما ذاك ؟ فأنا له جار ، قال :
فرأيت الناس تصدعوا عنه ، فلت : من هذا ؟ قالوا : العاص بن وائل. صحيح البخارى
عن زيد بن عبدالله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر قالبينما هو في الدار خائفا ، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو ، عليه حلة حبرةوقميص مكفوف بحرير ، وهو من بني سهم ، وهم حلفاؤنا في الجاهلية ، فقال له : ما بالك ؟ قال : زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت ، قال : لا سبيل إليك ، بعد أن قالها أمنت ، فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي ، فقال :أين تريدون ؟ فقالوا : نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ ، قال : لا سبيل إليه ، فكر الناس. سنن أبى داود عن عبدالله بن عمرو بن العاصأن العاص بن وائل أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية فقال حتى أسألرسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقاليا رسول الله إن أبي أوصى بعتق مائة رقبة وإن هشاما أعتق عنه خمسينوبقيت عليه خمسون رقبة أفأعتق عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمإنه لو كان مسلما فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك. | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 8:06 pm | |
|
الرجل الذى سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمّالة الحطب أمر الله تعالى نبيه محمدًا أن يبلغ قومه وأهله الدعوة إلى دين الإسلام ، فأراد النبى صلى الله عليه وسلم
أن يدعوا قبيلته ( بنى هاشم ) أولا ، فجمعهم وكانوا حوالي أربعين رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون
وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، وقد صنع لهم من أطايب
الطعام فأكلوا من ذلك وشربوا. وبعد فراغهم تخير النبى صلى الله عليه وسلم كلمات مناسبة فقال
(الحمد لله أحمده و أستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له)
ثم قال صلى الله عليه وسلم
(إن الرائد لا يكذب أهله ، والله لو كذبت الناس ما كذبتكم ولو غررت الناس ما غررتكم ،
والله الذى لا إله إلا هو ، إنى رسول الله إليكم خاصة والى الناس عامة ،
والله لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، وإنها للجنة أبدًا أو النار أبدًا)
فلما رأى فيهم استغرابا قال لهم : ما أريد منكم إلا كلمة تحكمون بها العرب وتسودون بها العجم.
فقال له أبو لهب: عشرٌ وأبيك.
فقال عليه الصلاة والسلام: (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله)
وهنا صاح أبو لهب بصوت حاد : هذه والله السوأة !!! خذوا على يديه قبل أن يأخذكم غيركم.
وأخذ يحرض الحاضرين عليه حتى رفضوا دعوة النبى الأمين.
وانصاع القوم لصياح أبى لهب وأعرضوا عن هذا الخير العميم الذي أراده لهم النبى صلى الله عليه وسلم.
وذهل النبى صلى الله عليه وسلم لما فعله عمه أبو لهب.
لقد كان عمه أبو لهب على علاقة متينة به قبل ذلك ، وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم
أن أبا لهب لن يسكت عنه ، وسيستخدم أسلحته كلها لمحاربته خاصة أنه من وجهاء القوم
وأنه يتمتع بوجه يتلألأ حمرة وجمالا ، ولذلك لُقب أبو لهب رغم أن اسمه الحقيقى
عبد العُزى بن عبد المطلب.
وأشفق النبى صلى الله عليه وسلم على دعوته وعلى نفسه فإذا كان عمه وهو أقرب
الأقربين إليه يقول له ذلك فما بال الآخرين ؟! لكنه فوض الأمر فى النهاية إلى الله يفعل ما يشاء.
ثم إن أبا لهب انصرف عن مجلس النبى صلى الله عليه وسلم وأخذ يدور على بنى هاشم
واحدًا واحدًا يؤلبهم ويحرضهم على محمد صلى الله عليه وسلم ويريدهم أن يمنعوه من
التفوه بهذا الكلام و إلا تعرضوا جميعًا للسخرية والعداء.
وبينما كان أبو لهب يفعل ذلك إذا بمنادٍ ينادى الناس للاجتماع بصوت منذر لهم وأخذ الناس
يذهبون متجهين إلى المكان الذي يأتي منه الصوت وهو جبل الصفا.
وجاء أبو لهب من ضمن قريش التي أتت عن بكرة أبيها ، وكان الرجل إذا لم
يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ، فوجدوا محمدًا صلى الله عليه وسلم
واقفًا على هذا الجبل فقال لهم عليه الصلاة والسلام: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا
بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟
قالوا : نعم ما جربنا عليك كذبا.
قال النبى صلى الله عليه وسلم : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا.
فأنزل الله فى شأنه سورة المسد
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ
وأخذ الناس ينصرفون عن النبى صلى الله عليه وسلم وهو ينادى عليهم
يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله ، لا أغنى عنكم من الله شيئا.
يا بنى عبد المطلب! لا أغنى عنكم من الله شيئا.
يا عباس بن عبد المطلب! لا أغنى عنك من الله شيئا.
يا صفية عمة رسول الله! لا أغنى عنك من الله شيئا.
يا فاطمة بنت رسول الله! سلينى بما شئت ، لا أغنى عنك من الله شيئا.
وكلما أراد رجل من القوم أن يقف ليسمع النبى صلى الله عليه وسلم يصرفه
أبو لهب مسفها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
رجع أبو لهب إلى امرأته أروى بنت حرب بن أمية ( أم جميل) وهى امرأة من علية القوم
وذات نسب وحسب فى قبليتها أيضًا ، فقد كانت أخت أبى سفيان بن حرب زعيم من زعماء قريش ،
لكنها سليطة اللسان ويتحاشاها الجميع بسبب ذلك.
فنظرت أم جميل إلى زوجها قائلة : علامّ اجتمع الناس اليوم ؟
فأخبرها أبو لهب بما حدث من شأن محمد صلى الله عليه وسلم.
فقالت : أو تتركونه يسب الآلهة ؟
قال : وماذا نفعل يا أم جميل ؟
قالت : تأخذون على يده وتمنعونه ، وتؤذونه حتى يعرف أن الأمر جدٌ وليس بالهزل.
ثم خرجت امرأة أبى لهب إلى قبائل مكة وقد أطلقت على النبى صلى الله عليه وسلم
اسمًا آخر وهو (مذمم) وهو فى المعنى عكس كلمة (محمد)
وأخذت تقول لهم : مذمما أبينا ** ودينه قلينا ** وأمره عصينا
وأخذت تمشى بين الناس بالنميمة ضد النبى صلى الله عليه وسلم.
وتجاوزت ذلك فقد كانت تترقب طريقه وتسبه ، وكانت تعيره بالفقر ، بل كانت
تضع الشوك والأذى فى طريق النبى صلى الله عليه وسلم.
فأنزل الله في حقها - سورة المسد
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ
ولم تتوانى هذه المرأة فى إيذاء النبى صلى الله عليه وسلم حتى أنها كانت إذا عثرت تقول : تعس مذمم.
وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم أن الله قد أوحى لها أن تطلق عليه اسم ( مذمم )
حتى يحفظ اسم ( محمد ) من أن يناله الأذى منهم.
وقد نصر الله نبيه وحماه من هذه المرأة السليطة كثيرًا. و إليك هذه الحادثة العجيبةجاءت امرأة أبى لهب ولها ولولة وفى يدها فهر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ومعه أبو بكر.فقال له أبو بكر : قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك ، لو تنحيت لا تؤذيك بشئ.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه سيحال بينى وبينها.فأقبلت حتى وقفت على أبى بكر ، فقالت :يا أبا بكر هجانا صاحبك.فقال أبو بكر : لا ورب هذه البيت ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به.فقالت : إنك لمصدق.فولت وهى تقول قد علمت قريش أنى ابنة سيدها.قال أبو بكر : ما رأتك !؟قال صلى الله عليه وسلم : لا . ما زال ملك يسترني حتى ولت.
ويا له من موقف عجيب أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم مع صاحبهأبى بكر الصديق رضى الله عنه وتأتى أم جميل فترى أبا بكر فقط ولا تبصرالنبى صلى الله عليه وسلم مما جعل أبا بكر يتعجب. وكانت قبائل العرب الأخرى تأتى مكة لأداء الحج والعمرة فلم يكتفى أبو لهب بما فعله ،بل كان يذهب الى كبراءهم ويقول لهم أن محمدًا ابن أخيه وأنه صبأ عندين الأباء والأجداد وأنه ساحر أو شاعر أوكاهن فلا تسمعوا له فأنا عمه وأعلم الناس به.وكان يقيم لهذه القبائل الحفلات الماجنة حتى يشغلهم بماله عن دعوة الله.بل تفرغ تماما فى مواسم الحج والعمرة ليصد الناس عنه.
ويخبرنا أحد الذين رأوا هذا المشهد فيقول :رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى الجاهلية فى سوق ذى المجاز وهو يقول :(يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) ،والناس مجمعون عليه ووراءه رجل وضئ الوجه أحول ذو غديرتين يقول :إنه صابئ كاذب يتبعه حيث ذهب.فإذا فرغ النبى صلى الله عليه وسلم من مقالته.قال أبو لهب بعده : أنا عم هذا الرجل الساحر الأفّاك المأفون لا تصدقوه أنا عمهعبد العزى أبو لهب لو صدقتموه لسحركم.فكان الناس يقولون وقد أوشك الإيمان أن يلامس قلوبهم كانوا يقولون : لو كان في هذا الفتى خير لكان فيه خير لعمه وأهل الرجل أدرى به.وكان يقول : إن كان ما يقوله ابن أخى هذا حقا فإنى أفتدى بمالى من عذاب يوم القيامة.وكان الرد القرآنى شديدًا عليه إذ قال الله :( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ )
وكان البون بين أبى طالب وبين أبى لهب كبيرًا ، حيث إن أبا طالب حمل قومهبنى هاشم أن يدافعوا عن النبى صلى الله عليه وسلم ، وأكثر من ذلك فإن قريشًافرضت حصارًا ومقاطعة عن المسلمين فى مكان منعزل يسمى شعب أبى طالب.و دخل أبو طالب عم النبى صلى الله عليه وسلم وجميع بنى هاشم مع المسلمين فى هذا الشعب رغم أنها كانت ظروفًا قاسية جدًا لدرجة أن كثيرًا منهم هلك من شدة الجوع .والتزم جميع بنى هاشم بذلك إلا القليل جدًا منهم أبو لهب الذى خرج من الشعب وأعان المشركين على مقاطعة المسلمين ، فلما خرج لقي هنداً بنت عتبة بن ربيعة.
فقال : يا ابنة عتبة هل نصرتُ اللات والعزى ؟قالت : نعم فجزاك الله خيراً يا أبا عتبة !قال : إن محمداً يعدنا أشياء لا نراها كائنة ، يزعم أنها كائنة بعد الموت ، فأنَّى ذلك ؟وظل أبو طالب يقوم بدور المدافع عن النبى صلى الله عليه وسلم حتى وفاته.وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم : ما نالت منى قريشٌ نيلا حتى تُوفى أبو طالب.
فانكشفت الحماية عن النبى صلى الله عليه وسلم وآلت الزعامة إلى أبى لهب فقال له إخوته :لو عضدت ابن أخيك لكنت أولى الناس بذلك.وبينما كان أبو لهب يفكر فى الأمر لقى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله قائلا :يا ابن أخى أخبرنى عمن مضى من الآباء ؟فقال النبى صلى الله عليه وسلم : إنهم كانوا على غير دين.فغضب أبو لهب وتمادى على عداوته.
و لأن الله - الذى يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون – قد علم أن أبا لهبلن يؤمن أبدًا فى أى مرحلة من حياته لذا أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم منذ بداية الدعوة الإسلامية سورة المسد التى تتوعد أبا لهب وامرأته بالعذاب فى الآخرة.
وفى ذلك معجزة ظاهرة ودليل واضح على صدق النبوة ، إذ لم يؤمن أبو لهب أبدا ،ولا امرأته آمنت ولا كلاهما ، بل ظلا على ما هم عليه ليصدق فيهما قول الله بأنهما من أصحاب النار ومرت الأيام و هاجر النبى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وكذلك أصحابه من شدة أذى قريش لهم.وبقيت مكة بكبراءها الذين رأوا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة يمثلون خطرًا على مصالحهم.وبينما الناس فى مكة يعيشون حياتهم اليومية وكانوا قد أرسلوا تجارة لهم بقيادةأبى سفيان بن حرب إذ هالهم (ضمضم بن عمرو الغفاري) الذى جاء ليخبر القوم عن قافلتهم الذي تعرض لها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.واستطاع ( ضمضم ) هذا إزعاج البلدة كلها : فقد وقف على بعيره بعد أن جدع أنفه ، وحوَّل رحله ، وشقّ قميصه ، يصيح : يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة !أموالكم مع أبى سفيان ، عرض لها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابهلا أرى أن تدركوها .. الغوث الغوث !ونفرت مكة بأسرها إلى حرب الإسلام ، حتى أن الرجل الذي لم ينفر للحربأرسل بديلا أجيرا يحارب عنه.وقد أرسل أبو لهب بديلا يقاتل عنه على نفقته الخاصة.ورغم أن القافلة قد نجت إلا أن أبو جهل زعيم المشركين أصر علىالقتال وعلى ملاحقة المسلمين.وآلت الدائرة فى يوم بدر على الكافرين فهُزموا شر هزيمة ، وقُتل فى بدر كبراءقريش الذين حضروا المعركة ومن بينهم زعيمهم أبى جهل.ووصل الخبر إلى مكة فكان صدمة لهم ومفاجأة بجميع المقاييس ،ولم يتحمل هذه الصدمة أبو لهب فلزم داره أياما حتى مات غمًا على قريش.وبذلك انطوت صفحة من صفحات الكفر بموت عدو الله وعدو رسوله أبى لهب.واستراح المسلمون منه ومن شره المتزايد.
وبقيت حكايته فى كتاب الله هو وامرأته أم جميل تُتلى على مر الأيام والأزمان فيلعنهما الناس جزاءًا وفاقًا لأعمالهم الدنيئة ، ويعلم الناس أن مصيره فى نار ذات لهب.وبدلا من أن تحميه زوجته من عذاب النار فإنها ستحمل أعواد الحطب فى جهنم لتلقيها عليه ليزداد عذابا كما ساعدته فى الدنيا على إيذاء أفضل الخلق أجمعين.
أما امرأته أم جميل التى كانت لها قلادة تفاخر بها الناس وكانت تقوللو لم أجد إلا ثمن هذه القلادة لبعتها لأنفق ثمنها على محاربة محمد صلى الله عليه وسلم ،فسوف تتطوق بسلسلة من نار فى عنقها (جيدها) ، وبذلك يكون الجزاء من جنس العمل.وبعد موته رآه بعض أهله فى المنام فسأله عن حاله فأخبره أنه يتقلبفى مآسى الجحيم ، غير أنه يخفف عنه أحيانًا لأنه أعتق ثويبةجاريته التى أرضعت النبى صلى الله عليه وسلم.
ويتبين لنا من قصة أبى لهب هذا أن الإسلام لا يقيم وزنا لشكل الإنسان الخارجىولا لصورته ولا لحسبه ولا لنسبه ، فقد كان أبو لهب من أجمل الناس ومن أعلى الناس نسبا وكان عمًا للنبى صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يرفعه ذلك بل كانت هذه الأشياء وبالا عليه.وكان من بين الصحابة أقوامًا ضعافا وربما من العبيد السود ومع ذلك ارتفعوا بأعمالهم الصالحة إلى أعلى الدرجات.ومن الناس من يكون ذا هيئة حسنة وذا مكانة فى قومه وذا مال وجاه فيستخدم ذلك فى الخير فنعم الرجل.ومن الناس من يجمع بين سوء الصورة والشكل وسوء العمل والطوية فبئس الرجل عند الله والناس.المهم أن الفيصل فى ذلك كله هو عمل الإنسان.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )
و هكذا بقيت دعوة الإسلام شامخة لم يستطع أبو لهب ولا امرأته ولا أعوانالكفر على مر الأيام والسنين أن ينالوا منها.فدعوة الله كالسماء فى ارتفاعها وجلالها ، ولو تحول الناس كلهم إلى كنّاسين ليهيلوا التراب على السماء لأهالوا التراب على أنفسهم و لظلت السماء هي السماء.(( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )) | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 8:19 pm | |
|
وقفة مع قوله تعالى (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك)
في القرآن الكريم نقرأ قوله تعالى فى سورة يونس – آية 94 (فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ
جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)
هذه الآية الكريمة وردت عقب الحديث عن قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل ،
وقصته مع فرعون وما انتهى إليه من عاقبة ومصير.
والآية المذكورة قد تثير تساؤلاً من وجهين
الأول
أن الآية الكريمة نسبت احتمال الشك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
مع العلم أن وقوع الشك منه ممتنع غاية الامتناع.
الثاني
كيفية التوفيق بين قول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم{فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} مع قوله أيضًا في الكفرة فى سورة هود – آية 110{وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ}وسورة فصلت – آية 45{وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ}وسورة الشورى – آية 14{وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ}وللإجابة على هذا التساؤل سوف نستعرض أقوال المفسرين حول هذه الآية ،بادئين بشيخ المفسرين الإمام الطبري
فماذا يقول الطبري بخصوص معنى الآية ؟ ذهب الإمام الطبري عند تفسير هذه الآية إلى القول بأن الخطاب في الآية الكريمة
موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن الخطاب فيها من باب الحقيقة
وليس من باب المجاز ؛ ثم وجِّه القول فيما ذهب إليه مستدلاً له
- على عادته - بما روي في هذا الشأن من روايات
كالمروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية ، قوله:
{فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} قال: التوراة والإنجيل ، الذين أدركوا
محمداً صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فآمنوا به ،
يقول: فاسألهم إن كنت في شك بأنك مكتوب عندهم.
وأيضًا بما روي عن ابن زيد في معنى الآية ، قوله
{فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك}
قال هو عبد الله بن سلام ، كان من أهل الكتاب ، فآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبما روي عن الضحاك في قوله { فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك }
يعني أهل التقوى وأهل الإيمان من أهل الكتاب ، ممن أدرك نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وافترض الطبري هنا سؤالاً، فقال: فإن قال قائل: أَوَ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
في شك من خبر الله أنه حق ويقين حتى قيل له
{فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك} ؟
ثم أجاب عن هذا التساؤل، قائلاً لا ، ويؤكد نفي وقوع الشك عنه صلى الله عليه وسلم
بما روي في ذلك من آثار ؛ كقول سعيد بن جبير ، وقد سئل عن قوله تعالى:
{فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك} قال: لم يشك النبي صلى الله عليه وسلم ،
ولم يسأل. وأيضًا بما روي عن قتادة في الآية نفسها ، قال: ذُكر لنا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا أشك ، ولا أسأل.
وبعد أن ساق الطبري الروايات التي تؤيد ما ذهب إليه ، نراه يجيب على التساؤل الذي قد يعرض للناظر في هذه الآية ، والمتعلق بوقوع الشك من النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقرر في ذلك أن الكلام في الآية جار على حسب أسلوب كلام العرب ، وبما يوافق معهودهم ومعتادهم؛ وبيان هذا أن من معهود العرب في كلامها أن يقول السيد لمملوكه: (إن كنت مملوكي ، فانته إلى أمري) والعبد المأمور بذلك لا يشك سيده القائل له ذلك أنه عبده. كذلك قول الرجل منهم لابنه (إن كنت ابني ، فبرني) ، وهو لا يشك في ابنه أنه ابنه. وقول الحبيبة لحبيبها (إن كنت تحبني ، فأفعل كذا من أجلي) ، وهى متأكدة من حبه لها.ويعقب على ما قرره بالقول: إن ذلك من كلامهم صحيح مستفيض فيهم. ثم يأتي بشواهد من القرآن الكريم تدعم هذا الأسلوب المعهود في كلام العرب ؛ كقوله تعالى {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله }(المائدة:116) وقد علم جل ثناؤه أن عيسى لم يقل ذلك ، فهذه الآية الكريمة هي على وزان الآية التي معنا.
وأخيرًا، يخلص شيخ المفسرين إلى القول: لم يكن صلى الله عليه وسلم شاكًا في
حقيقة خبر الله وصحته ، والله تعالى ذكره كان عالماً بأمره ، ولكنه جل ثناؤه
خاطبه خطاب قومه بعضهم بعضًا ، إذ كان القرآن بلسانهم نزل. فالطبري إذن، يرى أن الخطاب في الآية وارد على الحقيقة ، وأن الشك من الرسول صلى الله عليه
لم يقع ، وأن أسلوب الآية وارد حسب لسان العرب ومعهودهم، فلا إشكال في الآية مطلقًا.
أما الإمام الزمخشري فيرى أن الخطاب في الآية ورد على سبيل الفَرَض والتمثيل ، لا على سبيل الحقيقة
والتقرير ؛ أي إنه يقرر أن الآية من باب المجاز ، وليست من باب الحقيقة.
ثم هو هنا يثير سؤالاً قد يرد على ما قرره ؛ وحاصل ما أثاره: أن إثبات الشك
قد ورد في آية أخرى على سبيل الحقيقة ، وذلك في قوله تعالى: {وإنهم لفي شك منه مريب}
(فصلت:45) وأجاب على هذا بالقول: فرق عظيم بين قوله: {وإنهم لفي شك منه مريب}
بإثبات الشك لهم على سبيل التأكيد والتحقيق ، وبين قوله: {فإن كنت في شك}
بمعنى الفرض والتمثيل ، كأنه قيل: فإن وقع لك شك مثلاً ، وخيل لك الشيطان
خيالاً منه تقديرًا {فاسأل الذين يقرؤون الكتاب} لأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ،
فأراد أن يؤكد علمهم بصحة القرآن ، وصحة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ،
ويبالغ في ذلك، فقال: فإن وقع لك شك - فرضًا وتقديرًا - وسبيل من
خالجته شبهة في الدين أن يسارع إلى حلها وإماطتها ، إما بالرجوع إلى قوانين
الدين وأدلته ، وإما بمقادحة العلماء المنبهين على الحق ، فسل علماء أهل الكتاب ،
يعني: أنهم من الإحاطة بصحة ما أنزل إليك من الأخبار والقصص ، إذ كان لهم علم بهذا.
هذا وجه الآية كما أورده الزمخشري . وحاصله - كما ترى - أن الغرض من ورود
الآية بهذا الأسلوب إنما هو وصف أحبار اليهود بالرسوخ في العلم بصحة
ما أنزل الله إلى رسول الله من القصص والأخبار وبمعرفتهم لصحة ما أنزل إليه ؛
وليس المراد منها وصف رسول الله بالشك فيه
وقد أطال الإمام الرازي النَفَس عند تفسير هذه الآية ، وقرر بداية أن الخطاب
في الآية يحمل على أحد وجهين رئيسين الأول أن الخطاب في الآية للنبي عليه الصلاة والسلام، إلا أن المراد غيره؛
على غرار قوله تعالى: {يا أيها النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين}
(الأحزاب:1)
وقوله: {لئن أشركت ليحبطن عملك}
(الزمر:65)
وقوله: {يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}
(المائدة:116)
وهو أيضًا من قبيل قولهم في الأمثال المشهورة: إياكِ أعني ، واسمعي يا جاره.
وقد مال الرازي في تفسير الآية - كما يظهر من كلامه - إلى هذا الوجه ،
واستدل له بأدلة تقويه وتدعمه ، من ذلك: أن قوله تعالى في آخر السورة: {يا أيها الناس إن كنتم فى شك من ديني} (يونس:104)يبين أن المذكور في أول الآية على سبيل الرمز ، هم المذكورون في هذه الآية على سبيل التصريح.
أن الأسلوب الذي وردت فيه الآية أسلوب معتاد في لسان العرب ؛ بدليل أن السلطان
إذا كان له أمير ، وكان تحت راية ذلك الأمير جمع ، فإذا أراد أن يأمر
الرعية بأمر مخصوص ، فإنه لا يوجه خطابه إليهم ، بل يوجه ذلك الخطاب إلى ذلك الأمير ،
الذي جعله أميرًا عليهم ، ليكون ذلك أقوى تأثيرًا في قلوبهم ، وأمضى فاعلية في سلوكهم.
وبهذه الاستدلالات ، رأى الرازي أن الخطاب في الآية وإن كان في الظاهر
مع الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن المراد في الحقيقة الأمة.
والوجه الثاني الذي حمل عليه الإمام الرازي الآية أن يكون المقصود بالخطاب غيره ؛ كما في قوله تعالى:
{يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذى خلقك} (الانفطار:6-7)
وقوله: {يا أيها الإنسان إنك كادح}
(الانشقاق:6)
وقوله: {فإذا مس الإنسان ضر}
(الزمر:49)
فلم يرد سبحانه في جميع هذه الآيات إنسانًا بعينه ، بل المراد هو الجماعة ،
فكذا الأمر في الآية التي معنا ، وعلى هذا يكون معنى الآية: إن كنت أيها الإنسان
في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد ، فاسأل أهل الكتاب ، ليدلوك
على صحة نبوته ، وإنما أفرد الله تعالى الخطاب ، وهو يريد الجمع.
وقريب من كلام الطبري والرازي ، ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث رأى أن الخطاب في الآية وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن معناه عام ،
واستند فيما ذهب إليه إلى قاعدة أصولية ، هي محل اتفاق عند أهل العلم ،
مفادها أن الأصل فيما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم من أمر أو نهي
أو إباحة أن يكون خطابًا عامًا لأمته ؛ كقوله تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك}
(الزمر:65)
وقوله: {فإذا فرغت فانصب}
(الشرح:7)
وقوله: {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي}
(سبأ:50)
ونحو ذلك مما خوطب به صلى الله عليه وسلم ، والمراد به عموم الأمة.
فهذا هو الأصل فيما خوطب به صلى الله عليه وسلم ؛ لكن ما دل الدليل
على اختصاص النبي صلى الله وسلم به ، فهذا يُحمل على ما دل عليه دليل الخصوص ،
وينتفي عنه قصد عموم الأمة ؛ كقوله تعالى: {خالصة لك من دون المؤمنين}
(الأحزاب:50)فالآية موضع التساؤل - وفق ما قرره شيخ الإسلام - خطاب عام للأمة ، وإن جاء اللفظ فيها موجهًا للنبي صلى الله عليه وسلم.
على أن من الأمور التي تسلط مزيدًا من الضوء في فهم الآية معرفة بعض
القواعد التي ذكرها العلماء في هذا السياق ، من ذلك
ما قاله القرطبي من أن مجيء حرف ( الفاء ) مع أداة الشرط لا يعني وقوع الفعل أو عدم وقوعه ، وأن أداة الشرط ( إن ) تستعمل غالبًا فيما لا تحقق له ، حتى يستعمل في المستحيل عقلاً وعادة ، كما في قوله سبحانه: {قل إن كان للرحمن ولد}(الزخرف:81)وقوله تعالى: {فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض} (الأنعام:35) وصدق الجملة الشرطية لا يتوقف على وقوعها ، كما هو ظاهر.وما قاله الرازي من أن القضية الشرطية لا إشعار فيها البتة بأن الشرط وقع أو لم يقع ؛
ولا بأن الجزاء وقع أو لم يقع ، بل ليس فيها إلا بيان أن ماهية ذلك
الشرط مستلزمة لماهية ذلك الجزاء فحسب.
وما قاله ابن تيمية من أن الحكم المعلق بالشرط يعدم عند عدمه ؛
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يشك ، ولم يسأل.
فهذه القواعد في جملتها وتفصيلها تفيد أن الجملة الشرطية شيء ،
ووقوعها شيء آخر ، وأن سوق الكلام سياق الشرط والجزاء لا يقتضي
ولا يستلزم الوقوع بحال ؛ بدليل أنك إذا قلت: (إن كانت الخمسة عددًا زوجيًا ،
كانت منقسمة بمتساويين) ، فهو كلام حق ؛ لأن معناه أن كون الخمسة عددًا زوجيًا ،
يستلزم كونها منقسمة بمتساويين ، ثم لا يدل هذا الكلام على أن الخمسة عدد زوجي ،
ولا على أنها منقسمة بمتساويين ، فكذا الآية التي معنا ، تدل على أنه لو حصل
هذا الشك لكان الواجب فيه هو فعل كذا وكذا ، فأما إن هذا الشك وقع أو لم يقع ،
فهذا أمر وراء نص الآية ، وليس في الآية ما يدل عليه لا من قريب ولا من بعيد ،
بل نصوص السنة تثبت خلافه .
إذا عُرف هذا يبقى أن يقال
فما الفائدة من سوق الآية مساق الشرط والجزاء؟
(فإن كنت فى شك ............. فاسأل) والجواب عليه ما ذكره الرازي من أن الفائدة في إنزال هذه الآية على الرسول
وفق هذا الأسلوب إنما تكثير الدلائل وتقويتها مما يزيد في قوة اليقين وطمأنينة
النفس وسكون الصدر ، ولهذا السبب أكثر الله في كتابه من تقرير دلائل التوحيد والنبوة
وأخيرًا نختم بالقول: إن ما نقلناه من أقوال أهل التفسير في تأويل هذه الآية الكريمة ، كله صالح لفهم الآية فهمًا سليمًا ومستقيمًا ؛ لأن الشك لا يتصور منه عليه الصلاة والسلام ، إذ مثل هذا الأمر محال في حق النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون واقعًا منه ، كما ثبت ذلك بنص الروايات التي أتينا على ذكر بعض منها أثناء ما تقدم.والله أعلى وأعلم. | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 8:30 pm | |
| أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَسورة النساءأَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61)
فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62)
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) قوله تعالى
(أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ يُريدونَ أَن يَتَحاكَموا إِلى الطّاغوتِ)
قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس نزلت في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومه ، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد.
وقال المنافق: بل نأتي (كعب بن الأشرف) وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت.
فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختصما إليه
فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهودي.
فلما خرجا من عنده لزمه المنافق وقال: ننطلق إلى عمر بن الخطاب ، فأقبلا
إلى عمر فقال اليهودي: اختصمنا أنا وهذا إلى محمد فقضى عليه فلم يرض
بقضائه وزعم أنه مخاصم إليك وتعلق بي فجئت إليك معه.
فقال عمر للمنافق: أكذلك ؟
قال: نعم.
فقال لهما: رويداً حتى أخرج إليكما فدخل عمر وأخذ السيف فاشتمل عليه ثم خرج
إليهما وضرب به المنافق حتى برد ، وقال: هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله.
وهرب اليهودي ، ونزلت هذه الآية وقال جبريل عليه السلام: إن عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق.
وعن قتادة قال ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في رجل من الأنصار يقال له قيس وفي رجل من اليهود
في مماراة كانت بينهما في حق تدارءا فيه ، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة ليحكم
بينهما وتركا نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فعاب الله تعالى ذلك عليهما ، وكان اليهودي
يدعوه إلى نبي الله وقد علم أنه لن يجور عليه ، وجعل الأنصاري يأبى عليه وهو
يزعم أنه مسلم ويدعوه إلى الكاهن ، فأنزل الله تعالى ما تسمعون وعاب على الذي
يزعم أنه مسلم وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب فقال
" أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ " إلى قوله " يَصُدونَ عَنكَ صُدوداً "
وعن الشعبي قال كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة ، فدعا اليهودي المنافق
إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ، ودعا المنافق
اليهودي إلى حاكمهم لأنه علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم ، فلما اختلفا اجتمعا
على أن يحكما كاهناً في جهينة ، فأنزل الله تعالى في ذلك
" أَلَم تَرَ إِلى الَّذينَ يَزعُمونَ أَنَّهُم آَمَنوا بِما أُنزِلَ إِليكَ "
يعني المنافق " وَما أُنزِلَ مِن قَبلِكَ " يعني اليهودي
" يُريدونَ أَن يَتَحاكَموا إِلى الطّاغوتِ " إِلى قوله " وَيُسَلِموا تَسليماً "
وقال السدي كان ناس من اليهود أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية
إذا قتل رجل من بني قريظة رجلاً من بني النضير قتل به وأخذ ديته مائة وسق
من تمر ، وإذا قتل رجل من بني النضير رجلاً من قريظة لم يقتل به وأعطى
ديته ستين وسقاً من تمر ، وكانت النضير حلفاء الأوس وكانوا أكبر وأشرف من قريظة
وهم حلفاء الخزرج فقتل رجل من بني النضير رجلاً من قريظة واختصموا
في ذلك ، فقالت بنو النضير: إنا وأنتم اصطلحنا في الجاهلية على أن يقتل منكم
ولا تقتلوا منا وعلى أن ديتكم ستون وسقاً والوسق ستون صاعاً وديتنا مائة
وسق فنحن نعطيكم ذلك ، فقالت الخزرج: هذا شيء كنتم فعلتموه في الجاهلية
لأنكم كثرتم وقللنا فقهرتمونا ونحن وأنتم اليوم أخوة وديننا ودينكم واحد وليس
لكم علينا فضل ، فقال المنافقون: انطلقوا إلى (أبي بردة الكاهن الأسلمي) وقال
المسلمون: لا بل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأبى المنافقون وانطلقوا
إلى أبي بردة ليحكم بينهم ، فقال: أعظموا اللقمة: يعني الرشوة فقالوا: لك عشرة
أوسق ، قال: لا بل مائة وسق ديتي فإني أخاف إن نفرت النضيري قتلتني قريظة
وإن نفرت القريظي قتلتني النضير ، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق ،
وأبى أن يحكم بينهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم
كاهن أسلم إلى الإسلام فأبى فانصرف ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابنيه:
أدركا أباكما فإنه إن جاوز عقبة كذا لم يسلم أبداً فأدركاه فلم يزالا به حتى
انصرف وأسلم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم منادياً فنادى: ألا إن كاهن أسلم قد أسلم.
سورة النساء فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا
مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ
أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ
بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا
(67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) قوله تعالى " فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجرَ بَينَهُم "
نزلت في الزبير بن العوام وخصمه حاطب بن أبي بلتعة وقيل هو ثعلبة بن حاطب.
عن أم سلمة رضى الله عنها أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير فقال الرجل:
إنما قضى له لأنه ابن عمته فأنزل الله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ) وعن الزهري قال
أخبرني عروة بن الزبير عن أبيه أنه كان يحدث أنه خاصم رجلاً من الأنصار
قد شهد بدراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة كانا يسقيان بها كلاهما ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير: اسق ثم أرسل إلى جارك ، فغضب الأنصاري
وقال: يا رسول الله أن كان ابن عمتك ، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم قال للزبير: اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر فاستوفى
رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه وكان قبل ذلك أشار على الزبير
برأي أراد فيه سعة للأنصاري وله فلما أحفظ الأنصاري رسول الله استوفى للزبير
حقه في صريح الحكم قال عروة: قال الزبير: والله ما أحسب هذه الآية أنزلت إلا في ذلك
" فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا
في أَنفُسِهِم حَرَجاً مِّمّا قَضَيتَ وَيُسَلِموا تَسليماً " .
رواه البخاري عن علي بن عبد الله عن محمد بن جعفر عن معمر.
ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث كلاهما عن الزهري. سورة النساء
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69) ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)
قوله: (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَسولَ) قال الكلبي
نزلت في (ثوبان) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شديد الحب له قليل الصبر عنه فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه يعرف في وجهه الحزن ، فقال له: يا ثوبان ما غير لونك ، فقال: يا رسول الله ما لي من ضر ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك لأني أعرف أنك ترفع مع النبيين وإني وإن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك وإن لم أدخل الجنة فذاك أحرى أن لا أراك أبداً ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.عن مسروق قال قال أصحاب رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإنك إذا فارقتنا رفعت فوقنا
فأنزل الله تعالى (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَسولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِّن النَبيينَ وَالصِدّيقينَ) عن قتادة قال
ذكر لنا أن رجلاً قال: يا نبي الله أراك في الدنيا فأما في الآخرة فإنك ترفع عنا
بفضلك فلا نراك فأنزل الله تعالى هذه الآية. عن الأسود عن عائشة قالت
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وأهلي وولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَسولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِّنَ النَبيينَ وَالصِدّيقينَ)والله أعلى وأعلم. | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 8:44 pm | |
| سبب نزول قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم}
في سورة الأنبياء - وهي سورة مكية - يستوقفنا قوله تعالى
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)
وفي السورة نفسها ، نقرأ قوله تعالى
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)
وفي سورة الزخرف يطالعنا قوله تعالى
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)
سورة الأنبياء
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ
مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)
لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ
حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ
الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (103)
سورة الزخرف
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ
أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)
وبين هذه الآيات ترابط نتعرف عليه فيما يلى
ذكر ابن إسحاق رحمه الله في "سيرته" قال
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - يومًا مع الوليد بن المغيرة
في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم ، وفي المسجد غير
واحد من رجال قريش ، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض له النضر بن الحارث ،
فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه، وتلا عليه وعليهم من سورة الأنبياء
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَٰؤُلَاءِ آلِهَةً
مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبل عبد الله بن الزبعري
(وهو أحد أهم شعراء قريش) حتى جلس معهم.
فقال الوليد بن المغيرة لـ عبد الله بن الزبعري : والله ما قام النضر بن الحارث لـ ابن عبد المطلب
آنفًا ولا قعد ، وقد زعم محمد أنَّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم.
فقال عبد الله بن الزبعري : أَمَا والله لو وجدته لخصمته ، فسلوا محمدًا ، أَكُلُّ ما يُعبد من
دون الله في جهنم مع من عَبَدَه ؟ فنحن نعبد الملائكة ، واليهود تعبد عزيرًا ،
والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم.
فعجب الوليد بن المغيرة ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعري ،
ورأوا أنه قد احتج وخاصم.
فذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
(كل من أحب أن يُعبد من دون الله فهو مع من عبده ، إنهم إنما يعبدون الشيطان ، ومن أمرهم بعبادته)
وأنزل الله
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ
حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)
أي: عيسى ، وعُزير ، ومن عبدوا من الأحبار والرهبان ، الذين مضوا
على طاعة الله ، فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابًا من دون الله.
ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة ، وأنهم بنات الله
سورة الأنبياء
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ
وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ
ارْتَضَىٰ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَٰهٌ مِنْ دُونِهِ
فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)
ونزل فيما ذُكر من أمر عيسى وأنه يُعبد من دون الله ، وعَجَبِ الوليد
ومَن حضره من حجته وخصومته
سورة الزخرف
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ
مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ
وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ
(60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
أي ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى ، وإبراء الأسقام فكفى
به دليلا على علم الساعة يقول (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)
وقد قال أكثر المفسرين: إن هذه الآية نزلت في مجادلة ابن الزعبري
مع النبي صلى الله عليه وسلم ، لما نزل قوله تعالى: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ }
ثم قال أهل العلم: وهذا الذي قاله ابن الزبعري خطأ كبير ، لأن الآية
إنما نزلت خطابًا لأهل مكة في عبادتهم الأصنام التي هي جماد لا تعقل ،
ليكون ذلك تقريعًا وتوبيخًا لعابديها ، ولهذا قال: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ }
فكيف يورد على هذا المسيح وعزير ونحوهما ممن له عمل صالح ، ولم يرضَ بعبادة من عَبَدَه
ولا يخفى أن ما قاله ابن الزبعري مندفع من أصله وفصله ، وباطل في جملته
وتفصيله ؛ وقد قال كثير من أهل العلم: ولا يدخل في هذه الآية عيسى ، وعزير ، والملائكة ؛
لأن { ما } في الآية لمن لا يعقل ، ولو أراد العموم لقال: ومَن تعبدون.
قال الزجاج : ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركو مكة دون غيرهم ؛ وهم كانوا
يعبدون الأصنام وما شابهها ؛ لذلك جاءت الآية بلفظ: { وَمَا تَعْبُدُونَ } و (ما) بلسان العرب لما لا يعقل.
وقد ذكر ابن كثير في "تفسيره" أن عبد الله بن الزبعري قد أسلم بعد ذلك عند فتح مكة ، وكان من الشعراء المشهورين.
وروى عدد من أصحاب التفاسير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال
آية لا يسألني الناس عنها لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عنها ؟
فقيل: وما هي ؟
قال: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }
لما أنزلت شق على كفار قريش ، وقالوا: شتم آلهتنا ، وأتوا عبد الله ابن الزبعري السهمي وأخبروه.
فقال: لو حضرته لرددت عليه.
قالوا: وما كنت تقول ؟
قال: كنت أقول له: هذا المسيح تعبده النصارى ، واليهود تعبد عزيرًا ،
أفهما من حصب جهنم؟
فعجبت قريش من مقالته ، ورأوا أن محمدًا قد خُصم ، فأنزل الله تعالى:
{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} وفيه نزل قوله تعالى:
{ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } يعني: ابن الزبعري.
وعن ابن عباس أيضًا قال
لما نزلت: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } ، قال المشركون: فالملائكة ، وعزير ،
وعيسى ، يُعبدون من دون الله ، فنزلت: { لَوْ كَانَ هَٰؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا } (الأنبياء:99)
أي: الآلهة التي يعبدون.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش: يا معشر قريش ،
لا خير في أحد يُعبد من دون الله ، قالوا: أليس تزعم أن عيسى كان عبدًا نبيًا ،
وعبدًا صالحًا ، فإن كان كما تزعم ، فقد كان يُعبد من دون الله
فأنزل الله تعالى: { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ }
أي: يضجون ، كضجيج الإبل عند حمل الأثقال.
وفي تفسير ابن كثير عن ابن عباس قال
جاء عبد الله بن الزبعري إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }فقال ابن الزبعري : قد عُبدت الشمس ، والقمر ، والملائكة ، وعزير ، وعيسى ابن مريم ،أَكُلُّ هؤلاء في النار مع آلهتنا ؟فنـزل قوله تعالى: { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ }ثم نزلت: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } قال ابن كثير : رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابه "الأحاديث المختارة"
وعن مجاهد قال: إن قريشًا قالت إن محمدًا يريد أن نعبده كما عَبَدَ قوم عيسى عيسى ، فأنزل الله هذه الآية.والله أعلى وأعلم | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 8:58 pm | |
| كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ يقول الله تعالى في سورة ال عمران بسم الله الرحمن الرحيم
كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ
صدق الله العظيم أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال: حرم على نفسه العروق، وذلك أنه كان يشتكي عرق النسا، فكان لا ينام الليل فقال: والله لئن عافاني الله منه لا يأكله لي ولد، وليس مكتوبا في التوراة. "وسأل محمد صلى الله عليه وسلم نفرا من أهل الكتاب فقال: ما شأن هذا حراما؟ فقالوا: هو حرام علينا من قبل الكتاب فقال الله {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل} إلى {إن كنتم صادقين} " يقول ابن جرير رحمه الله يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: أنه لـم يكن حرّم علـى بنـي إسرائيـل ـ وهم ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيـم خـلـيـل الرحمن ـ شيئا من الأطعمة من قبل أن تنزل التوراة, بل كان ذلك كله لهم حلالاً, إلا ما كان يعقوب حرّمه علـى نفسه, فإن ولده حرّموه استنانا بأبـيهم يعقوب, من غير تـحريـم الله ذلك علـيهم فـي وحي ولا تنزيـل ولا علـى لسان رسول له إلـيهم من قبل نزول التوراة.
ثم اختلف أهل التأويـل فـي تـحريـم ذلك علـيهم, هل نزل فـي التوراة أم لا؟فقال بعضهم: لـما أنزل الله عزّ وجلّ التوراة, حرّم علـيهم من ذلك ما كانوا يحرّمونه قبل نزولها... ثم ذكر الآثار في الآية ثم قال:فتأويـل الاَية علـى هذا القول: كل الطعام كان حلاّ لبنـي إسرائيـل, إلا ما حرّم إسرائيـل علـى نفسه من قبل أن تنزل التوراة, فإن الله حرّم علـيهم من ذلك ما كان إسرائيـل حرّمه علـى نفسه فـي التوراة, ببغيهم علـى أنفسهم, وظلـمهم لها. قل يا مـحمد: فأتوا أيها الـيهود إن أنكرتـم ذلك بـالتوراة, فـاتلوها إن كنتـم صادقـين أن الله لـم يحرم ذلك علـيكم فـي التوارة, وأنكم إنـما تـحرّمونه لتـحريـم إسرائيـل إياه علـى نفسه
ثم قالوقال آخرون: ما كان شيء من ذلك علـيهم حراما, لا حرّمه الله علـيهم فـي التوراة, وإنـما هو شيء حرّموه علـى أنفسهم اتبـاعا لأبـيهم, ثم أضافوا تـحريـمه إلـى الله. فكذبهم الله عز وجل فـي إضافتهم ذلك إلـيه, فقال الله عزّ وجلّ لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا مـحمد: إن كنتـم صادقـين, فأتوا بـالتوراة فـاتلوها, حتـى ننظر هل ذلك فـيها, أم لا؟ لـيتبـين كذبهم لـمن يجهل أمرهم... وذكر الآثار في هذا القول
ثم قالوقال آخرون تأويـل ذلك: كل الطعام كان حِلاّ لبنـي إسرائيـل, إلا ما حرّم إسرائيـل علـى نفسه من قبل أن تنزل التوراة, فإن ذلك حرام علـى ولده بتـحريـم إسرائيـل إياه علـى ولده, من غير أن يكون الله حرّمه علـى إسرائيـل ولا علـى ولده.
ثم رجح فقالوأولـى الأقوال فـي ذلك عندنا بـالصواب, قول من قال: معنى ذلك: كل الطعام كان حلاّ لبنـي إسرائيـل من قبل أن تنزل التوارة, إلا ما حرّم إسرائيـل علـى نفسه من غير تـحريـم الله ذلك علـيه, فإن كان حراما علـيهم بتـحريـم أبـيهم إسرائيـل ذلك علـيهم, من غير أن يحرّمه الله علـيهم فـي تنزيـل ولا بوحي قبل التوراة, حتـى نزلت التوراة, فحرم الله علـيهم فـيها ما شاء, وأحلّ لهم فـيها ما أحبّ
هذا كلامه رحمة الله تعالى عليه
ويتبين منه أن دعوى اليهود التي طولبوا بإتيان التوراة لإثباتها هي -على قول- أن التحريم لم ينزل في التوراة وإنما هم حرموه على أنفسهم استنانا بأبيهم أو- على القول الآخر- أن التحريم نزل في التوراة فكذبهم الله في إضافة التحريم إليه في التوراة وألزمهم أن يأتوا بها حتى يثبتوا ذلك فهم حرموا حلالا عليهم ونسبوا التحريم إلى الله
أما ابن كثير رحمه الله فكلامه على الآية كلام عام على طريقة ذكر المعنى الإجمالي للآية فإنه يرجع الآية إلى مسألة النسخ وأن الآية تلزم اليهود إلزاما يبطل ما يعتقدونه من أن النسخ غير ممكن في الشريعة وفي حق الله عز وجل
يقول رحمه الله:المناسبة الثانية - أي للآية مع ما قبلها- : لما تقدم بيان الرد على النصارى, واعتقادهم الباطل في المسيح وتبيين زيف ما ذهبوا إليه وظهور الحق واليقين في أمر عيسى وأمه, كيف خلقه الله بقدرته ومشيئته وبعثه إلى بني إسرائيل يدعو إلى عبادة ربه تبارك وتعالى, شرع في الرد على اليهود قبحهم الله تعالى وبيان أن النسخ الذي أنكروا وقوعه وجوازه قد وقع, فإن الله تعالى قد نص في كتابهم التوراة أن نوحاً عليه السلام لما خرج من السفينة, أباح الله له جميع دواب الأرض يأكل منها, ثم بعد هذا حرم إسرائيل على نفسه لحمان الإبل وألبانها فاتبعه بنوه في ذلك, وجاءت التوراة بتحريم ذلك, وأشياء أخرى زيادة على ذلك, وكان الله عز وجل قد أذن لاَدم في تزويج بناته من بنيه, وقد حرم ذلك بعد ذلك , وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام, وقد فعله إبراهيم في هاجر لما تسرى بها على سارة, وقد حرم مثل هذا في التوراة عليهم, وكذلك كان الجمع بين الأختين سائغاً, وقد فعله يعقوب عليه السلام جمع بين الأختين, ثم حرم عليهم ذلك في التوراة, وهذا كله منصوص عليه في التوراة عندهم, وهذا هو النسخ بعينه, فكذلك فليكن ما شرعه الله للمسيح عليه السلام, في إحلاله بعض ما حرم في التوراة, فما بالهم لم يتبعوه ؟ بل كذبوه وخالفوه ؟ وكذلك ما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من الدين القويم, والصراط المستقيم, وملة أبيه إبراهيم, فما بالهم لا يؤمنون ؟ ولهذا قال تعالى: {كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة} أي كان حلاً لهم, جميع الأطعمة قبل نزول التوراة إلا ما حرمه إسرائيل, ثم قال تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين} فإنها ناطقة بما قلناه {فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون} أي فمن كذب على الله وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك بالتوراة دائماً, وأنه لم يبعث نبياً آخر يدعو إلى الله بالبراهين والحجج بعد هذا الذي بيناه من وقوع النسخ وظهور ما ذكرناه {فأولئك هم الظالمون} ثم قال تعالى: {قل صدق الله} أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به وفيما شرعه في القرآن, {فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} أي اتبعوا ملة إبراهيم التي شرعها الله في القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الحق الذي لا شك فيه ولا مرية, وهي الطريقة التي لم يأت نبي بأكمل منها ولا أبين ولا أوضح ولا أتم, كما قال تعالى: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم * ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} وقال تعالى: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} ثم وجدت في تفسير ابن جزيء وابن عاشور تفسيرا أوضح مما سبق وملخص ما ذكروه فيها أن يقال في تفسير الآيةانتم أيها اليهود تزعمون أنكم على ملة إبراهيم وان جميع ما تفعلونه هو من ملة إبراهيم عليه السلام وأن التوراة لم تنسخ شيئا وأن ما فيها من التحليل والتحريم كان موجودا على عهد إبراهيم فأنزل الله هذه الآية لبين لهم أن هذا غير صحيح فإن الطعام كان حلالا كله ثم حرم يعقوب على نفسه لحوم الإبل وألبانها ثم نزلت التوراة بتحريم أشياء أخرى فثبت أن جميع ما تحلونه وتحرمونه ليس كله كان موجودا على عهد إبراهيم وأن النسخ الذي لا تؤمنون به قد جاءت به التوراة التي تزعمون أنكم مؤمنون بها وهذا التفسير يؤيده أن اليهود كانوا يزعمون أنهم على ملة إبراهيم كما قال الله تعالى ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده ) ويؤيد أيضا ما ذكره ابن الجوزي في زاد المسير أن سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا على ملة إبراهيم» فقالت اليهود: كيف و أنت تأكل لحوم الإبل؟ وتشرب ألبانها؟ فقال: «كان ذلك حلا لإبراهيم». فقالوا كل شيء نحرمه نحن، فانه كان محرما على نوح و إبراهيم حتى انتهى إلينا. فنزلت هذه الآية تكذيبا لهم. ( وإن كان الأثر عن تابعي )
وعلى هذا القول تتضح الآية سواء قلنا ان التوراة جاءت بتحريم ما حرم إسرائيل على نفسه او لم تأت
يوضحه نص كلام ابن عاشور رحمه الله حيث قالهذا يرتبط بالآي السابقة في قوله تعالى "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا" وما بينهما اعتراضات وانتقالات في فنون الخطاب. وهذه حجة جزئية بعد الحجج الأصلية على أن دين اليهودية ليس من الحنيفية في شيء، فإن الحنيفية لم يكن ما حرم من الطعام بنص التوراة محرما فيها، ولذلك كان بنوا إسرائيل قبل التوراة على شريعة إبراهيم، فلم يكن محرما عليهم ما حرم من الطعام إلا طعاما حرمه يعقوب على نفسه. والحجة ظاهرة ويدل لهذا الارتباط قوله في آخرها "قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا". | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| |
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 9:18 pm | |
|
عدل سابقا من قبل MOURAD في الإثنين 14 فبراير 2011, 9:25 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 9:23 pm | |
| | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 9:36 pm | |
| | |
|
| |
MOURAD
ســآعـتي : التسجيل : 12/06/2008 المساهمات : 23392 عدد النقاط : 69617 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : رقم العضوية : 1 التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 14 فبراير 2011, 9:44 pm | |
| | |
|
| |
Ģ.£.m.Ў
ســآعـتي : التسجيل : 13/06/2008 المساهمات : 27078 عدد النقاط : 69309 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| |
| |
**هزيم الرعد** مشرف منتدي الصحة والعافية
ســآعـتي : التسجيل : 29/10/2010 المساهمات : 5616 عدد النقاط : 11674 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الثلاثاء 15 فبراير 2011, 9:00 pm | |
| | |
|
| |
بقايا جروح مشرف المنتدي الأدبي
ســآعـتي : التسجيل : 10/01/2010 المساهمات : 7226 عدد النقاط : 11523 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| |
| |
زيزى مشرف منتدي المطبخ
ســآعـتي : التسجيل : 10/01/2010 المساهمات : 4424 عدد النقاط : 15321 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم السبت 26 فبراير 2011, 9:46 am | |
| | |
|
| |
الأميرة سلمي★
ســآعـتي : التسجيل : 28/07/2010 المساهمات : 10824 عدد النقاط : 19694 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز : أوسمة المسابقات :
| |
| |
دموع حائرة
ســآعـتي : التسجيل : 04/03/2011 المساهمات : 14462 عدد النقاط : 24857 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز : أوسمة المسابقات :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 18 أبريل 2011, 5:20 pm | |
| | |
|
| |
عيون القلب
ســآعـتي : التسجيل : 31/07/2008 المساهمات : 7898 عدد النقاط : 20302 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الأحد 08 مايو 2011, 12:18 am | |
| | |
|
| |
Celina
ســآعـتي : التسجيل : 21/12/2009 المساهمات : 12379 عدد النقاط : 18808 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز : أوسمة المسابقات :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الخميس 19 مايو 2011, 3:22 pm | |
| | |
|
| |
ЯoŔo❤
ســآعـتي : التسجيل : 14/06/2008 المساهمات : 20359 عدد النقاط : 44539 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الثلاثاء 24 مايو 2011, 9:12 am | |
| | |
|
| |
شيمـاء
عضو شغــــا ل
ســآعـتي : التسجيل : 26/05/2011 المساهمات : 100 عدد النقاط : 104 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم الإثنين 30 مايو 2011, 7:09 am | |
| | |
|
| |
شموخ عزي عضـــــو ذهـــــبي
ســآعـتي : التسجيل : 08/06/2010 المساهمات : 709 عدد النقاط : 881 المزاج : المهنة : الهوايه : الدولة : الأوسمة : التميز :
| موضوع: رد: قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم السبت 23 يوليو 2011, 4:19 am | |
| [] ] مجهوود رائع الى الامام | |
|
| |
| قصص وراء نزول بعض آيات القرآن الكريم | |
|